بناء العائلة بالاستفادة من أخطاء الماضي

تكتب سنويّا عشرات الكتب عن الزواج. كيف تحب زوجتك!  كيف تحبين زوجك! 100 نصيحة لزواج ناجح! عشرة خطوات للسعادة الزوجيّة! إن كان يمكن تعلم الحياة الزوجية بالكتب والمحاضرات، فلماذا لا تفتح مدارس لتعليم النجاح في الحياة الزوجيّة؟ لأن الحياة الزوجيّة الناجحة، لا تعلّم إلا في مدرسة الحياة. في الحياة الزوجيّة هناك معلومات ثابتة وواضحة لكل الأزواج مثل المحبة والألفة والتضحية … ولكن هناك عناصر متغيّرة، هي الزوج والزوجة والأولاد، وكيف تعاش هذه المبادئ العامة في العناصر المتغيّرة. لذلك لا بد من التعلّم في مدرسة الحياة. ومدرسة الحياة هي مدرسة التعلّم من الأخطاء. وما يعكّر صفاء الحياة الزوجيّة هي الأخطاء. كانت الدنيا بألف خير، عندما تزوج فؤاد وجاكلين. ولكن بعد شهر من العرس أدرك فؤاد أن ت لا تحب أن تتعلّم الطبخ. وحتى يعالج الموضوع، بدأ بمرّ على بيت أمّه كل يوم حتى يتغدى ويجلس هناك ساعتين قبل ما يأتي إلى البيت. ماذا ستفعل جاكلين في هذا الوضع؟ ساعتين في بيت أهله … هي ساعتين من القهر بالنسبة إليها، بدأت تتكلم معه بلؤم وجدال وخصام

من هو المخطئ؟ الطبخ موضوع بسيط ولكن تطوّر الأمور هي التي تعكر صفاء العائلة. السؤال هو: هل أخفقنا؟ أكيد فؤاد أخفق في طريقة معالجته للأمر … (وصية “يلتصق بامرأته: تنطبق بغض النظر عن إذا كانت تطبخ زوجته أم لا…) أكيد جاكلين أخفقت في اللجوء للمجادلات لكي تحافظ على علاقتها بزوجها … (المرأة لا يجب أن تخاصم زوجها في كل الظروف …). ولكن الآن تراكمت الأمور

هذا سناريو واحد يمكن أن يحدث ضمن العائلة. وهناك سناريوهات كثيرة أخرى تحدث في العائلة. ماذا نفعل بهذه الأخطاء؟ خيارين لا ثالث لهما: إما أن نسمح للأخطاء أن تتحول مع الوقت لأجواء عائليّة متشنجة قد تؤدي إلى الطلاق، أو التعلّم من الأخطاء لتقوية الزواج

نقرأ في كلمة الرّب عن رجال الله الذين استخدمهم الرّب. غالبا ما نركز على نجاحهم. نقرأ عن موسى القائد الناجح لشعب الرّب. ولكن موسى سقط في يوم من الأيام. وكان سقوطه مدمرا. فهرب لحياته

.أريد أن أتطرق إلى كيف يمكن أن نبني بيوتنا من خلال اختباراتنا الفاشلة أو سقطاتنا

نقرأ ما جاء في سفر الخروج 2: 11-15

“وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمَّا كَبِرَ مُوسَى أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى إِخْوَتِهِ لِيَنْظُرَ فِي أَثْقَالِهِمْ، فَرَأَى رَجُلاً مِصْرِيًّا يَضْرِبُ رَجُلاً عِبْرَانِيًّا مِنْ إِخْوَتِهِ، 12فَالْتَفَتَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ وَرَأَى أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ، فَقَتَلَ الْمِصْرِيَّ وَطَمَرَهُ فِي الرَّمْلِ. 13ثُمَّ خَرَجَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَإِذَا رَجُلاَنِ عِبْرَانِيَّانِ يَتَخَاصَمَانِ، فَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: «لِمَاذَا تَضْرِبُ صَاحِبَكَ؟» 14فَقَالَ: «مَنْ جَعَلَكَ رَئِيسًا وَقَاضِيًا عَلَيْنَا؟ أَمُفْتَكِرٌ أَنْتَ بِقَتْلِي كَمَا قَتَلْتَ الْمِصْرِيَّ؟». فَخَافَ مُوسَى وَقَالَ: «حَقًّا قَدْ عُرِفَ الأَمْرُ». 15فَسَمِعَ فِرْعَوْنُ هذَا الأَمْرَ، فَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَ مُوسَى. فَهَرَبَ مُوسَى مِنْ وَجْهِ فِرْعَوْنَ وَسَكَنَ فِي أَرْضِ مِدْيَانَ، وَجَلَسَ عِنْدَ الْبِئْرِ

يشبه اختبار موسى الذي قرأناه الكثير من الزيجات في أيامنا، التي فيها تتحوّل أحلام الإنسان إلى كوابيس وتتحوّل أفراح الإنسان إلى أحزان. في ذلك اليوم اسودّت الحياة، أما موسى فظنّ أنّه خسر قبل أن يبدأ. فموسى كان ابن ابنة فرعون، كان ينتمي إلى ملكة قويّة، وتثقف بكل حكمة المصريين. كان قائدا في عمر الأربعين. لكنّه ترك كل شيء وصمم أن يفتقد شعب الرّب ليقودهم إلى أرض الموعد. ظن أنّ خبرته كافية في هذا الموضوع، ولكن اختباره الأوّل كان الصدمة … خرج ليفتقد شعب الرب فقتل رجلا مصريا وهو يدافع عن العبرانيين. والآن شعب الرّب يعيّره وفرعون يريد قتله. لقد خسر من الجهتين، وهو في عمر الأربعين هارب لحياته، وكل فكره أنّه أخفق وحياته لن تكون نافعة لشيء. هذه قصة الكثير من الزيجات التي فيها يدخل الإنسان للسعادة ولكن الاختبارات والأخطاء تحولها إلى مأساة ويعيش الإنسان بقيّة حياته يتذكّر الأخطاء. علينا أن ندرك عدة أمور مهمة لحياتنا

أولا. مدرسة بنيان العائلة هي بالاختبار

مهما قرأت وتحضرت، مهما اتخذت خبرة في بيتك، توجد مؤسسة جديدة بعلاقة جديدة. لا يمكن أن تتعلم بدون الاختبارات، ومنها الاختبارات الأليمة. لا مهرب من الاختبارات الفاشلة في الزواج. لا مفرّ من الأخطاء في التعامل مع بعضنا البعض في الزواج. نخطئ بتعابيرنا أحيانا (مثلا، تكون امرأتك موجوعة، فتقول لها “مصيبتك شو كبيرة”، أنت مفتكر أن هذه عبارة مهضومة لأنك سمعتها من أحد، ولكن هذا الأمر أزعج امرأتك) – (أو المرأة تقول لزوجها “كون مثل بديع، نخوته عالية، يظل ماسكًا مفكات البراغي وهو يصلح بالبيت، لماذا لا تكون مثله؟” وهي قصدها أن تشجع ولكنها أزعجت زوجك). نحن نخطئ بردات الفعل – لم يحدث شيء بحسب ما أنا أريد فآخذ موقف ولا أتكلم مع أحد – أو أقفل باب الغرفة وأجلس هناك – أ أترك البيت وأرحل). نحن نخطئ بإساءات متعمدة أحيانا – أنا، قصدًا، لم أحضر غداء اليوم، كي يعرف قيمتي – أنا، قصدًا، تركت السيارة بالكاراج لكي لا تذهب عند أمها. نخطئ، وهذه الأخطاء إذا تراكمت ولم تتعالج ولم نتعلّم منها تتحوّل إلى مصائب. وعندما تكبر كرة الثلج يصعب حملها ونقلها – وإذا بقي الطقس باردًا، ولا توجد حرارة، لا شيء يذوبها. لا بدّ من الأخطاء ولكن السؤال هو، ماذا سنفعل بالأخطاء؟

ثانيا. يمكنك أن تبني زواج قوي بواسطة أخطائك

الأخطاء هي نتيجة عدم معرفة. المشكلة هي عندما تصبح الأخطاء عن معرفة وعن سابق تصور وتصميم – أنت هنا تهدم وتسهر على ما فعلته: أنت تعرف أن زوجتك تنزعج من عبارة “مصيبتك كبيرة” وتكررها وتكررها وتكررها. أنت تعرفين أن زوجك ينزعج من فكرة مقارنته مع الآخرين ولكنك تكررينها وتكررينها

الكثير من الناس يراهنون على “العادة” – ولكن هذا غير صحي للزواج – في هذه الحالة، أنت تراهن على انكسار الآخر وسكوته وصمته – وهذا مناقض لفكرة الزواج أي الشراكة في الحياة الزوجيّة. الوضع السليم هو أن تتعلّم من الخطأ – أن تدرك أن الأمر الذي يزعج شريكك بحاجة لعلاج. عندما تعرف أنّه خطأ تتصارح مع شريكك، وتأخذ مشورته لكي تصحح الخطأ – لكي لا تعالج الخطأ بخطأ آخر. فتقول مثلا: “أعتذر حياتي، ما كان قصدي قول أن “مصيبتك كبيرة” كما فهمتيها أنت، ما هي عبارة حلوة أستطيع أن أقولها، مثلا “أنا ولا أنتِ … ضرسي ولا ضرسك”. المصيبة تكمن لما الرجل يقول: “أنا فج، أتكلم بهذه الطريقة، وعليها أن تعتاد عليّ 

لا بدّ من الأخطاء ولكن ماذا نفعل بالأخطاء؟ هل نكررها أم هل نتعلّم منها؟ الإنسان الذي يتعلم من أخطائه يشكر الرّب لأجل أخطائه التي جعلته إنسان أفضل وزوج أفضل وزوجة أفضل. من كان ليتصوّر أن موسى الذي فشل في سن الأربعين سيصبح أنجح قائد في التاريخ البشري، بإخراج شعب الرّب من تحد يد أكبر إمبراطورية وأقوى جيش في العالم؟ قد تقول لي بمعونة الرّب – أكيد بمعونة الرّب – ولكن معونة الرّب تحترم خياراتك ولا تنفي دورك

ثالثا. أساسيات لبنيان العائلة بواسطة الأخطاء

تواضع-الاعتراف بالخطأ – انكسار-مصارحة – عتاب. وهي أكثر ناحية صعبة – لأن أحيانا يكون الإنسان غير مقتنع بأنه على خطأ. فهل الكتاب المقدس واضح بالموضوع؟ الكتاب يحسم. إن كان هناك عدم اقتناع بالخطأ، من الممكن أخذ المشورة وأحيانا من الضروري أخذ المشورة من أشخاص نثق فيهم روحيّا

.مسامحة – ومن الممكن أن تكون لأكثر من مرّة

.تغيير – كاستبدال العبارات بعبارات أخرى – استبدال التصرفات بتصرفات أخرى

.أخيرًا، الأخطاء والإساءات في الزواج قد تكون مدمرة. ولكنّها قد تتحوّل إلى أعمدة قوية لزواج قوي

السؤال هو كيف سأتعامل مع الأخطاء؟