وعود الله للنجاح بخدمة المؤمن

إحدى أهمّ مميزات العهد الجديد هي امتياز خدمة الرّب. فعندما يختبر المؤمن الولادة الجديدة، يحلّ الروح القدس في قلبه، وبالإضافة إلى العديد من الأمور التي يفعلها، يعطيه موهبة أو مواهب للخدمة. تقول كلمة الرّب بموضوع المواهب والخدمة، “وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ.” (اف 4: 7) لكل مؤمن أعطيت مواهب روحيّة للخدمة. فالرّب يريد أن يستخدم أولاده ويريد أن يستخدمنا لكي نبني كنيسته وننشر إنجيله. البعض يخدم في خدمات ظاهرة والبعض الآخر يخدم خدمات مخفيّة. البعض يخدم في الخطوط الأماميّة والبعض الآخر يخدم خدمات داعمة في الخطوط الخلفيّة. هناك أشخاص يخدمون في مدرسة الأحد والفتيان والشبيبة والعزف والترنيم والتحضير للمؤتمرات والشركة والمواصلات والتنظيف وترتيب مكان العبادة والصيانة والخدمات التكنولوجيّة. فالخدمات عديدة وكثيرة ومتشعبة ومختلفة

لكل شخص يخدم الرّب، هناك وعود إلهيّة للخدمة. فالخدمة هي عمل الرّب، بأيدينا. هو اختار أن يعمل عمله العظيم في العالم من خلال مواهب المؤمنين. ولأن الخدمة هي للرّب هناك وعود إلهيّة ترافق كل من يخدم الرّب

نرى من خلال دعوة النبي إرميا، وعود الله لكل من يدعوه للخدمة. إرميا 1: 1- 19

 “1كَلاَمُ إِرْمِيَا بْنِ حَلْقِيَّا مِنَ الْكَهَنَةِ الَّذِينَ فِي عَنَاثُوثَ فِي أَرْضِ بَنْيَامِينَ، 2الَّذِي كَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيْهِ فِي أَيَّامِ يُوشِيَّا بْنِ آمُونَ مَلِكِ يَهُوذَا، فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ عَشْرَةَ مِنْ مُلْكِهِ. 3وَكَانَتْ فِي أَيَّامِ يَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، إِلَى تَمَامِ السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشْرَةَ لِصِدْقِيَّا بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، إِلَى سَبْيِ أُورُشَلِيمَ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ. 4فَكَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيَّ قَائِلاً: 5«قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ، وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ. جَعَلْتُكَ نَبِيًّا لِلشُّعُوبِ

أولاً. وعد الله لدعوة المؤمن لخدمته

لقد عرف الرّب إرميا باسمه، “1كَلاَمُ إِرْمِيَا بْنِ حَلْقِيَّا.” عرف الرّب إرميا بعمله، وعنوان سكنه، “مِنَ الْكَهَنَةِ الَّذِينَ فِي عَنَاثُوثَ فِي أَرْضِ بَنْيَامِينَ”. كان للرّب توقيت خاص له في دعوته النبويّة الخاصة. “2الَّذِي كَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيْهِ فِي أَيَّامِ يُوشِيَّا بْنِ آمُونَ مَلِكِ يَهُوذَا، فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ عَشْرَةَ مِنْ مُلْكِهِ. 3وَكَانَتْ فِي أَيَّامِ يَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، إِلَى تَمَامِ السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشْرَةَ لِصِدْقِيَّا بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، إِلَى سَبْيِ أُورُشَلِيمَ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ

أما الصّدمة الكبيرة لإرميا فكانت ما سمعه من الرّب في دعوته، “4فَكَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيَّ قَائِلاً: 5«قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ، وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ. جَعَلْتُكَ نَبِيًّا لِلشُّعُوبِ

زمنيًّا كانت دعوة الرّب لإرميا في أيام يوشيا، ولكن بترتيب وتدبير الرّب كانت دعوته تسبق ذلك. فقبلما صورّه الرّب في البطن عرفه وفرزه لخدمته. المؤمن مفرز لخدمة الرّب بمخطط إلهي عظيم. لقد اختار الله إرميا قبل ولادته ليقوم بهذه الخدمة العظيمة. وأراد الرّب من إرميا أن يعرف هذا، لكي يدرك أهميّة دعوته وخدمته

هذه الحقيقة تتكرّر في صفحات الكتاب المقدّس. عندما أرسل الرّب حنانيّا إلى شاول الطرسوسي، قال له: “اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ.” (اعمال 9: 15).  كتب لاحقًا بولس الرسول بالوحي الإلهي قائلاً: “وَلكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ، أَنْ يُعْلِنَ ابْنَهُ فِيَّ لأُبَشِّرَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، لِلْوَقْتِ لَمْ أَسْتَشِرْ لَحْمًا وَدَمًا.” (غل 1: 15و16)

كما يعلن لنا الوحي في أفسس 1: 10، “لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا

من ضمن هذه الأعمال الصالحة هي خدمة الرّب المباركة. لقد سبق الرّب فأعدّ للمؤمن مسلك روحي وخدمة روحيّة. أوّل وعد من الرّب للمؤمن، أنه ولده من جديد، لأهداف عظيمة في العالم. موهبتك ليست بالصدفة وهي ليست بتدبير بشري ولكنّها دعوة إلهيّة عظيمة

يريدك الرّب أن تعرف هذا الأمر ويريدك أن تخدم بهذه الذهنيّة ويريدك الرّب أن تدرك أن وراء خدمتك هناك إله عظيم وحكيم لا يخطئ، وهو من وضعك في هذه الخدمة

ثانيًا. وعد الله بقيادة المؤمن لخدمته

أمام دعوة الرّب خاف إرميا وشعر بعدم الأهليّة، وهذا شعور طبيعي يشعر به الإنسان المؤمن أمام مهابة خدمة الرّب. عبّر إرميا عن هذا الشعور في العدد 6 قائلا: «آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أَعْرِفُ أَنْ أَتَكَلَّمَ لأَنِّي وَلَدٌ». ولكن الرّب أجاب فورًا وبدون تأخير في العدد 7، “7فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «لاَ تَقُلْ إِنِّي وَلَدٌ، لأَنَّكَ إِلَى كُلِّ مَنْ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِ تَذْهَبُ …”.  في تلك اللحظة جاء وعد الرّب المباشر، قائلا له أنا سأقودك في خدمتك

أنا سأكون معك وسأقودك بكل خطوة في خدمتك. عندما أعطى الرّب المأمورية العظمى للتلاميذ قال لهم:“فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ.” (متى 28: 19و20)

في سفر أعمال الرّسل نقرأ عن قيادة الرّب المباشرة للرسل في خدمتهم. عندما دعا الرّب فيلبس ليبشر خصي الحبشة، كان معه، وسبقه إلى المكان

الرّب يعد بأن يقودك في خدمتك وهو يقود خدمتك في كافة مراحلها في مرحلة التدريب وفي مرحلة الاستخدام. هذا وأنّ المؤمن بحاجة لحياة الصلاة والعلاقة المباشرة مع الرّب وطلب قيادة الرّب في خدمته

ثالثًا. وعد الرّب لتأهيل المؤمن لخدمته

إحدى النواحي التي ترهب المؤمن المخلّص هي أهليته. إذ يشعر المؤمن المخلّص بعدم أهليّته للخدمة

لذلك قال إرميا، “«آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أَعْرِفُ أَنْ أَتَكَلَّمَ لأَنِّي وَلَدٌ».” وهذا ما شعر به موسى عندما دعاه الرّب للخدمة إذ شعر بعدم أهليّته، لدرجة أنّه قال للرّب: “فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: «اسْتَمِعْ أَيُّهَا السَّيِّدُ، لَسْتُ أَنَا صَاحِبَ كَلاَمٍ مُنْذُ أَمْسِ وَلاَ أَوَّلِ مِنْ أَمْسِ، وَلاَ مِنْ حِينِ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ، بَلْ أَنَا ثَقِيلُ الْفَمِ وَاللِّسَانِ». فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «مَنْ صَنَعَ لِلإِنْسَانِ فَمًا؟ أَوْ مَنْ يَصْنَعُ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى؟ أَمَا هُوَ أَنَا الرَّبُّ؟ فَالآنَ اذْهَبْ وَأَنَا أَكُونُ مَعَ فَمِكَ وَأُعَلِّمُكَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ».” (خر 4: 10-12)

عندما يدعو الرّب المؤمن إلى خدمة معيّنة يؤهله لهذه الخدمة. اسمع ما قاله الرّب لإرميا عندما شعر بعدم أهليته.”7فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «لاَ تَقُلْ إِنِّي وَلَدٌ، لأَنَّكَ إِلَى كُلِّ مَنْ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِ تَذْهَبُ وَتَتَكَلَّمُ بِكُلِّ مَا آمُرُكَ بِهِ. 8لاَ تَخَفْ مِنْ وُجُوهِهِمْ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ». 9وَمَدَّ الرَّبُّ يَدَهُ وَلَمَسَ فَمِي، وَقَالَ الرَّبُّ لِي: «هَا قَدْ جَعَلْتُ كَلاَمِي فِي فَمِكَ

ما هي أكثر خدمة تحتاج إلى تدريب وتأهيل وإعداد وتأييد؟ خدمة الكلمة، خدمة التعليم، خدمة الوعظ وخدمة تفسير كلمة الله

لقد وعد الرّب بأن يؤهّل إرميا وبأن يؤهل موسى. الله يؤهل خدّام الكلمة لخدمتهم. لقد أعطى الرّب خدّام الكلمة رسالة واضحة ومكتوبة في الكتاب المقدّس وهو يعمل على تحضيرهم وتأهيلهم لكي ينقلوا هذه الرسالة إلى آخرين. عندما يعطيك الرّب الموهبة، هو الذي يفرزك من بطن أمّك ويجيزك باختبارات تعليميّة وعمليّة فيها يؤهلك للخدمة التي يدعوك إليها. لقد وعد الرّب أن يؤهّلك في خدمتك وإحدى الوسائل التي يحضرك فيها الرّب للخدمة هي نموّك الطبيعي والتزامك في الكنيسة

رابعًا. وعد الرّب أن يعين المؤمن لخدمته

“…عندما أرسل الرّب إرميا أرسله بسلطانه وقوّته. كانت دعوته واضحة قائلا: “8لاَ تَخَفْ مِنْ وُجُوهِهِمْ

الناس الذين تخدمهم قد يكونون عدائيين في حياتهم …غالبًا ما يكونون غير ناضحين …ما يحبط الخادم ويخيفه من الخدمة. لذلك كان وعد الرّب واضحًا لإرميا قائلاً: “لأَنِّي أَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ

أعطى الرّب وعدًا لإرميا بأن يعينه ويقوّيه ويسنده في خدمته. الرّب يريد من خدّامه أن يخدموا بأمانة

قال الرب لإرميا في العدد 10: “10اُنْظُرْ! قَدْ وَكَّلْتُكَ هذَا الْيَوْمَ عَلَى الشُّعُوبِ وَعَلَى الْمَمَالِكِ، لِتَقْلَعَ وَتَهْدِمَ وَتُهْلِكَ وَتَنْقُضَ وَتَبْنِيَ وَتَغْرِس

خادم الرّب يخدم بسلطان الرّب وبقوّة الرّب وتأييده. قال لإرميا في العدد 18: “18هأَنَذَا قَدْ جَعَلْتُكَ الْيَوْمَ مَدِينَةً حَصِينَةً وَعَمُودَ حَدِيدٍ وَأَسْوَارَ نُحَاسٍ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ، لِمُلُوكِ يَهُوذَا وَلِرُؤَسَائِهَا وَلِكَهَنَتِهَا وَلِشَعْبِ الأَرْضِ. 19فَيُحَارِبُونَكَ وَلاَ يَقْدِرُونَ عَلَيْكَ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ، لأُنْقِذَكَ

ولأشعياء قال الرّب: لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلهُكَ. قَدْ أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي.” (اش 41: 10)

ليشوع قال الرّب: “أَمَا أَمَرْتُكَ؟ تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ! لاَ تَرْهَبْ وَلاَ تَرْتَعِبْ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ مَعَكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ».” (يش 1: 9)

قال الرّب عندما أعطى المأموريّة العظمى: ” دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.” (متى 28: 18و19)

اختبر بولس في خدمته قوّة الرّب العظيمة في أصعب مراحل خدمته فكتب قائلاً: “وَلكِنَّ الرَّبَّ وَقَفَ مَعِي وَقَوَّانِي، لِكَيْ تُتَمَّ بِي الْكِرَازَةُ، وَيَسْمَعَ جَمِيعُ الأُمَمِ، فَأُنْقِذْتُ مِنْ فَمِ الأَسَدِ.” (2تي 4: 17)

كما أعلن الرّب لبطرس هذه الحقيقة العظيمة فكتب قائلاً: “إِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ فَكَأَقْوَالِ اللهِ. وَإِنْ كَانَ يَخْدِمُ أَحَدٌ فَكَأَنَّهُ مِنْ قُوَّةٍ يَمْنَحُهَا اللهُ، لِكَيْ يَتَمَجَّدَ اللهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.” (1بط 4: 11)

.الرّب وعد أن يعين المؤمن في خدمته بكل قوّته. فالمؤمن يخدم بسلطان الله وبقوّة الله العظيمة

.أخيرًا،الخدمة هي أن نعمل عمل الله الذي دعانا إليه بحسب المواهب التي أعطانا إيّاها، بكل أمانة

الرّب وعد أن يبارك خدمة المؤمن الخادم ووعود الرّب كفيلة بأن تضعنا في الخدمة وترافقنا في الخدمة وتنجحنا في الخدمة

لكل شخص يخدم الرّب، هناك وعود إلهيّة للخدمة. فالخدمة هي عمل الرّب، بأيدينا. هو اختار أن يعمل عمله العظيم في العالم من خلال مواهب المؤمنين. ولأن الخدمة هي للرّب هناك وعود إلهيّة ترافق كل من يخدم الرّب.

نرى من خلال دعوة النبي إرميا، وعود الله لكل من يدعوه للخدمة. إرميا 1: 1- 19،

 “1كَلاَمُ إِرْمِيَا بْنِ حَلْقِيَّا مِنَ الْكَهَنَةِ الَّذِينَ فِي عَنَاثُوثَ فِي أَرْضِ بَنْيَامِينَ، 2الَّذِي كَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيْهِ فِي أَيَّامِ يُوشِيَّا بْنِ آمُونَ مَلِكِ يَهُوذَا، فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ عَشْرَةَ مِنْ مُلْكِهِ. 3وَكَانَتْ فِي أَيَّامِ يَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، إِلَى تَمَامِ السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشْرَةَ لِصِدْقِيَّا بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، إِلَى سَبْيِ أُورُشَلِيمَ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ. 4فَكَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيَّ قَائِلاً: 5«قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ، وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ. جَعَلْتُكَ نَبِيًّا لِلشُّعُوبِ».

أولاً. وعد الله لدعوة المؤمن لخدمته

لقد عرف الرّب إرميا باسمه، “1كَلاَمُ إِرْمِيَا بْنِ حَلْقِيَّا.” عرف الرّب إرميا بعمله، وعنوان سكنه، “مِنَ الْكَهَنَةِ الَّذِينَ فِي عَنَاثُوثَ فِي أَرْضِ بَنْيَامِينَ”. كان للرّب توقيت خاص له في دعوته النبويّة الخاصة. “2الَّذِي كَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيْهِ فِي أَيَّامِ يُوشِيَّا بْنِ آمُونَ مَلِكِ يَهُوذَا، فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ عَشْرَةَ مِنْ مُلْكِهِ. 3وَكَانَتْ فِي أَيَّامِ يَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، إِلَى تَمَامِ السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشْرَةَ لِصِدْقِيَّا بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، إِلَى سَبْيِ أُورُشَلِيمَ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ.

أما الصّدمة الكبيرة لإرميا فكانت ما سمعه من الرّب في دعوته، “4فَكَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيَّ قَائِلاً: 5«قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ، وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ. جَعَلْتُكَ نَبِيًّا لِلشُّعُوبِ».”

زمنيًّا كانت دعوة الرّب لإرميا في أيام يوشيا، ولكن بترتيب وتدبير الرّب كانت دعوته تسبق ذلك. فقبلما صورّه الرّب في البطن عرفه وفرزه لخدمته. المؤمن مفرز لخدمة الرّب بمخطط إلهي عظيم. لقد اختار الله إرميا قبل ولادته ليقوم بهذه الخدمة العظيمة. وأراد الرّب من إرميا أن يعرف هذا، لكي يدرك أهميّة دعوته وخدمته.

هذه الحقيقة تتكرّر في صفحات الكتاب المقدّس. عندما أرسل الرّب حنانيّا إلى شاول الطرسوسي، قال له: اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ.” (اعمال 9: 15).  كتب لاحقًا بولس الرسول بالوحي الإلهي قائلاً: وَلكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ، أَنْ يُعْلِنَ ابْنَهُ فِيَّ لأُبَشِّرَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، لِلْوَقْتِ لَمْ أَسْتَشِرْ لَحْمًا وَدَمًا.” (غل 1: 15و16).

كما يعلن لنا الوحي في أفسس 1: 10، لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا.

من ضمن هذه الأعمال الصالحة هي خدمة الرّب المباركة. لقد سبق الرّب فأعدّ للمؤمن مسلك روحي وخدمة روحيّة. أوّل وعد من الرّب للمؤمن، أنه ولده من جديد، لأهداف عظيمة في العالم. موهبتك ليست بالصدفة وهي ليست بتدبير بشري ولكنّها دعوة إلهيّة عظيمة.

يريدك الرّب أن تعرف هذا الأمر ويريدك أن تخدم بهذه الذهنيّة ويريدك الرّب أن تدرك أن وراء خدمتك هناك إله عظيم وحكيم لا يخطئ، وهو من وضعك في هذه الخدمة.

ثانيًا. وعد الله بقيادة المؤمن لخدمته

أمام دعوة الرّب خاف إرميا وشعر بعدم الأهليّة، وهذا شعور طبيعي يشعر به الإنسان المؤمن أمام مهابة خدمة الرّب. عبّر إرميا عن هذا الشعور في العدد 6 قائلا: «آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أَعْرِفُ أَنْ أَتَكَلَّمَ لأَنِّي وَلَدٌ». ولكن الرّب أجاب فورًا وبدون تأخير في العدد 7، “7فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «لاَ تَقُلْ إِنِّي وَلَدٌ، لأَنَّكَ إِلَى كُلِّ مَنْ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِ تَذْهَبُ …”.  في تلك اللحظة جاء وعد الرّب المباشر، قائلا له أنا سأقودك في خدمتك.

أنا سأكون معك وسأقودك بكل خطوة في خدمتك. عندما أعطى الرّب المأمورية العظمى للتلاميذ قال لهم:فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ.” (متى 28: 19و20).

في سفر أعمال الرّسل نقرأ عن قيادة الرّب المباشرة للرسل في خدمتهم. عندما دعا الرّب فيلبس ليبشر خصي الحبشة، كان معه، وسبقه إلى المكان.

الرّب يعد بأن يقودك في خدمتك وهو يقود خدمتك في كافة مراحلها في مرحلة التدريب وفي مرحلة الاستخدام. هذا وأنّ المؤمن بحاجة لحياة الصلاة والعلاقة المباشرة مع الرّب وطلب قيادة الرّب في خدمته.

ثالثًا. وعد الرّب لتأهيل المؤمن لخدمته

إحدى النواحي التي ترهب المؤمن المخلّص هي أهليته. إذ يشعر المؤمن المخلّص بعدم أهليّته للخدمة.

لذلك قال إرميا، “«آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أَعْرِفُ أَنْ أَتَكَلَّمَ لأَنِّي وَلَدٌ».” وهذا ما شعر به موسى عندما دعاه الرّب للخدمة إذ شعر بعدم أهليّته، لدرجة أنّه قال للرّب: “فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: «اسْتَمِعْ أَيُّهَا السَّيِّدُ، لَسْتُ أَنَا صَاحِبَ كَلاَمٍ مُنْذُ أَمْسِ وَلاَ أَوَّلِ مِنْ أَمْسِ، وَلاَ مِنْ حِينِ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ، بَلْ أَنَا ثَقِيلُ الْفَمِ وَاللِّسَانِ». فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «مَنْ صَنَعَ لِلإِنْسَانِ فَمًا؟ أَوْ مَنْ يَصْنَعُ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى؟ أَمَا هُوَ أَنَا الرَّبُّ؟ فَالآنَ اذْهَبْ وَأَنَا أَكُونُ مَعَ فَمِكَ وَأُعَلِّمُكَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ».” (خر 4: 10-12).

عندما يدعو الرّب المؤمن إلى خدمة معيّنة يؤهله لهذه الخدمة. اسمع ما قاله الرّب لإرميا عندما شعر بعدم أهليته.”7فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «لاَ تَقُلْ إِنِّي وَلَدٌ، لأَنَّكَ إِلَى كُلِّ مَنْ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِ تَذْهَبُ وَتَتَكَلَّمُ بِكُلِّ مَا آمُرُكَ بِهِ. 8لاَ تَخَفْ مِنْ وُجُوهِهِمْ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ». 9وَمَدَّ الرَّبُّ يَدَهُ وَلَمَسَ فَمِي، وَقَالَ الرَّبُّ لِي: «هَا قَدْ جَعَلْتُ كَلاَمِي فِي فَمِكَ.”

ما هي أكثر خدمة تحتاج إلى تدريب وتأهيل وإعداد وتأييد؟ خدمة الكلمة، خدمة التعليم، خدمة الوعظ وخدمة تفسير كلمة الله.

لقد وعد الرّب بأن يؤهّل إرميا وبأن يؤهل موسى. الله يؤهل خدّام الكلمة لخدمتهم. لقد أعطى الرّب خدّام الكلمة رسالة واضحة ومكتوبة في الكتاب المقدّس وهو يعمل على تحضيرهم وتأهيلهم لكي ينقلوا هذه الرسالة إلى آخرين. عندما يعطيك الرّب الموهبة، هو الذي يفرزك من بطن أمّك ويجيزك باختبارات تعليميّة وعمليّة فيها يؤهلك للخدمة التي يدعوك إليها. لقد وعد الرّب أن يؤهّلك في خدمتك وإحدى الوسائل التي يحضرك فيها الرّب للخدمة هي نموّك الطبيعي والتزامك في الكنيسة.

رابعًا. وعد الرّب أن يعين المؤمن لخدمته

عندما أرسل الرّب إرميا أرسله بسلطانه وقوّته. كانت دعوته واضحة قائلا: “8لاَ تَخَفْ مِنْ وُجُوهِهِمْ …”

الناس الذين تخدمهم قد يكونون عدائيين في حياتهم …غالبًا ما يكونون غير ناضحين …ما يحبط الخادم ويخيفه من الخدمة. لذلك كان وعد الرّب واضحًا لإرميا قائلاً: “لأَنِّي أَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ.”

أعطى الرّب وعدًا لإرميا بأن يعينه ويقوّيه ويسنده في خدمته. الرّب يريد من خدّامه أن يخدموا بأمانة.

قال الرب لإرميا في العدد 10: “10اُنْظُرْ! قَدْ وَكَّلْتُكَ هذَا الْيَوْمَ عَلَى الشُّعُوبِ وَعَلَى الْمَمَالِكِ، لِتَقْلَعَ وَتَهْدِمَ وَتُهْلِكَ وَتَنْقُضَ وَتَبْنِيَ وَتَغْرِس”

خادم الرّب يخدم بسلطان الرّب وبقوّة الرّب وتأييده. قال لإرميا في العدد 18: “18هأَنَذَا قَدْ جَعَلْتُكَ الْيَوْمَ مَدِينَةً حَصِينَةً وَعَمُودَ حَدِيدٍ وَأَسْوَارَ نُحَاسٍ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ، لِمُلُوكِ يَهُوذَا وَلِرُؤَسَائِهَا وَلِكَهَنَتِهَا وَلِشَعْبِ الأَرْضِ. 19فَيُحَارِبُونَكَ وَلاَ يَقْدِرُونَ عَلَيْكَ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ، لأُنْقِذَكَ».”

ولأشعياء قال الرّب: لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلهُكَ. قَدْ أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي.” (اش 41: 10)

ليشوع قال الرّب: أَمَا أَمَرْتُكَ؟ تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ! لاَ تَرْهَبْ وَلاَ تَرْتَعِبْ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ مَعَكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ».” (يش 1: 9).

قال الرّب عندما أعطى المأموريّة العظمى: دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.” (متى 28: 18و19).

اختبر بولس في خدمته قوّة الرّب العظيمة في أصعب مراحل خدمته فكتب قائلاً: “وَلكِنَّ الرَّبَّ وَقَفَ مَعِي وَقَوَّانِي، لِكَيْ تُتَمَّ بِي الْكِرَازَةُ، وَيَسْمَعَ جَمِيعُ الأُمَمِ، فَأُنْقِذْتُ مِنْ فَمِ الأَسَدِ.” (2تي 4: 17).

كما أعلن الرّب لبطرس هذه الحقيقة العظيمة فكتب قائلاً: “إِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ فَكَأَقْوَالِ اللهِ. وَإِنْ كَانَ يَخْدِمُ أَحَدٌ فَكَأَنَّهُ مِنْ قُوَّةٍ يَمْنَحُهَا اللهُ، لِكَيْ يَتَمَجَّدَ اللهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.” (1بط 4: 11)

الرّب وعد أن يعين المؤمن في خدمته بكل قوّته. فالمؤمن يخدم بسلطان الله وبقوّة الله العظيمة.

أخيرًا،الخدمة هي أن نعمل عمل الله الذي دعانا إليه بحسب المواهب التي أعطانا إيّاها، بكل أمانة.

الرّب وعد أن يبارك خدمة المؤمن الخادم ووعود الرّب كفيلة بأن تضعنا في الخدمة وترافقنا في الخدمة وتنجحنا في الخدمة.