هدم حصون الفكر العالمي في حياة الشّاب المؤمن

أحد أهمّ الأدوات الموجودة في البيت هو السّكين كما أنّ أخطر الأدوات الموجودة في البيت هو السّكين

بالسّكين نحضّر الطّعام وبالسّكين قد نجرح يدنا. بالسّكين قد نقتل حيّة سامة وبالسّكين قد يُقتل إنسان آخر. السّكين قد يكون أداة لنجاح الإنسان وقد يكون سببًا لدخوله إلى السّجن. فكر الإنسان هو مثل السّكين الّذي قد يكون سببًا لنجاحه أو سببًا لفشله، وقد يحرّره وقد يدخله السّجن. والكثير من النّاس يعيشون أسرى أفكارهم

بولس الرّسول واجه في خدمته تحدّي الفكر البشريّ. واجه مؤمنين ينجحون ومباركين بسبب لسانهم وواجه مؤمنين فاشلين وكئيبين بسبب فكرهم. لأن الفكر كالسّكين قد يكون سببًا البركة أو سبب اللّعنة

ولذلك شبّه الفكر بمدينة يلفّها سور محصّنة ضدّ الخارج. نقرأ عن الكثير من الحصون حول المدن الّتي تحميها من المخاطر الخارجيّة كما نقرأ عن الكثير من الحصون حول السّجون الّتي تحمي من المخاطر الدّاخليّة. ويوجد حصون جيّدة وضروريّة في الحياة ولكن يوجد حصون خطرة في حياة الإنسان ينبغي هدمها. ومن بين الحصون الّتي ينبغي هدمها في حياتنا هي الفكر العالمي البعيد عن الرّبّ. وسوف نتعلّم هدم حصون الفكر العالمي البعيد عن الرّبّ، وتأثير الفكر على حياتنا وكيف يمكن أن نوجّه فكرنا ليكون سبب بركة ونجاح وفرح وسلام في حياتنا

 كتب بولس للمؤمنين في كورنثوس ( 2 كو 10: 1-5)

“ثُمَّ أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ بِوَدَاعَةِ الْمَسِيحِ وَحِلْمِهِ، أَنَا نَفْسِي بُولُسُ الَّذِي فِي الْحَضْرَةِ ذَلِيلٌ بَيْنَكُمْ، وَأَمَّا فِي الْغَيْبَةِ فَمُتَجَاسِرٌ عَلَيْكُمْ. وَلكِنْ أَطْلُبُ أَنْ لاَ أَتَجَاسَرَ وَأَنَا حَاضِرٌ بِالثِّقَةِ الَّتِي بِهَا أَرَى أَنِّي سَأَجْتَرِئُ عَلَى قَوْمٍ يَحْسِبُونَنَا كَأَنَّنَا نَسْلُكُ حَسَبَ الْجَسَدِ. لأَنَّنَا وَإِنْ كنَّا نَسْلُكُ فِي الْجَسَدِ، لَسْنَا حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ. إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ. هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ” (2كو 10: 1-5)

لقد عانى بولس من أشخاص يتكلّمون عليه ويتّهمونه أنّه يسلك بحسب الجسد، وهذا أحزنه لأنّه خدم سنة وستة أشهر في كنيسة كورنثوس وكان يحبّ الأخوة.ولكنّه كتب لهم بمحبّة لكي يساعدهم. كانت المشكلة الأساسيّة لديهم هي الظّنون الّتي بنوا عليها.لذلك قال لهم: “إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ. هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ” (2كو 10: 5)

أوّلاً. تفكيرنا يؤثّر على كافة جوانب حياتنا

 ظنوا ببولس وبنوا حصونًا بفكر خاطئ ضدّه، لذا تكلّموا ضدّه فسمع بولس وحزن. تخيّلوا معي شابًّا اسمه مرعي يفكّر إنّ اللّطف هو ضعف وأنّه يجب أن يكون لئيمًا ومتذمّرًا لكي يكون قويًّا.  حتمًا طريقة تفكير مرعي ستؤثّر على تعامله مع الآخرين. فعندما كان هذا الشّاب يذهب إلى المدرسة ومن ثمّ الجامعة لم يستطع  أن يبني صداقات مع الآخرين بسبب فكره الخاطئ. وعندما كبر وابتدأ بالعمل لم يثبت بعمله بسبب فكره الخاطئ. وحينما تقدّم مرعي من فتاة لكي يتزوج بها  لم تنسجم معه بسبب لؤمه وتذمّره

بعد ذلك بدأ مرعي يُكوِّن فكرة أن النّاس لا تحبّه وبدأ الحصن يكبر وأنّ الناس لا تحترمه ولا تقدّره

وتخيّلوا معي فتاة اسمها بلئيس تفكّر إنّها لو كان لديها الكثير من المال هذا يعطيها السّعادة. فبالمال تستطيع شراء أجدد هاتف وأجدد ثياب وأجمل سيّارة… فراحت تطلب المال من أهلها ولكن والدها لم يكن غنيًّا ليعطيها ما تريد فصارت تشعر أنّ أهلها لا يحبّونها. وبسبب فكرها كانت تحتقر الفقراء وترتمي بين أحضان الأغنياء. وبسبب فكرها تعلّمت السّرقة لكي تحصل على المال… وهكذا، لقد أثّر فكرها على كلّ جوانب حياتها

إنّ نتيجة طريقة تفكيرنا تؤثّر على كلّ جوانب حياتنا وتؤثّر على سلوكنا وتصرّفاتنا وكلامنا

أيضًا في كنيسة كورنثوس وُجد أشخاص يتكلّمون بالسّوء على الرّسول بولس بسبب فكرهم العالمي

علينا أن نعرف أنّ الحرب الرّوحيّة تحدث في الفكر، المكان الّذي يحاربنا به الشّيطان كلّ يوم، وإذا نجح الشّيطان بأن يربح فكرنا ويهزمنا فقد أسر حياتنا وحوّل فكرنا إلى سجن يسجننا فيه

كتب بولس الرّسول من اختباره الشّخصي يقول “وَلكِنِّي أَرَى نَامُوسًا آخَرَ فِي أَعْضَائِي يُحَارِبُ نَامُوسَ ذِهْنِي، وَيَسْبِينِي إِلَى نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ الْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي .” (رو 7: 23)

أخطر ما في الحروب هم الجواسيس الّذين يسكنون ويعيشون داخل الحصون وليس خارجها. ويوجد أشخاص مأسورين بسبب أفكارهم، مأسورين بالتّفكير بالظّنون بأمور غير واقعيّة ، بالتّفكير بالشرّ والتّخطيط له، بالتّفكير بالشّهوة والأحلام الشّهوانيّة، بالتّفكير بالمخاوف والتّفكير بأمور مخيفة تأسر الإنسان

هل تريد أن تكون شابًا مأسورًا من العالم ومأسورًا من إبليس؟

كتب بولس عن أشخاص: “فَيَسْتَفِيقُوا مِنْ فَخِّ إِبْلِيسَ إِذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإِرَادَتِهِ.” (2 تيم 2: 26)

السّؤال: هل سأستفيق أم هل سأسمح لإبليس أن يقتنصني لإرادته؟

ثانيًا. تفكيرنا يحتاج إلى تغيير جذريّ

“هادمين ظنونا”.كيف يتأثّر الفكر؟

:الفكر يتأثّر بما يرى

سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِمًا.” (لو 11: 34)

 ماذا ترى بعيونك؟ سيؤثر على حياتك. وماذا تقرأ؟ سيؤثر على حياتك. لذلك عليك أن تهدم كلّ حصون ترى فيها الشرّ. هل لديك باسورد على هاتفك الخلوي ولا يعرفه أهل بيتك؟ هذا حصن؟ ماذا تخبأ خلفه؟ هل أنت تعتبر أنّ أهلك يحبّونك ويريدون مصلحتك؟ أعطوا هواتفكم لأهلكم أو لشخص روحيّ جدير بالثّقة مرّة في الأسبوع واطلبوا إليهم أن يراقبوا ما إذا كان يوجد عليه شيء سيّئ ليقولوا لكم. اهدموا كلّ حصون الشّرّ وابنوا حصونًا ضدّه في حياتكم

:الفكر يتأثّر بما يسمع

فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ… وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَلاَ يَعْمَلُ بِهَا، يُشَبَّهُ بِرَجُل جَاهِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ.” (متى 7: 24و26)

.ماذا تسمع بأذنيك؟ سيؤثّر على حياتك

الشّاب الّذي يقضي يومه يستمع إلى أغاني عالميّة، ماذا يفعل؟ يغسل دماغه بهذه الأفكار. إذا غسل أحد يديه بماء، تنظف يديه. أمّا إذا غسل يديه بوحل؟ إذا غسلهم بوحل أكثر؟ طبعًا يزيد الوحل. وإذا سلّم على آخرين ماذا سيحلّ بهم؟ طبعًا سيؤثّر عليهم

إذا إنسان سمع غنيّة: “أحببتها وأحبّتني “،” غمرتها وغمرتني” “وقبّلتها وقبّلتني” و. فكيف سيشعر عندما يتعرف على شابّة؟ لن تكون مشاعره مقدسةً لأنّ فكره نجس

إذا كنت نمّامًا أو تستمع لأشخاص نمّامين ، هذا سيؤثّر على حياتك ومرّة بعد مرّة تغسل فكرك تجاه الآخرين . “رَجُلُ الأَكَاذِيبِ يُطْلِقُ الْخُصُومَةَ، وَالنَّمَّامُ يُفَرِّقُ الأَصْدِقَاءَ.” (أم 16: 28).  فعليك أن تهدم حصن النّميمة لكي تُفكّ من الأسر

فكرك يتأثّر بما يسمع وبما يرى. ونحن مطالبون بتغيير جذريّ لما نرى وما نسمع. “لِتَكُنْ أَقْوَالُ فَمِي وَفِكْرُ قَلْبِي مَرْضِيَّةً أَمَامَكَ يَا رَبُّ، صَخْرَتِي وَوَلِيِّي.” (مز 19: 14)

ثالثًا. تفكيرنا يؤثّر على نموّنا في معرفة الله

وكلّ علوّ يرتفع ضدّ معرفة الله  “وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ.” (رو 12: 2)

“فَأَقُولُ هذَا وَأَشْهَدُ فِي الرَّبِّ: أَنْ لاَ تَسْلُكُوا فِي مَا بَعْدُ كَمَا يَسْلُكُ سَائِرُ الأُمَمِ أَيْضًا بِبُطْلِ ذِهْنِهِمْ، إِذْ هُمْ مُظْلِمُو الْفِكْرِ، وَمُتَجَنِّبُونَ عَنْ حَيَاةِ اللهِ لِسَبَبِ الْجَهْلِ الَّذِي فِيهِمْ بِسَبَبِ غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ. اَلَّذِينَ ­إِذْ هُمْ قَدْ فَقَدُوا الْحِسَّ­ أَسْلَمُوا نُفُوسَهُمْ لِلدَّعَارَةِ لِيَعْمَلُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ فِي الطَّمَعِ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا الْمَسِيحَ هكَذَا، إِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمُوهُ وَعُلِّمْتُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ حَقٌّ فِي يَسُوعَ، أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ، وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ.” (اف 4: 17-24)

رابعًا. تفكيرنا يجب أن يخضع لفكر المسيح

 مستأسرين كلّ فكر إلى طاعة المسيح: “فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا …” (في 2: 5)

كيف أدرّب فكري؟

أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا.” (في 4: 8)

خامسًا. تفكيرنا هو أداة بنّاءة في حياة الآخرين

إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ. هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ” (2كو 10: 5)

عندما حصّن بولس نفسه استطاع ان يفكّر كيف يساعد الآخرين . فالرّبّ يريدنا أن نكون بنّائين في حياة الآخرين وليكن فينا فكر المسيح أن نساعد بعضنا البعض على القداسة

.ختامًا، إنّ فكرنا قد يكون حصنًا منيعًا ضدّ كلمة الرّبّ أو قد أن يكون حصنًا للحفاظ كلمة الرّبّ

.ونستطيع أن نعيش حياة مرضيّة عندما نهدم حصون الفكر الخاطئ ونعيش بفكر المسيح