إحدى تحديات حياة الإيمان هي العيش بالإيمان. هل فكرتم بهذا الأمر؟ نريد أن نحيا بالإيمان وسط عالم حيث كل شيء ملموس ومحسوس. علينا أن نؤمن بأن الله موجود، ولكننا لا نراه ولا نلمسه! علينا أن نؤمن بأنّه توجد حياة أبديّة، مع أننا لم نراها بعيوننا! علينا أن نؤمن بأن يسوع المسيح ابن الله، مات لأجل خطايانا بحسب الكتب، وأنّه دفن وقام في اليوم الثالث، وأنه وأقيم لأجل تبريرنا! علينا أن نؤمن بأنّ الروح القدس يسكن في داخلنا ولا يفارقنا، مع أنّنا لا نراه بعيوننا ولا نلمسه بأيادينا! المشكلة الأكبر هي عندما نتألم من أجل الإيمان، نتألم بالمنظور ونضطهد، ولكن علينا أن نحارب بسلاح الروح … وترس الإيمان! يقول بولس: “أسلحة محاربتنا ليس جسديّة، ولكنّها قادرة بالله على هدم حصون” (2كو 10: 4)
ولا يخفى عليكم أنّ ما نتكلّم عنه، هو أحد قواعد نجاح بولس الرسول. كتب لكنيسة كورنثوس من اختباراته الأليمة والمرّة والصعبة. ومن خلال تلك التحديات كتب عن قاعدة مهّمة في حياة المؤمن وهو السلوك بالإيمان
نقرأ من كلمة الرّب ما جاء في رسالة بولس الرسول لكنيسة كورنثوس في 2كو 4: 16-18
لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا. لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا. وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ
(2 كو 4: 16-18)
أولا. المؤمن مطالب بأن يسلك بالإيمان
“.وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ”
(2 كو 4: 16-18)
لأَنَّنَا بِالإِيمَانِ نَسْلُكُ لاَ بِالْعِيَانِ. (2كو 5: 7)
ما هو السلوك بالعيان؟
.أن تسلك بحسب المعطيات الأرضيّة.أن تسلك بحسب ما تراه عينيك.أن تسلك بمنطق العالم وفكر العالم
أن ترى الثمرة شهيّة للنظر … كما رأتها حواء … وتشتهيها. أن ترى الأرض خصبة وخضراء قرب سدوم وعمورة … كما رآها لوط … وتنقل خيامك إليها. أن ترى المال جذّاب كما … كما رآه يهوذا الإسخريوطي … وتسلم السيّد بثلاثين من الفضة. أن ترى المرأة الأجنبيّة جّذابة … كما رآها شمشون … فترتمي بأحضانها ناسيا قداسة الله
ما هو السلوك بالإيمان؟
أما السلوك بالإيمان فهو أن تسلك بحسب المعطيات السماويّة.أن تسلك بحسب التوجيهات الإلهيّة في العالم المنظور.أنت مطالب بأن تسلك بثقة كاملة بالله معتمدا على وصاياه وتوجيهاته لو مهما بدت غريبة.فعندما يقول من كل شجر الجنة تأكل أكلا وأما الشجرة التي في وسط الجنة فلا تأكل منها … تطيع بدون سؤال. وعندما تسأل عن سبب هذا الأمر تقول … أنا أثق بحكمة الرّب وأعيش بالإيمان وليس بالعيان
وعندما ترى الصحراء قاحلة أمامك كما رآها إبراهيم، وترى لوط ينعم بأرض الخصب والمياه، تقبل دعوة الرّب لك وتؤمن بأن الله قادر أن يفجّر لك الينابيع في الصحراء ويعيلك، فتسلك بالإيمان وليس بالعيان
وعندما ترى الناس جحافل جحافل منبطحين أمام إله المال، عندئذ تقول للرّب، “أنا أعتمد عليك في حياتي وأعيش بأمانة ولا أرضى إلا أن آكل خبزي بعرق جبيني، لأنني بالإيمان بك أسلك وليس بالعيان
وعندما تثور الشهوة وتسيطر على الناس في كل طبقات المجتمع، تعاهد الرّب على العفّة في العزوبيّة والأمانة في حياتك الزوجيّة، رغم كل إشارات المجتمع والعالم من حولك، أنت تسلك بالإيمان وليس بالعيان
السلوك بالإيمان هو أن تسلك بحسب التوجيهات الإلهيّة، وبحسب ما أوصانا فيه الرّب في الكتاب المقدّس
وهو أن نسلك بحسب ما أوصانا الرّب يسوع المسيح إلهنا، في القرن الواحد والعشرين من دون أن نحيد عن كلمة الرّب لا يمينا ولا يسارا. وأن تؤمن بأن يسوع معك … وأنك أنت ابن ملك الملوك وربّ الأرباب، وأنّه معك ولا يتركك بل يرعى حياتك ويقودك ويحامي عنّك ويشبع حياتك ببركاته وحضوره، فلا تحتاج معه إلى أحد بل تقول مع المرّنم قائلا: “مَنْ لِي فِي السَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئًا فِي الأَرْضِ.” (مز 73: 25). وتقول مع بولس الرسول: “فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضًا نَنْتَظِرُ مُخَلِّصًا هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ” (في 3: 20)
.التحدي الكبير في حياة المؤمن هو أن يسلك بالإيمان في وسط عالم العيان
.بعينيك ترى الظروف الصعبة، أما بالإيمان فترى يدّ الرّب القديرة
.بعينيك ترى الموت، أما بالإيمان فترى الحياة الأبديّة
.بعينيك ترى الاضطهاد، أما بالإيمان فترى الأكاليل السماويّة
.بعينيك ترى الظلم، أما بالإيمان فترى الله الديان على عرشه
.بعينيك ترى ضعفك، أما بالإيمان فترى قوّة الله في حياتك
.بعينيك ترى محدوديّتك، أما بالإيمان فترى عمل الروح القدس القادر أن يفعل أكثر مما نطلب
.بعينيك ترى سيادة الأشرار، أما بالإيمان فترى فراغهم وبؤسهم وعقابهم
.بعينيك ترى الآلام، أما بالإيمان فترى المجد العتيد أن يستعلن فينا
.بعينيك ترى الاستخفاف بالمؤمنين، أما بالإيمان فترى أنّه عندما يظهر سنكون مثله، لأننا سنراه
ثانيا. السلوك بالإيمان هو مفتاح النصرة في حياة المؤمن
“لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا. لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا
…حياة الإيمان تخفف ضيقاتنا: خفة ضيقتنا الوقتيّة
…حياة الإيمان تربطنا بالأبدية: تنشئ لنا، أكثر فأكثر، ثقل مجد أبدي
…حياة الإيمان تجعلنا نثابر وسط المفشلات: لذلك لا نفشل
حياة الإيمان تجدد شبابنا الروحي يوما فيوما: نجدد شبابنا الروحي – الإنسان غير المؤمن كل ما كبر بالعمر يدب اليأس في حياته. أما المؤمن فكلما كبر بالعمر فيجدد شبابه بينما يستعد للقاء حبيبه ومخلصه يسوع المسيح المبارك العزيز، له كل المجد
ثالثا. السلوك بالإيمان يتطلّب البصيرة روحيّة
“وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ”
إلى أين تنظر؟ هل تنظر إلى الأشياء التي ترى؟ كلها فانية وكلها باطلة: الشهرة – المال – المجد… كنت اقرأ عن أحد مشاهير العالم. لديه عشرة سيارات فريدة من نوعها، أرخص واحد سعرها 50 ألف دولار وأغلى واحدة سعرها 3 مليون دولار. ليست لدي أي مشكلة معه، لكن أشفق عليه هو، أنه بعد 20 سنة ستصير كلها خرضة. ستبطل موضتهم. سيأتي شخص آخر ويشتري النوع الأجد ويقولون له: سيارتك قديمة. والأسوأ من ذلك هو أنّ عند موته، تبقى كل ثروته على الأرض لتصبح سبب مشاكل العائلة والأقرباء كلهم على مدى سنوات
.إلى أين تنظر؟ إما أن تعيش حياتك للأشياء التي ترى وإما أن تعيش حياتك بالنظر إلى الأشياء التي لا ترى
“وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ”
الموضوع هو: إلى أين تنظر؟
هل تنظر إلى الأمور التي ترى، فتراها أنها ذات قيمة؟ كلنا نعرف أن هذه أكذوبة الأكاذيب، لأن الكتاب يقول “الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس …”. والكتاب يقول: “عريانا خرجت من بطن أمي وعريانا أعود”. والكتاب يقول: “أنّ الأشياء التي ترى هي وقتيّة وأما التي لا ترى فأبديّة
أين هي الأمور التي لا ترى؟ كيف ننظر إلى الأمور التي لا ترى؟ الأمور التي لا ترى هي الأمور المرتبطة بالرّب وبوعوده
“وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ. لكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ الْكَامِلِينَ، وَلكِنْ بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هذَا الدَّهْرِ، وَلاَ مِنْ عُظَمَاءِ هذَا الدَّهْرِ، الَّذِينَ يُبْطَلُونَ. الَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا أَحَدٌ مِنْ عُظَمَاءِ هذَا الدَّهْرِ، لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ. بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ». فَأَعْلَنَهُ اللهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ
وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ، بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ، لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ، الَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضًا، لاَ بِأَقْوَال تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ، قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ
لأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ فَيُعَلِّمَهُ؟» وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ.” (1كو2)“
إيمان راسخ وثابت وقوي لأنه يعتمد على كتاب ملآن بالوعود والإعلانات. أنا أعيش بالإيمان عندما أطيع وصايا الرّب بوجه كل تحد أرضي وزمني. وأعيش برجاء الحياة الأبديّة في كل لحظة من حياتي. قال يسوع: ” اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.” (متى 24: 35) وكتب بطرس الرسول يقول بوحي الروح القدس: ” مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ.” (1 بط 1: 23)
كلمة الرّب تلدك، كلمة الرّب تحررك، كلمة الرّب تقود حياتك من يوم تجديدك … وتوصلك بأمان إلى الأبديّة. أنا احيا بالإيمان لأني أرى أمور الله غير المنظورة في كلمته المعلنة … وأصدق وأثق وأطيع الرّب، وأحيا بالإيمان
أخيرًا،بالإيمان قدم هابيل لله ذبيحة أفضل من قايين. بالإيمان نقل أخنوخ لكي لا يرى الموت. الإيمان نوح بنى الفلك. بالإيمان إبراهيم لما دعي، أطاع. بالأيمان سارة أخذت قدرة على إنشاء نسل. بالإيمان موسى لما كبر ابى أن يدعى ابن ابنة فرعون مفضلا بالأحرى أن يذل مع شعب الرّب على أن يكون له تمتع وقتي بالخطيّة. وبيوم من الأيام سيقف ربّ المجد في السماء ويكمل القائمة ويقول
منيتي أن أسمع المدح من فمه الطاهر … وأنت؟