الحياة مع المسيح هي حياة حريّة. قال الرب يسوع المسيح “إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارا” (يو 8: 36). نحن فرحين اليوم بالحريّة التي حررنا بها المسيح. حررنا من الخطيّة وحررنا من الخوف وحررنا من الأنانيّة وحررنا من الكثير من الأمور. وقد خلّصنا بالنعمة! ماذا تعني النعمة؟ أي خلاص مجاني لا نستحقّه. خلاص غير مبني على أعمالنا ولكن خلاص مبني على عطيّة الله لنا. خلاص الرّب لا يعتمد على أعمالنا ولكن على عمل المسيح. الكتاب المقدس يقول: “لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس”. أنت لم تقم بشيء حتى تخلص، وعندما تخلص لا تستطيع أن تقوم بأي شيء حتى تفقد خلاصك. خلاصك محروس بيد الله “أنتم الذين بقوّة الله محروسون لخلاص مستعد أن يعلن في الزمان الأخير” (1 بط 1: 5)
إذًا، هل الحريّة المسيحيّة هي أن المؤمن يستطيع أن يفعل ما يريد؟ هل ضمان المؤمن الأبدي يعني أن المؤمن بعد أن يتجدد يستطيع أن يعيش في الخطيّة؟ سؤال يستوقفنا فعلًا! لأنّه استوقف المؤمنين قبلًا في الكنيسة الأولى، ودفع بولس الرسول حتى يكتب بإرشاد الروح القدس عن الموضوع. وكنيسة كورنثوس، التي أسسها بولس في رحلته التبشيريّة الثانية، كانت كنيسة فيها الكثير من المشاكل والتحديات. والمؤمنين هناك واجهوا العديد من التحديات الأخلاقيّة والروحيّة، إذ تأثرت الكنيسة بالمجتمع
كان مجتمع الكورنثيين مجتمع منفتح ومتحرر حتى أن شعارهم كان “الحريّة”. وكان في كورنثوس شعار معروف يقول “كل الأشياء تحلّ لي”. يمكنك أن تأكل ما تريد، وأن تشرب ما تريد، وأن تلبس ما تريد، وأن تصادق من تريد … فكل الأشياء تحلّ لك. وكان الشخص في كورنثوس يقول: أنا حرّ وكل الأشياء تحل لي، أنا أستطيع أن آكل كما أريد وأن أشرب كما أريد وأن ألبس مثل كما أريد، فأنا حرّ. ولما سمع الكورنثيين رسالة الإنجيل، كثيرين منهم آمنوا … وإحدى الأمور التي أعجبتهم في حياة الإيمان هي الحريّة التي في المسيح. إنما أخطأوا بفهم الحريّة في المسيح، لذلك كتب لهم بولس مرّتين في الرسالة الأولى قائلا لهم “كل الأشياء تحلّ لي ولكن
:نقرأ آيتين فقط من رسالة كورنثوس الأولى
كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي”، لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوافِقُ. «كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لكِنْ لاَ يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ شَيْءٌ. (1 كورنثوس ١٢:٦)
كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي”، لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوَافِقُ. «كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تَبْنِي. (1 كورنثوس ٢٣:١٠)
أولا. لقد حررّنا الرّب من سلطة الخطيّة لكي نمجد اسمه بأرواحنا وأجسادنا
:هناك أمور لا تنسجم مع حياة الإيمان
كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي”، لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوافِقُ. كلمة توافق تعني “تتفق” أو “تنسجم” أو “تتلاءم”. لدينا صورة عن الملك الذي لديه ابن، أي الأمير – ليس الموضوع إن كان الأمير يقوم ببعض الأمور أم لا، ولكن السؤال هو: هل يليق بالأمير أن يفعل الأمور؟ هل تتوافق أعماله مع مركزه؟ ليس كل الأشياء توافق! الإصحاح 6 يتحدث عن أن هناك أمور لا يمكن لإنسان مؤمن أن يفعلها
أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لاَ تَضِلُّوا: لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ
:السبب لعدم انسجامها مع حياة الإيمان
:المؤمن لا يفعلها بسبب عمل الله في حياته
” وَهكَذَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْكُمْ. لكِنِ اغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلهِنَا”
:هناك ارتباط بين حياتنا الجسديّة والروحيّة
«كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوافِقُ. «كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لكِنْ لاَ يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ شَيْءٌ. الأَطْعِمَةُ لِلْجَوْفِ وَالْجَوْفُ لِلأَطْعِمَةِ، وَاللهُ سَيُبِيدُ هذَا وَتِلْكَ. وَلكِنَّ الْجَسَدَ لَيْسَ لِلزِّنَا بَلْ لِلرَّبِّ، وَالرَّبُّ لِلْجَسَدِ. وَاللهُ قَدْ أَقَامَ الرَّبَّ، وَسَيُقِيمُنَا نَحْنُ أَيْضًا بِقُوَّتِهِ. أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ الْمَسِيحِ؟ أَفَآخُذُ أَعْضَاءَ الْمَسِيحِ وَأَجْعَلُهَا أَعْضَاءَ زَانِيَةٍ؟ حَاشَا! أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنِ الْتَصَقَ بِزَانِيَةٍ هُوَ جَسَدٌ وَاحِدٌ؟ لأَنَّهُ يَقُولُ: «يَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا». وَأَمَّا مَنِ الْتَصَقَ بِالرَّبِّ فَهُوَ رُوحٌ وَاحِدٌ. اُهْرُبُوا مِنَ الزِّنَا. كُلُّ خَطِيَّةٍ يَفْعَلُهَا الإِنْسَانُ هِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْجَسَدِ، لكِنَّ الَّذِي يَزْنِي يُخْطِئُ إِلَى جَسَدِهِ
“.المؤمن يعيش حياة حريّة من قيود الخطيّة “لكن لا يتسلّط عليّ شيء
:حياتنا الجديدة في المسيح هي حياة لتمجيد الرّب في أرواحنا وأجسادنا
أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟ لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ للهِ. (1كو 6)
ثانيا. لقد حررنا الرّب من ذواتنا لنعيش حياة تهدف إلى بناء حياة الآخرين لما هو لمجده
:تحديات في مجتمع الإيمان
ولكن يواجه المؤمنين في أيامنا أمور تبدو رماديّة. تبدو رماديّة للبعض وواضحة للبعض الآخر! مثلًا، أنشرب الخمر؟ يقول أحدهم: أنا أشرب، لكن لا أسكر! بالنسبة إلي الأمر واضح، “لا تنظر إلى الخمرة …” “ليس للملوك الخمر ولا للعظماء المسكر” … ولكن إذا أنت غير مقتنع، لدي جواب آخر لك. أنحضر حفلات رقص؟ ونشارك فيها؟ … أنا بالنسبة إلي، واضحة كلمة الرّب “لا تشتركوا بأعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحري وبخوها …” ولكن إذا أنت غير مقتنع، يوجد جواب آخر لك. أنستمع إلى موسيقى صاخبة وعالميّة أو لا نسمع؟ موسيقى رومانسيّة … موسيقى غاضبة … موسيقى تثير مشاعر الخوف. أنذهب ونحضر عبادة غريبة عن كلمة الرّب؟ عبادة فيها مشاركة قسس انجيليين مع كهنة غير مؤمنين… لكن كلمة الرّب واضحة … “اخرجوا من وسطهم واعتزلوا ولا تمسوا نجسا فأقبلكم”. كلمة الرّب واضحة إذ يقول بولس في الإصحاح 10 من كورنثوس الأولى، لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَشْرَبُوا كَأْسَ الرَّبِّ وَكَأْسَ شَيَاطِينَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَشْتَرِكُوا فِي مَائِدَةِ الرَّبِّ وَفِي مَائِدَةِ شَيَاطِينَ. أَمْ نُغِيرُ الرَّبَّ؟ أَلَعَلَّنَا أَقْوَى مِنْهُ؟
ولكن للأسف يوجد مؤمنون لا يريدون أن يقتنعوا على الرغم من وضوح كلمة الرّب. ولذلك يعطينا مبدأ آخر، ويكتب في 1كو 10: 23، «كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوَافِقُ. «كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تَبْنِي. اَ يَطْلُبْ أَحَدٌ مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مَا هُوَ لِلآخَرِ
:التنبّه من العثرة الروحيّة
كُلُّ مَا يُبَاعُ فِي الْمَلْحَمَةِ كُلُوهُ غَيْرَ فَاحِصِينَ عَنْ شَيْءٍ، مِنْ أَجْلِ الضَّمِيرِ، لأَنَّ «لِلرَّبِّ الأَرْضَ وَمِلأَهَا». وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ يَدْعُوكُمْ، وَتُرِيدُونَ أَنْ تَذْهَبُوا، فَكُلُّ مَا يُقَدَّمُ لَكُمْ كُلُوا مِنْهُ غَيْرَ فَاحِصِينَ، مِنْ أَجْلِ الضَّمِيرِ. وَلكِنْ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: «هذَا مَذْبُوحٌ لِوَثَنٍ» فَلاَ تَأْكُلُوا مِنْ أَجْلِ ذَاكَ الَّذِي أَعْلَمَكُمْ، وَالضَّمِيرِ. لأَنَّ «لِلرَّبِّ الأَرْضَ وَمِلأَهَا»
:علينا أن نفعل كل شيء لمجد الله
أَقُولُ «الضَّمِيرُ»، لَيْسَ ضَمِيرَكَ أَنْتَ، بَلْ ضَمِيرُ الآخَرِ. لأَنَّهُ لِمَاذَا يُحْكَمُ فِي حُرِّيَّتِي مِنْ ضَمِيرِ آخَرَ؟ فَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَتَنَاوَلُ بِشُكْرٍ، فَلِمَاذَا يُفْتَرَى عَلَيَّ لأَجْلِ مَا أَشْكُرُ عَلَيْهِ؟ فَإِذَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ أَوْ تَشْرَبُونَ أَوْ تَفْعَلُونَ شَيْئًا، فَافْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ اللهِ. كُونُوا بِلاَ عَثْرَةٍ لِلْيَهُودِ وَلِلْيُونَانِيِّينَ وَلِكَنِيسَةِ اللهِ. كَمَا أَنَا أَيْضًا أُرْضِي الْجَمِيعَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، غَيْرَ طَالِبٍ مَا يُوَافِقُ نَفْسِي، بَلِ الْكَثِيرِينَ، لِكَيْ يَخْلُصُوا. (1كو 10: 15-33)
في الختام،عليك أن تسأل نفسك دائما، هل ما أفعله يناقض كلمة الرّب؟ هل هو منسجم مع وصايا الرّب؟
عليك أن تسأل نفسك دائما، هل ما أفعله ممكن أن يعثر حياة الآخرين؟ هل ما أفعله يبني حياة الآخرين؟
.”الرّب يريدنا أن نعيش بحريّة من قيود الخطيّة لحياة تمجده وتبني حياة الآخرين”
هذه المبادئ هي لكل زمان ومكان … الرّب يريدك أن تعيش حياة تمجده بجسدك وروحك