نجتمع كمؤمنين لكي نعلي ونعظّم اسم يسوع المسيح بمناسبة ذكرى ميلاده. قد يبدو هذا طبيعيّا للكثيرين في ذاك اليوم. ولكن الذي يفاجئ العديد من الناس هو أن في كلّ مرّة تجتمع كنيستنا، نعلي ونعظّم اسم يسوع المسيح وحده. وهذه العبارة “يسوع وحده” تسبب الإزعاج للكثيرين. “لماذا ما عندكم سوى يسوع وحده؟
سوف نجيب على هذا السؤال. المسيحيّة الأصيلة تبنى على يسوع وحده. والكنائس الأولى التي كتبت إليها الرسائل لم تكن تعظّم إلا يسوع وحده. وقد كتب بولس الرسول للمؤمنين في غلاطية حقائق عظيمة عن شخص المسيح المبارك الفريد. وفي ذكرى الميلاد نريد أن نعظّم اسم يسوع. وسوف نلاحظ مع بعضنا الأسباب الدامغة لتعظيم يسوع المسيح وحده في الكنيسة دائما
نقرأ من رسالة غلاطية 4: 4-7 ما أعلنه الكتاب المقدّس لنا
وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، 5لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ. 6ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: «يَا أَبَا الآبُ». 7إِذًا لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ ِللهِ بِالْمَسِيحِ.” (غل 4: 4-7)
:نعظّم اسم يسوع الآن وفي كل آن لأنّه
أولا. جاء في ملء الزمان
“وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ”
هذا هو موضوع الميلاد: أن ابن الله الأزلي، جاء في ملء الزمان. وتشير عبارة “ملء الزمان” إلى التاريخ البشري والتوقيت الإلهي. الله غير محدود بالزّمن. الله لا يستيقظ في الصباح الباكر وينام عند غروب الشمس. الله ليس لديه ساعة معلّقة على الحائط يسير بناءً على توقيتها. الله هو خارج الزمن. هو يرى الماضي والحاضر والمستقبل كلوحة كاملة أمامه. هو الإله غير المحدود. ولكن في ميلاد الرّب يسوع المسيح، حدّ نفسه بالزمن. “في ملء الزمن” تشير إلى التوقيت الإلهي. أي في الوقت المعيّن من الله. أو في الوقت المثالي الذي اختاره الله لدخول الزمن. «أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ». (مي 5: 2)
اختار الله وقت معيّن ومنطقة معيّنة وشعب معيّن وحكم بشري معيّن وعائلة معيّنة وأمّ معيّنة، وفي ملء الزمن، دخل الزمن. كأنّ أحد صنع سيارة، ولما خربت السيارة، كان مستعدًا أن يصير برغي كي تعمل السيارة. الله غير المحدود كان مستعدًا لأن يدخل الزمن لكي يخلصنا من خطايانا. كيف لا نمجده! كيف لا نميّزه! كيف لا نعظّمه
ثانيا. جاء مولودًا من امرأة
“أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ”
كان ينبغي للمسيح المخلّص أن يأخذ الطبيعة البشريّة. “فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ». وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.” (متى 1: 21-23)
هو الذي جبل آدم وخلق حواء. هو الذي خطط نظام الكون ونظام الولادة والتكاثر في العالم. هو نفسه دخل في أحشاء القديسة المباركة مريم العذراء. كان يجب أن يتمتّع المخلّص بطبيعة إلهيّة وطبيعة بشريّة
!وكان مستعدًا لأن يولد من امرأة لكي يخلصنا. كيف لا نمجدهّ! وكيف لا نميّزه! وكيف لا نعظّمه
ثالثا. جاء مولودا تحت الناموس
“مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ”
إنّ مشكلة الإنسان الأساسيّة هي كسره لوصايا الله، وعجزه عن العيش بموجب الناموس. الناموس هو وصايا الله في العهد القديم، التي عجز البشر جميعا عن تطبيقها. كان ينبغي على المخلّص أن يولد تحت الناموس. وكان ينبغي أن يخضع للناموس الذي وضعه الله للبشر. لذلك قال ليوحنا المعمدان: ” فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «اسْمَحِ الآنَ، لأَنَّهُ هكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرّ»” (متى 3: 15). كان مستعدًا لأن يتعلّم وينمو ويخضع ويجرّب … لكي يقدر أن يخلصنا من خطايانا … كيف لا نمجدهّ! وكيف لا نميّزه! وكيف لا نعظّمه
رابعا. جاء ليفتدينا
“لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ”
لقد جاء الرّب يسوع المسيح بمهمّة عظيمة لكي يفتدينا. نحن الذين كنّا مدانين بالناموس … جاء يسوع ليفتدينا. يقول الوحي في غلاطية 3: 13، “اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». (غل 3: 13)
الفداء تمّ بموت المسيح على الصليب وقيامته. تقول كلمة الرّب، “الَّذِي لَنَا فِيهِ الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا.” (كو 1: 14). المسيح صنع الفداء – ليس له شريك في الفداء – ليس له شريكة في الفداء. المسيح وحده افتدانا. المسيح وحده حمل خطايانا. المسيح وحده صار لعنة لأجلنا. المسيح وحده غلب الموت وقام. “الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا.” (رو 4: 25). يسوع هو فداؤنا وخلاصنا ورجاؤنا. نعظم اسم يسوع وحده لأنه جاء لفدائنا. كيف لا نمجدهّ! وكيف لا نميّزه! وكيف لا نعظّمه
خامسا. جاء ليعطينا التبني
“لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ”
التبني يعني البنويّة الحقيقيّة … بالمسيح يصبح المؤمن ابن للرّب. والمقارنة هي بين العبد والابن. نحن في مركزنا لسنا عبيدا ولكن أبناء. “وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ.” (يو 1: 12). أنا بالمسيح صرت ابن للرّب. لم يعد اسمي ريمون أبو مخايل – هذا اسمي الوقتي الزمني. اسمي الحقيقي ريمون ابن الله. كيف؟ لأن المسيح عندما قبلته أعطاني السلطان
يخبر أحد الرجال عن اختباره بالتبني. عاش مع زوجته 15 سنة دون أولاد. ثم قرروا التبني. وجاء اليوم الذي تلقيا فيه الاتصال لتبني ولد. كان عليه أن يقف أمام القاضي. سأله القاضي: “هل أجبرك أحد على تبني هذا الولد أم هل هو قراراك الطوعي؟”. أجاب: “هذا قراري الذي اتخذه بناء على محبتي لهذا الولد”. فقال له القاضي: “هذا الولد سيصبح ابنك إلى الأبد. عندما تمضي هذه الأوراق، سوف يشطب اسم عائلته التي ولد فيها ويوضع اسم عائلتك على اسمه. مهما فعل سيبقى ابنك. من الممكن أن يحزنك ويخذلك في بعض الأحيان ولكنّه سيبقى ابنك. وفي المستقبل بعد موتك سوف يرث كل ممتلكاتك. بعدها أمر القاضي الكاتبة في المحكمة أن تغيّر اسم الولد لتوضع اسم العائلة المتبناة على أوراق الصبي. هذا ما فعله الله بالمسيح. تبنانا. وضع اسمه علينا. هللويا. “7إِذًا لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ ِللهِ بِالْمَسِيحِ.” كيف لا نمجدهّ! وكيف لا نميّزه! وكيف لا نعظّمه
سادسا. جاء معطيا الروح القدس لنا
“ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: «يَا أَبَا الآبُ”
المسيح أعطاني عربون الخلاص، وتأكيد الخلاص. ما هو هذا العربون؟ الروح القدس الذي يسكن في داخلي. بما أننا أبناء، أرسل الله روح ابنه إلى قلوبنا. قد تسأل: ما هو عربون محبتك يا رب وخلاصك؟
كيف أعرف أنني مقبول لديك؟ ما هي ضمانة عملك ورجائك في حياتي؟ يجيب الرّب ويقول: “سكنى الروح القدس في حياتك”. “الَّذِي خَتَمَنَا أَيْضًا، وَأَعْطَى عَرْبُونَ الرُّوحِ فِي قُلُوبِنَا.” (2 كو 1: 22)
هذا العمل الذي لا يستطيع العالم أن يفهمه ولا أن يراه، يختبره المؤمن بالمسيح في صميم قلبه. وعندما يختبر عمل الروح القدس في الداخل، يصرح بملء الفمّ ويقول “يا أبا الآب” = يا بابا. يستطيع المؤمن أن يصرخ “يا بابا” لله – ليس بمشاعره ولكن بحق حضور الروح القدس في حياته. غير المؤمن لا يستطيع أن يقول يا بابا – يخاف! لذلك يحاول أن يقول يا ماما – ولكن الله ليس عنده ماما. الله يصبح أبوك عندما تقبل المسيح مخلصًا ويسكب الروح القدس في حياتك. وإن كان المسيح قد جاء ليعطيننا سكنى الروح القدس في حياتنا
!كيف لا نمجدهّ! وكيف لا نميّزه! وكيف لا نعظّمه
سابعا. جاء ليعطينا الميراث الأبدي
” إِذًا لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ ِللهِ بِالْمَسِيحِ”
المسيح أعطانا الميراث الأبدي. نحن لسنا بعد عبيد ولكن أبناء – وإن كنّا أبناء، فوارثين لله بالمسيح. عندما يموت الرجل الغني تُقسم ورثته على أولاده. نحن وارثون لله بالمسيح. هل يمكن أن تتخيّل غنى الله؟ المؤمن هو وارث لله. كيف؟ بالمسيح. الميراث هنا هو الحالة الأبديّة والمجد الأبدي الذي أعطانا إياه الله بالمسيح. “حَتَّى إِذَا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ، نَصِيرُ وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ.” (تيطس 3: 7) لقد أعطانا المسيح بتجسّده ميراث أبدي … ورجاء لا يخزى
عرّف أحدهم السماء بالعبارة التالية: “السماء هي مكان مجهول ولكن سكانها معروفين”. “فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا.” (رو 8: 18)
في مدينة فالادوفيد في إسبانيا، يوجد تذكار لكريستوفر كولومبوس الذي اكتشف القارة الأميركيّة والذي مات في عام 1506 – ولكن الملفت في تلك الساحة التذكارية تمثال لأسد يأكل حرف من شعار إسبانيا القديم – الشعار القديم كان كالتالي “لا يوجد شيء بعد هذه الحدود”، ويصور التمثال الأسد يأكل كلمة لا. لأن كريستوفر كولمبوس غيّر المفهوم والنظرة باكتشافه أميركا
لكن يسوع المسيح رّبنا الأسد الغالب الذي خرج من سبط يهوذا، أكل ال”لا” في لا أبديّة، وكشف لنا حقيقة الحياة الأبديّة. بالمسيح أعطي رجاء المجد الأبدي لكل من يؤمن به. كيف لا نمجدهّ! وكيف لا نميّزه! وكيف لا نعظّمه
في الختام، كتب المرنّم ترنيمة بعنوان “هل ليسوع من مثيل …”. العدد الثاني يكتب فيه ويقول: “هل ليسوع من مثيل من ضحى في بالمجد … مع أنّه الرّب القدير … قد عاش كالعابد
“والقرار يقول: ” لا ليس مثله … قد فاق وصفه … قلبي يحبه … ويهوى شخصه
“العدد الأخير من الترنيمة يقول: “هل ليسوع من مثيل … لا لست أعلم … كل حياتي وقواي … له أقدّم
” لا ليس مثله … قد فاق حبّه … قلبي يحبّه … ويهوى شخصه “