النمو في معرفة الله

.الخلاص مهمّ وأساسي في الحياة الروحيّة، لقد جاء الرّب يسوع المسيح لكي يخلّص ما قد هلك
ولكن من الخطأ أن نظنّ بأن غاية الحياة الروحيّة هي الخلاص. فإحدى الحقائق الروحيّة الصادمة، هي أنّ غاية الحياة الروحيّة ليست الخلاص بل هي الشركة مع الرّب والنمو في معرفة إلهنا. الخلاص هو المدخل للشركة مع الرّب، هو نقطة البداية فإذا كانت هذه الخطوة صحيحة تؤدي إلى الشركة مع الرّب. فالإنسان المخلّص هو إنسان قد انتقل من عداوة مع الله، إلى الشركة مع الله وهذه الشركة يعبّر عنها برغبة قلبيّة عميقة بالنمو في معرفة الله
فلا يوجد شركة بين شخصين يجلهوا بعضهم البعض لأن الشركة تتطلّب معرفة. والمؤمن المخلّص مدعو من الرّب أن ينمو في معرفة الله لأنها حاجة أساسيّة عند المؤمن

2 بطرس 3: 18

“وَلكِنِ انْمُوا فِي النِّعْمَةِ وَفِي مَعْرِفَةِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. لَهُ الْمَجْدُ الآنَ وَإِلَى يَوْمِ الدَّهْرِ”

أولا. أهمية النمو في معرفة الله

سِمْعَانُ بُطْرُسُ عَبْدُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَرَسُولُهُ، إِلَى الَّذِينَ نَالُوا مَعَنَا إِيمَانًا ثَمِينًا مُسَاوِيًا لَنَا، بِبِرِّ إِلهِنَا وَالْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِتَكْثُرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ بِمَعْرِفَةِ اللهِ وَيَسُوعَ رَبِّنَا. (2بط 1: 1و2)

يتوجه بطرس للمؤمنين بالمسيح يسوع ليدعوهم ليختبروا عظمة نعمة الله وسلامه قائلا: “لِتَكْثُرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ” ولم يتوقف هنا بل أكمل معطيًا الطريقة التي بها يحصلون على النعمة والسلام قائلا: بِمَعْرِفَةِ للهِ وَيَسُوعَ رَبِّنَا
إن النمو في معرفة الرّب هو أمر جوهري وأساسي لكي يختبر المؤمن بالمسيح ملء نعمة الله وسلامه في حياته


وينتقل بطرس الرسول بوحي الروح القدس مباشرة في العدد الثالث ليكتب قائلا: “كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ” (2بط 1: 3)

إن عدم النمو في معرفة الذي دعاك يبقيك في الضعف والعجز والحزن والألم واليأس والفشل. ولكي تختبر القوة والنصرة في حياتك الروحيّة عليك أن تنمو بمعرفة الذي دعاك بالمجد والفضيلة


ثم يتحدث في العدد 8 عن الاجتهاد في معرفة الرّب قائلا: “لأَنَّ هذِهِ إِذَا كَانَتْ فِيكُمْ وَكَثُرَتْ، تُصَيِّرُكُمْ لاَ مُتَكَاسِلِينَ وَلاَ غَيْرَ مُثْمِرِينَ لِمَعْرِفَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” (2 بط 1: 8)

التركيز على معرفة الرّب وإختبار عظمة حضور الرّب يؤدي إلى المزيد من النمو. عندما يضع المؤمن هدفا في حياته أن ينمو في معرفة الله، سوف ينمو في معرفة إلهه أكثر فأكثر


في الاصحاح الثاني يحذّر بطرس الرسول من أزمة روحية تصيب كنائس الإيمان، بوجود أشخاص يشبهون المؤمنين ولكن الأيام تكشف عدم صحة إيمانهم. “لأَنَّهُ إِذَا كَانُوا، بَعْدَمَا هَرَبُوا مِنْ نَجَاسَاتِ الْعَالَمِ، بِمَعْرِفَةِ الرَّبِّ وَالْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، يَرْتَبِكُونَ أَيْضًا فِيهَا، فَيَنْغَلِبُونَ، فَقَدْ صَارَتْ لَهُمُ الأَوَاخِرُ أَشَرَّ مِنَ الأَوَائِلِ.” (2بط 2: 20)

النمو في معرفة الرّب يعطي المؤمن تأكيد الخلاص. هناك من يظن نفسه مؤمنا ومع معرفته للرّب وصفاته يحاول أن يتجاوب ولكن تجاوبه لا يدوم، فيصل فيها إلى مرحلة ينكشف إيمانه وعدم صحة إختباره. أما بالنسبة للمؤمن الذي ينمو في معرفة الرّب فهو كلّما نمى بمعرفة الله كلّما اختبر التغيّير إلى شبه المسيح


أما الاصحاح الثالث من رسالة بطرس الثانية لاحظ بطرس وجود مؤمنين مشوشين بموضوع المجيء الثاني للمسيح، وكان هذا الموضوع يؤثر على تكريسهم وقداستهم. وبعد أن أجابهم على أسئلتهم قدم لهم النصحية الختامية قائلا: “وَلكِنِ انْمُوا فِي النِّعْمَةِ وَفِي مَعْرِفَةِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. لَهُ الْمَجْدُ الآنَ وَإِلَى يَوْمِ الدَّهْرِ.” (2بطر 3: 18)

إنّ النمو في النعمة وفي معرفة الرّب، تحثّ المؤمن ليستطيع أن يعيش بقداسة ونصرة بانتظار المجيء الثاني للمسيح

ثانيا. كيفيّة النمو في معرفة الله

إنّ المعرفة العميقة لله تأتي من خلال إعلان الله عن ذاته “وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ، عَالِمِينَ هذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.” (2 بط 1: 19-21)

لقد اعلن الله عن ذاته من خلال نبوّة الكتاب التي اعلنها الله لنا بواسطة أُناس الله القديسون المسوقين من الروح القدس، إذًا من خلال الكلمة المعلنة في العهد القديم والجديد يستطيع المؤمن أن يعرف من هو الله، ما هي صفاته، ما هو مخططه ومشيئته لحياته

من الضروري أن تنمو في معرفة الله من خلال معرفتك لحقائق الله. بذلك تنمو في معرفة لله باختباراتك الروحيّة. ثم تنمو في معرفة الله عندما تتّحد بالله من خلال استسلامك الكامل له

ثالثا. متطلبات النمو في معرفة الله

مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي. (غل 2: 20)

إن المعلومات الروحية لدى الإنسان غير كافية للنمو في معرفة الله ولكن الدخول إلى العمق في معرفة إلهنا يتطلّب الرغبة الروحيّة والقرار القلبي الصادق لذلك

أخيرًا، غاية الحياة الروحيّة هي الشركة مع الرّب، ومفتاح الشركة مع الرّب هو النمو في معرفة الله