لدى المؤمن بالمسيح امتيازات روحيّة خاصة، إحداها أن يعيش بالنعمة. نسمع كثيرًا عن الخلاص بالنعمة ولكن لا نتأمل كثيرًا بكيفية العيش بالنعمة. أما الرّب فيريدك كمؤمن أن تعيش بالنعمة. يقول الوحي في رومية 5: 2، “الَّذِي بِهِ أَيْضًا قَدْ صَارَ لَنَا الدُّخُولُ بِالإِيمَانِ، إِلَى هذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ، وَنَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِ.” (رو 5: 2)
كيف يمكن للمؤمن أن يعيش بالنعمة في كل يوم من حياته؟
حدث ولادة الرّب يسوع المسيح يفتح البصيرة الروحيّة على عمل النعمة الإلهيّة. العهد الجديد هو صفحة جديدة عن تعاملات الله مع الإنسان. مكتوب: “لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا.” (يو 1: 17). فكيف يمكن للمؤمن أن يعيش بالنعمة الإلهيّة في كل يوم من حياته؟
.إنّ دراستنا لتعاملات الرّب مع مريم العذراء في حدث الميلاد يعطينا إجابات واضحة على هذه المسألة
فمريم اختبرت انسكاب النعمة على حياتها و انعكس ذلك على سلوكها بالنعمة أيضا. فهي المنعم عليها … وهي التي قد وجدت نعمة عند الله. فدعونا نقرأ من كلمة الرّب ما جاء في لوقا 1: 26-38
“26وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، 27إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. 28فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ:«سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». 29فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ:«مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ!» 30فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ:«لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. 31وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، 33وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».34 فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ:«كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» 35فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. 36وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، 37لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ». 38فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ
فلنلاحظ تحيّة الملاك لمريم في العدد 28، “28فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ:«سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ».”وأيضا العدد، “30فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ:«لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ
أولا. ما هي النعمة الإلهيّة؟
النعمة الإلهيّة هي تدخل الله في حياة الإنسان بطريقة معجزيّة، وهو تدخل لا يستحقّه الإنسان، ولا يمكن أن يكتسبه بذاته. النعمة الإلهيّة بالنسبة إلى مريم هي أن الله يريد أن يستخدمها في مخطّطه الإلهي العظيم لكي يولد منها المسيح ويتجسّد الله في العالم. هذا أمر لا يمكن أن تكتسبه مريم ولا يمكنها أن تحقّقه بذاتها. وهو أمر لا تستحقّه أيضًا. هذا هو مفهوم النعمة: هبّة مجانيّة لا تكتسب ولا تستحقّ. عندما نتحدث عن نعمة الخلاص، نفهم أن الإنسان لا يستطيع أن يكتسب الخلاص بذاته وهو لا يستحقّ الخلاص. نحن عاجزون عن تخليص أنفسنا و لا يمكننا أن نغيّر واقع خطايانا. لذلك قدّم الرّب لنا الخلاص بالنعمة المجانيّة كما هو مكتوب: “اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ، بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ.” (اف 2: 4-8)
لكن نعمة الله لا تتوقّف عند الخلاص ولكنّها تعمل في حياتنا، كما يتابع الوحي: “لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا.” (اف 2: 10)
عمل النعمة الإلهيّة يبدأ بالتجديد ويستمر في حياة المؤمن. أعطى الرّب نعمة لشاول الطرسوسي ليس فقط لكي يخلص ولكن لكي يختبر عمل الروح القدس في حياته من خلال أمرين
:الأول، عمل الله الروحي في حياته
قوّة روحيّة غير اعتياديّة ونصرة على الخطيّة وفرح وسلام في قلبه. في عب 4: 16 يتحدث عن نعمة الشركة مع الرّب، “فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِه
:ثانيا، من خلال عمل الله الروحي من حياته
وأيضا أن يستخدمه الرّب في الخدمة الكنسيّة والكرازة في العالم. العديد من المؤمنين يختبرون النعمة المخلّصة ولكنّهم يفشلون في إختبار عمل نعمة الله بعمل الله الروحي في حياتهم. ويفشلون في إختبار عمل نعمة الله بعمل الله الروحي من حياتهم. في أفسس 4: 7 يتحدث عن نعمة الخدمة: “وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ.” الله يريد أن يخلّصك بالنعمة ويريدك أن تعيش حياة غير اعتياديّة بالنعمة الإلهيّة، وهو يريد أن يعمل في حياتك من خلال الشركة القوّية معه، ولكي تكون سفيرًا للمسيح في الكنيسة وفي العالم
ثانيا. لماذا يفشل المؤمن في اختبار عمل نعمة الله اليومي في حياته؟
:هناك عدّة أسباب نلخصها بالتالي
عدم الاستسلام: نلاحظ في اختبار مريم استسلام تام لمشيئة الرّب. لكن الاستسلام لا يقتضي عدم التساؤل. فمريم سألت الملاك قائلة: “كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» والرّب أعطاها جوابا: “اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.” لا نعرف إن كانت مريم قد فهمت الجواب ولكنّها استسلمت و قبلت مشيئة الرب بسرور
الخوف: لقد تسرب الخوف إلى قلب مريم في بداية الأمر. “29فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ:«مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ!» 30فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ:«لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ.”فغالبا ما تسبب مشيئة الله اضطراب وتشويش في حياتنا في بداية الأمر.حياة القداسة! الالتزام! الخدمة! المسامحة! الخضوع! العطاء المادي!عدا عن ذلك، كان يمكن لمريم أن تخاف من المجتمع أو كيف سيعاملها يوسف وكيف سينعكس هذا الوضع على علاقتهما وكل المجهول الذي ستواجهه!!!أمور كثيرة تدخل الخوف إلى قلوبنا.إنما مريم لم تسمح للخوف بأن يسيطر على حياتها. علينا أن نتخطى الخوف
التهرّب: مريم لم تتهرّب. من هو بطل التهرّب في الكتاب المقدّس؟ رجل اسمه موسى. أعطى موسى خمسة أعذارٍ للرّب
-1- أنا عاجز -2- لا اعلم ماذا أقول -3-لست أملك قوّة -4- لا أعرف أن أتكلم -5- أرسل شخص آخر. بطل آخر من أبطال الهروب في الكتاب المقدّس هو يونان. المؤمن غالبا ما يعجز أن يختبر الحياة بالنعمة بسبب التهرّب. ومن ماذا نهرب؟ نهرب من ما هو لخيرنا وللبركة في حياتنا. المؤمن معرّض أن يهرب من خلال حجج يقدمها. إليكم بعض الحجج التي يستخدمها المؤمنين في أيامنا
لست مرتاحًا للفكرة: وكأن وصيّة الرّب هي فكرة للمناقشة. تخيلوا لو قالت مريم للرّب، أنا أحبك وأشكرك على لطفك، ولكن لست مرتاحة على للفكرة. بنظر الرّب هذا عصيان. عندما نبدّي فكرنا على فكر الرّب، بحسب القاموس الكتابي، هذا عصيان على الرّب، والعصيان خطيّة. المشكلة الكبيرة هي عندما تسمح لراحتك بأن تحدد طاعتك
ظروفي لا تسمح: هذه حجة قد تبدو مفيدة لمريم. قد لا تكون حجة جيدة لك ولي ولكن لمريم كانت يمكن أن تشكل حجّة مقنعة. فهي مخطوبة ولديها ارتباط مبدئي برجل للزواج، ووضعها في المجتمع اليهودي صعب، وعمرها صغير. كان يمكن أن تقول: ظروفي لا تسمح. اليوم، أكبر عائق أمام تكريس المؤمن هو وضعه العائلي. مريم لم تسأل عن خطوبتها ، ولم تسأل عن خطيبها، لم تسأل عن نظرة المجتمع لها، لم تسأل عن موقف أهلها من الموضوع، لم تقس طاعتها للرّب بمقياس الربح والخسارة. بل اعتبرت أن الرّب له الحقّ بأن يغيّر ظروف حياتها
أريد أن أصلي للموضوع: تخيلوا معي مريم أمام إعلان الله، وهو يكلمها بواسطة ملاك برسالة واضحة، وهي تقول له: أريد أن أصليّ. مع من ستتكلمين بالصلاة؟ مع الرّب، وأنا الرّب أخاطبك. أنت لا تريدين أن تصلي، بل تريدين أن تتهربي. أكبر جريمة ترتكب في المسيحيّة هي الخطيّة تحت ستار روحي
مرّة، كنت أتحدث مع مؤمن عن موضوع المعموديّة، قال لي سأصلي للموضوع. كنت أتحدث مع شخص عن الخدمة، قال لي:” سأصلي كي أعرف إذا الرّب يريدني أخدمه هذه السنة. قلت له: “لِيَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا أَخَذَ مَوْهِبَةً، يَخْدِمُ بِهَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَوُكَلاَءَ صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ.” (1بط 4: 10). قلت له: يوجد أمر إلهي يبت بالموضوع. أحد الأشخاص قال لي: “أنا لا أخدم بالكنيسة، أنا أبشر، هذه خدمتي.” من المؤكد أن عليك أن تبشّر لأنّ الرّب أمرك بأن تبشّر، ولكن وصيّة التبشير لا تلغي وصية أنّ الله أعطاك موهبة لتخدم بها إخوتك وتبني الكنيسة
هذا ليس قصد الرّب: هذه حجة القرن الواحد والعشرين. عصر العلم والانفتاح والإنترنت. عصر فيه الإنسان إذا ما أعجبته وصيّة الرّب يروح مفتشًا على أحد يبرر له فكرته. وأسهل أمر اليوم أن تبحث على اليوتيوب من واعظ لواعظ لواعظ… حتى تجد شخص يبرر لك عصيانك على الرّب. ما رأيكن لو مريم قالت، أكيد الرّب لا يقصد هذا
الجو لا يساعدني: ممكن أن تتخيلوا الجو الذي كانت فيه مريم؟! لو كنّا مكان مريم لكنا قلنا: الجو لا يساعدني على الطاعة. لا يوجد أحد بقربي، أنا لوحدي. يوجد أشخاص يطيعون الرّب فقط إذا الجو ساعدهم… السؤال هنا: هل أنت تطيع الرّب بولاء للرّب … أم ولاءك للرّب يحدده الآخرون؟مريم كانت لوحدها، وما كانت عارفةً إذا سيقف إلى جانبها أي أحد معها، ولكنّها صمّمت أن تكون أمة الرّب وتفعل كل ما يقوله لها الرّب.بحسب إيماننا الكتابي، نعمة الله لا تحتاج إلى وسطاء بشريين. أنت مدعو لطاعة الرّب حتى عندما تكون وحيدًا
الحجج كلها ليست سوى هروب من طاعة الرّب
ثالثا. كيف يختبر المؤمن النعمة الإلهيّة في حياته؟
اختبار النعمة في كل يوم من حياتنا ليس بالأمر السهل، إنما هو جزء من الصراع بين الروح والجسد. عليك أن تجتهد روحيّا لكي تحيا بالنعمة. كتب بولس الرسول للمؤمنين في كورنثوس لكي يزدادون في نعمة العطاء
“لكِنْ كَمَا تَزْدَادُونَ فِي كُلِّ شَيْءٍ: فِي الإِيمَانِ وَالْكَلاَمِ وَالْعِلْمِ وَكُلِّ اجْتِهَادٍ وَمَحَبَّتِكُمْ لَنَا، لَيْتَكُمْ تَزْدَادُونَ فِي هذِهِ النِّعْمَةِ أَيْضًا.” (2كو 8: 7) في أفسس 3: 8 يتحدث عن نعمة الكرازة: “لِي أَنَا أَصْغَرَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، أُعْطِيَتْ هذِهِ النِّعْمَةُ، أَنْ أُبَشِّرَ بَيْنَ الأُمَمِ بِغِنَى الْمَسِيحِ الَّذِي لاَ يُسْتَقْصَى” في أفسس 4: 7 يتحدث عن نعمة الخدمة: “وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ.” في عب 4: 16 يتحدث عن نعمة الشركة مع الرّب،”فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ
هذه عيّنة عن بركات كثيرة ونعم معطاة للمؤمن بعد التجديد. هذه نعم يريدك الرّب أن تختبرها وتذوقها، وهي تتطلّب منك تحمل مسؤوليّة وبذل جهد روحي. اسمع ما قاله الوحي في 2بط 1: 10، “لِذلِكَ بِالأَكْثَرِ اجْتَهِدُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَاخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ. لأَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذلِكَ، لَنْ تَزِلُّوا أَبَدًا.” يتحدث الوحي في هذه الآية عن مسؤوليّة المؤمن بأن يعيش بالنعمة الإلهيّة. ولكن السؤال هنا: كيف يمكننا أن نعيش بالنعمة الإلهيّة؟
إيمان الثقة بالرّب: تحدثنا عن معوقين قبلا: عدم الاستسلام والخوف.عدم الاستسلام والخوف يعالجان بالإيمان. لاحظنا أنّ مريم سألت الرّ، ووضعت مخاوفها وأسئلتها أمام الرّب، والرّب أجابها. صحيح أن جواب الرّب لم يكن منطقيّا.”اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.”ولكن الرّب يجيب، وعندما يجيبك الرّب، عليك أن تثق به حتى عندما تفوق وصيّته وتعليماته منطقك البشري.ولكن انتبه أنّه عندما يجيبك الرّب فوق المنطق يعطيك براهين لتعاملاته معك
لاحظوا أنّ الرّب أعطى مريم أوّلا: برهان حسي لتعاملاته من خلال أليصابات. “36وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا”. والأمر الثاني: تذكير مريم بأن عمله يفوق المحدوديّة البشريّة: “37لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ.” والأمر الثالث: أعطى مريم رفقة تواكبها في الطريق. رفقة قليلة، اختصرها بشخصين: يوسف زوجها أليصابات. الرّب يعطيك أشخاص يرافقوك في الطريق. لكن عددهم قليل جدّا. موسى كان عنده هارون – يشوع. بولس كان عنده لفترة برنابا – سيلا – تيموثاوس – تيطس. في كل مرحلة كان في شخص أو شخصين. ليسوا كثيرين وليسوا هم السند ولكن يعطيك الرب أشخاص يكونون مصدر بركة لك. ليسوا هم الأساس، ولكن كن حساس لشخص أو شخصين في حياتك يشجعونك. لا تتوقع هذا من الجميع بل قدّر من يضعهم الرّب في حياتك وكن بركة لهم بينما يكونون هم بركة لك. أحيانا نجد صعوبة بالاستسلام للرّب. أحيانا لدينا مخاوف، لأننا بشر منطقيين ولدينا أفكارنا وخبراتنا. وأحيانا تصطدم أفكارنا بما يطلبه الرّب منّا. ما يساعدنا على الاستسلام هو
.أوّلا. الصلاة، أن نضع شكوكنا واسئلتنا أمام الرّب ونبحث عن إجابات في كلمته
.ثانيا. أن نتذكّر بأنّ ما يعمله الله في العالم ليس عملًا بشريًا ولكنّه عملًا إلهيًا يقف وراءه إله المستحيلات
.ثالثا. الرّب سيعطيك رفقاء فكن حساسا لهم وكن بركة لهم
تصميم الطاعة بخضوع للرّب: إذا كان الشك والخوف يعالجان بالإيمان، فالهروب يعالج بالطاعة. وأي نوع من الطاعة؟ الطاعة الخاضعة.38فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ».وثقت مريم بالرّب
وترجمت هذه الثقة بطاعة الخضوع. وضعت مريم نفسها طوعا واختيارا عبدة للرّب. كلمة “أمة” تعني امرأة خادمة كعبدة في بيوت سيدها. أنا خادمة لك ، بمعنى أنا عبدة لك . هذا يعني أنني لا أعيش فيما بعد لذاتي ولا لأفكاري ولا لأهدافي ولا لمبادئي … أن أمة لك لذلك أنا أضع نفسي رهن أمرك. أعيش حياتي لك وأرفض أفكاري وأقبل أفكارك. أترك أهدافي وأعيش لأهدافك ، أنا خادمة بين يديك، ليكن لي كقولك
طاعة الخضوع، غير الطاعة التي نعرفها نحن. الطاعة التي تفعّل عمل نعمة الله في حياتنا هي طاعة الخضوع
لاحظوا ما قاله الملاك لمريم: “37لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ.” الله يريد أن يفعل غير الممكن في حياتك … هل تستسلم بين يديه ؟ نعمة المسيح تُفّعَل عندما تموت عن الذات وتسمح للمسيح أن يعمل في حياتك
في الختام، المسيح جاء ليعمل بنعمته في حياتنا. هو جاء ليعمل أمور عظيمة في حياتك، بالخلاص يريد أن ينعم عليك بغفران الخطايا والخلاص والحياة الأبديّة. وهو يريد أن ينعم عليك في ناحيتين: يريد أن يعمل في حياتك بالنعمة، لتعيش بنصرة وملء الروح القدس، وهو يريد أن يعمل من خلال حياتك، لكي تبني كنيسته وتبشّر الآخرين. هذه النعم مفتاحها، الطاعة بالخضوع لوصايا الرّب. الرّب لا يريدك أن تكون مؤمن مستعبد أو ضعيف أو حزين أو فاشل، هو يضع قوّته ليسكب نعمته فيك
عزيزي المؤمن، هناك نعم وبركات كثيرة يريدك أن تختبرها في كل يوم