دور الرعاية الكنسيّة في نمو المؤمن

إحدى أجمل الصور التي نشاهدها في الطبيعة هي صورة شجرة قويّة بين الصخور. ترى في هذه الصورة شجرة نامية رغم طبيعة الأرض الصخريّة. أو عندما ترى زهرة جميلة نابتة في حائط من الإسمنت. ترى قوّة هذه الزهرة في التغلّب على الظروف المحيطة بها، وترى قوّة الحياة رغم هاجس الموت. ترى قوّة الحياة رغم قساوة الظروف. ترى عظمة النمو وسط اختبارات الحياة المرّة. هذه الصورة في صورة المؤمن النامي في الحياة الروحيّة. المؤمن بالمسيح يعيش في حرب روحيّة طاحنة. المسيح سبق وقال “…لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدِ اضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ حَفِظُوا كَلاَمِي فَسَيَحْفَظُونَ كَلاَمَكُمْ.” (يو 15: 20). هو سبق وقال “قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ” (يو 16: 33). والمؤمن مطالب بأن ينمو في بيئة معادية للمسيح وتعاليمه وقداسته. المؤمن مطالب بأن ينمو في وسط الشدة والضيق والاضطهاد والجوع والعري والخطر والسيف … المؤمن مطالب بالنمو رغم الظروف الصعبة المحيطة

العديد من الرسائل في العهد الجديد تشير إلى هذه الحقيقة. الكثير من المقاطع في العهد الجديد كتبت للمؤمنين لكي تحثّهم على النمو رغم الظروف والتحديات والحرب الروحيّة. رسالة بطرس الرسول الأولى هي إحدى هذه الرسائل التي تحث المؤمن وتوصيه بالنمو الدائم وسط التحديات. رسالة بطرس الرسول الأولى تشجعك على أن تكون كزهرة تنمو في حائط من الإسمنت. تشجعك على أن تنمو كشجرة بين الصخور

.ويشير بطرس في رسالته إلى ثلاثة عوامل رئيسيّة تساعدك على النمو الدائم

نقرأ عدّة قراءات من رسالة بطرس الأولى، فإن أمكن تفتحوا كتبكم المقدسة على رسالة بطرس الأولى والإصحاح الأوّل. يبدأ بطرس رسالته الأولى بتسليط الضوء على امتيازات المؤمن 1 بط 1: 3-6،

مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ، أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ، بِإِيمَانٍ، لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ. الَّذِي بِهِ تَبْتَهِجُونَ، مَعَ أَنَّكُمُ الآنَ ­ إِنْ كَانَ يَجِبُ ­ تُحْزَنُونَ يَسِيرًا بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ،

:هذه الامتيازات المباركة تضع المؤمن أمام مسؤوليّة

لذلك يتابع بطرس قائلا في العدد 13

لِذلِكَ مَنْطِقُوا أَحْقَاءَ ذِهْنِكُمْ صَاحِينَ، فَأَلْقُوا رَجَاءَكُمْ بِالتَّمَامِ عَلَى النِّعْمَةِ الَّتِي يُؤْتَى بِهَا إِلَيْكُمْ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ، لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ السَّابِقَةَ فِي جَهَالَتِكُمْ، بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ». وَإِنْ كُنْتُمْ تَدْعُونَ أَبًا الَّذِي يَحْكُمُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ حَسَبَ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ، فَسِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ

أولا. المسؤوليّة الفرديّة

النمو الروحي يأتي هو نتيجة تحمّل المؤمن للمسؤوليّة الفرديّة في هذا النمو. النمو هو مسؤوليّة فرديّة. أنت مسؤول عن نموّك … وأنت مسؤول عن عدم نموّك. لاحظ الكلمات التي يتوجه به الرّب للمؤمنين

“لِذلِكَ مَنْطِقُوا أَحْقَاءَ ذِهْنِكُمْ صَاحِينَ”

من هو المسؤول عن أن يمنطق أحقاء ذهنه يعني أن يغذي فكره ويصحو؟ المؤمن نفسه

كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ، لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ السَّابِقَةَ فِي جَهَالَتِكُمْ، بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ». وَإِنْ كُنْتُمْ تَدْعُونَ أَبًا الَّذِي يَحْكُمُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ حَسَبَ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ، فَسِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ

من هو المسؤول عن أن لا يشاكل شهواته السابقة؟ المؤمن نفسه

من هو المسؤول عن أن يكون قديس في كل سيرة؟ المؤمن نفسه

من هو المسؤول عن أن يسير زمان غربته بخوف؟ المؤمن نفسه

هذه مسؤوليّة فرديّة يجب عليك أن تتحملها! كما تتحمل مسؤوليّة في بيتك وفي عملك وفي دراستك … هكذا أيضا عليك أن تتحمل مسؤوليّة في حياتك الروحيّة أن تنمو

لاحظ العدد22 ” طَهِّرُوا نُفُوسَكُمْ فِي طَاعَةِ الْحَقِّ بِالرُّوحِ لِلْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ الْعَدِيمَةِ الرِّيَاءِ، فَأَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ بِشِدَّةٍ.” (1بط 1)

من هو المسؤول عن أن يطهر نفسه في طاعة الحقّ؟

من هو المسؤول عن أن يحب إخوته محبة عديمة الرياء؟ وأن يحب إخوته من قلب طاهر بشدة؟

المؤمن نفسه …هذه مسؤوليّتك

عليك أن تصحو في الصباح الباكر وتفكر وتخطط كيف تتحمل مسؤوليّتك الروحيّة وتنمو في هذه النواحي

:لاحظوا في الاصحاح الثاني

“فَاطْرَحُوا كُلَّ خُبْثٍ وَكُلَّ مَكْرٍ وَالرِّيَاءَ وَالْحَسَدَ وَكُلَّ مَذَمَّةٍ …

وَكَأَطْفَال مَوْلُودِينَ الآنَ، اشْتَهُوا اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ

أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ كَغُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ، أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ …

وَأَنْ تَكُونَ سِيرَتُكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ حَسَنَةً …

لأَنَّ هكَذَا هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ: أَنْ تَفْعَلُوا الْخَيْرَ فَتُسَكِّتُوا جَهَالَةَ النَّاسِ الأَغْبِيَاءِ…” (1بط 2)

:لاحظوا في الاصحاح الثالث

كَذلِكُنَّ أَيَّتُهَا النِّسَاءُ، كُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِكُنَّ …كَذلِكُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ، كُونُوا سَاكِنِينَ بِحَسَبِ الْفِطْنَةِ مَعَ الإِنَاءِ النِّسَائِيِّ كَالأَضْعَفِ، مُعْطِينَ إِيَّاهُنَّ كَرَامَةً …” (1بط 3)

المسؤوليّة الفرديّة هي أساسيّة للنمو. هذا هو الفرق بين مؤمن ينمو ومؤمن لا ينمو!!! يوجد مؤمن يتحمّل مسؤوليّة ويتخذ موضوع النمو على محمل الجدّ ويصمم بأن ينمو في الحياة الروحيّة … ويوجد مؤمنون متهاونون يريدون أن ينموا بدون تحمل المسؤوليّة

أنا سؤالي لك، هل نموّك الروحي هو أحد أهداف حياتك؟؟؟ هل هو من ضمن أشواقك؟؟؟ هل هو أمر أنت مستعد أن تخصص له الوقت؟؟؟ هل تريد اليوم أن تشابه المسيح أكثر من يوم أمس؟؟؟ هل تريد اليوم أن تقرأ كلمة الرّب أكثر من يوم أمس ؟؟؟ هل تريد اليوم أن تطيع الرّب أكثر من يوم أمس ؟؟؟ هل تريد أن تنمو؟

:تقول كلمة الرّب

وَلكِنِ انْمُوا فِي النِّعْمَةِ وَفِي مَعْرِفَةِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. لَهُ الْمَجْدُ الآنَ وَإِلَى يَوْمِ الدَّهْرِ. آمِينَ.” (2بط 3: 18)

وَكَأَطْفَال مَوْلُودِينَ الآنَ، اشْتَهُوا اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ” (1بط 2: 2)

الشجرة بالطبيعة تبحث عن المياه … تمدّ جذورها نحو المياه لكي تنمو. وهذا ما يميزنا عن الشجر، هو إرادتنا بأن نمد جذورنا ولكنليس بالفطرة ولكن بالإرادة …فهل تريد؟

ثانيا. القوّة الإلهيّة

إن القوّة الإلهيّة هي أساس نمو المؤمن. لأن المؤمن هو إنسان عاجز عن النمو … ولكن عندما يختبر الولادة الجديدة يسكب الروح القدس في حياته ويعطيه القوّة. الله هو العامل في حياتنا للنمو الروحي

هذا الأمر الرائع في الحياة الروحيّة هو أنّه عندما تصمم بأن تنمو روحيّا ستجد كل قوّة الله حاضرة في حياتك لكي تعينك في هذا الموضوع …لا نستطيع أن ننمو بدون قوّة الله … وقوّة الله في حياتنا لن تتفعّل إن لم نصمم على النمو. لاحظ هذه الآيات في رسالة بطرس الأولى

أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ، بِإِيمَانٍ، لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ.” (1بط 1: 5)

.نحن محروسون بقوّة الله

لاحظوا ما يقوله الوحي في 1 بط 2: 25، “لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ كَخِرَافٍ ضَالَّةٍ، لكِنَّكُمْ رَجَعْتُمُ الآنَ إِلَى رَاعِي نُفُوسِكُمْ وَأُسْقُفِهَا.” (1بط 2: 25) من هو راعي نفوسنا؟ المسيح نفسه هو راعينا

لاحظوا 1 بط 3: 12، “لأَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ عَلَى الأَبْرَارِ، وَأُذْنَيْهِ إِلَى طَلِبَتِهِمْ، وَلكِنَّ وَجْهَ الرَّبِّ ضِدُّ فَاعِلِي الشَّرِّ». (1بط 3: 12)

.عندما تصمّم على النمو الروحي عين الرّب ستكون عليك وأذنيه لسماع طلبتك وتلبيتها

لاحظوا ما يقول الوحي في 1 بط 4: 11

“إِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ فَكَأَقْوَالِ اللهِ. وَإِنْ كَانَ يَخْدِمُ أَحَدٌ فَكَأَنَّهُ مِنْ قُوَّةٍ يَمْنَحُهَا اللهُ، لِكَيْ يَتَمَجَّدَ اللهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.” (1بط 4: 11)

.عندما تصمم أن تنمو في الخدمة وتخدم بتكريس أكثر وأمانة ستختبر قوّة يمنحها الله

لاحظوا 1 بط 4: 14

“إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ، فَطُوبَى لَكُمْ، لأَنَّ رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ. أَمَّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَيُجَدَّفُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَتِكُمْ فَيُمَجَّدُ.” (1بط 4: 14)

عندما تعيّر باسم المسيح طوبى لك لأن روح المجد والله يحل عليك

لاحظوا 1 بط 4: 19

“فَإِذًا، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ، فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ، كَمَا لِخَالِق أَمِينٍ، فِي عَمَلِ الْخَيْرِ.” (1بط 4: 19)

.عندما تتألم في مشيئة الله أن تستودع نفسك للخالق الأمين

لاحظوا 1 بط 5: 6

فَتَوَاضَعُوا تَحْتَ يَدِ اللهِ الْقَوِيَّةِ لِكَيْ يَرْفَعَكُمْ فِي حِينِهِ …” (1بط 5: 6)

عندما تنمو في التواضع تختبر رفعة الله لحياتك

ولاحظوا 1 بط 5: 7

“مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ.” (1بط 5: 7)

.ماذا يحدث عندما نلقي همّنا عليه؟ نختبر قوّته المعتنية بنا

والشاهد الأخير بهذا الموضوع، 1 بط 5: 10

وَإِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيرًا، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ.” (1بط 5: 10)

من هو الذي يكلمنا ويثبتنا ويقوينا ويمكننا؟

الله وقوّته في حياتنا. عندما تصمم بأن تنمو روحيّا وتتغيّر سوف تفعّل قوّة الله في حياتك. نعم تستطيع أن تتغيّر وتنتصر وتغلب وتتقدس بقوّة الله

ثالثا. المعونة الرعويّة

إن العامل الثالث للنمو في حياة المؤمن هو دور الكنيسة من خلال خدمة راعي الكنيسة. هذا موضوع نادرا ما نسمع عنه! هذا موضوع يعيق تقدّم الكثير من المؤمنين في حياة الإيمان … ولكن في الإصحاح الخامس من رسالة بطرس الرسول كتب بطرس هذه الكلمات

أَطْلُبُ إِلَى الشُّيُوخِ الَّذِينَ بَيْنَكُمْ، أَنَا الشَّيْخَ رَفِيقَهُمْ، وَالشَّاهِدَ لآلاَمِ الْمَسِيحِ، وَشَرِيكَ الْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ، ارْعَوْا رَعِيَّةَ اللهِ الَّتِي بَيْنَكُمْ نُظَّارًا، لاَ عَنِ اضْطِرَارٍ بَلْ بِالاخْتِيَارِ، وَلاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ، وَلاَ كَمَنْ يَسُودُ عَلَى الأَنْصِبَةِ، بَلْ صَائِرِينَ أَمْثِلَةً لِلرَّعِيَّةِ. وَمَتَى ظَهَرَ رَئِيسُ الرُّعَاةِ تَنَالُونَ إِكْلِيلَ الْمَجْدِ الَّذِي لاَ يَبْلَى

كَذلِكَ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، اخْضَعُوا لِلشُّيُوخِ، وَكُونُوا جَمِيعًا خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ، وَتَسَرْبَلُوا بِالتَّوَاضُعِ، لأَنَّ: «اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً». فَتَوَاضَعُوا تَحْتَ يَدِ اللهِ الْقَوِيَّةِ لِكَيْ يَرْفَعَكُمْ فِي حِينِهِ” (1بط 5: 1-6)

:خدمة الرعاية

من هو الراعي: هو شخص يقيمه الله في وسط الكنيسة المحليّة، شخص لديه قلب الأسد لكي يقود شعب الرّب وقلب الأم لكي يحنّ على كل مؤمن في الكنيسة. شخص يقود دون أن يتسلّط ويحب دون أن يساوم. شخص يعمل بتعب وكدّ في كل الظروف وينفق حياته لبنيان كنيسة المسيح، يشعر بضعف الضعيف ويلتهب مع المعثور، ولا يفتخر إلا بالمسيح

يصف بولس الراعي بالأب: “كَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ كُنَّا نَعِظُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ كَالأَبِ لأَوْلاَدِهِ، وَنُشَجِّعُكُمْ” (1تس 2: 11)

يصف بولس الراعي بالأم: “بَلْ كُنَّا مُتَرَفِّقِينَ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا تُرَبِّي الْمُرْضِعَةُ أَوْلاَدَهَا” (1تس 2: 7)

الراعي هو شخص أقامه الرّب في الكنيسة لكي يكون: أخ وأب وأم ومرشد روحي ورفيق … يرعى شعب الرّب بخوف الرّب … خدمة الرعاية هي أهمّ خدمة في الكنيسة لأن فيها يتعامل الله بطريقة ملموسة مع شعبه

:من الواضح أن

الكنيسة هي رعيّة – التشبيه هنا لقطيع من الغنم – يوجد فيها حياة جماعيّة وعلاقة وثيقة ورعاية واضحة

الكنيسة هي رعيّة المسيح … وهو رئيس الرعاة يعيّن في الكنائس رعاة لكي يرعو شعبه تحت قيادته

علاقتك أنت مع راعي الكنيسة لديها تأثير كبير على حياتك الروحيّة … لأنّ الرّب قد أقامه في هذا الموقع لكي يعينك في حياتك الروحيّة … ترتيب الله للرعيّة أن يكون فيها راعي يخدم تحت رعاية الرّب القدير – لديه مواصفات واضحة

مسؤوليّة الراعي أن يرعى رعيّة الله

وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ … ” (أف 4: 12)

“لأَنِّي لَمْ أُؤَخِّرْ أَنْ أُخْبِرَكُمْ بِكُلِّ مَشُورَةِ اللهِ. اِحْتَرِزُوا اِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ. لأَنِّي أَعْلَمُ هذَا: أَنَّهُ بَعْدَ ذِهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ لاَ تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ. وَمِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلاَمِيذَ وَرَاءَهُمْ.” (اع 20: 27-30)

:الراعي في الكتاب المقدّس

توجد 5 كلمات في ترجمتنا العربيّة تستخدم للإشارة إلى الراعي

الشيخ – الأسقف – قسيس – الناظر – الراعي

كل هذه الكلمات تشير إلى دور الراعي

في اللغة اليونانيّة الأصليّة يوجد ثلاثة كلمات تشتق منها هذه الأمور

الشيخ = التي تترجم في اللغة العربيّة شيخ أو قسيس

الناظر = التي تترجم في اللغة العربيّة أسقف وناظر

الراعي = التي تترجم رعاة

:المعنى

كلمة شيخ أ قسيس تشير إلى نضجه الروحي

كلمة ناظر أو أسقف تشير إلى مسؤوليّته على شعب الرّب

كلمة راعي تشير إلى علاقته بالمؤمنين

لماذا دور الراعي مهم في نموّك الروحي؟

لأنّ الراعي هو الشخص الذي أقامه الرّب لكي يعلّمك كلمة الله – الله لن يظهر شخصيا لكي يعلمك ولكنّه أقام أشخاص وأعطاهم مؤهلات معيّنة ومواهب لكي يقوموا بهذا العمل. الراعي هو الشخص الذي يراقب حياتك ويسهر عليها لكي يرى ما يجب أن يتحسّن ويتغيّر بحسب كلمة الرّب وهو يتواصل معك من قبل الله لكي يساعدك في حياتك الروحيّة. الراعي هو شخص لديه علاقة أخوية وأبوية وأمومية وروحيّة معك لكيما يساعدك روحيّا. وبالتالي رفضك لدور الراعي في حياتك هو رفض لتعاملات الله معك. مسؤوليّة المؤمنين هي أن يخضعوا للرعاة. لكي يخضعوا يجب أن يفهموا أهميّة دور الراعي ولماذا أقامه الله ويتجاوبون معه من خلال الخضوع

:توجد أزمة من أزمتين قد تحصل هنا

الأزمة الأولى أن لا يقوم الراعي بدوره في حياة الناس ربما بسبب تعب أو بسبب عدم كفاءة

الأزمة الثانية أن لا يخضع المؤمن للرعاة

من المهمّ أن يكون في الكنيسة راعي أو رعاة كفوئين يتحملون المسؤوليّة الروحيّة. ويجب أن يكون في الكنيسة خضوع لهذا الدور. هل افتكرت يوما أن راعي الكنيسة يقوم بدور مهمّ في نموّك الروحي؟

لقد باركني الرّب بخدمة الرعاية في هذه الكنيسة – هذه إحدى أسباب البركة في هذه الكنيسة هي تجاوب المؤمنين مع خدمة الرعاية. الخدمة القويّة ليست فقط بتعظيم الرّب على المنبر … ولكن في تعظيم كلمة الرّب في الزواريب والدهاليز والجلسات الجانبيّة … هذه اسمها الخدمة الرعائيّة … شباب ورجال بكل محبة واحترام يقبلون المشورة والنصيحة … يوجد رجال مباركون في هذه الكنيسة يسمعون النصيحة ويقبلون أن يكون لي دور في حياتهم … أشكر محبتهم وثقتهم. أخوات مباركات يقبلن النصيحة والمشورة … اشكر ثقتهن ومحبتهن. في هذه الكنيسة يوجد ـشخاص يقولون لي -قسيس نحن نريدك أن تكلمنا عن أي موضوع يتعلق بحياتنا ونموّنا الروحي – هؤلاء هم الأشخاص الذين ينمون في الحياة الروحيّة. هذه الثقة الموجودة تؤدي إلى نموّ روحي – هذه الثقة هي تتجاوب مع ترتيب الرّب في الكنيسة. هذا الدور مهمّ … نحن نعيش في زمن يتمرّد فيه الإنسان على السلطة … يتمرد الأولاد على أهلهم … يتمرد فيه المواطن على المسؤولين … يتمرّد فيه المؤمنين ويرفضون ترتيب الله في الكنيسة … هذا يؤدي إلى ضعف في حياة المؤمنين … ضعف في الكنائس … هذا يعيق الكنيسة من تحقيق أهدافها. هذه الكنيسة فيها مؤمنين يحبون الرّب … لذلك يفتح الرّب لنا آفاق كثيرة للخدمة

الشهر الماضي كنت أنا مسافر. كانت الكنيسة تسير بقوّة الرّب ونضج المؤمنين … خلال الشهر الماضي أنا وأخ مسؤول آخر خدمنا بأكثر من 20 كنيسة. يوم أمس كان الأخ يخدم بخدمة عربيّة في المانيا وكان أخ آخر يخدم بخدمة في كنيسة معمدانيّة أخرى في لبنان. من هذه الكنيسة يوجد راعيين آخرين يخدمون في كنائس أخرى. البركة والنمو لا يمكن أن يحدثا بدون مؤمنين نامين … ولولا ثقتهم بدعوة الرّب لي كراع لهذه الكنيسة لما حدثت كل هذه الأمور. ولولا وجود راع مقام من الرّب لقيادة هذا العمل لما حدثت كل هذه الأمور. ليس لأني أنا قوي … ولكن لأن هذا هو ترتيب الرّب في الكنيسة … ولأنّ المؤمنين في هذه الكنيسة يخضعون لترتيب الرّب. لا يوجد نمو للفرد أو للكنيسة التي لا تحترم ترتيب الله لخدمة الرعاية في الكنيسة. إذا كنت تريد أن تنمو، عليك أن تبني علاقة رعويّة قويّة مع راع الكنيسة … عليك أن تكون مستعد لما يقوله لك من كلمة الرّب … عليك أن تقبل منه التشجيع والتوبيخ …الوصيّة المشجعة والوصيّة الموبخة. هذا سيؤثر على نموّك … لا يستطيع المؤمن أن ينمو وهو يقاوم ترتيب الرّب للنمو

أَطِيعُوا مُرْشِدِيكُمْ وَاخْضَعُوا، لأَنَّهُمْ يَسْهَرُونَ لأَجْلِ نُفُوسِكُمْ كَأَنَّهُمْ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا، لِكَيْ يَفْعَلُوا ذلِكَ بِفَرَحٍ، لاَ آنِّينَ، لأَنَّ هذَا غَيْرُ نَافِعٍ لَكُمْ .” (عب 13: 17)

كَذلِكَ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، اخْضَعُوا لِلشُّيُوخِ، وَكُونُوا جَمِيعًا خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ، وَتَسَرْبَلُوا بِالتَّوَاضُعِ، لأَنَّ: «اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً».” (1بط 5: 5)

في الختام، معظم المؤمنين يعرفون المزمور الأوّل عن ظهر قلب. “فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي الْمِيَاهِ، الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ، وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ. وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يَنْجَحُ .” (مز 1: 3)

الرّب يريدك أن تكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه … تعطي الثمر في اوانه … وورقك لا يذبل … وكل ما تصنعه ينجح. ولكن للأسف نحن نعيش بين الصخور. إذا كنت تريد أن تنمو، تذكّر أنّك مسؤول عن نموّك … أنت مسؤول … صمّم على النمو. تذكّر أن قوّة الله حاضرة لتساعدك في هذه العمليّة المباركة اعتمد على الرّب لكي يغيّرك. تذكّر أن الله أوجد الكنيسة وأقام فيها راع او رعاة لكي يساعدوك في عمليّة النمو … اخضع وتجاوب. وإذا تفعل هذا سوف تنمو … وتنمو وتنمو لمجد الرّب. وعندما تنمو أنت سوف تكون بركة لآخرين

وهذا سينمي الكنيسة ويضاعف تأثير المسيح في العالم