المؤمن المتجدد هو شخص انتقل من الموت إلى الحياة … فمع المسيح يوجد حياة جديدة. إنّ المؤمن بالمسيح قد انتقل من الظلمة إلى النور …ومن الاضطراب والقلق إلى الفرح والسلام …كما أنّ الإنسان المؤمن يصبح خليقة جديدة … عندما يختبر المؤمن غفران الخطايا وتأكيد الخلاص … يشعر أنّ العالم كلّه لا يساعه … المؤمن المتجدد، بفرحه، بيشبه شحاذًا فقيرًا كاد يموت من الجوع … وفجأة يتصل به المحامي ويزفّ له خبرًا قائلاً: لقد ورثت ملايين الدولارات … ويذهب هذا ويوقّع على الأوراق … وبين لحظة وأخرى يتغيّر وضعه من فقير معدوم لغني ميسور … المشكلة الكبيرة، عندما يرث هذا الرجل هذه الثروة كلها … وبعدها يعيش مثل الشحاذ!!! ما الذي يجعل رجلاً غنيًّا يعيش ببؤس الفقر والشقاء والعناء؟
ما هو الأمر الذي يجعل المؤمن، بعدما ورث مجد السماء بنعمة المسيح المباركة، يرجع ويعيش عيشة العالم؟
علينا معرفة الأسباب التي قد تؤدي بالمؤمن إلى الجسديّة الروحيّة؟
قصة إبراهيم ولوط في الكتاب المقدّس من أهم القصص في تاريخ الخلاص. إبراهيم هو أوّل من دعاه الرّب وأعطاه الوعد بأنّ من نسله سيولد مخلّص العالم الرّب يسوع المسيح. قال له الرّب: “بِنَسْلِكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ” (أع 3: 25). ولكن الوعد كان مقترنًا بشرط. قال الرّب: “وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ.” (تك 12: 1)
كان إبراهيم رجل الإيمان والطاعة بحيث كتب عنه الوحي قائلا: “بِالإِيمَانِ إِبْرَاهِيمُ لَمَّا دُعِيَ أَطَاعَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ عَتِيداً أَنْ يَأْخُذَهُ مِيرَاثاً، فَخَرَجَ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَأْتِي” (عب 11: 8)
دخل إبراهيم التاريخ الكتابي من الباب العريض. ومع إبراهيم خرج ابن أخيه لوط
وهذا الأخير أيضًا، قد خرج بالإيمان، وترك أرضه وعشيرته وبيت أبيه، كما أنّه أيضًا اختبر بركات الله ومعاملاته، وكذلك كان عبد الرّب في أرض كنعان. وهو أيضًا أطاع وضحّى ليكون مع إبراهيم في مشيئة الرّب. ولكن الفرق بين إبراهيم ولوط هو أنّ لوط بعد حين ترك أرض الموعد، ونزل إلى سدوم وعمورة
سجل الكتاب المقدّس حياة لوط، لتحذيرنا من الجسديّة الروحيّة. لقد كان لوط مؤمنًا كما دُوِّن في الكتاب: “وَأَنْقَذَ لُوطًا الْبَارَّ، مَغْلُوبًا مِنْ سِيرَةِ الأَرْدِيَاءِ فِي الدَّعَارَةِ. إِذْ كَانَ الْبَارُّ، بِالنَّظَرِ وَالسَّمْعِ وَهُوَ سَاكِنٌ بَيْنَهُمْ، يُعَذِّبُ يَوْمًا فَيَوْمًا نَفْسَهُ الْبَارَّةَ بِالأَفْعَالِ الأَثِيمَةِ.” (2بط 2: 7و8)
وكما أصبح إبراهيم نموذجًا للمؤمن الروحي، هكذا أصبح لوط نموذجًا للمؤمن الجسدي الذي يكاد لا يميَّز عن أهل سدوم الأشرار. تعكس حياة إبراهيم ولوط نوعين من المؤمنين كتب عنهم الرسول بولس قائلا: “وَأَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَرُوحِيِّينَ بَلْ كَجَسَدِيِّينَ كَأَطْفَالٍ فِي الْمَسِيحِ” (1كو3: 1)
وهنا يُطرَح السؤال الآتي: ما هي الأسباب التي تؤدي بالمؤمن إلى الجسديّة الروحيّة؟ وما هي الأمور التي يجب أن يتحّذر منها؟ وما هي المؤشرات التي يجب عليّ أن أتنبّه منها؟ وما هي العوارض التي تُظهر دخول الجسديّة إلى حياة المؤمن؟
ولكي نعرف جواب الرّب على هذا السؤال عليتا قراءة الحادثة في سفر التكوين 13: 1-18
فَصَعِدَ أَبْرَامُ مِنْ مِصْرَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَكُلُّ مَا كَانَ لَهُ، وَلُوطٌ مَعَهُ إِلَى الْجَنُوبِ. 2وَكَانَ أَبْرَامُ غَنِيًّا جِدًّا فِي الْمَوَاشِي وَالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ. 3وَسَارَ فِي رِحْلاَتِهِ مِنَ الْجَنُوبِ إِلَى بَيْتِ إِيلَ، إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَتْ خَيْمَتُهُ فِيهِ فِي الْبَدَاءَةِ، بَيْنَ بَيْتِ إِيلَ وَعَايَ، 4إِلَى مَكَانِ الْمَذْبَحِ الَّذِي عَمِلَهُ هُنَاكَ أَوَّلاً. وَدَعَا هُنَاكَ أَبْرَامُ بِاسْمِ الرَّبِّ
وَلُوطٌ السَّائِرُ مَعَ أَبْرَامَ، كَانَ لَهُ أَيْضًا غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَخِيَامٌ. 6وَلَمْ تَحْتَمِلْهُمَا الأَرْضُ أَنْ يَسْكُنَا مَعًا، إِذْ كَانَتْ أَمْلاَكُهُمَا كَثِيرَةً، فَلَمْ يَقْدِرَا أَنْ يَسْكُنَا مَعًا. 7فَحَدَثَتْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنَ رُعَاةِ مَوَاشِي أَبْرَامَ وَرُعَاةِ مَوَاشِي لُوطٍ. وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ وَالْفَرِزِّيُّونَ حِينَئِذٍ سَاكِنِينَ فِي الأَرْضِ. 8فَقَالَ أَبْرَامُ لِلُوطٍ: «لاَ تَكُنْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَبَيْنَ رُعَاتِي وَرُعَاتِكَ، لأَنَّنَا نَحْنُ أَخَوَانِ. 9أَلَيْسَتْ كُلُّ الأَرْضِ أَمَامَكَ؟ اعْتَزِلْ عَنِّي. إِنْ ذَهَبْتَ شِمَالاً فَأَنَا يَمِينًا، وَإِنْ يَمِينًا فَأَنَا شِمَالاً.10 فَرَفَعَ لُوطٌ عَيْنَيْهِ وَرَأَى كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ أَنَّ جَمِيعَهَا سَقْيٌ، قَبْلَمَا أَخْرَبَ الرَّبُّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ، كَجَنَّةِ الرَّبِّ، كَأَرْضِ مِصْرَ. حِينَمَا تَجِيءُ إِلَى صُوغَرَ. 11فَاخْتَارَ لُوطٌ لِنَفْسِهِ كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ، وَارْتَحَلَ لُوطٌ شَرْقًا. فَاعْتَزَلَ الْوَاحِدُ عَنِ الآخَرِ. 12أَبْرَامُ سَكَنَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ، وَلُوطٌ سَكَنَ فِي مُدُنِ الدَّائِرَةِ، وَنَقَلَ خِيَامَهُ إِلَى سَدُومَ. 13وَكَانَ أَهْلُ سَدُومَ أَشْرَارًا وَخُطَاةً لَدَى الرَّبِّ جِدًّا
وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ، بَعْدَ اعْتِزَالِ لُوطٍ عَنْهُ: «ارْفَعْ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ شِمَالاً وَجَنُوبًا وَشَرْقًا وَغَرْبًا، 15لأَنَّ جَمِيعَ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ تَرَى لَكَ أُعْطِيهَا وَلِنَسْلِكَ إِلَى الأَبَدِ. 16وَأَجْعَلُ نَسْلَكَ كَتُرَابِ الأَرْضِ، حَتَّى إِذَا اسْتَطَاعَ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّ تُرَابَ الأَرْضِ فَنَسْلُكَ أَيْضًا يُعَدُّ. 17قُمِ امْشِ فِي الأَرْضِ طُولَهَا وَعَرْضَهَا، لأَنِّي لَكَ أُعْطِيهَا». 18فَنَقَلَ أَبْرَامُ خِيَامَهُ وَأَتَى وَأَقَامَ عِنْدَ بَلُّوطَاتِ مَمْرَا الَّتِي فِي حَبْرُونَ، وَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ
إن ما يتوقعه الرب من المؤمن هو حياة روحيّة عالية ولكن هل هذا ما نراه دائما؟ تشهد حياة لوط عن مأساة روحيّة يجتاز فيها الكثير من المؤمنين. فبعد أن خرج لوط من أور الكلدانيين إلى أرض الموعد ، ها هو ينحرف عن طريقه لينتهي في مدينة الشر والفساد. فما هي الأسباب التي أدّت إلى إنحدار لوط إلى سدوم؟
أولاً. فقدان الرؤية الروحيّة
إن أحد أهم أسباب التراجع الروحي والفتور والحياة الجسديّة هي فقدان الرؤية الروحيّة عند المؤمن. لقد دعى الله إبراهيم ولوط لهدف محدد ومعيّن، أن يرثوا أرض الموعد ويكرزوا باسم الرب. وهذا ما فعلوه لدى وصولهم إلى الأرض، “فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ. ثُمَّ نَقَلَ مِنْ هُنَاكَ … فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ وَدَعَا بِاسْمِ الرَّبِّ” (تك 12: 7و8). لقد تميّز إبراهيم برؤية روحيّة واضحة لما يريده الرب من حياته وأما لوط فقدْ فَقَدَ الرؤية الروحيّة وإنشغل بمقتنياته الأرضيّة، “فَحَدَثَتْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنَ رُعَاةِ مَوَاشِي أَبْرَامَ وَرُعَاةِ مَوَاشِي لُوطٍ”. ومن أين كل هذه المقتنيات أليست من بركة الرب لهم ؟!!! ولماذا أعطى الرب هذه المقتنيات لإبراهيم ولوط، أليس لكي يتفرغوا للإهتمام بخدمة الرب وعبادته والمناداة باسمه المبارك ؟!!! وها هو لوط يهتم بالعطيّة وينسى المعطي ليهتم بالغنم والبقر والغنى والجاه والمركز مضيّعًا بذلك الرؤية الروحيّة
في إحدى المرّات دعا مؤمن مبشر شخصًا إلى الكنيسة، وكان هذا الأخير تفوح منه رائحة ليست بجيّدة، وبعد الاجتماع أتى إليه مؤمن آخر وسأله “ألم تشمّ رائحته قبلما أن تأتي به إلى الكنيسة؟ …”فأجابه: كلا، بل رأيت قلبه وحاجته للمسيح وهذا ما جعلني أحبّ رائحته
مؤمن غالبًا ما يبقى في البيت ولا يحضر إلى اجتماعات الكنيسة… سأله أحد الأشخاص عن غيابه الدائم؟ … فكان جوابه أن أشياء كثيرة خطأ تحصل في الكنيسة … فطلب منه إخباره ما حصل معه. فأخبره أنهم لم يسمحوا لابنته، ولها من العمر ثلاث سنوات، بالترنيم يوم الأحد على المنبر … فما هذه الكنيسة
كان يسوع مسافرًا مع تلاميذه من اليهوديّة إلى الجليل عندما توقف في السامرة. ذهب تلاميذه ليبتاعوا طعامًا لكي يأكلوا، وأما هو فمكث عند البئر ليقابل امرأةً خاطئةً من أهل تلك المدينة. وقال لها يسوع “كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضاً. وَلَكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ” (يو 4: 13). فمضت هذه المرأة من هناك مرتوية من نبع محبة ربنا يسوع لتدعو كل المدينة لكي تأتي إلى يسوع. في هذا الوقت جاء التلاميذ إلى يسوع قائلين: “«يَا مُعَلِّمُ كُلْ» فَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا لِي طَعَامٌ لِآكُلَ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ أَنْتُمْ». فَقَالَ التّلاَمِيذُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «أَلَعَلَّ أَحَداً أَتَاهُ بِشَيْءٍ لِيَأْكُلَ؟» قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ. أَمَا تَقُولُونَ إِنَّهُ يَكُونُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَأْتِي الْحَصَادُ؟ هَا أَنَا أَقُولُ لَكُمُ: ارْفَعُوا أَعْيُنَكُمْ وَانْظُرُوا الْحُقُولَ إِنَّهَا قَدِ ابْيَضَّتْ لِلْحَصَادِ” (يو 4: 31-35)
إن ما يتوقعه الرب من المؤمن هو حياة روحيّة عالية، وهذا يتطلب رؤية روحيّة عند الفرد والكنيسة. لقد أراد الرب من تلاميذه أن يكونوا أصحاب رؤية روحيّة تلتزم بدعوة الرب ولا تتلهى بالثّانويّات. “وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ” (1بط 2: 9). عندما تضيع الرؤية الروحيّة في حياة الفرد أو الكنيسة فالنتيجة الحتمية ستكون الإنحدار نحو الجسديّة في الحياة الروحيّة كما حصل مع لوط
ثانيًا. محبة الأمور العالميّة
حاول إبراهيم أن يحافظ على علاقة أخويّة صادقة مع لوط، فطلب منه أن يختار الأرض التي يريدها لكي يسكن فيها ويستقلّ عنه. ورغم أن أرض الموعد كانت كبيرة لكنّ عيني لوط نظرت بعيدًا جدًا، “فَرَفَعَ لُوطٌ عَيْنَيْهِ وَرَأَى كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ أَنَّ جَمِيعَهَا سَقْيٌ قَبْلَمَا أَخْرَبَ الرَّبُّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ كَجَنَّةِ الرَّبِّ كَأَرْضِ مِصْرَ. حِينَمَا تَجِيءُ إِلَى صُوغَرَ. فَاخْتَارَ لُوطٌ لِنَفْسِهِ كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ وَارْتَحَلَ لُوطٌ شَرْقاً. فَاعْتَزَلَ الْوَاحِدُ عَنِ الْآخَرِ”. أين نظر لوط؟ إلى العالم الغرار من حوله عوض أن ينظر إلى المكان الذي إختاره الرب. نظر حيث تتوفر له الحياة بالعيان بعيدًا عن الإيمان. حيث تتوفر له وسائل الراحة الوقتية وحيث الغنى والشبع الأرضي وحيث يمكنه ان يزدهر ماديًّا ويحصّل على مراكز اجتماعيّة. حيث سيستطيع أن يتخلى عن خيام الغربة لكي يسكن في بيت ثابت ويستقر في اهتماماته الأرضيّة الزائلة
هل تحب التدخين … هل هناك احتمال بالعودة له؟ –
هل تعتبره أمرًا جميلاً أن يصاحب الرجل امرأة غير زوجته؟ –
هل تلبس لباس الحشمة وترغب في فكرك بلباس غير محتشم؟ –
هل تحب الغنى … وترى فيه مجدًا أرضيًا رائعاً؟ –
هل تحب الفخامة وتمسيح الجوخ والتباهي؟ –
هل تحب السهر؟ … الشرب؟ … والقنينة لا زالت في الخزانة حتى لو لم تستخدمها؟ …ولكنك لا زلت تحنّ إليها؟ –
هل تحب الكبرياء والتآمر على الناس؟ –
هل تظن أنّ الصوت العالي رجولة؟ وصاحب المشاكل قوي؟ –
إن كنت شخصًا من الذين عُدّدِوا أو ما شابه، فإذن يوجد احتمال كبير أن تنقل خيامك …كلوط
كل الخطايا تبدأ بشهوة العين وتنتقل إلى القلب لتسرق محبته لها. نظرت حواء “فَرَأَتِ … أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ”. إن ما يريد العالم أن يصنعه في حياتك هو أن يسرق محبتك القلبيّة له ولذلك أوصانا الرب قائلا: “لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ. لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ” (1يو 2: 15و16). لقد إختار لوط العالم على مشيئة الرب في حياته، فوقع في فخ الجسديّة الروحيّة
كتب رجل الله سبرجن هذه الكلمات: “إن كان لي أخ قد قتل على يد مجرم ما، فماذا تظنون إن كنتم ترونني مع ذلك المجرم الذي غرس السكين في قلب أخي، ألعب وألهو وآكل وأشرب معه؟ سأكون أنا أيضًا شريكًا في الجرم. وكذلك الخطيّة تسببت بموت المسيح، فهل يمكن ان تكون أنت محبًّا لها؟ لقد صلب العالم ربنا يسوع المسيح فهل يمكننا أن نحب العالم وخطاياه وشروره؟
كتب الرسول يعقوب قائلاً: “أَيُّهَا الّزُنَاةُ وَالّزَوَانِي، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ لِلَّهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبّاً لِلْعَالَمِ فَقَدْ صَارَ عَدُّواً لِلَّهِ”. هناك عداوة مطلقة بين العالم وبين المسيح وعندما تختار المسيح عليك أن تقف ضد الخطيّة وهذا يتطلب منك موقفًا ضد العالم الشرير الذي يهدف أن يلهيك ويبعدك عن الرب. إن ما يتوقعه الرب من المؤمن هو حياة روحيّة عالية. لذا كتب الرسول بولس: فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضاً نَنْتَظِرُ مُخَلِّصاً هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ”(في 20:3)
ثالثًا. إختيار مواقف رماديّة
بين اللون الأبيض واللون الأسود هناك لون وسطي هو الرمادي. إن المواقف الرماديّة هي تلك الوسطيّة التي يحاول فيها المؤمن أن يوفّق ما بين العالم والرب. ما نلاحظه في قراءتنا للمقطع أن لوط لم يختر أرض سدوم في البداية ولكنّه سكن في مدن الدائرة،”أَبْرَامُ سَكَنَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَلُوطٌ سَكَنَ فِي مُدُنِ الدَّائِرَةِ وَنَقَلَ خِيَامَهُ إِلَى سَدُومَ”. كان هناك فترة زمنيّة غير محددة ما بين سكن لوط وانتقاله إلى أرض سدوم. كانت مدن الدائرة هي المنطقة الوسطيّة بين مذبح الرب في بيت إيل أرض القداسة والبر وبين سدوم وعمورة أرض النجاسة والخطيّة والفجور. كان يعلم لوط في قرارة نفسه أنّ الرب هو إلهه وأن مكانه يجب أن يكون بقرب مذبحه، ولكنّ ميوله العالميّة جعلته يقترب نحو سدوم. إن أحد أهم أسباب الفتور الروحي والجسديّة هي محاولة إرضاء العالم وإرضاء الله في الوقت نفسه. إن هذه العمليّة مستحيلة لسبب بسيط أن الرب لا يرضى إلا بالكل. “تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ” (لو 10: 27). إن أي محاولة للمزج بين الإهتمامات العالمية والروحية مصيرها الجسديّة ودمار الحياة الروحيّة
:هذه بعض الأمثلة للجسدية
نحن لا كذب … ولكن من الضروري في أوقات عصيبة أن نكذّب –
نحن نؤمن بالحشمة، ولكن… ليس مثل بعض الناس –
نحن نحب الالتزام، ولكن ليس كثيرًا … فبالنعمة نحن نعيش –
هناك وسيلة إعدام بشعة إستخدمت خلال الحرب اللبنانيّة. تتلخص هذه الوسيلة بربط الشخص حيًّا، برجليه بحبلين مختلفين وربطه بسيارتين. وبعد ان تربط الحبال جيدا في الرجلين والسيارتين تنطلق السيارتين باتجاهين مختلفين مما يؤدي إلى فسخ الضحيّة. إنها وسيلة اعدام بشعة يقشعر لها البدن. إن محاولة إرضاء العالم والرب معًا ليست أقلّ من هذه الوسيلة التي تقضي على الحياة الروحيّة وتنتهي بها في العالم
وهذا ما دعا رجل الله إيليا أن يقول للشعب: “حتى متى تعرجون بين الفرقتين.ان كان الرب هو الله
فاتبعوه وان كان البعل فاتبعوه” (1مل 18: 21)
المطلوب من المؤمن أن يتخذ مواقف جذرية في حياته. مواقف تقطع كل ارتباط بالشرّ والخطيّة والفساد
القطع من الجذور مع العدو ولا يُترك مجال للشرّ
إن دخلت الحية إلى البيت، … لا تزربها بغرفة … والخطيّة في حياتك إذا راعيتها سوف تفلت بيوم من الأيام وتدمرك
قنينة السم لا تدخلها إلى بيتك … لا تكتب عليها عسل من الخارج لحلّ المشكلة … السم اسمه سمّ … والسم مكانه خارج البيت الصحي … يتشكى البعض من التدقيق العقائدي والمسلكي في كنائسنا ويعتبروننا إنعزاليين ومتزمتين. أريد أن أسأل مَن هم هؤلاء الذين يبدون هذه الآراء؟ أين هم في التبشير وأين هم في الخدمة وأين هم في الصلاة وأين هم في الإنجازات الروحيّة؟ أنا أعرف أين هم؟ يعيشون في الجسد محاولين التوفيق بين العالم وبين الرب. تذكروا كلمات الرب يسوع المسيح: “لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ اللهِ” (لو 9: 62). إن ما يتوقعه الرب من المؤمن هو حياة روحيّة عالية،وهذا يتطلب إلتزام كامل بمذبح الرب بحياة منفصلة عن العالم تطلب ملكوت الله وبره أولاً
رابعًا. إتخاذ قرارات عشوائيّة
إن نجاح أو فشل الإنسان في الحياة العمليّة أو العائليّة أو الروحيّة مرتبطة بقراراته التي يتخذها. وها هو لوط يقرر أن ينقل خيامه إلى سدوم، “وَنَقَلَ خِيَامَهُ إِلَى سَدُومَ. وَكَانَ أَهْلُ سَدُومَ أَشْرَاراً وَخُطَاةً لَدَى الرَّبِّ جِدّاً”. إلى أين أنت ذاهب يا لوط، بعد أن أمرك الرب أن تخرج من أرضك وعشيرتك حيث لا يوجد مخافة الرب؟ أيعقل أن يعود المؤمن إلى حالة قبل التجديد ويعيش حياة العالم؟ لقد إتخذ لوط قراره بعشوائيّة تامة دون تفكير أو بحث أو صلاة. ولا عجب في ذلك إذ أن المؤمن الذي يصل إلى حالة التهاون والمساومة والرماديّة ليس بعيدا عن هذه الحالة. إبليس يجول كأسد زائر يريد أن يبتلع المؤمن، وكيف يبتلعه؟ من خلال خطف تصميم أو قرار عشوائي في حياته. قرر قايين أن يقتل أخيه هابيل! قرر شمشون أن يتزوج بدليلا! قرر يهوذا أن يسلم يسوع إلى الصلب! قرر ديماس أن يترك بولس إذ أحب العالم الحاضر! الحياة لا تحتمل قرارات عشوائيّة بل تحتاج إلى المشورة والحكمة والصلاة. أما لوط فلم يختر مشورة الرب ولا مشورة إبراهيم بل إتخذ قرارًا عشوائيًّا ليتجه إلى أرض سدوم. إلى أين ذهب لوط؟ إلى أرض الدينونة واللعنة “وَإِذْ رَمَّدَ مَدِينَتَيْ سَدُومَ وَعَمُورَةَ حَكَمَ عَلَيْهِمَا بِالاِنْقِلاَبِ، وَاضِعاً عِبْرَةً لِلْعَتِيدِينَ أَنْ يَفْجُرُوا”، إلى أرض الخطيّة والفجور “وَأَنْقَذَ لُوطاً الْبَارَّ مَغْلُوباً مِنْ سِيرَةِ الأَرْدِيَاءِ فِي الدَّعَارَةِ. إِذْ كَانَ الْبَارُّ بِالنَّظَرِ وَالسَّمْعِ وَهُوَ سَاكِنٌ بَيْنَهُمْ يُعَذِّبُ يَوْماً فَيَوْماً نَفْسَهُ الْبَارَّةَ بِالأَفْعَالِ الأَثِيمَةِ.” لو علم لوط مساوئ قراره لما اتخذه كما هي الحال مع الكثير من المؤمنين الذين يعيشون في الجسد
أعرف شخصًا وضع ماله في مصرف معروف بفوائده العالية لكي يجني أكبر قدر من الأرباح على ماله. كان هذا جيدا في السنة الأولى ولكن في السنة الثانية أفلس المصرف وخسر كل ما كان له. ما نسي أن يفعله صديقي هو أن يسأل ويتخذ مشورة أصحاب الاختصاص. وهذا ما حصل مع لوط وهذا ما يحصل مع كل مؤمن يعيش في الجسد. نزل لوط إلى سدوم وعاش في الخيام وثم انتقل ليعيش في بيت وثم حصل على مركز اجتماعي جيد في تلك المدينة، ولكن في الليلة التي انسكبت دينونة الله على سدوم وعمورة كان لوط وحيدًا مع ابنتيه في مدينة صوغر، إذ خسر بناته الأخريات وزوجته وكل ما له
إن ما يتوقعه الرب من المؤمن هو حياة روحيّة عالية، وهذا لا يأتي إلا من خلال قرارات روحيّة بقيادة الروح القدس. ليتنا نستعين بحكمة سليمان الذي قال: “تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ. فِي كُلِّ طُرُقِكَ اعْرِفْهُ وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ” (أم 3: 5-6)
أخيرًا، إن ما كتب عن لوط كتب لتعليمنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور. إننا نعيش في حضارة سدوم وعمورة إذ أن أيامنا مجبولة بالخطية والفجور. نعيش في زمن يضعف فيه نور الحق والإيمان والرجاء ويكثر فيه الضلال والجسديّة الروحيّة. إنّ الجسدية الروحية تغزو المؤمنين والكنائس وخطر الحياة الجسديّة يدق أبوابنا وهناك حاجة لنا أن نبقي شعلة الإيمان مضاءة في حياتنا. ولكي تبقى هذه الشعلة مضاءة في حياتك عليك أن تتحذر من
فقدان الرؤية الروحيّة –
محبة الأمور العالميّة –
إختيار مواقف رماديّة –
إتخاذ قرارات عشوائيّة –
أيها المؤمن بالمسيح أنت خليقة جديدة، لا تفقد متعة ولذّة هذا الامتياز المجيد