بعض الناس يواجهون الموت بأسف، بأسف على شباب الإنسان وعلى خسارته لحياته. ولكن ليس المؤمن لأنّ المؤمن هو إبن الرّب … وموته ليس خسارة بل هو ربح المجد السماوي. والتعزية الحقيقيّة لنا لا تأتي من الناس، ولكن تأتي من الرّب. في هذا المصاب الأليم بالنسبة لنا يريد الرّب أن يعزينا. سفر رؤيا يوحنا من الكتاب المقدّس يتحدث عن الأيام الأخيرة. وفي الأيام الأخيرة سيكثر الشر والمرض والألم وحتى الاضطهاد لأجل اسم المسيح. والمؤمن يعاني زمنّيّا كما غيره، ولكن للمؤمن تعزية خاصة. فالمسيح الذي غلب الموت ونزع شوكته، له تعزية خاصة للمؤمن
.لذا لنا تعزيات الرّب بالمسيح في لحظة الموت
هذه التعزية اعلنها الروح القدس لنا في سفر رؤيا يوحنا 14: 13
“13وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً لِي: «اكْتُبْ: طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الآنَ». «نَعَمْ» يَقُولُ الرُّوحُ: «لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ، وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ».” (رؤ 14: 13)
: هذه التعزية الإلهيّة
أولا. موجهة للأموات في الرّب
.اكْتُبْ: طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الآنَ” سمع يوحنا صوت من السماء، الله يعلن له”
ويقول له” اكتب”، مما يشير أن الله يريدنا أن نعرف أمر مهمّ. كلمة طوبى تعني “هنيئا له”. هذه الكلمات ليست لكل الناس، هي لنوع معيّن من الناس يصفهم الوحي الإلهي بأنّهم في الرّب. يموت المؤمن كما يموت كل الناس ولكن الفرق بينه وبين الكثيرين أنّ المؤمن يضع ايمانه وثقته بالرّب يسوع المسيح في حياته، بمن جاء من السماء ليخلصه وحمل خطاياه على الصليب وقام منتصر على الموت. مكتوب: “إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا.” (2كو 5: 17)
لا يجب على المؤمن أن يخاف من الموت، لأنّه يسير مع غالب الموت وقاهره الرّب يسوع المسيح. لا يجب على المؤمن أن يعيث في شكّ من مصيره الأبدي، لأن المسيح وعده في كلمته أنّه سيكون معه. المؤمن بين أيدي أمينة … الأيدي التي سمرت على الصليب لخلاصه. ما اعظم محبتك يا رب وما اعظم خلاصك
ثانيا. الذي يموت في الرّب يستريح من اتعابه
.”لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ …” يوجد نوعان من الأتعاب في حياة الإنسان. اتعاب الخطيّة واتعاب الحياة
الإنسان يتعب من خطاياه ويتعب من مشاكله وضعفاته … يفشل من نفسه … لكن عندما يأتي للمسيح يرتاح. “تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ.” (متى 11: 28) مكتوب: “إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (رو 8: 1) النوع الثاني من الأتعاب هي اتعاب الحياة الظالمة التي يعيشها الإنسان. ومن منّا اليوم ليس بمظلوم. ولكن هذا هو الوعد الذي وعده ايانا المسيح. “فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا.” (رو 8: 18) الذي يموت في المسيح يذهب للمكان المعدّ من الرّب لأولاده. مكان الراحة. هنيئا لمن يموت في المسيح
ثالثا. الذي يموت في الرّب يكافأ على حياته الروحيّة
وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ».” لاحظوا أن الكتاب المقدّس لم يقل أنّ اعماله سبقته. ولكن اعماله تتبعه. لأن الإنسان يبدأ رحلته الروحيّة بالإيمان بالمسيح. ونتيجة لذلك، يختبر التجديد وعمل الروح القدس في حياته فتتغيّر اعماله. هذا ما قاله الرسول بولس في نهاية حياته، “قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا.” (2تيم 4: 7و8).. الإنسان فاشل وعاجز وخاسر بكل ما يفعله … ما يبقى لك هو ما يفعله لمجد الرّب
في الختام، اليوم نحن لا نحزن على موت المؤمن … نحن نحزن على فراق المؤمن ونحزن على انفسنا في عالم التعب والشقاء … أما المؤمن الذي يموت فقد وجد رجاءه في المسيح
.الموت فرصة لنا لكي نراجع حساباتنا … ونتخذ القرار الصحيح بأن نتوّج المسيح مخلّص ورّب على حياتنا