بُعد النّظر في الحياة الرّوحيّة

إحدى أهمّ النّعم الّتي أعطاها الرّبّ للإنسان هي نعمة البصر. عين الإنسان تستطيع أن تفرّق وتميّز بين 10 مليون لونًا مختلفًا، إذا أردنا أن نشبّه عين الإنسان بالكاميرا فهي تعادل كاميرا 576 ميغابيكسل. أهمّ كاميرا للتّصوير هي 50.4 ميغابيكسل، فعين الإنسان هي نعمة لا تقدّر بثمن، وخسارة البصر تُعدّ من أكبر الخسائر الّتي قد يتعرّض لها الإنسان وهو بعد حيّ، قد لا يستطيع الإنسان أن يتحكّم بخسارة البصر ولكنّه يستطيع أن يتحكّم بكيف يستخدم البصر. المحزن في الحياة عندما يكون للإنسان القدرة بأن ينظر ليرى جمال الطّبيعة من خلال بصره ولكنّه يقرر أن يثبت عينيه عند أسفل قدميه ويعيش حياته بهذا الوضع. وقد تبدو هذه الصّورة مضحكة وغير واقعيّة ولكن الكتاب المقدّس يتكلّم عن مؤمنين يعيشون حياتهم بقصر النّظر. والنّظر ليس له علاقة فقط بالعين ولكن بالفكر والذّهن والنّظرة إلى الحياة، والله يريدك أن تعيش حياتك ببعد النّظر

وقد قاد الرّوح القدس بطرس الرّسول لكي يكتب رسالته الوداعيّة للمؤمنين لكي ينبّههم على هذه الحقيقة، فلقد أدرك بطرس الرّسول خطرًا كبيرًا جدًّا على المؤمنين أن يعيشوا حياتهم الرّوحيّة بقصر النّظر، لذلك كتب لكي يشجّعهم حتّى يدركوا الأبعاد الرّوحيّة الّتي يجب أن يعيشوا بها

العالم غير المؤمن يعيش بنظرة واحدة وهي الأنا، مصلحتي، ما يريحني، ما أستطيع أن أستفيد منه، كميّة المال الّذي أستطيع أن أجنيه، ما أريد أن أشتريه، نظرة واحدة هي الأنانيّة والذّاتيّة والفرديّة … وهذه مشكلة المشاكل. أمّا المؤمن فمطالب بأن يعيش بنظرة مختلفة بأربعة أبعاد، وسندرس هذه الأبعاد الأربعة في حياة المؤمن وكيف يستطيع أن يعيش ببعد النّظر

2بط 1: 1-15، “1 سِمْعَانُ بُطْرُسُ عَبْدُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَرَسُولُهُ، إِلَى الَّذِينَ نَالُوا مَعَنَا إِيمَانًا ثَمِينًا مُسَاوِيًا لَنَا، بِبِرِّ إِلهِنَا وَالْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: 2لِتَكْثُرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ بِمَعْرِفَةِ اللهِ وَيَسُوعَ رَبِّنَا.  3كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ، 4 اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ. 5 وَلِهذَا عَيْنِهِ ­وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ­ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً، 6 وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفًا، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْرًا، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى، 7 وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً. 8 لأَنَّ هذِهِ إِذَا كَانَتْ فِيكُمْ وَكَثُرَتْ، تُصَيِّرُكُمْ لاَ مُتَكَاسِلِينَ وَلاَ غَيْرَ مُثْمِرِينَ لِمَعْرِفَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 9 لأَنَّ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ هذِهِ، هُوَ أَعْمَى قَصِيرُ الْبَصَرِ، قَدْ نَسِيَ تَطْهِيرَ خَطَايَاهُ السَّالِفَةِ. 10 لِذلِكَ بِالأَكْثَرِ اجْتَهِدُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَاخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ. لأَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذلِكَ، لَنْ تَزِلُّوا أَبَدًا. 11 لأَنَّهُ هكَذَا يُقَدَّمُ لَكُمْ بِسِعَةٍ دُخُولٌ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الأَبَدِيِّ.12 لِذلِكَ لاَ أُهْمِلُ أَنْ أُذَكِّرَكُمْ دَائِمًا بِهذِهِ الأُمُورِ، وَإِنْ كُنْتُمْ عَالِمِينَ وَمُثَبَّتِينَ فِي الْحَقِّ الْحَاضِرِ. 13 وَلكِنِّي أَحْسِبُهُ حَقًّا ­ مَا دُمْتُ فِي هذَا الْمَسْكَنِ­ أَنْ أُنْهِضَكُمْ بِالتَّذْكِرَةِ، 14 عَالِمًا أَنَّ خَلْعَ مَسْكَنِي قَرِيبٌ، كَمَا أَعْلَنَ لِي رَبُّنَا يَسُوعُ الْمَسِيحُ أَيْضًا. 15 فَأَجْتَهِدُ أَيْضًا أَنْ تَكُونُوا بَعْدَ خُرُوجِي، تَتَذَكَّرُونَ كُلَّ حِينٍ بِهذِهِ الأُمُورِ

يبرز تحذير بطرس للمؤمنين في العدد 9 عندما يكتب: “لأَنَّ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ هذِهِ، هُوَ أَعْمَى قَصِيرُ الْبَصَرِ …” علينا أن نتذكّر بأنّ بطرس يكتب “إِلَى الَّذِينَ نَالُوا مَعَنَا إِيمَانًا ثَمِينًا مُسَاوِيًا لَنَا، بِبِرِّ إِلهِنَا وَالْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ”، ولكنّه يفرّق بين مؤمنين قصيري البصر ومؤمنين يعيشون ببعد النّظر الرّوحيّ، وهذا ما يفرّق أولاد الرّب في العالم والمجتمع والكنيسة. في الكنيسة الواحدة قد يوجد مؤمنين قصيري البصر وأيضًا مؤمنين يعيشيون ببعد النّظر الرّوحيّ. وهذا يتعلّق بقرارات وسلوك المؤمن اليوميّة

:على المؤمن أن يتميّز ببعد النّظر ليرى

أولاً. تأثير قراراته وسلوكه على نموّه الرّوحيّ

.الله يريدنا أن ننمو ونكون مثمرين في حياتنا كأغصان في كرمة المسيح

يكتب بطرس: “وَكَأَطْفَال مَوْلُودِينَ الآنَ، اشْتَهُوا اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ” (1بط 2: 2)

:لقد أعطانا الرّبّ كافّة عناصر النّمو الرّوحيّ، فلاحظوا ما أعطانا إيّاه الرّبّ

“أعطانا قدرته الإلهيّة: “3 كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ

“أعطانا وعوده العظيمة والثّمينة:” 4 اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ

.”أعطانا طبيعة جديدة: “لكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ

أمام هذه العطايا العظيمة وعمل الله في حياتنا يتوقّع الله منّا أن ننمو: هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ. 5 وَلِهذَا عَيْنِهِ ­وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ­ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً، 6 وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفًا، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْرًا، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى، 7 وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً. 8 لأَنَّ هذِهِ إِذَا كَانَتْ فِيكُمْ وَكَثُرَتْ، تُصَيِّرُكُمْ لاَ مُتَكَاسِلِينَ وَلاَ غَيْرَ مُثْمِرِينَ لِمَعْرِفَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ

الله يتوقع منك أن تجتهد وتكون غير متكاسل لكي تكون مثمرًا في معرفة ربّنا يسوع المسيح، وهذا النّمو في معرفة المسيح يؤدّي إلى نموّ روحيّ في حياة المؤمن. “وَلكِنِ انْمُوا فِي النِّعْمَةِ وَفِي مَعْرِفَةِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. لَهُ الْمَجْدُ الآنَ وَإِلَى يَوْمِ الدَّهْرِ. آمِينَ .” (2بط 3: 18)

كلّ قرار وسلوك في حياتك يجب أن يهدف للنموّ الرّوحيّ، لذا قبل أن تتّخذ أيّ قرار أو تتصرّف أيّ تصرّف، عليك أن تسأل نفسك ما هو تأثيره على نموّي الرّوحيّ؟ السّؤال ليس كم أنا مرتاح بل السّؤال هل يؤدّي هذا الأمر إلى نموّي الرّوحيّ؟

ثانيًا. تأثير قراراته على بنيان حياة الآخرين

لماذا كتب بطرس هذه الرّسالة في نهاية حياته؟ لأنّه مهتمّ ببنيان حياة المؤمنين. لاحظوا العدد 7: “7 وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً.” الحياة الرّوحيّة هي حياة تضع في سلّم أولويّاتها تأثير الحياة على الآخر. أعطاك الرّبّ هدفًا ومهمّة أن تبني حياة الآخرين روحيّا “لِذلِكَ عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَابْنُوا أَحَدُكُمُ الآخَرَ، كَمَا تَفْعَلُونَ أَيْضًا.” (1تس 5: 11) “فَلْنَعْكُفْ إِذًا عَلَى مَا هُوَ لِلسَّلاَمِ، وَمَا هُوَ لِلْبُنْيَانِ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ .” (رو 14: 19) “لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ.” (أف 4: 29) المؤمن هو شخص يعيش حياته للآخرين. ضدّ هذا هو ما كتب عنه يعقوب: “مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟” (يع 4: 1). إمّا تتحمّل مسؤوليّتك في بنيان حياة الآخرين وإمّا ستكون شريك في عمليّة الهدم، فأكثر ما يحزن في حياة الإيمان هو المؤمن الّذي يبني ويهدم

هاك نوع آخر من المؤمنين وضعه مُبكٍ يقرّر من الذّي يريد أن يبنيه، ومن يرغب بهدمه، ولكن المؤمن مدعو لكي يبني حياة الآخرين في كلامه وتصرفاته ومثاله الرّوحيّ

ثالثًا. تأثير قراراته وسلوكه على نموّ الكنيسة

سِمْعَانُ بُطْرُسُ عَبْدُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَرَسُولُهُ، إِلَى الَّذِينَ نَالُوا مَعَنَا إِيمَانًا ثَمِينًا مُسَاوِيًا لَنَا، بِبِرِّ إِلهِنَا وَالْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: 2 لِتَكْثُرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ بِمَعْرِفَةِ اللهِ وَيَسُوعَ رَبِّنَا

يكتب بطرس إلى المؤمنين والكنائس، ويستخدم لغة الجمع للإشارة إلى حياة المؤمن الّذي هو جزء من الكنيسة. لقد عاش بطرس ليرعى شعب الرّبّ وكتب للرّعاة في رسالته الأولى لكي يرعوا رعيّة الله. فهو يكتب عن حياة الجماعة وتأثيرها على بعضها البعض. المؤمن موضوع في العالم لكي يكون بنّاء في كنيسة المسيح. “الَّذِي الآنَ أَفْرَحُ فِي آلاَمِي لأَجْلِكُمْ، وَأُكَمِّلُ نَقَائِصَ شَدَائِدِ الْمَسِيحِ فِي جِسْمِي لأَجْلِ جَسَدِهِ، الَّذِي هُوَ الْكَنِيسَةُ” (كو 5: 29)

هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، إِذْ إِنَّكُمْ غَيُورُونَ لِلْمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ، اطْلُبُوا لأَجْلِ بُنْيَانِ الْكَنِيسَةِ أَنْ تَزْدَادُوا.” (1كو 14: 12). “فَمَا هُوَ إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ؟ مَتَى اجْتَمَعْتُمْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لَهُ مَزْمُورٌ، لَهُ تَعْلِيمٌ، لَهُ لِسَانٌ، لَهُ إِعْلاَنٌ، لَهُ تَرْجَمَةٌ. فَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ لِلْبُنْيَانِ.” (2كو 14: 26) “لِذلِكَ أَكْتُبُ بِهذَا وَأَنَا غَائِبٌ، لِكَيْ لاَ أَسْتَعْمِلَ جَزْمًا وَأَنَا حَاضِرٌ، حَسَبَ السُّلْطَانِ الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهُ الرَّبُّ لِلْبُنْيَانِ لاَ لِلْهَدْمِ .” (2كو 13: 10)

عليك أن تسأل نفسك أمام كلّ قرار وتصرف وكلام، هل ما أقوله يبني الكنيسة، كما عليك أن تتمتّع ببعد النّظر لكي ترى أهميّة الكنيسة كمنارة للمسيح للأجيال القادمة، وتفعل المستحيل لكي تقوّي وتشدّد وتنمّي الكنيسة لكي تكون شهادة للمسيح لجيلنا وللأجيال

رابعًا. تأثير قراراته وسلوكه على حياته الأبديّة

لأَنَّهُ هكَذَا يُقَدَّمُ لَكُمْ بِسِعَةٍ دُخُولٌ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الأَبَدِيِّ.” حياة المؤمن مرتبطة بالحياة الأبديّة … «لاَ تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا عَلَى الأَرْضِ حَيْثُ يُفْسِدُ السُّوسُ وَالصَّدَأُ، وَحَيْثُ يَنْقُبُ السَّارِقُونَ وَيَسْرِقُونَ بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا فِي السَّمَاءِ، حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ، وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ،” (متى 6: 19و20). “اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ، بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّذِي يُعْطِيكُمُ ابْنُ الإِنْسَانِ، لأَنَّ هذَا اللهُ الآبُ قَدْ خَتَمَهُ».”(يو 6: 27) – ” فَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا لِي طَعَامٌ لآكُلَ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ أَنْتُمْ». … قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.” (يو 4: 32و34)

عندما تعيش ببعد النّظر لا ترى المال المحروم منه ولكن ترى الغنى الّذي لك في المسيح، ولا ترى ضعفات أخيك بل تراه جالسًا إلى جانك في الأبديّة بجسد الكمال ممجّد مع المسيح.  “وَالآنَ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، اثْبُتُوا فِيهِ، حَتَّى إِذَا أُظْهِرَ يَكُونُ لَنَا ثِقَةٌ، وَلاَ نَخْجَلُ مِنْهُ فِي مَجِيئِهِ.” (1يو 2: 28) في مجيء المسيح هناك احتمال الخجل. فبمواقفك وسلوكك قد تكون سببًا لفرحك أو لحزنك في مجيء المسيح

أخيرًا، الله يريدك أن تعيش ببعد النّظر ولا يريدك أن تعيش حياتك الرّوحيّة وأنت تنظر فقط إلى ذاتك، بل أن تخرج من ذاتك ومن أنانيك ومن تركيزك على ذاتك وتعيش ببعد النّظر لكي تعيش حياتك لنموك الرّوحيّ، لبنيان الآخرين، لبنيان الكنيسة وللتحضير للحياة الأبديّة … أختم بهذه القصّة: ذهب التّلاميذ في رحلة تطلّبت منهم تسلق أحد الجبال لرؤية المناظر الجميلة من علو. كان الجبل يطلّ على بحيرات وغابات وجبال ومناظر رائعة، أحد الطّلاب كان يتشكّى ويتذمّر أثناء الرّحلة وكان يركز على تعبه وعلى رداءة الطّريق كما يتشكى من الرّفقة المحيطة به… وبجانبه كان طالب آخر يختبر نفس الاختبارات، ولكن في قلبه كانت توجد فرحة رغم التّحدّيات والتّعب ورداءة الطّريق وتنوع الرّفقة، وكان في لحظة يذكر نفسه بالمشهد الّذي سيراه عندما يصل إلى القمّة، وهذا الشّوق وبعد النّظر خلقا في قلبه رغبة لكي يشدّد ويشجّع زملاءه ولكي يستمتع بالرّحلة، بينما المؤمن القصير البصر يعيش حياته بتركيزه على ذاته

إذن، المؤمن البعيد النّظر يعيش لكي ينمو روحيّا ويبني الآخرين وينمي الكنيسة ويتحضّر للحياة الأبديّة

والسّؤال المطروح، أنت، يا ترى من أيّ نوع؟