وقفة عزّ للمسيح في عالم الشر والألم

قال أحدهم أنّ “الحياة وقفة عزّ …”، كلمة عزّ تعني الكرامة والمجد. العزّ تعني أن تقف وقفة “قويّة وخالية من الذّل”. الحياة هي وقفة عزّ …” هذه المقولة حكيمة ولكن تبقى ناقصة إذا ما عرّفنا هذه الوقفة. ما هي الوقفة التي يمكن أن يقفها الإنسان والتي قد تكون وقفة عزّ؟ وقفة لا يندم عليها! وقفة يفتخر بها للأبد! وقفة الكرامة والمجد! أن تعيش حياتك وتنهي حياتك بفخر وعزّ

أن يعيش الحياة بعزّ وفخر وينهي حياته بعز وفخر، هو أمر مرتبط بقرارات حياته. أن تعيش حياتك بعزّ وفخر وتنهي حياتك بعز وفخر، يتحدد بالقرار الذي تتخذ من شخص المسيح. لمن تقف في هذا العالم؟

الرّب يسوع المسيح ربّ المجد تجسد وجاء إلى العالم لكي يفتح لنا الطريق إلى العزّ والمجد والخلاص والحياة الأبديّة … هو جاء إلى العالم لكي يستردّ للإنسان عزّه وكرامته. هو جاء إلى العالم لكي يغيّر حياتك لتعيش بعزّ في العالم وترث الحياة الأبديّة معه إلى الأبد. وهو أعلن ذلك لنا مرارا وتكرار في كلمته

فدعونا نفتح كتبنا المقدسة لما قاله المسيح لتلاميذه في متى 10: 32-33

“فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ

أولا. الحياة وقفة عزّ عندما تحياها للمسيح

لمن تقف في العالم؟ منهم من يقف لزعيمه السياسي، ويحلف باسمه ويبطش بسيفه، ويضع كل رجاءه فيه، ويعتمد عليه، ويهتف له، لأنه هو كل أمله بالحياة. ومنهم من يقف للمال، ويعتبر أن المال هو قيمته بالحياة، وهو يضع كل رجاءه بماله، وحين يقع في أي مشكلة ماله هو الحلّ. ومنهم من يقف لإنجازاته، ويعتمد على إنجازاته، أنا ناجح وأنا مبرهن عن نفسي بالحياة، وأنا لست بحاجة إلى أحد لأن رجائي بإنجازاتي … الناس يحتاجون إلي وأنا لا أحتاج إلى الناس. منهم من يقف لدينه … أنا أنتمي إلى دين ونبي وقديس … وإذا تكلم الناس على الله، هذه ليست مشكلة، ولكن إياك أن تتحدث بسيرة نبيه أو قديسه … هو يضع كل رجاءه وأمله بتعاليم دينه. وأخيرًا، هناك من يقف للمسيح في هذا العالم! قال الرّب يسوع المسيح

فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ

عبارة “يعترف” هنا لا تعني أن يتحدث الإنسان بكلمة من شفاهه، ولكن أن يصرّح علنيّا أمام الناس، بأن يسوع المسيح ربّ الكل هو مخلصه وسيده ورجائه ومعبوده وقائد حياته. في أحد الأيام، كان يسير شاول الطرسوسي في طريقه إلى دمشق. رجل مثقف بكل ثقافة مجتمعه وله عزه وجاهه وكرامته وثقافته. رجل ملتزم ومتعصب دينيّا في كل ممارسات دينه، مفتخر بأنّه فريسي ابن فريسي. رجل عنده مركز اجتماعي مرموق، وقد أعطي سلطة على الناس. جنوده تمشي وراءه … عزه ومجده وفخره بمركزه الاجتماعي وبسلطته الدنيويّة

ولكن في أحد الأيام التقى بالمسيح وكان أمام قرار. كان حكيمًا وأخذ قرار المسيح. كتب عن هذا الأمر قائلا: “لكِنْ مَا كَانَ لِي رِبْحًا، فَهذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً. بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ” (في 3: 7و8)

:هذا يعني أن تعترف بالمسيح. أن تعترف بالمسيح يعني أن

:تعترف بالمسيح ربّ ومخلّص

عندما نتحدث عن الاعتراف بالمسيح، نحن نعني قبول المسيح مخلص وربّ على حياتك. عندما نتحدث عن الاعتراف بالمسيح، نحن نتحدث عما يقوله المسيح عن حياتك وما فعله لأجلك. لقد أعلن المسيح أنك إنسان خاطي. لقد أعلن المسيح أن لا يمكن أن تخلص بدون فداء الصليب. لقد أعلن المسيح أن لا يمكن أن تخلص بدون أن تعترف بخطاياك وتسلمه حياتك وتعترف به رب ومخلّص. هذا هو الاعتراف بالمسيح

:تعترف بالمسيح سيّدك أمام الناس

أن تعلن أمام الناس والعالم أجمع ارتباطك بالرّب يسوع المسيح. أن تعلن أمام جميع الناس أنك لست لذاتك ولست لشهواتك وأنك لن تعيش للعالم فيما بعد، ولكن تعيش حياتك للمسيح الذي مات وقام لكي يخلصك

:أنت تعترف بالمسيح عندما تعلن أمام جميع الناس، بالمعموديّة الكتابيّة

أنّك قد متّ عن الإنسان القديم، وأنك ستقوم بالإنسان الجديد متحدا مع المسيح لكي تعيش له. أحيانا، قد تدخل على بيوت وترى صور لأشخاص قرب فنانين أو رجال دين أو رجال سياسة. لكن المجد الأرضي باطل، عز فارغ ووهمي. وقفة العزّ الحقيقيّة هي عندما تتحد حياتك بالمسيح الذي أحبك حتى الموت موت الصليب … وتعلن للعالم أجمع أنك معه وله إلى الأبد، فتعرف بأنه سيدك وربك وقائدك وحياتك كلها له

ثانيا. الحياة وقفة خيبة بدون المسيح

:المأساة العظمى في الحياة هي مأساة انكار المسيح

“وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ …”

:الإنسان ينكر المسيح بعدم قبوله

 أنت تنكر المسيح عندما تفرض قبوله مخلصا وربا على حياتك: أمام تجسد المسيح وموته وقيامته ليس لك خيار، إما أن تقبله وإما أن ترفضه. إما أن تعترف به ربّا ومخلصا على حياتك أو أن تنكر ما فعله لأجلك

…أنت لست حياديا في الواقع الروحي

أنت واقع في حفرة، ويوجد شخص يريد أن ينقذك. فإذا أنت ما رضيت أن ينقذك، أنت باق في الحفرة لا محال، لأنك لم تعترف ولم تقبل المنقذ. أنت خاطي … صح ام خطأ؟ صح. أنت في ورطة، ولا تستطيع أن تخلص نفسك لأنك كل يوم تضيف إلى خطاياك خطايا! المسيح جاء ليخلّصك. النبوات أخبرت ومحبة الله ظهرت على الصليب وقيامة المسيح هي أعظم برهان حسيّ للحياة الأبديّة … العمل قد تمّ … المسيح دفع عنك دين خطاياك. إما أن تقبل وتعترف به وتخلص … أو أن تنكره وترفض خلاصه

.المأساة الكبرى هي أن يرفض الإنسان خلاص المسيح

:الإنسان ينكر المسيح بالشك به

قد تقول لي “لماذا عليّ أن أؤمن بالمسيح، ربما هذه الأحداث كلها لم تحدث” – وأنا أقول لك: غريب أنت. درست تاريخ ولم تحاجج المعلمة إن كان هتلر شخصيّة فعليّة – درست الأدب ولم تحتج إن كان فيكتور هيغو أو الجاحظ شخصيات تاريخيّة حقيقيّة –  ولم تحاجج المعلمة إن كان صلاح الدين الأيوبي شخصية حقيقيّة … ولكن عندما يأتي الأمر إلى المسيح تريد أن ترمي التهم جزافا

ولادة وموت وقيامة الرّب يسوع المسيح هي حقائق تاريخيّة لا يمكن دحضها. وقد جرت في أماكن جغرافيّة لا يمكن إلغائها. وقد تركت تأثيرات على المجتمعات المدنيّة، لا يمكن نكرانها. وأهم من كل شيء، هذه الحقائق مبرهنة بالكتب الإلهيّة والإعلانات السماويّة التي لا يمكن تجاهلها. من ترفض؟ ترفض من مات عنك؟ ترفض من أحبك؟ ترفض من افتداك وأعطاك الخلاص مجانا؟ هذه هي مأساة المآسي أن ينكر الإنسان من ترك السماء لأجله وأحبّه بخطاياه لكي ينقذه. هذه هي المأساة

:الإنسان ينكر المسيح من خلال رفض إعلانه

 توجد طريقة أخرى لنكران المسيح، وهي من خلال رفض إعلانه. مثلا: أنا لا أجد مشكلة مع المسيح ولكن فكرة جهنم والعذاب وأن المسيح فقط يخلّص لا تعجبني … أنت تبتدع مسيح آخر وترفض المسيح الحقيقي لأن المسيح هو من حذرنا عن الهلاك في جهنم وهو من قال أنا هو الطريق والحق والحياة

:الإنسان ينكر المسيح من خلال الإيمان بعدم كفايته وحده

توجد طريقة أخرى لنكران المسيح، عندما نقول أنّ المسيح لوحده لا يكفي. نريد المسيح وأحد آخر معه … لو نحتاج إلى المسيح وأحد آخرمعه، لكان أخبرنا. ولكن لا يوجد في الكتاب المقدس إلا يسوع وحده للخلاص، الذي قال عنه بطرس “ليس بأحد غيره الخلاص، ليس اسم آخر تحت السماء قد اعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص” (اع 4: 12)

:الإنسان ينكر المسيح من خلال تأجيل قراره الروحي

يوجد طريقة أخرى لنكران المسيح هي طريقة التأجيل – أنا مقتنع ولكن لست مستعد للخطوة – انت تنكر المسيح … أنت ترفضه … نيّتك الطيبة لن تنفعك

ثالثا. الخيبة الأبديّة للحياة بدون المسيح

:حياة الخطيّة والعبوديّة لها

لاحظ ما قاله المسيح: ” لأَنْ لَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ.” ستقدم حسابا عن كل ما فعلته في حياتك. وستقدّم حسابا عن رفضك للمسيح وعدم قبوله مخلصا على حياتك. ويوجد أناس ليس أنهم يرفضون المسيح فقط ولكنهم يضطهدون من يقبل المسيح

:الوقوف امام عدالة الله بدون مخلّص

وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ

من ينكر المسيح، سينكره المسيح. المشكلة هي أنّ الإنسان يعيش من دون أن يعطي حساب للأبديّة. هناك بُعد أبدي لحياتنا الحاليّة

فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ

يوم من الأيام، ستقف أمام الآب السماوي. أب الخليقة من أعطاك الحياة والوجود وكل ما تملك. ستقف أمامه. وأمام الله سوف تقدم حساب عن حياتك

رابعا. العزّ الزمني والأبدي للحياة مع المسيح

:حضور الرّب في حياة أولاده في العالم

 فَلاَ تَخَافُوهُمْ. لأَنْ لَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. اَلَّذِي أَقُولُهُ لَكُمْ فِي الظُّلْمَةِ قُولُوهُ فِي النُّورِ، وَالَّذِي تَسْمَعُونَهُ فِي الأُذُنِ نَادُوا بِهِ عَلَى السُّطُوحِ، أَلَيْسَ عُصْفُورَانِ يُبَاعَانِ بِفَلْسٍ؟ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا لاَ يَسْقُطُ عَلَى الأَرْضِ بِدُونِ أَبِيكُمْ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ

:اعتراف المسيح بأولاده أمام الآب السماوي

فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ

في الختام، الذي قال الحياة وقفة عزّ، مات إعدام وربما ظلم، لكنّه مات ونسِيَ. والذي يعتز بماله، يترك ماله ويروح. ومن يعتز بجماله، يعجز ثم يموت ويأكل جماله الدود. والذي يعتزّ بمركزه، يُنسى ويذهب. والذي يعتزّ بإنجازاته، تموت عزّته معه. في الحياة وقفات عزّ وهميّة. أما وقفة العزّ الحقيقيّة هي عندما تعترف بالمسيح في هذا العالم وتتخذه مخلصا شخصيا على حياتك وتعيش حياتك له … ليصبح هو عزّك وفخرك

وإذ تعترف فيه قدام الناس … يأتي اليوم ويعترف بك أمام عرش السماء