مواجهة المستقبل بقوّة

نصل في نهاية كل عام إلى يوم نهاية الطريق، لا رجوع فيها، لن نعود إلى الوراء … قد ننظر إلى الوراء ولكنّنا لن نعود إلى هناك … نستطيع أن نقول وداعا للعام الذي فات، لكل أحزانه ولكل أفراحه نقول وداعا، لكل فشل ولكل نجاح نقول وداعا، وداعا لعام مضى. خلفنا عام مضى … ولكن أمامنا عام جديد. نقف اليوم في بداية طريق جديد … طريق مكتوب في بدايته “أهلا وسهلا بكم في عام …”. طريق لم نعبره من قبل … طريق نجهله ولا نعرف ماذا يخبئ لنا. سؤالين أريد أن أطرحهما

السؤال الأوّل هو: على أي أساس نقيّم نجاحنا أو فشلنا في عام مضى؟ على أي أساس تقول أنّك نجحت أو أخفقت خلال هذا العام؟ على أي أساس نحن ككنيسة نستطيع أن نقول أنّنا نجحنا في عام أو أخفقنا خلال عام مضى؟

السؤال الثاني هو: كيف نواجه العام الجديد بقوّة؟  كأفراد نحن نواجه سنة جديدة، وككنيسة سنواجه سنة جديدة. كيف يمكننا كأفراد وككنيسة أن نواجه العام الجديد بثقة وقوّة؟ كيف يمكننا أن ندخل إلى العام الجديد بدون خوف ولا تردّد؟ الجواب على السؤالين هو واحد

الجواب هو بحقيقة ساطعة تتكرّر في صفحات الكتاب المقدّس. ولكنّها تظهر بوضوح وتحديد في كتابات بولس الرسول. يظهر بولس الرسول المبدأ الأساسي الذي جعله يواجه المستقبل بقوّة. وكتب مرارا وتكرارا ليشجع المؤمنين بذلك. وعندما كتب رسالته الثانية لتيموثاوس ذكّره بهذه الحقيقة التي تساعده كمؤمن شاب وخادم للمسيح على مواجهة المستقبل بقوّة

نقرأ من 2 تيم 1: 1-10

بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، لأَجْلِ وَعْدِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 2إِلَى تِيمُوثَاوُسَ الابْنِ الْحَبِيبِ: نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ الآبِ وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.3إِنِّي أَشْكُرُ اللهَ الَّذِي أَعْبُدُهُ مِنْ أَجْدَادِي بِضَمِيرٍ طَاهِرٍ، كَمَا أَذْكُرُكَ بِلاَ انْقِطَاعٍ فِي طَلِبَاتِي لَيْلاً وَنَهَارًا، 4مُشْتَاقًا أَنْ أَرَاكَ، ذَاكِرًا دُمُوعَكَ لِكَيْ أَمْتَلِئَ فَرَحًا، 5إِذْ أَتَذَكَّرُ الإِيمَانَ الْعَدِيمَ الرِّيَاءِ الَّذِي فِيكَ، الَّذِي سَكَنَ أَوَّلاً فِي جَدَّتِكَ لَوْئِيسَ وَأُمِّكَ أَفْنِيكِي، وَلكِنِّي مُوقِنٌ أَنَّهُ فِيكَ أَيْضًا. 6فَلِهذَا السَّبَبِ أُذَكِّرُكَ أَنْ تُضْرِمَ أَيْضًا مَوْهِبَةَ اللهِ الَّتِي فِيكَ بِوَضْعِ يَدَيَّ، 7لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ.8 فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا، وَلاَ بِي أَنَا أَسِيرَهُ، بَلِ اشْتَرِكْ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ، 9الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، 10وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ

يشجع بولس الرسول تيموثاوس الشاب المؤمن لكي يواجه الأيام القادمة عليه بقوّة. هو يذكّره بأنّ الله لم يعطه روح الفشل بل روح القوّة والمحبة والنصح. يحث بولس الرسول تيموثاوس على أن لا يخجل بشهادة المسيح ولا بقيود بولس الرسول. قد ينظر الإنسان إلى عام الفئت بيأس وفشل وإحباط. ومن الممكن أن ننظر إلى عام قادم أيضا بنظرة اليأس والفشل والإحباط. ولكن عندما ندرك المقياس الذي عليه يجب أن نقيس حياتنا، نستطيع أن نقيّم العام الماضي بدقّة ونستطيع أن نواجه العام الجديد بقوّة. فما هو هذا المقياس الكتابي الذي يساعدنا على تقييم الماضي بدقّة ومواجهة المستقبل بقوّة؟

أولا. الحياة المتمحورة حول تحقيق قصد الله

فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا، وَلاَ بِي أَنَا أَسِيرَهُ، بَلِ اشْتَرِكْ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ، الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ

:قصد الله

عبارة “قصد الله” هي الكلمة المفتاحيّة في هذا المقطع. قصد الله يعني مخطط الله العظيم المبارك الذي خطط له الله قبل الأزمنة الأزليّة. وهو المخطّط الذي يمتدّ إلى آباد الدهور. مخطط الله الخلاصي لنا، وحياتنا على الأرض وكل ما نعمله في حياتنا، ووجودنا ككنيسة في العالم وخدمتنا وبشارتنا وكل ما نعمله في الكنيسة، هي جزء من مخطط إلهي عظيم خطط له الله قبل الأزمنة الأزليّة

:غاية خلاصنا

هو خلّصنا ودعانا دعوة مقدّسة، لا بمقتضى أعمالنا، بل بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزليّة”. بالخلاص ضمّنا الرّب إلى قصده الرائع والمبارك. يعني أن نحن اليوم في لبنان نحلم بوطن فيه عدالة وسلام وعمل ونظام وكهرباء 24 ساعة على 24 ساعة. لنحسب أنّه يوجد شخص غني عمل جزيرة مثالية مقابل شاطئ لبنان فيها كل ما نتمناه لنا ولأولادنا. وتخيّل أن هذا الشخص اختار عددا من الناس ليسكنوا في هذا المكان المريح. وتخيّل أن هذا الشخص اختارك أنت. هو خطّط وتكلّف وعمل كل شيء، ولكن من محبته لك اختارك لتتمتع بكل ما عمل. هذه صورة صغيرة لمخطط الله العظيم والرائع

هذا ما يقوله الرّب عن قصده المبارك في رسالة أفسس 1: 9-13

إِذْ عَرَّفَنَا بِسِرِّ مَشِيئَتِهِ، حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ، لِتَدْبِيرِ مِلْءِ الأَزْمِنَةِ، لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، فِي ذَاكَ الَّذِي فِيهِ أَيْضًا نِلْنَا نَصِيبًا، مُعَيَّنِينَ سَابِقًا حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشِيئَتِهِ، لِنَكُونَ لِمَدْحِ مَجْدِهِ، نَحْنُ الَّذِينَ قَدْ سَبَقَ رَجَاؤُنَا فِي الْمَسِيحِ. الَّذِي فِيهِ أَيْضًا أَنْتُمْ، إِذْ سَمِعْتُمْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، إِنْجِيلَ خَلاَصِكُمُ، الَّذِي فِيهِ أَيْضًا إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ” (أف 1: 9-13)

يحاول الوحي أن يوصل هذه الصورة العظيمة لمحبة الله لنا. هو قصد منذ القديم أن يخلق العالم ويخلص الخطاة ويستخدم أولاده في العالم ويجمع الكل في المسيح ويظهر مجد الله في خليقته. وما الحقبة التي نعيش فيها اليوم إلا جزء من هذا المخطط المبارك العظيم الذي اسمه “قصد الله”. يشرح الوحي هذه الحقبة في الآية 13 قائلا: “الَّذِي فِيهِ أَيْضًا أَنْتُمْ، إِذْ سَمِعْتُمْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، إِنْجِيلَ خَلاَصِكُمُ، الَّذِي فِيهِ أَيْضًا إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ

:كيف يستطيع المؤمن أن يدخل في هذا القصد العظيم؟ من خلال

سماع البشارة: إذ سمعتم كلمة الحق انجيل خلاصكم –

الإيمان بالرّب يسوع المسيح: الذي فيه أيضا إذ آمنتم –

ختم الروح القدس: ختمتم بروح الموعد القدوس –

عندما تسمع البشارة بالمسيح وتؤمن بالرّب يسوع المسيح وتختم بالروح القدس أنت كمؤمن دخلت في قصد الله المبارك العظيم. ويشرح بولس أيضا في أف 2: 7 سبب هذا العمل قائلا

لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ، بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. (أف 2: 7)

:المؤمن هو في صلب قصد الله الأزلي – الأبدي

قصد الله يمتدّ منذ الأزل “بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ” (2 تيم 1: 9). ويمتدّ إلى الأبد “لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ، بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.” (أف 2: 7). والمدهش هو أنّ المؤمن بالرّب يسوع المسيح من لحظة تجديده، يصبح في صلب قصد الله الأزلي – الأبدي

:قصد الله هو المخطط الإلهي المثبّت بقوّة الله

فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا، وَلاَ بِي أَنَا أَسِيرَهُ، بَلِ اشْتَرِكْ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ، 9الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، 10وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ

:يذكر الوحي في هذا المقطع

قوّة الله بقصده من خلال نصرته على الموت –

قوّة الله بقصده من خلال سيطرته على الأيام والأزمنة –

قوّة الله بقصده من خلال خلاصه العظيم –

قوّة الله بقصده من خلال عمله بقوّة في حياة المؤمنين –

قصد الله هو مخطط الله الذي سيقبى عندما يزول العالم كلّه ويحترق –

.قوّة الله غير المحدودة هي تسيّر قصده المبارك

لأَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ لَيْسَ بِكَلاَمٍ، بَلْ بِقُوَّةٍ.” (1كو 4: 20)

قصد الله هو المخطط الإلهي العظيم الذي لا تستطيع قوّة في الكون أن تقف في وجهه. قصد الله هو مخطط إلهي مثبّت بقوّة الله. هذا القصد أو المشيئة الإلهيّة هو مخطط إلهي ثابت لا يمكن توقيفه. هو مخطط إلهي لا يمكن أن يفشل. هو مخطط ثابت مؤيّد بقوة الله

:حياتنا اليوميّة هي جزء لا يتجزأ من قصد الله

يكتب بولس الرسول بالوحي لتيموثاوس قائلا: “الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوّة والمحبة والنصح” – يا تيموثاوس “لا تخجل بشهادة ربّنا ولا بي أنا أسيره” – يا تيموثاوس لا تتعب من المشقات بل اشترك في احتمال المشقات بحسب قوّة الله. يا تيموثاوس واجه الأيام القادمة عليك بقوّة. لأنك إنّما دعيت دعوة مقدسة بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزليّة. أريد يا تيموثاوس أن ترى حياتك بمنظار الله. بمنظار مخطط الله لحياتك. بمنظار الله أنت قد دعيت دعوة مقدسة. وهذه الدعوة المقدسة هي ليست دعوة بالصدفة وليست دعوة تجريبيّة ولكنّها دعوة بحسب قصد الله. هي دعوة قصدها الله. هي دعوة بحسب تدبير إلهي عظيم. هي دعوة بحسب مخطط إلهي حكيم. هي دعوة قد قصدها الله لك في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزليّة. الله لديه قصد عظيم في حياة المؤمن

:نستطيع أن نختبر قوّة الله في حياتنا عندما نلتزم بقصد الله

فَلِهذَا السَّبَبِ أُذَكِّرُكَ أَنْ تُضْرِمَ أَيْضًا مَوْهِبَةَ اللهِ الَّتِي فِيكَ بِوَضْعِ يَدَيَّ، 7لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ. 8 فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا، وَلاَ بِي أَنَا أَسِيرَهُ، بَلِ اشْتَرِكْ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ

يستطيع المؤمن أن يختبر قوّة الله عندما يلصق حياته بقصد الله. عندما تخدم الرّب أنت في قصد الله لحياتك، عندما تختبر أن الله لم يعطك روح الفشل بل روح القوّة والمحبة والنصح. عندما تعيش حياة الكرازة والتبشير تختبر قوّة الله وتنتصر على الخجل وتستطيع أن تحتمل المشقات لأجل الإنجيل بحسب قوّة الله. كتب الرسول يوحنا عن هذا القصد قائلا: “وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ.” (1 يو 2: 17)

ليس بقوّتك ولكن بقوّة الله. الله وضع قوّته وحكمته وحضوره في قصده العظيم. عندما تسير في القصد الإلهي ستختبر البركة والنجاح لا محال. تستطيع أن تواجه العام القادم بقوة ونجاح إذا فهمت قصد الله وقررت السير في قصد الله. مفتاح القوّة والنجاح والبركة في عام جديد هو وجودك في قصد الله

وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ” (رو 8: 28)

كيف تعرف إن كنت قد نجحت في حياتك في عام مضى؟الجواب إن كنت قد سرت في قصد الله لحياتك. كيف نعرف إن كنّا قد نجحنا في خدمتنا في الكنيسة في عام مضى؟الجواب إن كنّا قد سرنا في قصد الله لكنيستنا. عام قادم أمامنا هو بريّة مليئة بالمخاطر والمخاوف. كيف نستطيع أن نواجه العام الجديد؟ علينا أن ندرك أنّه في وسط بريّة عام جديد هناك طريق بقصد الله وتدبيره ومشيئته هي طريق مباركة وناجحة قد وضع الله فيها بركاته وقيادة وقوّته وتعزياته ومحبته وحكمته.إذا سرت أنت في هذه الطريق تستطيع أن تواجه عام جديد بثقة وقوّة

ثانيا. قصد الله لحياتنا وكنيستنا محدّد في كلمة الله في الكتاب المقدّس

:قصد الله لحياتنا الفرديّة

:قصد الله للإنسان الخاطئ أن يخلص

قصد الله للإنسان الخاطئ هو أن يختبر الإيمان العديم الرياء الذي اختبره تيموثاوس. الله رسم طريق في قوّة الله وبركاته اسمها طريق التوبة والإيمان بالرّب يسوع المسيح. إن كنت تريد أن تواجه عام جديد بقوّة وثقة، عليك أن تقبل الرّب يسوع المسيح مخلصا شخصيا لحياتك. “الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ…” (1تيم 2: 4)

:قصد الله للمؤمن في أن يعيش بقداسة

لقد دعانا الله دعوة مميزة. يصفها الوحي بالآية 9 “الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ

يسمي الله هذه الدعوة دعوة مقدسة. قصد الله لحياتنا أن نعيش حياة مقدسة. حياة فيها نصرة على الخطيّة. حياة خالية من عبوديّة الخطيّة. حياة مقدسة. يقول الوحي في 1 تس 4: 7 “لأن اللّٰه لم يدعُنا للنجاسة بل في القداسة.” الله دعانا لنوعيّة حياة فريدة خالية من النجاسة والشر ومرتبطة بقداسته وبره وصفاته. لأَنَّ هذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَا، أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أَنْ يَقْتَنِيَ إِنَاءَهُ بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ، لاَ فِي هَوَى شَهْوَةٍ كَالأُمَمِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ. أَنْ لاَ يَتَطَاوَلَ أَحَدٌ وَيَطْمَعَ عَلَى أَخِيهِ فِي هذَا الأَمْرِ، لأَنَّ الرَّبَّ مُنْتَقِمٌ لِهذِهِ كُلِّهَا كَمَا قُلْنَا لَكُمْ قَبْلاً وَشَهِدْنَا.” (1تس 4: 3-6)

لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ للهِ” (1كو 6: 20)

قصد الله ومخطّطه أن يعيش المؤمن حياة تمجد الله. لقد رسم الله هذه الطريق لك لعام جديد وعندما تصمّم أن تعيش بقداسة في عام جديد ستختبر قوّة الله في حياتك وبركاته وسلامه وفرحه

.قصد الله لحياة المؤمن أن يكون بشركة معه

الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” (1يو 1: 3)

:قصد الله لحياة المؤمن أن يكون جزء من الكنيسة

قصد الله لحياتنا الشخصيّة لا ينفصل عن حياتنا الكنسيّة. قصد الله لحياتنا أن نكون في كنيسة المسيح. ليس أن نحضر في كنيسة المسيح، بل أن نكون جزءا من كنيسة المسيح. هذا قصد الله لحياتنا. لاحظ أنّ بولس يتكلّم مع تيموثاوس عن خدمته ورسامته ووضع يديه وحياته الكنسيّة كجزء لا يتجزأ من قصد الله المبارك له

3إِنِّي أَشْكُرُ اللهَ الَّذِي أَعْبُدُهُ مِنْ أَجْدَادِي بِضَمِيرٍ طَاهِرٍ، كَمَا أَذْكُرُكَ بِلاَ انْقِطَاعٍ فِي طَلِبَاتِي لَيْلاً وَنَهَارًا، 4مُشْتَاقًا أَنْ أَرَاكَ، ذَاكِرًا دُمُوعَكَ لِكَيْ أَمْتَلِئَ فَرَحًا، 5إِذْ أَتَذَكَّرُ الإِيمَانَ الْعَدِيمَ الرِّيَاءِ الَّذِي فِيكَ، الَّذِي سَكَنَ أَوَّلاً فِي جَدَّتِكَ لَوْئِيسَ وَأُمِّكَ أَفْنِيكِي، وَلكِنِّي مُوقِنٌ أَنَّهُ فِيكَ أَيْضًا. 6فَلِهذَا السَّبَبِ أُذَكِّرُكَ أَنْ تُضْرِمَ أَيْضًا مَوْهِبَةَ اللهِ الَّتِي فِيكَ بِوَضْعِ يَدَيَّ، 7لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ

أين تعرّف بولس على تيموثاوس؟ في الكنيسة في منطقة دربة في آسيا الصغرى. هناك كانت جدته وأمّه ملتزمتان، وهناك رأى أشخاص يعيشون حياة الإيمان مع بعضهم البعض في الكنيسة. ومن هناك دعا الرّب تيموثاوس للخدمة مع بولس. وفي الكنيسة اكتشف تيموثاوس موهبته ورسم لخدمة الإنجيل. وهناك كان يخدم بتعب وكدّ. هناك في الكنيسة. هذا هو قصد الله لحياته. قصد الله لحياة المؤمن الفرديّة ليست بمعزل عن قصده لحياة الكنيسة

:قصد الله للكنيسة

الكنيسة موجودة في العالم بقصد وتدبير الله. يجب علينا أن نعرف ما هو قصد وتدبير الله لكنيستنا. نحن لدينا شعار في الكنيسة “إن غايتنا وعلّة وجودنا أن نمجد الله ونعكس محبة المسيح للآخرين”. علينا أن نتذكّر غاية وجودنا لئلا نضيّع الهدف. الكنيسة موجودة لغاية محددة ويجب أن نفعل كل شيء بحسب هذه الغاية

:لنفتكر للحظات بقصد الله لكنيستنا، الكنيسة موجودة

لعبادة الله (الاجتماعات – الترنيم – العطاء – الصلاة) –

لبنيان المؤمنين (الخدمة – التشجيع – الدعم -التعليم) –

لتبشير العالم (الكرازة – الإرساليات) –

للشركة بين المؤمنين (تأمين أجواء روحيّة للمؤمنين وحياة مع مجتمع القديسين) –

لقد رتّب لك الرّب بقصده في عام جديد حياة تعيشها مع كنيسة المسيح، بحيث تجاهد مع إخوتك لأجل الإيمان المسلم مرّة للقديسين وتنمو وتخدم في الكنيسة. هذا هو قصد الله لحياتك. هذا القصد ليس بمعزل عن قصده الخاص لك ولكنّه ممتزج معه. الله يعلم أنّك تحتاج إلى حياة كنسيّة لكي تنمو روحيّا وتعيش بقداسة عمليّة. لذلك فإن قصد الله لحياتك في عام جديد هو أن تكون مؤمنا فاعلا في كنيسة المسيح. لقد رتّب الله لك في عام جديد طريق فيها بركة ونجاح وقوّة متوفرة لك في التزامك الكنسي.  ولذا إن كنت تريد أن تختبر قوّة الله في حياتك في عام جديد عليك أن تكون في قصده وتدبيره ومشيئته. ربما يقول لي أحد “أنا أتعب كثيرا ولا أقدر أن التزم باجتماعات الكنيسة …” جوابي لك “اعتبر الاجتماع مشقّة … واحتمل المشقات

هل تعلم من أين كتب بولس هذه الرسالة؟ من السجن. لم تُسجن أنت بعد من أجل اسم يسوع … اعتبر اجتماع الكنيسة سجن … هذا هو قصد الله لك. وجودك مع شعب الرّب – خدمتك للرّب في الكنيسة – حياة الشركة مع المؤمنين والخدمة هي أمور جوهريّة

هل تريد أن يحوّل الرّب كل شيء للخير في حياتك في عام جديد؟ الجواب موجود في رومية 8: 28، “وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ

هل تعيش لتحقق قصد الله لحياتك؟ إن كنت تعيش لتحقق قصد الله لحياتك، فلك الوعد أن كل الأشياء ستعمل معا للخير في عام جديد. إن كنت تعيش لتحقق قصد الله لحياتك، ستختبر قوّة الله في عام جديد

في الختام، مفهوم “قصد الله” هو حقيقة جوهريّة أساسيّة.نستطيع أن نواجه عام جديد بقوّة وثقة ونجاح ونصرة وفرح وسلام وطمأنينة، إذا نجحنا بأن نضع أنظارنا واهتماماتنا على قصد الله المبارك.الخطر الكبير هو عندما يضيّع المؤمن الهدف من حياته، غاية حياتك هي أن تعيش بقداسة وتكون مؤمن بناء في كنيسة المسيح. عندما تضيّع الهدف تعجز عن تحقيق قصد الله لحياتك.يقول الرّب لك في العام الجديد

أُذَكِّرُكَ أَنْ تُضْرِمَ أَيْضًا مَوْهِبَةَ اللهِ الَّتِي فِيكَ بِوَضْعِ يَدَيَّ، لأني لم أعطك رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ. فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا، وَلاَ بخدامه بَلِ اشْتَرِكْ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ، وتذكّر بأنني خلصتك ودعوتك دعوة مقدسة لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَك فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ

نعم نستطيع أن نواجه العام الجديد بقوّة وثقة، عندما نصمم أن نحقق قصد الله في كل لحظة من حياتنا