أحد أهمّ المواضيع الّتي تواجه المؤمن منذ بداية إيمانه هو العطاء للفقراء والمحتاجين. غالبًا ما تسمع هذه العبارة من النّاس: “أنا أعرف أنّك مؤمن وتخاف الله، قاصدك بحاجة ماديّة، وأحيانًا كثيرة يكون الشّخص طالب المال أو المساعدة لديه أسبابًا وجيهة لمساعدته، مثل: “ليس معي مالاً لألبّي حاجات عائلتي وأولادي، أو إذا لم أدفع الإيجار آخر الشّهر يرمونني خارجًا… عليّ تشريج الخليوي لأنّي محتاجه في عملي… وأردّ المبلغ لك قريبًا جدًّا
منذ عدّة سنوات جاء أحد الأشخاص إلى الكنيسة وواظب على حضور عدّة اجتماعات، فاتّخذتُ الفرصة لأخبره عن المسيح. كان لديه مشاكل عائليّة وكان رجل مكسور ومبتعد عن عائلته فاستضفناه في بيتنا عدّة مرّات واهتمينا به وفرحنا حين رأينا وضعه يتحسّن. في إحدى اللّيالي اتصل بي وقال لي بأنّه محتاج لمبلغ من المال ووعدني بأن يردّه في نهاية الشّهر، لا أذكر الحاجة ولكنّني أعطيته مساعدة، وبعدها ما عدت رأيته في الكنيسة وما عاود الاتصال بي ولا ردّ على اتصالاتي وتوارى عن الأنظار. مرّت الأيام وبعد عدّة سنوات كنّا في البيت عندما دق جرس الباب ففتحت الباب وإذا هو ومعه فتاة بعمر الـ14 تقريبا. فرحت عندما رأيته فجلس وقال هذه ابنتي، أريد منك أن تحدّثها عن الرّبّ، أنا لا أنسى محبّتك واهتمامك بي والآن كبرت ابنتي وأريدها أن تتعرف على أناس مثل أفضالك، فجلسنا معهما وتكلّمنا عن الرّبّ وقضينا بضع ساعات، بعدها غادر ولم يحدّثني عن المال. في اليوم التّالي يُقرع الباب وتدخل ابنته وتقول لي “أرسلني البابا إليك لأنّنا محتاجون لمبلغ من المال لندفع الإيجار وإلا يطردوننا من البيت، أرجوك ساعدنا نحن محتاجون المبلغ ويعدك أن نردّه قريبًا جدًّا، أنا جئت مع أحد الأشخاص وهو ينتظرني بالسّيارة “. ماذا أفعل؟ طبعًا ساعدتها، وكالمرّة السّابقة ما عدت لأراهم
السّؤال ماذا نفعل كمؤمنين، هل نسمح لهذه الحوادث أن تسدّ آذاننا عن حاجات الفقراء والمحتاجين؟
فأمام هذه الحاجات الحقيقيّة والطّلب الملحّ يقف المؤمن بحيرة كيف سيتصرّف وغالبًا ما يعطي المؤمن من ماله مرّة واثنين وثلاثة … ليلاحظ لاحقًا بأنّ الّذين ساعدهم لم يكونوا أهلاً لهذه المساعدة، ومع الوقت يتقسى قلبه ولا يعود يعطي أحدا. ومثل هذه القصص، كثيرّا ما تتكرّر في حياتنا وخدمتنا فماذا نفعل؟
نحن بحاجة أن نتكلّم عن هذا الموضوع الأساسيّ الّذي يواجه خدمتنا وعلينا معرفة ما هو موقف الكتاب المقدّس من العطاء الماديّ للفقراء؟ ما هي توجيهات الرّبّ للمؤمن وما هو موقفي تجاه الفقراء والمحتاجين؟
الرّبّ علّم شعبه في العهد القديم وفي العهد الجديد عن هذا الأمر الجوهريّ في حياة المؤمن، وهناك آيات كثيرة تتحدّث عن العطاء الماديّ للفقراء والمحتاجين، لا سيّما في خطاب بولس الرّسول الوداعيّ لرعاة كنيسة أفسس، حيث تحدّث عن المال في حياته وعن العطاء
اعمال 20: 32-36، “وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي للهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثًا مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ. فِضَّةَ أَوْ ذَهَبَ أَوْ لِبَاسَ أَحَدٍ لَمْ أَشْتَهِ. أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ حَاجَاتِي وَحَاجَاتِ الَّذِينَ مَعِي خَدَمَتْهَا هَاتَانِ الْيَدَانِ. فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرَيْتُكُمْ أَنَّهُ هكَذَا يَنْبَغِي أَنَّكُمْ تَتْعَبُونَ وَتَعْضُدُونَ الضُّعَفَاءَ، مُتَذَكِّرِينَ كَلِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ أَنَّهُ قَالَ: مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ». وَلَمَّا قَالَ هذَا جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ مَعَ جَمِيعِهِمْ وَصَلَّى.” (اع 20: 32-36)
أولاً. توجيهات الرّبّ الماديّة للمؤمن
الرّبّ يتوقّع من المؤمن أن يعمل ليسدّد حاجاته. عندما كان بولس في أفسس حيث خدم ثلاثة سنوات كان يعمل بيديه ليسدّد حاجته وحاجة الخدّام الآخرين معه. “وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي للهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثًا مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ. فِضَّةَ أَوْ ذَهَبَ أَوْ لِبَاسَ أَحَدٍ لَمْ أَشْتَهِ. أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ حَاجَاتِي وَحَاجَاتِ الَّذِينَ مَعِي خَدَمَتْهَا هَاتَانِ الْيَدَانِ. ” في بعض الأحيان كان بولس يُدعم ماديّا من الكنائس وفي أوقات أخرى كان يعمل بيديه ليسدّد حاجته. لأنّ العمل هو الوسيلة الّتي وضعها الرّبّ منذ البدء لتسديد حاجة الإنسان. “بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ.” (تك 3: 19)
الفقر ليس عيبًا أو شرًّا: لقد كان بولس أحد خدّام الرّبّ الأمناء الّذين عاشوا بالإيمان كما كان أحد الفقراء ماديّا ولكنّه كان غنيًّا بالرّبً بحيث كتب في إحدى المرّات ” كَفُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ، كَأَنْ لاَ شَيْءَ لَنَا وَنَحْنُ نَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ.” (2كو 6: 20). فالفقر ليس عيبًا وليس شرًّا وأحيانًا قد يكون هناك مؤمنون محتاجين ماديًّا كبولس ولكنّهم أغنياء بالرّبّ
الرّبّ وعد بأن يسدّد حاجات المؤمن الماديّة: “فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الْحَقْلِ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي التَّنُّورِ، يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، أَفَلَيْسَ بِالْحَرِيِّ جِدًّا يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟ فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.” (متى 6: 30-33)
الرّبّ يتوقع من المؤمن أن يكون معطاءً تجاه الفقراء: “فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرَيْتُكُمْ أَنَّهُ هكَذَا يَنْبَغِي أَنَّكُمْ تَتْعَبُونَ وَتَعْضُدُونَ الضُّعَفَاءَ، مُتَذَكِّرِينَ كَلِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ أَنَّهُ قَالَ: مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ». وَلَمَّا قَالَ هذَا جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ مَعَ جَمِيعِهِمْ وَصَلَّى.” بولس كان يعمل بيديه ليسدّد حاجة الخدّام الّذين معه وكان يتعب لكي يعضد الضّعفاء
لأَنَّهُ لاَ تُفْقَدُ الْفُقَرَاءُ مِنَ الأَرْضِ. لِذلِكَ أَنَا أُوصِيكَ قَائِلاً: افْتَحْ يَدَكَ لأَخِيكَ الْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ فِي أَرْضِكَ.” (تث 11: 15) “مَنْ يَرْحَمُ الْفَقِيرَ يُقْرِضُ الرَّبَّ، وَعَنْ مَعْرُوفِهِ يُجَازِيهِ.” (أم 19: 17)
وَلكِنْ لاَ تَنْسَوْا فِعْلَ الْخَيْرِ وَالتَّوْزِيعَ، لأَنَّهُ بِذَبَائِحَ مِثْلِ هذِهِ يُسَرُّ اللهُ.” (عب 13: 16) “وَأَنْ يَصْنَعُوا صَلاَحًا، وَأَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فِي أَعْمَال صَالِحَةٍ، وَأَنْ يَكُونُوا أَسْخِيَاءَ فِي الْعَطَاءِ، كُرَمَاءَ فِي التَّوْزِيعِ” (1تيم 6: 18) “لاَ يَسْرِقِ السَّارِقُ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَتْعَبُ عَامِلاً الصَّالِحَ بِيَدَيْهِ، لِيَكُونَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ لَهُ احْتِيَاجٌ” (اف 4: 28)لا يمكن أن ننسى وصيّة الرّبّ القائلة: “مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ.” (متى 5: 42) هذه الآية لا تعني أن تعطي كلّ من طلب منك حتّى لو كان يستغلّك، ولكن تحثّ المؤمن على روح العطاء، وعلينا أن لا ننسى أن الموعظة على الجبل مرتبطة بوصايا الرّبّ في العهد القديم وهنا كان الرّبّ يشير إلى العطاء بطريقة كتابيّة. «إِنْ كَانَ فِيكَ فَقِيرٌ، أَحَدٌ مِنْ إِخْوَتِكَ فِي أَحَدِ أَبْوَابِكَ فِي أَرْضِكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، فَلاَ تُقَسِّ قَلْبَكَ، وَلاَ تَقْبِضْ يَدَكَ عَنْ أَخِيكَ الْفَقِيرِ، بَلِ افْتَحْ يَدَكَ لَهُ وَأَقْرِضْهُ مِقْدَارَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ.” (تث 15: 7و8)
ثانيًا. أولويّات العطاء الماديّ للمؤمن
كثرة الفقر اليوم في العالم تضع المؤمن أمام أزمة كبيرة.وقد أظهر تقرير دوليّ أن نحو ملياريّ شخص حول العالم يعانون الفقر ومن ضمنهم لبنانيين، و753 مليونًا يعيشون في فقر مدقع، بسبب المجاعة والجفاف والصّراعات والكوارث الطّبيعية وأسباب أخرى. وهذاالتّقرير أعدّته منظّمة “مبادرات التّنمية” الإنمائية الدّولية وهي منظّمة مستقلّة مقرّها لندن، لمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني. وأوضح التّقرير أن نحو ملياريّ شخص يعيشون بدخل لا يتجاوز 3.2 دولارا يوميًا، فيما لا يتجاوز دخل من يقبضون في الفقر المدقع 1.9 دولارًا يوميًّا.وقدّرت المنظّمة عدد المحتاجين إلى مساعدات دوليّة بأكثر من 201 مليون شخص، يعيشون في 134 بلدًا، بينها اليمن وسوريا والعراق والصّومال ولبنان والأردن والسّودان وفلسطين وأفغانستان. وللعام الخامس على التّوالي، تصدرت سوريا، في 2017، إجمالي المساعدات الإنسانيّة المقدمة، بنسبة 14 بالمئة، تلتها اليمن بنسبة 8 بالمئة. وأشار التّقرير إلى أن تركيا تصدّرت دول العالم من حيث تقديم المساعدات الإنسانية خلال العام الماضي، بإجمالي قيمة 8.07 مليار دولار، تلتها الولايات المتحدة بـ6.68 مليار دولار، ثم ألمانيا بـ2.99 مليار دولار، ثم بريطانيا بـ2.52 مليارًا
وأوضح التّقرير أن إجمالي قيمة المساعدات الإنسانية خلال العام الماضي بلغ نحو 27.4 مليار دولار، أي أن أنقرة بمفردها ساهمت بنحو ثلث المساعدات الإنسانية.كما تعتبر تركيا أكثر دول العالم استقبالًا للاجئين؛ إذ يبلغ عدد السّوريّين الّذين لجأوا إليها بسبب الحرب في بلادهم، نحو 3.5 مليون سوري. وخلال العام الماضي، بلغ عدد النّازحين في العالم بسبب النّزاعات والعنف والاضطهاد نحو 68.5 مليون شخص، بزيادة بنحو 4.5 بالمئة مقارنة بـ 2016
السّؤال الّذي يسأله المؤمن أنّه كيف يستطيع أن يحلّ مشكلة الفقر في العالم، والجواب هو أنّ الله لم يطلب منه أن يحلّ مشكلة الجوع في العالم ولا مشكلة الفقراء في العالم، ولكن الله يتوقع منه أن يكون معطاء ولكي يعرف المؤمن كيف يعطي عليه أن يلاحظ أولويّات استخدام المال في الكتاب المقدس ،فالرّبّ يعطيك المال في يدك ويعطيك توجيهات كيف تستخدمه
:فما هي أولويّات صرف المال
العشور والتّقدمات للرّبّ “أَكْرِمِ الرَّبَّ مِنْ مَالِكَ وَمِنْ كُلِّ بَاكُورَاتِ غَلَّتِكَ” (أم 3: 9)
تسديد حاجاتك (عائلتك) الماديّة “فَإِنَّنَا أَيْضًا حِينَ كُنَّا عِنْدَكُمْ، أَوْصَيْنَاكُمْ بِهذَا: «أَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ فَلاَ يَأْكُلْ أَيْضًا.” (2تس 3: 10) تعتني بخاصتك “وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْتَنِي بِخَاصَّتِهِ، وَلاَ سِيَّمَا أَهْلُ بَيْتِهِ، فَقَدْ أَنْكَرَ الإِيمَانَ، وَهُوَ شَرٌّ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ.” (1تيم 5: 8)
تعتني بأهلك العاجزين “أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ»، الَّتِي هِيَ أَوَّلُ وَصِيَّةٍ بِوَعْدٍ” (اف 6: 2) “إِنْ كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَوْ مُؤْمِنَةٍ أَرَامِلُ، فَلْيُسَاعِدْهُنَّ وَلاَ يُثَقَّلْ عَلَى الْكَنِيسَةِ، لِكَيْ تُسَاعِدَ هِيَ اللَّوَاتِي هُنَّ بِالْحَقِيقَةِ أَرَامِلُ.” (1تيم 5: 16)
تعتني بالمؤمنين المحتاجين “فَإِذًا حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ.” (غل 6: 10)
تعتني بالفقراء الموجودين في العالم “فَإِذًا حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ.” (غل 6: 10)
قد تستصعب هذا وتفكّر أنّه لن يبقى شيء للفقراء. ولكن عندما تتصرّف بعكس أولويّات كلمة الرّبّ سيختل التّوازن في حياتك الرّوحيّة. تستطيع أن تتّفق أنت وأهل بيتك على مساعدة عائلة محتاجة. ولكن ليس على حساب عائلتك
ثالثًا. أسلوب العطاء المادي
تحقّق بأن مَن تعطيه هو فعلاً فقير بالمفهوم الكتابي: ليس كسول، “اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللهِ الآبِ هِيَ هذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِلاَ دَنَسٍ مِنَ الْعَالَمِ.” (يع 1: 27) لماذا اليتامى والأرامل؟ لأنّهم فعلاً بحاجة. عليك أن تنبته بأن لا تساعد شخصًا غير مستحق لأنّك تزيد تعاسته مثل أولاد أو أشخاص على الطريق. أمّا المعوّق على الطّريق فالرّبّ يعطيك الحكمة، فلا أستطيع أن أقول لك ما تعمله؟ المتسوّلة اللّبنانية المليونيرة فاطمة محمد عثمان تخيّل كم تركت من ثروة وراءها، فقد عُثر على مبلغ 5 ملايين ليرة لبنانية نقدًا، أي أكثر من 3300 دولار آنذاك خبأتها المتوفاة بين أغراضها الشّخصية، فضلاً عن دفاتر مصرفيّة، ناهيك عن حساب مصرفيّ آخر بقيمة تجاوزت المليون دولار أميركي
تحقّق بأنّ المساعدة الماديّة لن تساعد الفقير على كسر وصايا الرّبّ: إدمان، كسل، دخان
من المستحسن أن تسأل من تريد مساعدته، إذا كان أمينًا في عشوره للرّبّ طبعًا إن كان مؤمنًا، وإذا تقدّم شخص إليك من الكنيسة، اطلب منه أن يتحدث مع راعي الكنيسة عن الموضوع أو إذا كان لديك شكّ أو تحتاج إلى توضيح تحدث مع راعي الكنيسة وخذ مشورته
خذ وقتك بالصّلاة والتّفكير لكيلا يكون قرارك عاطفي، فلا تخجل من الاعتذار من شخص ما إذا كنت غير مرتاح للعطاء
عندما يقودك الرّبّ، أعط بسخاء: “المعطي فبسخاء” وليس رفع عتب
أعط بفرح كمن يعطي الرّبّ: “لأَنَّ الْمُعْطِيَ الْمَسْرُورَ يُحِبُّهُ اللهُ.” (2كو 9: 7)
أعط دون أن تشعر بفضلك على الآخر: ” اِحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْنَعُوا صَدَقَتَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَنْظُرُوكُمْ” هذا ويمكنك أن تعطي من خلال الكنيسة لشخص محتاج أو عائلة محتاجة
أعط دون أن تظهر نفسك: “اِحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْنَعُوا صَدَقَتَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَنْظُرُوكُمْ، وَإِلاَّ فَلَيْسَ 7لَكُمْ أَجْرٌ عِنْدَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُصَوِّتْ قُدَّامَكَ بِالْبُوقِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُرَاؤُونَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي الأَزِقَّةِ، لِكَيْ يُمَجَّدُوا مِنَ النَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ” (متى 6: 2و3)
أعط بإيمان بأن الرّبّ سيبارك عطاءك: “لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.” (متى 6: 4)
رابعًا. توجيهات كتابيّة للمؤمن المحتاج
الرّب وعد أن يهتمّ بكلّ حاجاتك “مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ.” (1 بط 5: 7)
“لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.” (متى 6: 33)
اجتهد وكن أمينًا مع الرّبّ وهو سيسدّد كلّ حاجة: “أَيْضًا كُنْتُ فَتىً وَقَدْ شِخْتُ، وَلَمْ أَرَ صِدِّيقًا تُخُلِّيَ عَنْهُ، وَلاَ ذُرِّيَّةً لَهُ تَلْتَمِسُ خُبْزًا.” (مز 37: 35)
الرّبّ لديه طرق عديدة لتسديد حاجاتك مثل العمل، فرص جديدة، تخفيف الأعباء ومساعدات غير ماديّة من الآخرين
الرّبّ قد يستخدم ضيقتك الماديّة لكي يعلّمك دروس روحيّة ويدخلك لعمق روحيّ كالاعتماد عليه، كترتيب الأولويّات أو كشف ضعف روحيّ معيّن (حنانيا وسفيرة اللّذين كذبا على الرّوح القدس)
الرّبّ قد يستخدم أشخاصًا آخرين في حياتك، فهو من يثقّل على قلب الآخرين ليستخدمهم في حياتك
الآخرين غير ملزمين بك الشّعور بأنّ الآخرين ملزمين بك وتصديق هذا الشّعور مشكلة، فلا تتعامل مع الآخرين على هذا الأساس فكلّ إنسان مسؤول عن نفسه أمام الرّبّ ووصيّة الرّبّ لك أن تعطي وليس أن تأخذ … “فضة أو ذهب أو لباس أحد لم أشته
الآخرين لديهم حاجات أيضًا، كان بولس مهتمًّا بالآخرين ومدركًا لحاجاتهم أيضًا
أنت أيضًا تستطيع أن تساعد محتاج آخر، بولس ساعد الآخرين أيضا “حاجاتي وحاجات الّذين معي خدمتها هاتان اليدان
إحدى علامات التّجديد هي العطاء “مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ” ” لاَ يَسْرِقِ السَّارِقُ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَتْعَبُ عَامِلاً الصَّالِحَ بِيَدَيْهِ، لِيَكُونَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ لَهُ احْتِيَاجٌ.” (أف 4: 28)
وأخيرًا، الرّب يريدنا أن نكون أسخياء في العطاء، ولكنّه يريدنا أيضًا أن نكون حكماء في العطاء