قصّة الكتاب المقدّس

الكتاب المقدّس هو الكتاب الذي كتبه الله بيد الأنبياء والقديسين. والمدهش بهذا الكتاب هو الهدف الواضح والجليّ لكتابة الله له. فالكتاب المقدّس ليس مجموعة روايات وأحاديث ووصايا منفصلة بعضها عن بعض، ولكنّها رواية متكاملة ومنسجمة من بدايتها إلى نهايتها. والملفت هو أنّ الكتاب المقدّس كُتب في حضارات مختلفة ولغات مختلفة على مدى 1600 عام، واشترك في كتابته ما يقارب الـ 40 كاتبًا، ولكنّه حافظ على وحدته في المضمون والهدف، لأنّ كاتب الكتاب المقدّس الأساسي هو الله الذي استخدم الأنبياء والرسل لإعلان ذاته ومخطّطه للبشر. فما هي القصة الكاملة التي كتبها الله في الكتاب المقدّس؟

.تبدأ قصّة الكتاب المقدّس بسفر التكوين وتنتهي في سفر رؤيا يوحنا

تبدأ القصّة في سفر التكوين بإعلان الله عن خلقه للعالم، واستعراض مشكلة الإنسان التي تتلخّص بخطيّته وطرده من محضر الله، وتنتهي بسفر رؤيا يوحنا، حيث يعلن الله عن علاج هذه المشكلة ورجوع الإنسان المفتدي من خطاياه إلى محضر الله في الخليقة الجديدة العتيدة

وأما مضمون هذه القصّة فكُتب في قسمين، العهد القديم الذي يتضمّن 39 سفرًا، والعهد الجديد الذي يتضمّن 27 سفرًا. في العهد القديم يعلن الله عن محاولات الإنسان الفاشلة للخلاص من خطاياه وحلّ مشكلته، وفي العهد الجديد يعلن الله عن تدخّله المباشر لخلاص الإنسان

.يتضمّن العهد القديم وعد الله للخلاص، فيما يعلن لنا العهد الجديد تتميم الله لوعده بالخلاص

يشمل الوعد بالخلاص في العهد القديم النبوات التي أعلنها الله عن المخلّص والنسل الذي سيولد منه، أي النسل الممتد من إبراهيم إلى داود ثم إلى المسيح الموعود به. كما يتضمّن العهد القديم أيضا تحديدًا جغرافيًّا لأرض الفداء. وإن رغبنا بأن نلخص العهد القديم بكلمتين، فنستطيع ذلك بالتالي: “وعد الخلاص”. هذا الوعد الذي يرتبط بنسل المخلص ومكان الخلاص. لقد تنبأ الله منذ البداية بأنّه سيرسل مخلّصًا إلى العالم، وقد أعلن منذ القديم أنّ هذا المخلّص سوف يقدم نفسه كفارة لخطايانا على جبل المريّا

أما العهد الجديد فهو تنفيذ الله لوعده الذي تنبأ به على مرّ السنوات وهو يحضّر البشريّة للخلاص. لذلك يقول الله في العهد الجديد: “اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ، الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي” – عب 1: 1-3

ويعلن قائلا:” وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، ٥ لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ.” – غل 4: 4 و5

العهد الجديد هو عهد تنفيذ وعود الله للخلاص. وهذا ما يعلنه الرّب بواسطة الأناجيل عمّا فعله يسوع المسيح بموته وقيامته. ونتيجة لذلك تأسّست الكنائس المسيحيّة في العالم لكي تنشر خبر الخلاص ولكي تتهيّأ لمجيء المسيح ثانيّة والدخول إلى الحياة الأبديّة التي أعلن الرّب عنها في سفر رؤيا يوحنا

الكتاب المقدّس هو قصّة إعلان مجد الله من خلال خلقه وفدائه للإنسان، والحياة الأبديّة التي سيمنحها لكل من يتجاوب مع محبّته بالإيمان. الكتاب المقدّس هو قصّة محبة الله للإنسان التي تجلّت بأسمى معانيها من خلال تجسّد الخالق لفداء المخلوق، وموت المسيح الكامل لأجل خطايا البشريّة، وقيامته المجيدة ونصرته على عدو البشريّة الذي هو الموت