إن حياة المؤمن خاضعة لمقاييس الرّبح والخسارة. ونلاحظ أنّ المسيح وضع التّحدي أمامنا قائلاً: “مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا، وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا.” (متى 39:10). فمع المسيح المعادلة مقلوبة. بمعنى أنّك إذا حاولت أن تعيش حياتك لذاتك سوف تضيع حياتك، وإذا أضعت حياتك من أجل المسيح تكون قد ربحتها. إنّها معادلة مختلفة عن المنطق البشريّ. لأنها معادلة مبنيّة على الإيمان. والجسديّة هي عندما يعيش المؤمن حياته بالمنطق البشريّ
الإيمان يقول لا تنتقموا لأنفسكم، أحبوا أعداءكم …أمّا المنطق فيقول: انتقم من أعدائك
…الإيمان يقول أعطوا تعطوا أمّا المنطق فيقول القجة بتجمّع
الإيمان يقول عندما يخطئ إليك أخوك اذهب إليه وعاتبه أمّا المنطق فيقول إذا أخطا إليك أخوك تكلّم عليه بالسّوء واكشف خطاياه ودمره وادعسه
الإيمان يقول اطلبوا أولاً ملكوت الله وبرّه وهذه كلّها تزاد لكم أمّا المنطق يفقول اطلب ملكوتك فهذا ما يفيدك
بالنّسبة إلى لوط، الإيمان هو أن يعيش في الصّحراء مع إبراهيم بالإيمان، أمّا المنطق يقول عش بالمنطقة الخضراء. بالنّسبة إلى لوط الإيمان هو أن يعيش في خيام ويتغرّب مثل إبراهيم، أمّا المنطق يقول استقر في سدوم. لنكن واقعيين، الجسديّة الرّوحيّة هي عندما يعيش المؤمن بالمنطق بدل أن يعيش بالإيمان وهذا يأتي نتيجة التّعب من حياة الإيمان والرّغبة بتأمين حياة مريحة وسهلة. فالمؤمن الجسديّ ليس غبيًّا لكن لديه حساباته المختلفة وأسبابه الخاصّة، كما لوط، عندما نزل إلى سدوم، كان لديه حساباته
فما هي بعض نتائج الجسديّة الرّوحيّة في حياة المؤمن؟
لنقرأ من كلمة الرّبّ حادثة دينونة سدوم وعمورة كما جاءت في تك 19: 23-38
وَإِذْ أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ عَلَى الأَرْضِ دَخَلَ لُوطٌ إِلَى صُوغَرَ، 24فَأَمْطَرَ الرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتًا وَنَارًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ. 25وَقَلَبَ تِلْكَ الْمُدُنَ، وَكُلَّ الدَّائِرَةِ، وَجَمِيعَ سُكَّانِ الْمُدُنِ، وَنَبَاتَ الأَرْضِ. 26وَنَظَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ
وَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ فِي الْغَدِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ أَمَامَ الرَّبِّ، 28وَتَطَلَّعَ نَحْوَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ، وَنَحْوَ كُلِّ أَرْضِ الدَّائِرَةِ، وَنَظَرَ وَإِذَا دُخَانُ الأَرْضِ يَصْعَدُ كَدُخَانِ الأَتُونِ. 29وَحَدَثَ لَمَّا أَخْرَبَ اللهُ مُدُنَ الدَّائِرَةِ أَنَّ اللهَ ذَكَرَ إِبْرَاهِيمَ، وَأَرْسَلَ لُوطًا مِنْ وَسَطِ الانْقِلاَبِ. حِينَ قَلَبَ الْمُدُنَ الَّتِي سَكَنَ فِيهَا لُوطٌ
وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ، وَابْنَتَاهُ مَعَهُ، لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ. 31وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: «أَبُونَا قَدْ شَاخَ، وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الأَرْضِ. 32هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْرًا وَنَضْطَجعُ مَعَهُ، فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 33فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا. 34وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْرًا اللَّيْلَةَ أَيْضًا فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ، فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 35فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضًا، وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا، 36فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا. 37فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوآبَ»، وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ. 38وَالصَّغِيرَةُ أَيْضًا وَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «بِنْ عَمِّي»، وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى الْيَوْمِ. (تك 19: 23-38)
:لقد حصد لوط
أولاً. الخروج عن مشيئة الرّبّ
دعوة إبراهيم ولوط كانت دعوةً للبركة. والتصاق لوط بإبراهيم جعله في ملء البركة ومخطّط الرّبّ، أمّانزول لوط إلى سدوم فكان خروجًا واضحًا عن مشيئة الرّبّإذ في حساباته، هو ربح الرّاحة الشّخصيّة وربح الاستقرار الزّمني، ولكن بالفعل هو خرج عن مشيئة الرّبّ
فمثلاً، عندما يقرّر المؤمن ألّا يكرم أباه وأمّه، يكون في حساباته هذا يريحه ولكنّه يكون خرج عن مشيئة الرّبّ، وعندما يقرّر المؤمن ألّا يحبّ زوجته كما أحبّ المسيح الكنيسة، في حساباته هذا يكون أمرًا مريحًا ولكنّه أيضًا خروج عن مشيئة الرّبّ. وكذلك عندما تسلك بالجسد بأيّ موضوع مهما كانت حساباتك ففي الحساب الرّوحي أنت قد خرجت عن مشيئة الرّبّ
أمّا الرّبّ فلقد أقامك لكي تحقّق مشيئته في حياتك وكنيسة وعائلتك والمجتمع وعندما تختار طريقك ولو مهما بدت لك مريحة، تكون قد خرجت عن مشيئة الرّبّ
ثانيًا. فقدان بركة حماية الله وعنايته
في تكوين 12نقرأ عن نزول إبراهيم ولوط الى مصر وتدخل الله لينقذهما
فضرب الرّب فرعون وبيته ضربات عظيمة بسبب ساراي امرأة أبرام” (تك 12: 17)
في تكوين 14 سبي لوط وعائلته وأملاكه بسبب وجوده في سدوم. ” فَأَخَذُوا جَمِيعَ أَمْلاَكِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَجَمِيعَ أَطْعِمَتِهِمْ وَمَضَوْا. ١٢ وَأَخَذُوا لُوطاً ابْنَ أَخِي أَبْرَامَ وَأَمْلاَكَهُ وَمَضَوْا، إِذْ كَانَ سَاكِنًا فِي سَدُومَ.” (تك 14: 11و12) وعندما تدخّل إبراهيم وأنقذه ” فَلَمَّا سَمِعَ أَبْرَامُ، أَنَّ أَخَاهُ سُبِيَ جَرَّ غِلْمَانَهُ الْمُتَمَرِّنِينَ، وِلْدَانَ بَيْتِهِ، ثَلاَثَ مِئَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَتَبِعَهُمْ إِلَى دَانَ.” (تك 14: 14)
كان هذا التأديب الأوّل للوط لكي يحذره الرّبّ، وبهذا، لوط فقد الحماية المباشرة والعناية الإلهيّة
بينما نرى الله يلزم نفسه بوعوده بالمؤمن الرّوحي قائلاً: “اطلبوا أولا ملكوت الله وبرّه وهذه كلها تزاد لكم “. فوعوده مشروطة، فمثلاً يقول الله: “أعطوا تعطوا …” “هاتوا جميع العشور إلى الخزنة ليكون في بيتي طعامًا وجرّبوني بهذا …” “ملقين كل همّكم عليه لأنّه هو يعتني بكم
فالله غير ملزم بأن يحامي ويدافع ويسدد حاجات المؤمن الجسدي. إذ المؤمن الجسدي بتصرّفه كأنّه يقول للرب أنّه لا يسرّ بطرقه ويختار طريقه بنفسه. وكما فقد لوط بركة حماية الله على حياته هكذا يفقد المؤمن الجسدي أيضًا حماية الله وكل وعود الله المشروطة على حياته
ثالثًا. خسارة إنجازاته الأرضيّة
“فَجَاءَ الْمَلاَكَانِ إِلَى سَدُومَ مَسَاءً، وَكَانَ لُوطٌ جَالِسًا فِي بَابِ سَدُومَ”
أصبح له مركزًا مرموقًا في سدوم وهذا لم يحصل عليه مع إبراهيم، ففي حساباته كان هذا المركز هو الرّبح الّذي يربحه. ما هو أرفع منصب ممكن يصل إليه إنسان؟ رئيس جمهوريّة … نرى في الدّوائر الحكوميّة، بعد أن ينتخبوا رئيسًا جديدًا يزيلون صور من سبقه ويضعون صور الجديد
قرب مرفأ بيروت يوجد شارع “الرئيس شفيق الوزان”. من منكم يعرف صاحب الاسم؟ ما هي الإنجازات الأرضيّة الّتي تبقى؟ هل هذا يستحق أن يضحّي المؤمن بالخدمة وبوقته مع المؤمنين لأجل مركز أو منصب أو إنجاز أرضيّ وزمنيّ؟ كل تضحية نفعلها لغير الرّبّ سوف تنسى وتضمحّل. فوحدها الأمور التي نفعلها للرّبّ تبقى إلى الأبد. فعندما يعيش المؤمن بالجسديّة الرّوحيّة يخسر إنجازاته البشريّة
رابعًا. إهانة العالم الشّرير له
“فَقَالُوا: «ابْعُدْ إِلَى هُنَاكَ». ثُمَّ قَالُوا: «جَاءَ هذَا الإِنْسَانُ لِيَتَغَرَّبَ، وَهُوَ يَحْكُمُ حُكْمًا. الآنَ نَفْعَلُ بِكَ شَرًّا أَكْثَرَ مِنْهُمَا»
بحسابات لوط العالم يعرف قيمته أكثر، فقد فرض نفسه في المجتمع. كما يمكن القول أنّه كان يعرف كيف يوفّق بين علاقاته وبين إيمانه وصدقاته. فلفترة من الزّمن، ظنّ لوط أنّه قد اكتسب ثقة العالم وأنّه قد تمّ قبوله كفرد في مجتمع سدوم، ولكنّه تفاجأ بردّة فعل أهل سدوم أمام موقفه من الملاكَين
إذا ذهب المؤمن مع أهل العالم وعمل لهم ما أرادوا فعندما يدير ظهره لن يرحموه بكلامهم. وإذا حدث، ووبّخهم على خطيّة ما، فرسعان ما سيهاجمونه. إيّاك أن تظّن أنّك كمؤمن سوف تلاقي التّرحاب والقبول في العالم
خامسًا. ضياع حلم الأمان والاستقرار الّذي كان يحلم به
ظنّ لوط أنّ بانتقاله إلى سدوم يؤمن لنفسه الأمان والاستقرار. وجاءت التّجربة الأولى وسُبي …ولكنّه حاول مجدّدًا. واستقرّ في بيت في سدوم. لا نقرأ عن الغنم والمراعي ولكننا نقرأ عن البيت الّذي كان يعيش فيه …وتهديد أهل سدوم له: “الآنَ نَفْعَلُ بِكَ شَرًّا أَكْثَرَ مِنْهُمَا.” فالدينونة آتية وقد ذهب الاستقرار
هذه القصة تتكرّر في حياة بعض المؤمنين المهاجرين. إذ يتخذون قرارًا بالسّفر حلمًا بالاستقرار والأمان ومع أنّني لست ضدّ السّفر، وليس كل سفر هو جسديّة، ولكن حلم الاستقرار والأمان خارج مشيئة الرّبّ هو وهم. الأمان والاستقرار ليسا في بلاد الهجرة. والمؤمن الّذي يظنّ أنّ جسديّته ستؤمّن له الاستقرار والأمان هو موهوم. وأحيانًا، المؤمن يظنّ أنّه إذا كان لا يبشّر أو لا يُظهر إيمانه فهذا سيعطيه أمانًا أكثر في حياته
لقد خسر لوط استقراراه وأمانه. كما يمكن للمؤمن أن يخسر أمانه واستقراره في العالم لأنّ الأمان الوحيد هو في الرّبّ
سادسًا. خسارة أولاده الزّمنيّة والأبديّة
انتقال لوط إلى سدوم أثّر على عائلته. مع أنّ لوط كان واثقًا من تربيته لأولاده وأنّه لا خوف عليهم
ولكن في النّهاية الأولاد تأثروا بالمجتمع وقد تزوّجوا من أهل سدوم. قد كان لوط غير راضٍ في البداية ولكن بعد ذلك قد فكّر في نفسه أنّ أصهاره قريبون جدًّا من المؤمنين. وأنّه يجب ألّا يقف عائقًا لمستقبلهم وأنّ الرّبّ يعرف قلب أصهاره…12وَقَالَ الرَّجُلاَنِ لِلُوطٍ: «مَنْ لَكَ أَيْضًا ههُنَا؟ أَصْهَارَكَ وَبَنِيكَ وَبَنَاتِكَ وَكُلَّ مَنْ لَكَ فِي الْمَدِينَةِ، أَخْرِجْ مِنَ الْمَكَانِ، 13لأَنَّنَا مُهْلِكَانِ هذَا الْمَكَانَ، إِذْ قَدْ عَظُمَ صُرَاخُهُمْ أَمَامَ الرَّبِّ، فَأَرْسَلَنَا الرَّبُّ لِنُهْلِكَهُ». 14فَخَرَجَ لُوطٌ وَكَلَّمَ أَصْهَارَهُ الآخِذِينَ بَنَاتِهِ وَقَالَ: «قُومُوا اخْرُجُوا مِنْ هذَا الْمَكَانِ، لأَنَّ الرَّبَّ مُهْلِكٌ الْمَدِينَةَ». فَكَانَ كَمَازِحٍ فِي أَعْيُنِ أَصْهَارِهِ
نزلت نار الله من السّماء وأحرقت أصهاره وبناته وعائلاتهم بدينونة الله العادلة. فقد خسر عائلته زمنيًّا وروحيًّا. فأيّها المؤمن قبل أن تتخذ قرارات روحيّة عشوائيّة اسأل نفسك ما هو التّأثير على أهل بيتي وكيف سيتأثر أولادي بمواقفي وحياتي؟ لم نقرأ المزيد عن حياة لوط ولكنّه قضى بقيّة حياته يبكي على أولاده وأصهاره وأحفاده
سابعًا. دمار ممتلكاته الأرضيّة
إن أحد أسباب الجسديّة الرّوحية هو المكاسب الزّمنية. لقد سكن لوط في بيت وصار له أملاك.والاستقرار المادي هو أحد الأسباب الّتي تريح المؤمن على موقعه الجسدي. ولكن الممتلكات الماديّة لا تدوم.وما ظنّه لوط أنّه عنصر قوّة في حياته، خسره بلحظات: 4فَأَمْطَرَ الرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتًا وَنَارًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ. 25وَقَلَبَ تِلْكَ الْمُدُنَ، وَكُلَّ الدَّائِرَةِ، وَجَمِيعَ سُكَّانِ الْمُدُنِ، وَنَبَاتَ الأَرْضِ
كذلك المؤمن الّذي يتخذ قراراته بناءً على حبّ الامتلاك يفاجأ بأنّ ما يبنيه هو عرضة للدّمار في أيّ لحظة
والّذي يبحث عن مكاسب زمنيّة سيفاجأ بأنّ ما يطمح إليه هو عرضة للدّمار والزّوالوخسارة كلّ شيء
بيل غايتس هو من أغنى أغنياء العالم حتّى إذا أعطى لكلّ شخص في العالم 10$ يفضل معه ما يفوق الثّلاثين مليار دولار. ومع ذلك عندما يموت بيل غايتس (بعيد الشّرّ عن قلبه) سوف يوضع في صندوق 2م ب 60سنتم. والمؤمن الجسدي الّذي يطمح للمال والغنى في النّهاية سوف يخسر كلّ شيء
وهذا ما جعل بولس الرّسول يذكّر المؤمنين: “فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ، فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا. وَأَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ، فَيَسْقُطُونَ فِي تَجْرِبَةٍ وَفَخٍّ وَشَهَوَاتٍ كَثِيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ، تُغَرِّقُ النَّاسَ فِي الْعَطَبِ وَالْهَلاَكِ. لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ. وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ. جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَأَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا دُعِيتَ أَيْضًا، وَاعْتَرَفْتَ الاعْتِرَافَ الْحَسَنَ أَمَامَ شُهُودٍ كَثِيرِينَ.” (1تيم 6: 8-12)
ثامنًا. خسارة زواجه بموتها
لقد أعطى الرّبّ للوط زوجة لكي يكون رأسها ويكون صورة الله لها ويكون قائدها. وبدل أن يختار أفضل بيئة لزوجته لتعيش فيها اختار لها أرض سدوم. فعندما اتخذ لوط قراره بالنّزول إلى سدوم لم يسأل عن زوجته وبناته. لأنّه لو سأل عن زوجته وبناته لما وضعهم في تلك البيئة الشّريرة. فإنّه جزء من مسؤوليّته كرجل هو أن يقود عائلته زمنيًّا وروحيًّا. وهو لم يسأل نفسه إذا كان هذا القرار سيساعده في علاقته الزّوجيّة؟ وهل سيقوّي زواجه؟
إنّ معظم الرّجال الّذين يشتكون على نسائهم، في 90% من الحالات هم مَن أوصلوهنّ لهذا الوضع
ربما أكثر شخص معروف في قصة لوط هي زوجته الّتي خرجت من سدوم ولكن قلبها ظلّ متعلقًا بذلك المكان. كان قد طلب الرّبّ من لوط وزوجته وبنيه ألّا ينظروا إلى الوراء ولكن زوجته لم تطع
مكتوب في كلمة الرّبّ: “26وَنَظَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ
المؤمن الجسدي سيؤثر على زوجته لا محال. وسيخسرها لا محال. وسيؤثر هذا على زواجه لا محال
تزوّج شاب، وبسبب عمله، لم يكن يقدر أن يحضر الاجتماعات في وسط الأسبوع فطلب إلى زوجته أن تغيب هي أيضًا عن هذه الاجتماعات. بعد فترة، أصبح يحبّ أن يسهر ليلة السّبت مع أهل العالم. ثمّ بعد ذلك، صارت ثياب زوجته لا تليق بتلك السّهرات، وما أن مرّ بعض الوقت حتّى باتت تتغيّر أخلاق الزّوجة في البيت من تعصيب، صوت عالٍ، خصام وتمرّد. وطبعًا في هكذا ظرف يلجأ الزّوج إلى القس ويطلب المساعدة: “زوجتي متمردة !!! “فجسديّة المؤمن ستؤثر على زواجه وشريكة حياتهوقد تؤدي لخسارة الزّواج
تاسعًا. التّأثير الرّوحي السّيء على بناته
يدوّن لنا الوحي أفظع ما يمكن أن يُقرأ عن الخطايا الجنسيّة في كتب العالم.عندما قرّرت بنات لوط أن يُحيينَ لأنفسهن نسلاً من أبيهنّ
وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ، وَابْنَتَاهُ مَعَهُ، لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ. 31وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: «أَبُونَا قَدْ شَاخَ، وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الأَرْضِ. 32هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْرًا وَنَضْطَجعُ مَعَهُ، فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 33فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا. 34وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْرًا اللَّيْلَةَ أَيْضًا فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ، فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 35فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضًا، وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا، 36فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا. 37فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوآبَ»، وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ. 38وَالصَّغِيرَةُ أَيْضًا وَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «بِنْ عَمِّي»، وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى الْيَوْمِ
لوط يسكر؟؟؟ من أين أتت فكرة السُّكر؟؟؟ كيف لبناته أن يعرفن ما هو السّكر؟؟؟ كُنّ يريْنَ الكأس وتأثيره في البيت؟ وماذا يفعل الكأس بأبيهن؟؟؟
تأثير تربية لوط أدّت بابنتيه للتفكير بطريقة خاطئة، فبدل التّفكير بالزّواج لإحياء النّسل، فكّرتا بالخطية
تذكروا أنّ لوط كان مستعدًّا أن يقدم بناته للّزنى دون تردد لأنّه ظنّ أنّ هذا حلّاً لكي يدافع عن ضيوفه
من خلال قراراتنا وحياتنا نحن نزرع في أولادنا مبادئ. وإذا عشنا بجسديّة وكسرنا وصايا الرّبّ أمام أولادنا ودائمًا نلاقي سببًا لنبرّر خطايانا، سوف يتدرّبون على فعل ذلك وسيفعلونه على نطاق أوسع. كما أنّ ابنتي نوح وجدتا الفكرة الشّريرة من الأجواء الّتي عاشتا فيها
إنّ تدنّي المستوى الأخلاقي والبيئة التي يعيش فيها أولادنا ستؤثر على نظرتهم للحياة الرّوحيّة والمقاييس الرّوحيّة.وهذه الجسديّة الرّوحيّة لها تأثير سلبيّ على حياة الأولاد. كما وضع لوط بناته في بيئة سيئة وقدّم لهنّ نموذجًا سيئًا في حياتهم وهذا انعكس على مستواهم الرّوحي فلقد نجوا من سدوم ولكنّ أخلاق سدوم بقيت في داخلهم
عاشرًا. التّأثير المعاكس لمخطط الرّبّ
أحيانا نسأل، ما هي الفائدة من تدوين قصّة لوط وبناته في الكتاب المقدّس؟ السّبب الأوّل هو أن ننتبه من نتائج الجسديّة ولكن السّبب الأهمّ هنا هو نشوء أمّتين من هذا الفعل هم “بني موآب وبني عمون
فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا. 37فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوآبَ»، وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ. 38وَالصَّغِيرَةُ أَيْضًا وَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «بِنْ عَمِّي»، وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى الْيَوْمِ
عمون وموآب … وقد أصبح بنو موآب وبنو عمون من ألدّ أعداء شعب الرّبّ
من الجدير أن نتذكّر دائمًا أنّنا نحن نعمل على المدى القصير، أمّا إبليس فيعمل على المدى البعيد
إحترز من إبليس فهو يوقعك بخطيّة ويحصد منها خطايا كما يوقعك بانحراف ويحصد منه انحرافات أكبر. فبدل أن يكون لوط وعائلته ونسله سند لإبراهيم ونسل المسيح، صاروا من ألد الأعداء. وهكذا تكون الجسديّة لها تأثيرًا معاكسًا لمخطط الرّبّ
إحدى عشر. صعوبة القدرة على التّوبة والرّجوع
ابليس يطمح بأن يأسر فيه المؤمن بقفص لا يستطيع أن يخرج منه. فلم يقدر لوط على الرّجوع إلى إبراهيم
بل عاش لوحده بقيّة حياته
إنّ التّوبة تحتاج إلى تواضع وانكسار. فالمنحرف يفكّر أنّه بعدما غاب عن الاجتماعات لمدّة، وقد خسر عمله وتدمّرت عائلته، يخجل من ذنبه أمام الإخوة الّذين سيُعيّرونه… إنّه يعرف أنّه أخطأ ويجب أن يتغيّر ولكن كبرياءه لا يسمح له، ويمكن يسميها بالخجل!!! أمّا إبليس فقد نجح بأن يأسر المؤمن بهذا الوضع.فالجسديّة تضعك في أسر يصعب الخروج منه
اثنا عشر. الشّهادة المكسورة للأجيال
اليوم اسم لوط مرتبط بالشّذوذ الجنسي في مجتمعاتنا العربيّة. “اَلصّيتُ أَفْضَلُ مِنَ الْغِنَى الْعَظِيمِ، وَالنِّعْمَةُ الصَّالِحَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ.” (أمثال 22: 1) فقد كُسِرت شهادة لوط لأجيال حتّى أيّامنا الحاليّة
ذكر اسم لوط في الكتاب المقدّس وحيثما يذكر اسم لوط اليوم يذكر بشهادته المكسورة. فالجسديّة تكسر الشّهادة للأجيال
في بداية موضوعي كتبت أنّ المؤمن الجسديّ ليس غبيًّا لأن لديه حساباته ولكن نتيجة حساباته ستظهر أنّه غبيّ لأنه خاسر لا محال. الجسديّة لا تُنتج ولا ذرّة ربح على الصّعيد الرّوحي على الرّغم من أنّها تعِدك به، فكلّ نتائجها خاسرة. هذا ما دعا بولس ليكتب بالوحي الإلهي “لكِنْ مَا كَانَ لِي رِبْحًا، فَهذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً.” (في 3: 7)
أخيرًا الرّبح المضمون هو عندما تعيش الحياة بالرّوح