الاحتراف هو أمر مهمّ في حياة الإنسان. هناك فرق كبير بين الهاوي والمحترف. والحياة مع المسيح تتطلّب احتراف، لأنّ المسيح يطلب ولاء كامل من كل من يتبعه. وحياة الاحتراف الروحي لها قواعدها. توجد قاعدة أساسيّة في حياة الإيمان تساعدك على الاحتراف في الحياة الروحيّة. القاعدة يعني مبدأ لا يتغيّر، وهو مبدأ دائما ينجح. هذا المبدأ سلك به كل رجال الله المباركين في الكتاب المقدّس وكتب عنه الكثيرين. وفي إحدى الأحداث التي كُتبت عن يوحنا المعمدان يظهر هذا المبدأ. يوحنا المعمدان، الذي عاش حياة قصيرة جدّا جدّا، وحقّق قصد الله المبارك من حياته في تلك الفترة القصيرة، كشف عن هذا المبدأ المهمّ الذي جعل منه مؤمنا محترفا ورجلا شهد عنه المسيح قائلا: “لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ …” (متى 11:11). وفي أحد الأيام جاء تلاميذ يوحنا إليه منزعجين من نمط حياته. استخدم يوحنا هذه الحادثة لكي يكشف عن حقيقة جوهريّة جعلت منه هذه الشخصيّة العظيمة
نقرأ تلك الحادثة في إنجيل يوحنا الإصحاح 3 والأعداد 25-36
وَحَدَثَتْ مُبَاحَثَةٌ مِنْ تَلاَمِيذِ يُوحَنَّا مَعَ يَهُودٍ مِنْ جِهَةِ التَّطْهِيرِ. 26فَجَاءُوا إِلَى يُوحَنَّا وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هُوَذَا الَّذِي كَانَ مَعَكَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ، الَّذِي أَنْتَ قَدْ شَهِدْتَ لَهُ، هُوَ يُعَمِّدُ، وَالْجَمِيعُ يَأْتُونَ إِلَيْهِ» 27أجَابَ يُوحَنَّا وَقَالَ: «لاَ يَقْدِرُ إِنْسَانٌ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ السَّمَاءِ. 28أَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ تَشْهَدُونَ لِي أَنِّي قُلْتُ: لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ بَلْ إِنِّي مُرْسَلٌ أَمَامَهُ. 29مَنْ لَهُ الْعَرُوسُ فَهُوَ الْعَرِيسُ، وَأَمَّا صَدِيقُ الْعَرِيسِ الَّذِي يَقِفُ وَيَسْمَعُهُ فَيَفْرَحُ فَرَحًا مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْعَرِيسِ. إِذًا فَرَحِي هذَا قَدْ كَمَلَ. 30يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ. 31اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، 32وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ، وَشَهَادَتُهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْبَلُهَا. 33وَمَنْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ فَقَدْ خَتَمَ أَنَّ اللهَ صَادِقٌ، 34لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمِ اللهِ. لأَنَّهُ لَيْسَ بِكَيْل يُعْطِي اللهُ الرُّوحَ. 35اَلآبُ يُحِبُّ الابْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ. 36الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ
أولًا. بركة استخدام الله لنا في مخططه المبارك
وَحَدَثَتْ مُبَاحَثَةٌ مِنْ تَلاَمِيذِ يُوحَنَّا مَعَ يَهُودٍ مِنْ جِهَةِ التَّطْهِيرِ. فَجَاءُوا إِلَى يُوحَنَّا وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هُوَذَا الَّذِي كَانَ مَعَكَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ، الَّذِي أَنْتَ قَدْ شَهِدْتَ لَهُ
كانت البركة في حياة يوحنا أن الله أراد استخدامه ليشهد عن المسيح قبل أن ينطلق بخدمته. أدى يوحنا دور جوهري في مخطط الله المبارك للبشرية
ثانيًا. خطر استخدام الله لنا في مخطط المبارك
:تلاميذ يوحنا يسألونه عن ظهور يسوع وتأثيره عليه
وَحَدَثَتْ مُبَاحَثَةٌ مِنْ تَلاَمِيذِ يُوحَنَّا مَعَ يَهُودٍ مِنْ جِهَةِ التَّطْهِيرِ. فَجَاءُوا إِلَى يُوحَنَّا وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هُوَذَا الَّذِي كَانَ مَعَكَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ، الَّذِي أَنْتَ قَدْ شَهِدْتَ لَهُ، هُوَ يُعَمِّدُ، وَالْجَمِيعُ يَأْتُونَ إِلَيْهِ
الخطر هو التالي: أن يظنّ الإنسان نفسه أنّه المحور في مخطط الله. لم يكن هذا في فكر يوحنا ولكنّه للأسف كان في فكر تلاميذه
ثالثًا. المبدأ الثابت للاحتراف الروحي في مخطط الله المبارك
:يوحنا يعلن المبدأ الأساسي لنجاح الحياة الروحيّة
.يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ
إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَتْبَعْنِي.” (لو 9: 23)”
فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي فَهذَا يُخَلِّصُهَا. ” (لو 9: 24)”
مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ …” (غل 2: 20)”
وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ.” (غل 5: 24)”
“من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع”
رابعًا. المسلمات الروحيّة في مخطط الله المبارك
:يوحنا يعلن بأنّ مبادئ الحياة الروحيّة تختلف عن الحياة الزمنيّة
:لا يقدر أحد أن يأخذ شيئا إن لم يكن قد أعطي له من السماء
أجَابَ يُوحَنَّا وَقَالَ: «لاَ يَقْدِرُ إِنْسَانٌ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ السَّمَاءِ. 28أَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ تَشْهَدُونَ لِي أَنِّي قُلْتُ: لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ بَلْ إِنِّي مُرْسَلٌ أَمَامَهُ
:الفرح الحقيقي للإنسان هو عندما يكون في مخطط الرّب
مَنْ لَهُ الْعَرُوسُ فَهُوَ الْعَرِيسُ، وَأَمَّا صَدِيقُ الْعَرِيسِ الَّذِي يَقِفُ وَيَسْمَعُهُ فَيَفْرَحُ فَرَحًا مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْعَرِيسِ. إِذًا فَرَحِي هذَا قَدْ كَمَلَ. يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ
خامسًا. محوريّة المسيح في مخطط الله المبارك
:يوحنا يعطي الأسباب التي من أجلها يجب أن يظهر يسوع
:لأنّ يسوع هو من السماء
اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ
:لأنّ يسوع هو الحقّ المطلق
وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ، وَشَهَادَتُهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْبَلُهَا. وَمَنْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ فَقَدْ خَتَمَ أَنَّ اللهَ صَادِقٌ، لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمِ اللهِ
:لأنّ يسوع هو معطي الروح القدس
.لأَنَّهُ لَيْسَ بِكَيْل يُعْطِي اللهُ الرُّوحَ
:لأنّ يسوع هو صاحب السلطان المطلق
.اَلآبُ يُحِبُّ الابْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ
:لأن يسوع هو أساس الخلاص الأبدي
“. الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ”
في الختام، كل مصائب المؤمن الروحيّة ومشاكله وحزنه وفشله ناتجة عن تركيزه على ذاته. وكل بركة روحيّة في حياة المؤمن ناتجة عن حياة تتركز حول المسيح. الحياة التي تتركز على المسيح – تتطلّب الموت عن الذات
هذا خيار عليك أن تتخذه في كل موقف في حياتك … اسأل نفسك
هل هذا القرار يريحني أم يريح الرّب؟ هل هذا التصرف يريحني أم يمجد الرّب؟ هل هذا العمل يظهرني أم يظهر الرّب؟ هل هذا التفكير يمجد الرّب؟ هل هذه الخدمة تمجد الرّب؟ هل هذه العلاقة تمجد الرّب؟