تحذيرات للمؤمن البركة في الكنيسة

أجمل ما يستطيع أن يتركه الإنسان وراءه في حياته هو التأثير الجيّد على حياة الآخرين. أجمل ما يتركه المؤمن في حياته هو التأثير المبارك في حياة المؤمنين الآخرين وفي حياة الكنيسة. منذ فترة، كان عندنا مؤتمر للرعاة. كنّا حوالي ثمانية عائلات من الرعاة. الرعاة مع النساء والأولاد حوالي 35 شخص.  وكالعادة، تكرّست المؤمنات القديسات في كنيستنا لخدمتنا في الطبخ والاهتمام والاعتناء وتسديد كل حاجة لعائلات الرعاة. تركت المؤمنات تأثيرا مباركا على حياة الرعاة وعائلاتهم لن ينسوه إلى الأبد. وليس ذلك فقط، بل إحدى الأخوات ذكرت لي أنّ الوجود في مؤتمر الرعاة ورؤية العائلات وكيف يتعامل الرعاة مع بعضهم البعض والأجواء الحلوة التي كانت موجودة كانت بركة لحياتها. لقد ترك الرعاة وعائلاتهم تأثيرا مباركا أيضا في حياة كل من حضر في المؤتمر

ذكرّني هذا الأمر بشخصيّة غايس المبارك، الذي صار نموذجا للمؤمن المبارك في كنيسة المسيح. نحن مدعوون للتأثير المبارك في حياة الآخرين. ولكي يكون تأثيرنا مباركا، علينا أن نتحذّر من بعض الأمور. التأثير المبارك يكون أحيانا من خلال أمور نفعلها … ولكن أحيانا يكون التأثير المبارك من خلال أمور نتجنّب فعلها. من الضروري أن يفقرّق الإنسان ما بين الإيجابي والسلبي. من الضروري أن تعرف ما هي الأمور التي قد تعيق التأثير الإيجابي في حياتك

لهذا كتب يوحنا الحبيب لغايس عن ديوتريفوس. لكي يحذّره من بعض الأمور الرئيسيّة التي قد تعيق تأثيره المبارك على حياة الآخرين وعلى حياة الكنيسة. ديوتريفوس كان مؤمنا في الكنيسة، وكان لديه مواهب في الكنيسة، وكان ملتزما فيها. كان أحد القياديين والمسؤولين في الكنيسة. ولكن أمرا واضحا في الرسالة هو أنّه لم يكن بركة في الكنيسة ولم يترك تأثيرا إيجابيا فيها

ومن هذه الرسالة نستطيع أن نستخلص تحذيرات تنبهنا أولا عن أخطاء ممكن أن نقع فيها نحن، فلا نكون بركة في الكنيسة. وهذه التحذيرات تنبهنا أيضا عن أشخاص آخرين قد يسيئوا إلى الكنيسة. هذه التحذيرات هي لكي ننموا ونساعد الآخرين على النمو أيضا

:لذا نقرأ من رسالة يوحنا الثالثة

1اَلشَّيْخُ، إِلَى غَايُسَ الْحَبِيبِ الَّذِي أَنَا أُحِبُّهُ بِالْحَقِّ.2 أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحًا وَصَحِيحًا، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ. 3لأَنِّي فَرِحْتُ جِدًّا إِذْ حَضَرَ إِخْوَةٌ وَشَهِدُوا بِالْحَقِّ الَّذِي فِيكَ، كَمَا أَنَّكَ تَسْلُكُ بِالْحَقِّ. 4لَيْسَ لِي فَرَحٌ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ أَسْمَعَ عَنْ أَوْلاَدِي أَنَّهُمْ يَسْلُكُونَ بِالْحَقِّ.5 أَيُّهَا الْحَبِيبُ، أَنْتَ تَفْعَلُ بِالأَمَانَةِ كُلَّ مَا تَصْنَعُهُ إِلَى الإِخْوَةِ وَإِلَى الْغُرَبَاءِ، 6الَّذِينَ شَهِدُوا بِمَحَبَّتِكَ أَمَامَ الْكَنِيسَةِ. الَّذِينَ تَفْعَلُ حَسَنًا إِذَا شَيَّعْتَهُمْ كَمَا يَحِقّ ِللهِ، 7لأَنَّهُمْ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ خَرَجُوا، وَهُمْ لاَ يَأْخُذُونَ شَيْئًا مِنَ الأُمَمِ. 8فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَقْبَلَ أَمْثَالَ هؤُلاَءِ، لِكَيْ نَكُونَ عَامِلِينَ مَعَهُمْ بِالْحَقِّ. 9  كَتَبْتُ إِلَى الْكَنِيسَةِ، وَلكِنَّ دِيُوتْرِيفِسَ ­ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الأَوَّلَ بَيْنَهُمْ ­ لاَ يَقْبَلُنَا. 10مِنْ أَجْلِ ذلِكَ، إِذَا جِئْتُ فَسَأُذَكِّرُهُ بِأَعْمَالِهِ الَّتِي يَعْمَلُهَا، هَاذِرًا عَلَيْنَا بِأَقْوَال خَبِيثَةٍ. وَإِذْ هُوَ غَيْرُ مُكْتَفٍ بِهذِهِ، لاَ يَقْبَلُ الإِخْوَةَ، وَيَمْنَعُ أَيْضًا الَّذِينَ يُرِيدُونَ، وَيَطْرُدُهُمْ مِنَ الْكَنِيسَةِ. 11أَيُّهَا الْحَبِيبُ، لاَ تَتَمَثَّلْ بِالشَّرِّ بَلْ بِالْخَيْرِ، لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ الْخَيْرَ هُوَ مِنَ اللهِ، وَمَنْ يَصْنَعُ الشَّرَّ، فَلَمْ يُبْصِرِ اللهَ.12 دِيمِتْرِيُوسُ مَشْهُودٌ لَهُ مِنَ الْجَمِيعِ وَمِنَ الْحَقِّ نَفْسِهِ، وَنَحْنُ أَيْضًا نَشْهَدُ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ شَهَادَتَنَا هِيَ صَادِقَةٌ. 13وَكَانَ لِي كَثِيرٌ لأَكْتُبَهُ، لكِنَّنِي لَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكَ بِحِبْرٍ وَقَلَمٍ.14 وَلكِنَّنِي أَرْجُو أَنْ أَرَاكَ عَنْ قَرِيبٍ فَنَتَكَلَّمَ فَمًا لِفَمٍ. 15سَلاَمٌ لَكَ. يُسَلِّمُ عَلَيْكَ الأَحِبَّاءُ. سَلِّمْ عَلَى الأَحِبَّاءِ بِأَسْمَائِهِمْ

.يكتب الوحي آيات قليلة ولكن معبّرة عن شخص اسمه ديوتريفوس، الذي كان له التأثير السلبي على الكنيسة

 كَتَبْتُ إِلَى الْكَنِيسَةِ، وَلكِنَّ دِيُوتْرِيفِسَ ­ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الأَوَّلَ بَيْنَهُمْ ­ لاَ يَقْبَلُنَا. 10مِنْ أَجْلِ ذلِكَ، إِذَا جِئْتُ فَسَأُذَكِّرُهُ بِأَعْمَالِهِ الَّتِي يَعْمَلُهَا، هَاذِرًا عَلَيْنَا بِأَقْوَال خَبِيثَةٍ. وَإِذْ هُوَ غَيْرُ مُكْتَفٍ بِهذِهِ، لاَ يَقْبَلُ الإِخْوَةَ، وَيَمْنَعُ أَيْضًا الَّذِينَ يُرِيدُونَ، وَيَطْرُدُهُمْ مِنَ الْكَنِيسَةِ. 11أَيُّهَا الْحَبِيبُ، لاَ تَتَمَثَّلْ بِالشَّرِّ بَلْ بِالْخَيْرِ، لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ الْخَيْرَ هُوَ مِنَ اللهِ، وَمَنْ يَصْنَعُ الشَّرَّ، فَلَمْ يُبْصِرِ اللهَ

توجد عدّة نواحي في حياة ديوتريفس يجب أن نتحذر منها. أي واحدة من هذه النواحي قد تكون مؤشر خطر في حياتنا. مؤمن ملتزم في الكنيسة ولكن … “9 كَتَبْتُ إِلَى الْكَنِيسَةِ، وَلكِنَّ دِيُوتْرِيفِسَ” ولكن

كم كان محزنا الأمر ليوحنا أن يكتب هذه الكلمة “ولكن …”. بالتأكيد ديوتريفوس لم يبدأ هكذا في حياة الإيمان. لكنّه وصل إلى هذا المستوى الروحي … من المؤسف أن أشخاص مؤمنين يزدادون نموّا وقداسة في حياة الإيمان، بينما نلاحظ أيضا مؤمنين يتراجعون في حياة الإيمان. وكلما ازدادت سنوات الإيمان ازدادوا قساوة وجسديّة. لقد كان ديوتريفوس هذا النوع من المؤمنين. لذلك كتب لنا الوحي عنه لكي نتحذّر

أولا. تحذّر من الرغبات الخاطئة

:مؤمن يحب أن يكون الأوّل

­ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الأَوَّلَ بَيْنَهُمْ ­

مثل أم ابني زبدي – أمهم تريد إياهما أن يكونان الأوائل بين الرسل! “حِينَئِذٍ تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ أُمُّ ابْنَيْ زَبْدِي مَعَ ابْنَيْهَا، وَسَجَدَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ شَيْئًا. فَقَالَ لَهَا: «مَاذَا تُرِيدِينَ؟» قَالَتْ لَهُ: «قُلْ أَنْ يَجْلِسَ ابْنَايَ هذَانِ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِكَ وَالآخَرُ عَنِ الْيَسَارِ فِي مَلَكُوتِكَ». أجاب يسوع، وكان واضحا: “وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ أَوَّلاً فَلْيَكُنْ لَكُمْ عَبْدًا …”.  كنيسة المسيح لا يوجد فيها أول وثاني وثالث … ولكن فيها إخوة وأخوات يعيشون بمحبة المسيح ويحترمون مواهب بعضهم البعض. لذلك عندما يأتي الشعور، “لماذا هو وليس أنا … أنا أريد أن أكون الأوّل … أنا أستحق أنا أكون الأوّل” – علينا أن نعتبره مؤشر خطر. لن تستطيع أن تكون بركة بهذا الفكر. عليك أن تتحذّر. “وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ، مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْكَرَامَةِ”. (رو 12: 10)

ثانيا. تحذّر من الأنانيّة

الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الأَوَّلَ بَيْنَهُمْ …”. ماذا يعني أن أكون أنا الأوّل؟ يعني أنا … يعني ليس هو … بل أنا. المحبة لا تطلب ما لنفسها … المحبة الحقيقيّة ليست أنانيّة. الأنانيّة تُفقد البركة من الكنيسة. الكنيسة المباركة تتألف من أشخاص يفرغون ذواتهم من الأنانيّة لكي يقدموا بعضهم البعض في الكرامة ويطلبون مجد الآخر ونجاحه. لكي تدعم الآخر وتشجعه عليك أن تصلب الأنانيّة في حياتك. جاء شاب مرّة إلى مكتبي، وقال لي “لماذا فلان بقدم تأمل يوم الأربعاء وليس أنا؟ “. هذا الشاب لن يستطيع أن يكون بركة للآخر وللكنيسة بهذه الروح – عليه أن يقضي على الأنانيّة. “وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ، مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْكَرَامَةِ.” (رو 12: 10)

ثالثا. تحذّر من روح التنافس

الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الأَوَّلَ بَيْنَهُمْ”. محبة ديوتريفوس أن يكون أوّلا أصبحت تنافسا بينه وبين الآخرين. هو يتنافس مع يوحنا الحبيب ويواجه رسالته والمرسلين الذين يرسلهم … فتظهر منافسة بينه وبين غايس

روح التنافس مؤذية في داخل الكنيسة. فنحن في الكنيسة فريق واحد بعدّة أدوار. في فريق كرة القدم، يوجد أشخاص لاعبين على الهجوم … هؤلاء هم النجوم الذين تعرف أسماؤهم. ويوجد مدافعين غالبا ما لا يضعون أهدافا، ويوجد خط وسط. تخيلوا أنّه يوجد لاعبون نادرا ما يضعون أهدافا ولكنّهم يكرسون حياتهم لكي يعطوا الطابة لشخص آخر ليضع الهدف. وفي اليوم الذي فيه يبدأ التنافس ضمن الفريق الواحد يبدأ الفريق بالانهزام

وهكذا الكنيسة هي فريق، والتنافس يقتله. نحن فريق نعمل مع بعضنا لمجد المسيح. نعمل بحسب الأدوار التي يعطينا إياها الرّب. أسماء تظهر وأسماء تختفي، ولكن الأهم هو مجد المسيح في الكنيسة. إن بروز روح التنافس في حياتك يفقدك البركة. علينا أن نقضي على روح التنافس. “هكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ.” (رو 12: 5)

تخيلوا جسد فيه الرِجل تتنافس مع اليد واليد تتنافس مع العين! كالإنسان الذي يفقر عينه بيده! كيف سينجح في حياته؟ هكذا أيضا كنيسة المسيح … هي جسد يجب أن يتناغم مع بعضه البعض

رابعا. تحذّر من عدم قبول الآخرين

:مؤمن لا يقبل الآخرين

لاَ يَقْبَلُنَا.” … لاَ يَقْبَلُ الإِخْوَةَ، لقد أدى تعجرف ديوتريفوس برفضه لرسالة يوحنا وتوجيهاته. هو لا يقبل ما يقوله يوحنا، وليس ذلك فقط بل نقرأ أيضا أنّه لا يقبل الإخوة. فمشكلة المشاكل هي عدم قبول الآخرين. الإنسان عندما يكون متخلّف، يرفض قبول الآخرين. توجد جزيرة في الهند معزولة عن العالم لا يمكن أن يدخلها أحد (جزيرة سنتينل التي يعيش عليها قبيلة السنتينيلنيين)، لأنهم يرفضون الآخرين

الإنسان عندما يكون محدود يرفض قبول الآخرين. يفتكر أن الناس يجب أن تكون بهيئة واحدة. الإنسان المسيطر يرفض قبول الآخرين لأنّه لا يقدر أن يسيطر عليهم. أما الكنيسة فعلى العكس، هي مجتمع يقبل الآخر، يقبل الإخوة، وكل شخص يقبل يسوع مخلصا على حياته. تحذر من عدم قبول الآخرين. وصيّة الرّب: “لِذلِكَ اقْبَلُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا قَبِلَنَا، لِمَجْدِ اللهِ.” (رو 15: 7)

خامسا. تحذّر من التصرف بسوء مع الآخرين

:مؤمن يسيء بتصرفه

 “مِنْ أَجْلِ ذلِكَ، إِذَا جِئْتُ فَسَأُذَكِّرُهُ بِأَعْمَالِهِ الَّتِي يَعْمَلُهَا، أَيُّهَا الْحَبِيبُ، لاَ تَتَمَثَّلْ بِالشَّرِّ بَلْ بِالْخَيْرِ، لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ الْخَيْرَ هُوَ مِنَ اللهِ، وَمَنْ يَصْنَعُ الشَّرَّ، فَلَمْ يُبْصِرِ اللهَ.” قناعات الإنسان تنعكس بتصرفاته، وقناعات ديوتريفوس انعكست بتصرفاته. أصبحت أعمال ديوتريفوس مسيئة للآخرين … حتى قال له يوحنا “فسأذكره بأعماله التي يعملها”. شخص تصرفاته سيئة. إمّا يصيح على الآخرين، أو يتكلم بنبرة بوجه الآخرين، أو شخص إذا أعطيته مسؤوليّة يتسلط على الآخرين، أو يسيء بالكلام، أو يسيء بالفعل. شخص يمرّ من قربك ولا يسلّم عليك، يتعمّد أن لا يتحدث معك. أي شخص أعماله لا تمجّد الرّب

هذا الشخص ليس بركة للآخرين في الكنيسة … هذا الشخص ليس بركة للكنيسة. عليك أن تتحذّر من التصرف بسوء مع الآخرين. فنحن نكون بركة للآخرين من خلال تصرفاتنا. “مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ.” (يع 3: 13)

أخيرًا، الرب يريدك أن تكون بركة في الكنيسة؟

لكي تكون بركة عليك أن تتحذّر من الأمور التي تحجب هذا الأمر