سؤال يُسأل للشباب والصبايا: ماذا ستفعل لما تكبر؟ اسأل هذ السؤال للكثير من الشباب والصبايا، واحصل على أجوبة عديدة. ولكن ولا مرّة سألت هذا السؤال وأجابني أحد وقال، “لما أكبر أريد أن أصير خادم للرّب” – “أريد أن أصبح راعي كنيسة” – “أريد أن أذهب وأبشّر بمنطقة جديدة وأسس كنيسة تشهد للمسيح” – “أنا أريد أن أصير زوجة راعي …” – “أنا أريد أن أكون مرسلة …”. وطبعًا، هذا لأنّ الإنسان دائمًا يشعر بصغره أمام عمل الرّب … ولكن في سبب آخر وهو جهل هذا الموضوع وعدم معرفته. لذلك، أريد أن أتطرق أتكّلم عن دعوة الرّب للشباب والفتيان للخدمة
كيف يمكن أن يدعوك الرّب للخدمة؟ سنقرأ عن دعوة الرّب لبولس وبرنابا للخدمة الإرساليّة… سندرج المبادئ الأساسيّة التي تساعدك لكي تدرك دعوة الرّب لحياتك، ومؤهلات ما قبل الدعوة الروحيّة، وما يحدث بعد الدعوة الروحيّة
لنقرأ ما جاء في أعمال الرسل الإصحاح 13: 1-3
وَكَانَ فِي أَنْطَاكِيَةَ فِي الْكَنِيسَةِ هُنَاكَ أَنْبِيَاءُ وَمُعَلِّمُونَ: بَرْنَابَا، وَسِمْعَانُ الَّذِي يُدْعَى نِيجَرَ، وَلُوكِيُوسُ الْقَيْرَوَانِيُّ، وَمَنَايِنُ الَّذِي تَرَبَّى مَعَ هِيرُودُسَ رَئِيسِ الرُّبْعِ، وَشَاوُلُ. 2وَبَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ وَيَصُومُونَ، قَالَ الرُّوحُ الْقُدُسُ:«أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ». 3فَصَامُوا حِينَئِذٍ وَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمَا الأَيَادِيَ، ثُمَّ أَطْلَقُوهُمَا
أولا. أساسيات روحيّة عامة
ما قبل دعوة الرّب للخدمة
:اختبار التجديد الواضح
.برنابا كان رجلا مؤمنا بالمسيح. بولس كان رجلا مؤمنا بالمسيح
:الحياة الكنسيّة الملتزمة
.برنابا كان ملتزما في الكنيسة. بولس كان ملتزما بالكنيسة
:الحياة الروحيّة الجديّة
.برنابا كان رجلا مؤمنا جدّيا في عطائه وفي طاعته. بولس كان رجلا جديّا أيضًا
إن حياة الالتزام والجديّة هي مطلوبة من كل مؤمن. ولكن للأسف ليس كل المؤمنين ملتزمين وجديّين في حياتهم الروحيّة. يوجد مؤمنين يقول عنهم الرّب “مزمع أن أتقيئهم من فمي …” أولئك لن يدعو منهم الرّب أناس للخدمة. لن يتقيئهم الرّب في الخدمة … سيتقيأهم بعيدا عن الخدمة. من يخدم الرّب يجب أن يكون وكيل أمين … إن لم يكن أمين في التزامه الكنسي وجديّته في حياة القداسة، فكيف سيكون أمين في الخدمة الروحيّة؟
ثانيا. تعاملات روحيّة خاصة
دعوة الرّب للخدمة
:نمو في معرفة الرّب
لكي تسمع صوت الرّب بدعوة خاصة، عليك أن تكون نامي في معرفة الرّب. لقد كان برنابا وبولس من الأشخاص النامين في معرفتهم للرّب. “2وَبَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ وَيَصُومُونَ “. هذا الأمر له علاقة بحياة الشركة الصحيحة والعميقة مع الرّب، وله علاقة بنمّو المؤمن في معرفته للرّب من خلال الكلمة. المؤمن الذي يميّز صوت الرّب هو مؤمن ينمو يوميًا في معرفته للرّب من خلال السير في حياة الإيمان
:دعوة الروح القدس الداخليّة
الأمر الملاحظ في دعوة الرّب لبرنابا وبولس (شاول في ذلك الوقت) هو أنّ الروح القدس تعامل مع قلبهم أوّلا. لاحظوا ما أعلنه الوحي: «أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ». الروح القدس يتعامل في قلب المؤمن المدعو للخدمة الرعائيّة. تعامل الروح القدس كان مباشرا مع برنابا وبولس. يتعامل الرّب معك من خلال تثقيل قلبك بخدمة معيّنة، ويكلمك الرّب من خلال الكلمة والوعظ. الروح القدس يتعامل معك عندما تكون بشركة صحيحة مع الرّب وحياة طاهرة ونقيّة، فيضع على قلبك أمور لتعملها لمجد اسمه. أنا بالبداية، كنت أشعر بأنني أريد أن أبشر كل الناس – أريد أن افتح مطعم وأخبر كل زبائني عن المسيح – أصلي لكي يرسل الرّب مرسلين إلى لبنان – وفي أحد المرات كنت اقرأ أعمال الرسل إصحاح 2، وكلمني الرّب أنّك أنت ستكون هذا المرسل
:نضج في العلاقات البشريّة
نلاحظ في النصّ أمامنا، مجموعة من الرجال في الكنيسة الذين يصلون في روح واحدة ونفس واحدة. نقرأ عن كنيسة متحدة حول اسم الرّب، ونلاحظ أيضًا أنّ برنابا وشاول هم من معلمو الكنيسة؛ أشخاص ناضجون في علاقتهم مع الناس. أنا أسمّي هذا نضج في العلاقات البشريّة: حياة فيها أخوّة حقيقيّة مع المؤمنين، وعلاقة طيّبة مع الآخرين. لأنّ إحدى مواصفات خادم الرّب هو السلام مع الجميع وعدم الخصام، أي النجاح في علاقته مع الآخرين. الخدمة في النهاية هي مع الناس، والإنسان المضطرب في علاقاته مع الناس لا يستطيع أن يخدم الرّب مع الناس
الإنسان المخاصم والذي يظن بالسوء والذي يحرض الناس على بعضهم والذي يشك بالآخرين والذي يخاف من الناس والذي يتصادم مع من يخالفه الرأي والذي لا يحتمل الضعفاء ولا يشعر مع المحتاج، لا يستطيع أن يخدم الرّب في خدمة رعائيّة أو إرسالية. من يريد أن يخدم الرّب بفعاليّة عليه أن يحب الخطاة، ويقبلهم ويستوعبهم لكي يساعدهم. ومن يريد أن يخدم الرّب يجب أن ينجح، أولا، في علاقاته مع إخوته وأخواته في الكنيسة
:تقدّم في الخدمة والمواهب الروحيّة
إنّ الأمر الواضح في حياة برنابا وشاول هم مواهبهم الروحيّة. عندما يدعو الرّب شخص للخدمة، يؤيده بالمواهب الروحيّة لإنجاز الخدمة. وقبل أن يدعو الرّب برنابا وشاول للخدمة الروحيّة، أيّدهم بالمواهب التي مارسوها في الكنيسة لبنيان المؤمنين. كان برنابا وشاول معلمين في الكنيسة. التعليم هو موهبة يعطيها الرّب لبعض الناس في الكنيسة
إحدى علامات دعوة الرّب للرعاية أو للعمل الإرسالي هي المواهب التي يعطيها الرّب للمدعو للخدمة. إحدى علامات دعوة الرّب هي المواهب التي يعطيها الرّب والتي يبرزها الرّب في الكنيسة. عندما قال برنابا وشاول أن الرّب دعاها للخدمة، لم يكن هناك شكّ بأنّ برنابا وشاول قادريْن على الوعظ والتعليم والكرازة. الله يخلّص الناس بجهالة الكرازة وليس بجهالة الكارز. على الكارز أن يكون مؤيدا من الرّب بالمواهب الضروريّة لخدمته
:شهادات حيّة من مؤمنين روحيين
إن شهادة المؤمنين الروحيّين هي مهمّة في حياة دعوة المؤمن للخدمة. فالمؤمنون الروحيون يستطيعون أن يميزوا أمور الرّب. وعندما يدعو الرّب مؤمنا للخدمة، يستطيع المؤمنون الروحيون أن يروا عمل الله الظاهر في حياة هذا المؤمن. هنا، نقرأ عن دعوة الرّب للشاب تيموثاوس للخدمة في أعمال الرسل 16: 2، “وَكَانَ مَشْهُودًا لَهُ مِنَ الإِخْوَةِ الَّذِينَ فِي لِسْتَرَةَ وَإِيقُونِيَةَ.” يشهد المؤمنين عن حياة المؤمن والتزامه ومواهبه أيضا
كيف تعرف دعوة الرّب لحياتك للخدمة؟ تسمع تشجيع من مؤمنين روحيين عن خدمتك. انتبه أن تسمع لصوت أمّك التي تريد أن تصنعك خادمًا، وانتبه أن تسمع لصوت رفقائك الذين يخبرونك ما تريد أن تسمعه. ولكن، خذ تشجيع المؤمنين على محمل الجدّ. لأنّ هذه إحدى الوسائل التي يستخدمها الروح القدس في حياتك لكي يؤكد دعوتك للخدمة
:تأييد الروح القدس من خلال الكنيسة
وثم تأتي المرحلة المتقدمة، عندما تتوفر العناصر السابقة يتكلّم الروح القدس للكنيسة لكي تفرزك للخدمة. “قَالَ الرُّوحُ الْقُدُسُ: «أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ». 3فَصَامُوا حِينَئِذٍ وَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمَا الأَيَادِيَ، ثُمَّ أَطْلَقُوهُمَا.”إن قرار الكنيسة، التي هي جماعة المؤمنين، مهمّة جدّا في دعوة المؤمن للخدمة. فالرّب يكلّم الكنيسة، والكنيسة تفرز الخدّام. الكنيسة لا تصنع الخدّام ولكن الكنيسة هي جسد المسيح الذي يستخدمه المسيح لكي يفرز خدّام ويقيم خدّام
الخدّام يخرجون من الكنيسة ويؤيدون من الكنيسة للعمل الذي دعاهم إليه الرّب، فتعتبر هذه الخطوة الرئيسيّة في انطلاق المؤمن لخدمته
:قيادة روحيّة في اختيار شريك الحياة
أريد أن أضيف عنصر أخير، غير موجود في النصّ أمامنا، وهو العنصر العائلي لبعض الخدمات مثل الرعاية وأحيانا المرسل الذي سيؤسس كنيسة: اختيار شريك الحياة. هذا عنصر أساسي وجوهري في حياة المؤمن المدعو للخدمة. عليك أن تتزوّج شريك مدعو للخدمة أيضا لأنك لا تستطيع أن تخدم الرّب ببيت منقسم. عليك أن تخدم الرّب ببيت موحّد في الدعوة والخدمة. وبالتالي، اختيار شريك الحياة مهم جدّا. إذا كان الشخص المدعو للخدمة عازبا، فعليه أن يصلي لأجل شريك متحد معه في دعوته. وإذا كان الشخص المدعو للخدمة شخصًا متزوجًا، فتكون إحدى علامات الدعوة، أن يخاطب الرّب الشريك الآخر أيضًا
في صفات الراعي في 1تيم هو أنّ “يُدَبِّرُ بَيْتَهُ حَسَنًا، لَهُ أَوْلاَدٌ فِي الْخُضُوعِ بِكُلِّ وَقَارٍ.” (1تيم 3: 4)
ثالثا. ماذا بعد الدعوة الروحيّة؟
ما بعد دعوة الرّب للخدمة
:الروح القدس سوف يفتح لك فرص للتدريب
التدريب مهمّ جدًا، وهو يبدأ في الكنيسة، ثم في كليّة اللاهوت والدراسة اللاهوتيّة. ويستمر كل العمل من خلال الدراسة الفرديّة والتعمّق بكلمة الرّب
:الروح القدس يعطيك الرؤية الروحيّة الواضحة
الروح القدس يعطيك رؤية واضحة لما يريدك أن تفعله كما فعل مع برنابا وشاول
:الروح القدس يقودك خطوة فخطوة
الروح القدس يكشف لك مخططه خطوة فخطوة من خلال حياة الطاعة والإيمان
:الروح القدس يهتمّ في تسديد حاجاتك الماديّة
الروح القدس يسدد حاجاتك الماديّة لتتميم الخدمة، ربما من خلال عملك أو من خلال دعم كنيستك لك أو بطرق عجيبة من عنده
:الروح القدس يعطيك الحكمة لعمل الخدمة
الخدمة فيها تحديات وتحتاج إلى حكمة سماوية لمواجهة الظروف وإنجاز الخدمة. الروح القدس يعطي حكمة للمدعو للخدمة في كل ظرف يواجهه
:الروح القدس يعطيك القوّة لعمل الخدمة
الخدمة تحتاج إلى قوّة روحيّة وجسديّة، والرب يؤيد المدعو في خدمته بقوّة غير اعتياديّة
:الروح القدس ينجح عمله من خلالك
الروح القدس مسؤول عن النتائج، والنتائج مضمونة فيه. عندما يدعو الرّب المؤمن للخدمة ينجح عمله ويضمن نتائج خدمته
في الختام،إنّ دعوة الرّب هي أعظم امتياز ممكن أن تعطى للمؤمن. أعظم عمل تعملونه في العالم هو أن تخدموا الرّب. كونوا حساسين لصوت الرّب لأنّ الرّب قد يدعوكم لخدمة متقدمة. الحصاد كثير … هناك حاجة عظيمة في العالم اليوم … والفعلة قليلون
عندما يدعوك الرّب، هل ستلبي الدعوة؟