أحد أجمل الأمور في العالم هو سماع فرق الموسيقى الكبرى تعزف مع بعضها بألفة وانسجام وتناغم. أوركسترا من عشرات الآلات تعزف لحن واحد. توجد قوّة في الوحدة والتناغم والانسجام. الكنيسة هي أوركسترا موضوعة في العالم لكي تعزف لحن المسيح. لقد صمّم الله كنيسته لتكون أفرادا مؤمنين متحدين ومنسجمين معا ليعزفوا لحن المسيح. إن أهم خدمة يمكن أن تقدمها للكنيسة هي أن تكون متحد مع الكنيسة بالقلب والفكر والعمل. “وَكَانَ لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ …” (أع 4: 32). هذه مهمّة مستحيلة في نظر العالم ولكنّها تتحقّق في المسيح. المسيح يوحّد المؤمنين في الكنيسة، ليعزفوا مع بعضهم لحن المسيح
كتب الرّب في العهد الجديد الكثير من الوصايا عن الوحدة في الكنيسة. وسنتطرق إلى واحدة منها. وأريد أن نتعلّم من حياة داود وابنه أبشالوم عن أهميّة هذا الموضوع في بنيان شعب الرّب وكنيسة المسيح. لقد كان أبشالوم الابن المهيأ ليصبح خليفة لداود. ولكن سلسلة أحداث حصلت في حياة أبشالوم جعلت هذا الأمر مستحيلا وحرمته البركة وأدّت إلى مصائب روحيّة على شعب الرّب وعلى داود وعلى أبشالوم
فما هو مخطط الرّب للكنيسة؟ وما هي أهميّة الوحدة الكنسيّة بنظر الرّب؟
“نقرأ أوّلا من اف 4: 3 “مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ
أيضا من سفر صموئيل الثاني 15: 1-15
1وَكَانَ بَعْدَ ذلِكَ أَنَّ أَبْشَالُومَ اتَّخَذَ مَرْكَبَةً وَخَيْلاً وَخَمْسِينَ رَجُلاً يَجْرُونَ قُدَّامَهُ. 2وَكَانَ أَبْشَالُومُ يُبَكِّرُ وَيَقِفُ بِجَانِبِ طَرِيقِ الْبَابِ، وَكُلُّ صَاحِبِ دَعْوَى آتٍ إِلَى الْمَلِكِ لأَجْلِ الْحُكْمِ، كَانَ أَبْشَالُومُ يَدْعُوهُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: «مِنْ أَيَّةِ مَدِينَةٍ أَنْتَ؟» فَيَقُولُ: «مِنْ أَحَدِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ عَبْدُكَ». 3فَيَقُولُ أَبْشَالُومُ لَهُ: «انْظُرْ. أُمُورُكَ صَالِحَةٌ وَمُسْتَقِيمَةٌ، وَلكِنْ لَيْسَ مَنْ يَسْمَعُ لَكَ مِنْ قِبَلِ الْمَلِكِ». 4ثُمَّ يَقُولُ أَبْشَالُومُ: «مَنْ يَجْعَلُنِي قَاضِيًا فِي الأَرْضِ فَيَأْتِيَ إِلَيَّ كُلُّ إِنْسَانٍ لَهُ خُصُومَةٌ وَدَعْوَى فَأُنْصِفَهُ؟». 5وَكَانَ إِذَا تَقَدَّمَ أَحَدٌ لِيَسْجُدَ لَهُ، يَمُدُّ يَدَهُ وَيُمْسِكُهُ وَيُقَبِّلُهُ. 6وَكَانَ أَبْشَالُومُ يَفْعَلُ مِثْلَ هذَا الأَمْرِ لِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا يَأْتُونَ لأَجْلِ الْحُكْمِ إِلَى الْمَلِكِ، فَاسْتَرَقَّ أَبْشَالُومُ قُلُوبَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ.7وَفِي نِهَايَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ أَبْشَالُومُ لِلْمَلِكِ: «دَعْنِي فَأَذْهَبَ وَأُوفِيَ نَذْرِي الَّذِي نَذَرْتُهُ لِلرَّبِّ فِي حَبْرُونَ، 8لأَنَّ عَبْدَكَ نَذَرَ نَذْرًا عِنْدَ سُكْنَايَ فِي جَشُورَ فِي أَرَامَ قَائِلاً: إِنْ أَرْجَعَنِي الرَّبُّ إِلَى أُورُشَلِيمَ فَإِنِّي أَعْبُدُ الرَّبَّ». 9فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «اذْهَبْ بِسَلاَمٍ». فَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى حَبْرُونَ. 10وَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ جَوَاسِيسَ فِي جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: «إِذَا سَمِعْتُمْ صَوْتَ الْبُوقِ، فَقُولُوا: قَدْ مَلَكَ أَبْشَالُومُ فِي حَبْرُونَ». 11وَانْطَلَقَ مَعَ أَبْشَالُومَ مِئَتَا رَجُل مِنْ أُورُشَلِيمَ قَدْ دُعُوا وَذَهَبُوا بِبَسَاطَةٍ، وَلَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ شَيْئًا. 12وَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ إِلَى أَخِيتُوفَلَ الْجِيلُونِيِّ مُشِيرِ دَاوُدَ مِنْ مَدِينَتِهِ جِيلُوهَ إِذْ كَانَ يَذْبَحُ ذَبَائِحَ. وَكَانَتِ الْفِتْنَةُ شَدِيدَةً وَكَانَ الشَّعْبُ لاَ يَزَالُ يَتَزَايَدُ مَعَ أَبْشَالُومَ. 13فَأَتَى مُخَبِّرٌ إِلَى دَاوُدَ قَائِلاً: «إِنَّ قُلُوبَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ صَارَتْ وَرَاءَ أَبْشَالُومَ». 14فَقَالَ دَاوُدُ لِجَمِيعِ عَبِيدِهِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي أُورُشَلِيمَ: «قُومُوا بِنَا نَهْرُبُ، لأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا نَجَاةٌ مِنْ وَجْهِ أَبْشَالُومَ. أَسْرِعُوا لِلذَّهَابِ لِئَلاَّ يُبَادِرَ وَيُدْرِكَنَا وَيُنْزِلَ بِنَا الشَّرَّ وَيَضْرِبَ الْمَدِينَةَ بِحَدِّ السَّيْفِ». 15فَقَالَ عَبِيدُ الْمَلِكِ لِلْمَلِكِ: «حَسَبَ كُلِّ مَا يَخْتَارُهُ سَيِّدُنَا الْمَلِكُ نَحْنُ عَبِيدُهُ
أولا. مخطط الله الواضح لشعبه
:مقاصد محددة: بنيان شعب الله في مملكة إسرائيل – في العهد الجديد: مخطط الله للكنيسة، أي
عبادة الله (اجتماعات الكنيسة – الفرائض) –
بنيان المؤمنين (الشركة – التعليم – الوعظ – الرعاية) –
تبشير العالم (التبشير والإرساليات) –
مواجهة محددة: توجيه لأعداء شعب الرّب – في العهد الجديد: حربنا مع إبليس
ترتيب محدّد: لكل إنسان دوره (داود الملك – يوآب رئيس الجيش …) – في العهد الجديد: توزيع في المواهب إذ الله لديه ترتيب في الكنيسة
يستطيع المؤمن أن يبني الكنيسة عندما يفهم ترتيب الرّب ويبحث عن دوره. والبركة في الكنيسة هي عندما تعيش بوحدة حال مع مخطط الرّب للكنيسة. خدمتك الأساسيّة أن تكون في وحدة حال مع شعب الرّب
المطلوب من أبشالوم هو أن يكون بوحدة حال مع داود ومع يوآب ومع شعب الرّب لكي تتثبّت المملكة ويبنى الهيكل ويعلن اسم الرّب ويولد المخلّص. ولكن للأسف لقد كان أبشالوم في واقع آخر
ثانيا. خطر التشويش في شعب الرّب
يأتي التشويش من “أبشالوم” في الكنيسة، ضمن مخطط الرّب العظيم لشعبه. وفيما يتم استخدام داود ويوآب والكثير من الأبطال الأمناء في تلك المرحلة لبنيان مملكة شعب إسرائيل، يأتي أبشالوم، ليستغلّ محبة أبيه ورأفة يوآب عليه. أبوه عفا عنه عندما أخطأ واسترجعه مرّة واثنين. يوآب ترأف به واستردّه من المنفى وتوسط له عند داود أبيه. ضمن كنيسة المسيح هناك رأفة ومحبة وقبول ومسامحة واهتمام بالضعيف. وللأسف ضمن كل هذا يأتي التشويش على مخطط الرّب
في الوقت الذي ينشغل فيه داود بأمور المملكة ويسهر ليلا ونهارا على مخطط الله وعمله، كان هناك من هو من ضمن شعب الرّب الذي ينشغل بأمور أخرى. في عهدنا هذا، أكثر أشخاص يدمرون الكنائس هم الذين لا يخدمون
.لا يريد أن يكون بلجنة الشركة، لكن يريد أن ينتقدها وأن يحركها من الخارج بأسلوب أبشالوم
.لا يريد أن يكون بلجنة المطبوعات، لكن يريد أن ينتقدها وأن يحركها من الخارج بأسلوب أبشالوم
.لا يريد أن يكون بلجنة الشبيببة، لكن يريد أن ينتقدها وأن يحركها من الخارج بأسلوب أبشالوم
ولما راعي الكنيسة يوزع أوراق لكي يعبر الناس عن رأيهم، لا يكتب شيئًا، ولكن بلسانه لا يترك أحد لا يتكلم عليه، بأسلوب أبشالوم. لا تستطيع أن تبني الكنيسة بهذه الطريقة – إذا تشعر بأن الرب يريدك أن تحسّن بأمور معيّنة، أدخل في لجنة ما واعطِ أفكارك هناك، واظهر غيرتك للرب وتكريسك في المكان المناسب.” فَإِنَّهُ يُوجَدُ كَثِيرُونَ مُتَمَرِّدِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالْبَاطِلِ، وَيَخْدَعُونَ الْعُقُولَ، وَلاَسِيَّمَا الَّذِينَ مِنَ الْخِتَانِ، الَّذِينَ يَجِبُ سَدُّ أَفْوَاهِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَقْلِبُونَ بُيُوتًا بِجُمْلَتِهَا، مُعَلِّمِينَ مَا لاَ يَجِبُ، مِنْ أَجْلِ الرِّبْحِ الْقَبِيحِ.” (تي 1: 11)
ماذا كان يفعل أبشالوم؟ وقف عند باب المدينة، يستغل انشغال الملك وأولاده بأمور أخرى، وهو راح يبني علاقات مع الآخرين. ما هي مشكلته؟
مدفوع بالأنانيّة: يقوم بمشروع خاص ليس له علاقة بمخطط الرّب
يستغل طيبة شعب الرّب: يستميل الناس إليه
يستخدم وسائل احتياليّة: هو يتظاهر بأنّه يريد مصلحة الآخرين لكي يُكرّه شعب الرّب بداود وبقيادة شعب الرّب
لديه كذب مبطّن: هو يعارض مخطط الرّب – هو لديه مخططه الخاص وأفكاره الخاصة
ينتقد الآخرين: كان أبشالوم ينتقد داود ويتهمه بعدم اهتمامه بالآخرين
النميمة: يتكلّم على داود
التحريض غير المباشر
عمق مشكلته: عدم قبوله لمخطط الرّب
ثالثا. القنابل الموقوتة ضمن شعب الرّب
عدم وجود الأولويات الروحيّة: التي هي الشركة مع الرّب – الطاعة للرّب
عدم المسامحة: انتقم أبشالوم لنفسه عندما أخطأ أمنون مع ثامار أخته
عدم التوبة: لم يعتذر من أبيه على الخطأ الذي فعله
عدم التقدير: اللؤم – كيف أحرق حقل يوآب
عدم الوفاء: الاستغلال – استغل طيبة والده والفرص الجديدة
رابعا. التأثيرات السلبيّة لعدم الوحدة مع شعب الرّب
:مآسي على الكنيسة
.نقل الحرب من الخارج إلى الداخل –
.انشغال شعب الرّب بأمور جانبيّة والتلهي عن الأهداف الأساسية –
.فقدان البركة في الكنيسة –
.خطايا شنيعة في وسط الكنيسة (زنى – قتل – كذب – احتيال) –
.جراحات لا تشفى ضمن شعب الرّب (عدم قدرة على المسامحة \ مرارة \ أحقاد) –
.ضحايا أبرياء (أشخاص بسطاء \ مؤمنين جدد \ أولاد المؤمنين) –
.استنزاف لحياة خدّام الكنيسة (داود) –
.دمار لحياة المنقسمين (مات أبشالوم) –
خامسا. بركة الوحدة في الكنيسة
.لربما كان ليصبح الملك الذي يخلف داود في المملكة لو لم يسمح للشر بأن يسيطر على حياته
.لكان قوة للمملكة، وهزيمة لإبليس. وكان أصاب الهدف وحقق الأهداف كما هو مطالب منا في عهد الكنيسة
في الختام،الله يريد من الكنيسة أن تكون أوركسترا تعزف لحن المسيح.وهو يريدك أن تكون عازف في هذه الأوركسترا
وعندما تتّحد مع إخوتك وتعيش منسجما مع شعب الرّب يسمع العالم من حولنا لحن المسيح بنقاوة