هل المسيح هو الله ؟

كيف نعرف الله؟ نحن نعرف الله من خلال إعلانه لنا في الكتب الإلهيّة. فالله أعلن عن ذاته في الكتاب المقدّس الذي يتضمّن ما اوحاه الله في التوراة والإنجيل. وإنّ كنا نريد أن نجيب على السؤال: هل
المسيح هو الله؟ فيجدر بنا أن نرجع لإعلان الله عن ذاته في الكتاب المقدّس. فماذا أعلن الكتاب المقدّس عن المسيح؟

أعلن الكتاب المقدّس بأن المسيح هو ابن الله. عبارة “ابن الله” لا تشير إلى تزاوج الله مع البشر (حاشا)، ولكن تشير إلى طبيعة المسيح. فكما أن  تعبير”ابن الإنسان” تشير إلى طبيعة الإنسان البشريّة، هكذا أيضا تعبير “ابن الله” تشير إلى طبيعة المسيح الإلهيّة. ابن الإنسان هو إنسان، وإبن الله هو الله. لقد اعلن المسيح هذه الحقيقة بوضوح لتلاميذه. لقد اعلن المسيح حقيقة الوهيته خلال خدمته على الأرض. في انجيل يوحنا 10: 30-33، اعلن قائلا:”أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ”. واما اليهود فقد أرادوا ان يرجموه لأنّه قال عن نفسه هذا. يقول الكتاب: “فَتَنَاوَلَ الْيَهُودُ أَيْضًا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَجَابَهُمْ يَسُوعُ:«أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي. بِسَبَبِ أَيِّ عَمَل مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟» أَجَابَهُ الْيَهُودُ قَائِلِينَ:«لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَل حَسَنٍ، بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلهًا». لقد كان واضحا لليهود أن المسيح أعلن عن ذاته انّه الله. والمسيح في هذا المقطع اعطى برهان لاهوته من الاعمال التي يعملها، حين اجابهم قائلا: “إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فَلاَ تُؤْمِنُوا بِي. وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ، فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا بِالأَعْمَالِ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ الآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ».” يو 10: 37و38

نذكر بعض الأمثلة عن الأعمال التي عملها المسيح التي تظهر لاهوته:
يسوع المسيح اقام الموتى بسلطانه على الحياة – مر 5: 41؛ يو 11: 43
يسوع المسيح فتح أعين العمي وأقام المفلوجين وشفى جميع أنواع الأمراض المستعصية بسلطانه على الخلق – متى 12: 22؛ مر 2: 11؛ متى 4: 23
يسوع المسيح هدّأ العاصفة بسلطانه على الطبيعة – مرقس 4: 39

لقد اعلن يسوع المسيح عن لاهوته لتلاميذه مباشرة في متى 16: 16و 17: “فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ:«أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!». فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ:«طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.”. فليس من السهل أن يقبل الإنسان في عقله المحدود هذه الحقيقة. لذلك أوضح المسيح أن هذه الحقيقة هي إعلان روحي يتخطى فكر الإنسان ويتطلّب الإيمان والثقة بما اعلنه الله.

وهذا هو سبب ولادة يسوع المسيح من عذراء. “هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.” (متى 1: 23). فيسوع المسيح لم يكن له أبّ بشري. والسبب هو أن يسوع المسيح هو كائن منذ الأزل في لاهوته. ولكنّه بولادته من مريم العذراء اخذ طبيعته البشريّة.

يعلن الكتاب المقدّس هذه الحقيقة بوضوح في عبرانيين 1: 1-4،
“اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ، الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي، صَائِرًا أَعْظَمَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ بِمِقْدَارِ مَا وَرِثَ اسْمًا أَفْضَلَ مِنْهُمْ.”

في هذا النصّ من الإعلان الإلهي في الكتاب المقدس يشير إلى المسيح أنّه ابنه الله وأنّه وارث لكل شي وأنّه الخالق الذي عمل العالمين والذي هو بهاء مجد الله ورسم جوهره وأنّه أعظم من الملائكة. هذا هو يسوع المسيح الذي تجسد لهدف سامي وهو فداء البشريّة. لذلك يعلن أنّه هو الذي “صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا”. يسوع المسيح الذي هو الله نفسه، تجسّد وصار إنسان لكي يصنع الكفارة ويخلّص الإنسان. فعندما رأى الله أنّ الإنسان لا يستطيع أن يخلّص نفسه، تجسّد المسيح لكي يتمّم عمل الخلاص. المسيح هو المصالح بين الله القدوس والإنسان الخاطيء. وكان يجب على المصالح أن يحمل الطبيعتين الإلهيّة والبشريّة. يوضح الله هذه الحقيقة في الكتاب المقدّس في رسالة كورنثوس الثانية، “وَلكِنَّ الْكُلَّ مِنَ اللهِ، الَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ الْمُصَالَحَةِ، أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ. إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ.” (2كورنثوس 5: 18-20).