فرح المؤمن بعبادة الرّب

العبادة في حياة المؤمن بالمسيح هي فترات اللذة والفرح والتمتع في محضر الرّب. المؤمن يتلذذ بعبادة الرّب ويفرح في محضره ويتمتّع بحضوره. بالنسبة إلى الإنسان غير المؤمن، فإنّ العبادة هي مثل القصاص … هي ثقل أو عبء على القلب. مرّة من المرّات، دعي شخص غير مؤمن إلى الاجتماع، في نهاية الاجتماع قال لي: “قداسكم حلو لكنه طويل …”. وأذكر مرة أيضًا، في نهاية أحد الاجتماعات الطويلة، رجعت للخلف وتقدمت نحوي إحدى الأخوات وفاجأتني بقولها “كنت أريد ألّا ينتهي الاجتماع اليوم

لماذا تبدو العبادة ملذّة لبعض الناس وغير ملذّة للبعض الآخر؟ ما هي الأمور التي تُمتّع المؤمن بالعبادة؟ وتجعله فرحا ومختبرًا اللذة الروحيّة مع الرّب؟

داود الملك والمرنم والعازف والنبي كان يعرف معنى العبادة ولذتها مع الرّب. لذلك كتب مزاميره الشهيرة بإرشاد الروح القدس. وفي مزمور 33 يدعو الكاتب المؤمنين إلى عبادة الرّب والترنيم والتسبيح لاسمه القدوس. ويعطي أسباب وعناصر العبادة المباركة

.سوف نرى هذه الدعوة للعبادة وأسبابها ونتائجها في حياتنا كمؤمنين

فدعونا نقرأ مزمور 33 ونتأمل بهذا المزمور المبارك

اِهْتِفُوا أَيُّهَا الصِّدِّيقُونَ بِالرَّبِّ. بِالْمُسْتَقِيمِينَ يَلِيقُ التَّسْبِيحُ. 2احْمَدُوا الرَّبَّ بِالْعُودِ. بِرَبَابَةٍ ذَاتِ عَشَرَةِ أَوْتَارٍ رَنِّمُوا لَهُ. 3غَنُّوا لَهُ أُغْنِيَةً جَدِيدَةً. أَحْسِنُوا الْعَزْفَ بِهُتَافٍ

أولا. العبادة دعوة مميزة للمؤمن

اِهْتِفُوا أَيُّهَا الصِّدِّيقُونَ بِالرَّبِّ. بِالْمُسْتَقِيمِينَ يَلِيقُ التَّسْبِيحُ. 2احْمَدُوا الرَّبَّ بِالْعُودِ. بِرَبَابَةٍ ذَاتِ عَشَرَةِ أَوْتَارٍ رَنِّمُوا لَهُ. 3غَنُّوا لَهُ أُغْنِيَةً جَدِيدَةً. أَحْسِنُوا الْعَزْفَ بِهُتَافٍ

من هم الذين يهتفون بالرّب؟ الصديقون. هم المستقيمون الذي بهم يليق التسبيح.المؤمن الذي اختبر عمل نعمة الله العظيم في حياته، يهتف ويرنم ويعبد الرّب من كل قلبه

وَهكَذَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْكُمْ. لكِنِ اغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلهِنَا.” (1كو 6: 11)

المؤمن المبرر بدم المسيح والمخلّص الذي قد دخل في علاقة شخصيّة مع الرّب، يتلذّذ بعبادة الرّب ويفرح بالرّب صخرة خلاصه.يصف الرّب هذا المؤمن بالمستقيم إذ يقول “بالمستقيمين يليق التسبيح”. لأنّ حياة الاستقامة الروحيّة هي أساس فرح الرّب

لكن، أحيانا في اجتماعات الكنيسة، أجد مؤمن من كل قلبه يرنم، ومؤمن آخر في الاجتماعات شاعر بالضجر–يتمشى – يأكل ضفيره – تظل عيناه على الهاتف طوال الاجتماع! ما هي المشكلة؟ الاستقامة وأخذ الحياة الروحيّة بجديّة … حياة القداسة والتدقيق الروحي

قال داود للرّب: “رُدَّ لِي بَهْجَةَ خَلاَصِكَ، وَبِرُوحٍ مُنْتَدِبَةٍ اعْضُدْنِي.” (مز 51: 12)

المؤمن المستقيم أمام الرّب في حياته وسلوكه والذي يحافظ على طهارة فكره ولسانه ومظهره وسلوكه، هذا يفرح بالعبادة الروحيّة ويتلذّذ بإلهه … الله الوحيد الذي لا نستطيع أن نضحك عليه أو نغشّه … قد تبدو روحيًا للآخرين، ولكن العبادة وحدها تكشف لك أعماقك وداخلك

طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ.” (متى 5: 8)

المؤمن بالمسيح السالك باستقامة لديه امتياز بهذا العالم: أن يتلذّذ ويفرح ويتمتّع بعبادة الرّب. كما يقول الكتاب: “2احْمَدُوا الرَّبَّ بِالْعُودِ. بِرَبَابَةٍ ذَاتِ عَشَرَةِ أَوْتَارٍ رَنِّمُوا لَهُ. 3غَنُّوا لَهُ أُغْنِيَةً جَدِيدَةً. أَحْسِنُوا الْعَزْفَ بِهُتَافٍ

ثانيا. أسباب فرح المؤمن بعبادة الرّب

المؤمن يفرح بصفات الرّب، يفرح بسلطان الرّب، نفرح بمخطط الرّب، يفرح برعاية الرّب لحياته

 :نفرح بصفات الرّب إلهنا

.يعدد المرنّم 5 صفات جوهريّة عن الله. هذه الصفات هي مصدر اختبار سلام الرّب وفرحه

الصفة الأولى: إله الاستقامة

 “لأَنَّ كَلِمَةَ الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ”

 هو إله ثابت لا يتغيّر وهو قد أعلن عن استقامته بكلمته، إذ كلمته مستقيمة. هو لا يراوغ ولا يحابي ولا يتغيّر، بل هو إله الاستقامة.  هللويا لأنك إله استقامة وإله لا تتغيّر، مخططك واضح وثابت. أنا أثق وأسير خلفك

الصفة الثانية: إله الأمانة

“وكُلَّ صُنْعِهِ بِالأَمَانَةِ

الرّب هو إله الأمانة، وكل ما يصنعه هو بالأمانة. الرّب أمين وصادق. وهذه الأمانة مرتبطة بكلمته. هو أمين لكي يوفي بكل وعْدٍ وعَدَ به، ولكي يتمم كل كلمة أعلن عنها بإعلانه. عندما يغفر الرّب خطاياك بدم المسيح، يغفرها بناء على أمانته. وعندما يعد بأن يكون معك، فهو أمين على الوعد الذي وعدك به. وعندما أعطاك المسيح الحياة الأبديّة هو أمين على هذا الوعد. هللويا أنت إله الأمانة أشكرك وأعبدك

الصفة الثالثة: إله البرّ

“يُحِبُّ الْبِرَّ “

ما هو الأمر الذي يزعجنا في العالم ويجرحنا ويؤلمنا؟ الخطية والخطاة والشر من حولنا. ولكن الله هو إله البرّ. هو إله النظافة والقداسة. هو يحبّ البرّ وبالتالي كل تعاملاته معنا هي بالبرّ. هللويا أعبدك يا ربّ لأنك بار وقدوس … وكل تعاملاتك معي معاملات برّ

الصفة الرابعة: إله العدل

“وَالْعَدْلَ”

الرّب هو إله العدل: هو من ينصف الإنسان ويعدل بين البشر، وهو من يعطي كل إنسان حقّه. وفي عالم الظلم والحقوق المهدورة يوجد إله عادل … عندما تخدم الرّب بأمانة ولا أحد يقدّر تعبك تعلم أنّ “… اللهَ لَيْسَ بِظَالِمٍ حَتَّى يَنْسَى عَمَلَكُمْ وَتَعَبَ الْمَحَبَّةِ الَّتِي أَظْهَرْتُمُوهَا نَحْوَ اسْمِهِ، إِذْ قَدْ خَدَمْتُمُ الْقِدِّيسِينَ وَتَخْدِمُونَهُمْ.” (عب 6: 10). عندما تبشّر الناس بمحبة المسيح لكي يخلصوا والمقابل يضطهدونك، اعرف أن الله ليس بظالم وهو يعلم ما في قلبك وسيكافئك بحسب عدله. هللويا أعبدك يا ربّ لأنك إله العدل

الصفة الخامسة: إله الرحمة

“امْتَلأَتِ الأَرْضُ مِنْ رَحْمَةِ الرَّبِّ”

الرّب هو إله الرحمة. هو إله العدل ولكن عندما يصل الموضوع إلى تعاملاته معنا، يستر العدل بالرحمة. أي رحمة؟ الرحمة التي ظهرت في صليب المسيح. الرحمة المبنيّة على الكفارة. رحمة الرّب التي هي أساس الخلاص. الرحمة التي بدونها لا يستطيع الإنسان الخاطي أن يتقدم إلى الله القدوس

“اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ ­ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ ­وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (أف 2: 4-6)

هللويا أعبدك يا رب بفرح لأجل رحمتك الكثيرة عليّ في المسيح يسوع

:نفرح بسلطان الرّب إلهنا

  لأنه هو الخالق

“بِكَلِمَةِ الرَّبِّ صُنِعَتِ السَّمَاوَاتُ، وَبِنَسَمَةِ فِيهِ كُلُّ جُنُودِهَا”

إلهنا هو الخالق وهو صانع السماوات بنسمة فمه. هو يأمر فيكون. هذا إلهي وهذا مخلصي وهذا أبي السماوي. أنا لا أعبد إله ضعيف ولكن إله الخلق المبارك. سلطان الرّب معلن في شخص المسيح الخالق. “كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ” (يو 1: 3و4) – “الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي” (عب 1: 3)

هذا هو إلهي الذي أصلي إليه … هو إله الخلق. هللويا أعبدك يا ربّ لأنك خالق متسلّط في الكون

لأنه هو السيّد

يَجْمَعُ كَنَدٍّ أَمْوَاهَ الْيَمِّ. يَجْعَلُ اللُّجَجَ فِي أَهْرَاءٍ. ِلتَخْشَ الرَّبَّ كُلُّ الأَرْضِ، وَمِنْهُ لِيَخَفْ كُلُّ سُكَّانِ الْمَسْكُونَةِ. لأَنَّهُ قَالَ فَكَانَ. هُوَ أَمَرَ فَصَارَ

الرّب هو السيّد – هو الكلي القدرة – هو يجمع المياه إذا شاء وهو متسلّط في الخليقة – يجب على سكان الأرض أن يخافوا الرّب ويهابوه لأنّه هو السيّد. لكن بالنسبة إلى لمؤمن: هللويا الرّب هو السيّد. أنا أعبدك لأنك السيّد. الناس لا تعطيك شأنك كسيّد ولكن أن أعبدك وأفرح بك لأنك أنت السيد. أنا أضع حياتي بين يديك، هللويا، وأتكل عليك لأنك إله متسلط وسيّد وأنت إلهي

 :نفرح بمخطط الرّب إلهنا –

“الرَّبُّ أَبْطَلَ مُؤَامَرَةَ الأُمَمِ. لاَشَى أَفْكَارَ الشُّعُوبِ. أَمَّا مُؤَامَرَةُ الرَّبِّ فَإِلَى الأَبَدِ تَثْبُتُ. أَفْكَارُ قَلْبِهِ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ”

كلمة مؤامرة في أيامنا هي كلمة سلبيّة – وطبعا كلمة مؤامرة تعني مشيئة أو مخطط؛ يوجد مخطط بعيد عن مشيئة الرّب من إبليس وينفذه البشر.أما الرّب فلديه خطة ثابتة إلى الأبد … الله لديه مشيئة ثابتة إلى الأبد هللويا لأن مخططك ثابت يا رب

 :نفرح برعاية الرّب إلهنا

طُوبَى لِلأُمَّةِ الَّتِي الرَّبُّ إِلهُهَا، الشَّعْبِ الَّذِي اخْتَارَهُ مِيرَاثًا لِنَفْسِهِ. مِنَ السَّمَاوَاتِ نَظَرَ الرَّبُّ. رَأَى جَمِيعَ بَنِي الْبَشَرِ. مِنْ مَكَانِ سُكْنَاهُ تَطَلَّعَ إِلَى جَمِيعِ سُكَّانِ الأَرْضِ. الْمُصَوِّرُ قُلُوبَهُمْ جَمِيعًا، الْمُنْتَبِهُ إِلَى كُلِّ أَعْمَالِهِمْ. لَنْ يَخْلُصَ الْمَلِكُ بِكَثْرَةِ الْجَيْشِ. الْجَبَّارُ لاَ يُنْقَذُ بِعِظَمِ الْقُوَّةِ. بَاطِلٌ هُوَ الْفَرَسُ لأَجْلِ الْخَلاَصِ، وَبِشِدَّةِ قُوَّتِهِ لاَ يُنَجِّي. هُوَذَا عَيْنُ الرَّبِّ عَلَى خَائِفِيهِ الرَّاجِينَ رَحْمَتَهُ، لِيُنَجِّيَ مِنَ الْمَوْتِ أَنْفُسَهُمْ، وَلِيَسْتَحْيِيَهُمْ فِي الْجُوعِ

المؤمن يعبد الرّب بفرح ويتلذذ بالعبادة لأنّ هذا الإله القدير والسيد والمتسلّط يتعامل مع شعبه الخاص برعاية عظيمة.الله يضع كل صفاته وصلاحه وقوّته في حياة شعبه.هنيئا للشعب الذي الرّب إلهه …فنجاح الإنسان ليس بحكمته ولا بقوّته ولا بجبروته ولكن باتكاله وباعتماده على الرّب.الرّب يرعى أولاده خائفيه الراجين رحمته وهو ينجي من الموت أنفسهم ويستحييهم في الجوع.هللويا أعبدك يا رب … لأنك تهتم بي وترعى حياتي … هللويا كل المجد لاسمك

ثالثا. انعكاس عبادة الرّب على حياة المؤمن

 :سلام الرّب

“أَنْفُسُنَا انْتَظَرَتِ الرَّبَّ. مَعُونَتُنَا وَتُرْسُنَا هُوَ”

لي سلام بمشيئتك يا رب، فأنا أنتظرك بسلام … لأنّك أنت عوني وترسي

 :فرح الرّب

“لأَنَّهُ بِهِ تَفْرَحُ قُلُوبُنَا، لأَنَّنَا عَلَى اسْمِهِ الْقُدُّوسِ اتَّكَلْنَا”

 بالعبادة أنا أفرح بك يا ربّ لأنك أنت متكلي

 :قيادة الرّب

لِتَكُنْ يَا رَبُّ رَحْمَتُكَ عَلَيْنَا حَسْبَمَا انْتَظَرْنَاكَ”

.بالعبادة أنا استسلم لك وأنتظرك وأتوقع تعاملاتك معي بالرحمة

في الختام، أيها المؤمن، هل تتمتّع بعبادة الرّب؟ هل هناك معطّل؟ انزع أي معطّل … واستمتع لأن توجد بركات كثيرة لك بالعبادة فرحك بعبادة الرّب هي مؤشر روحي في حياتك

المؤمن مدعو لأن يفرح بعبادة الرّب