لما خلقك الله، خلقك مميز عن غيرك، خلقك فريد من نوعك، لأنّ الله يريدك أن تكون مميّز … سنرى مواصفات المؤمن الذي يختبر هذا الاختبار فعلًا، ويكون مميّز بنظر الرّب. سنلقي الضوء على حياة أحد ملوك العهد القديم الذين كانوا مميزين ومختلفين. من بينهم، الملك حزقيا الذي كتب عنه الرّب هذه الكلمات: “وَبَعْدَهُ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي جَمِيعِ مُلُوكِ يَهُوذَا وَلاَ فِي الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ.” (2مل 18: 5)
فما هي الصفات المهمّة التي تجعلك مؤمن مميز بنظر الرّب؟
سوف نلقي الضوء على حياة الملك حزقيا المدوّنة في 2 مل و2 أخ وأش. وسنركز معظم شواهدنا على 2 أخ 29-32
أولا. مؤمن يتميّز بالتزامه بكلمة الرّب
وَالْتَصَقَ بِالرَّبِّ وَلَمْ يَحِدْ عَنْهُ، بَلْ حَفِظَ وَصَايَاهُ الَّتِي أَمَرَ بِهَا الرَّبُّ مُوسَى .” (2 مل 18: 6)
اتخذ الملك قرارًا بأن يكون أمينًا لكلمة الرّب. على الرغم من أن أجداده كلّهم أخفقوا، وأبوه أخفق، لكنّه صمّم أن يحفظ وصايا الرّب كما أمر الرّب بها موسى. يوجد فرق بين الالتزام ببعض الوصايا أو بأجزاء كبيرة من الكتاب المقدّس أو الالتصاق بالرّب وبكلمته تمامًا
ثانيا. مؤمن يتميّز بجرأة في تقييم الواقع
لأَنَّ آبَاءَنَا خَانُوا وَعَمِلُوا الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلهِنَا وَتَرَكُوهُ، وَحَوَّلُوا وُجُوهَهُمْ عَنْ مَسْكَنِ الرَّبِّ وَأَعْطَوْا قَفًا” (2 أخ 29: 6). الاعتراف بالخطأ، أي التقييم الصحيح، أي أن تقول:” أنا مخطئ، أنا خائنٌ الرّب”، وأن تقيّم وضعك، هو انطلاقة للنهضة والتغيير والسلوك في الحياة التي ترضي الرّب
ثالثا. مؤمن يتميّز برغبة قلبيّة في إرضاء الرّب
فَالآنَ فِي قَلْبِي أَنْ أَقْطَعَ عَهْدًا مَعَ الرَّبِّ” (2 أخ 29: 10). أين يحصل التغيير الحقيقي؟ في القلب … في الداخل … هل لديك رغبة قلبيّة في التغيير؟ التغيير لا يحصل من الخارج، ولا بالكلام، بل يحصل بدافع رغبة قلبيّة. فالمؤمن المميّز في عيني الرّب هو الذي يتخذ قرارات بالقلب وليس بالشفاه
رابعا. مؤمن يتميّز بقراراه العلني في التغيير
وَقَالَ لَهُمُ: «اسْمَعُوا لِي أَيُّهَا اللاَّوِيُّونَ، تَقَدَّسُوا الآنَ وَقَدِّسُوا بَيْتَ الرَّبِّ إِلهِ آبَائِكُمْ، وَأَخْرِجُوا النَّجَاسَةَ مِنَ الْقُدْسِ.” (2 أخ 29: 5). تميّز الملك حزقيّا بإعلانه. عندما تعلن قرارك القلبي أنت تضع نفسك أمام مسؤوليّة
خامسا. مؤمن يتميّز بإيمانه القوي بالرّب
وَكَانَ الرَّبُّ مَعَهُ، وَحَيْثُمَا كَانَ يَخْرُجُ كَانَ يَنْجَحُ. وَعَصَى عَلَى مَلِكِ أَشُّورَ وَلَمْ يَتَعَبَّدْ لَهُ.” (2مل 18: 7)
مرّ حزقيا والشعب في أوقات صعبة، عندما حوصرت أورشليم من أعظم مملكة في ذلك الوقت، وتُحُديَ ملك أشور، حزقيا، والشعب والرّب. كانت القوّة التي واجهتهم لا تقارَن ولكن ما ميّز حزقيا هو إيمانه القوي بالرّب … “تَشَدَّدُوا وَتَشَجَّعُوا. لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْتَاعُوا مِنْ مَلِكِ أَشُّورَ وَمِنْ كُلِّ الْجُمْهُورِ الَّذِي مَعَهُ، لأَنَّ مَعَنَا أَكْثَرَ مِمَّا مَعَهُ. مَعَهُ ذِرَاعُ بَشَرٍ، وَمَعَنَا الرَّبُّ إِلهُنَا لِيُسَاعِدَنَا وَيُحَارِبَ حُرُوبَنَا». فَاسْتَنَدَ الشَّعْبُ عَلَى كَلاَمِ حَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا” (2أخ 32: 7و8).ستأتي أيام يهدد فيها إبليس حياتك بمخاطر وتحديات. فالإيمان لا بدّ أن يمتحَن، وأحيانا يمتحَن بالنار. هل ستتمسّك بإيمانك عندما تكون الحسابات معاكسة لمصلحتك؟هل ستثق بالرّب عندما تبدو الهزيمة حتمية؟
سادسا. مؤمن يتميّز بحياة الصلاة الدائمة
فَصَلَّى حَزَقِيَّا الْمَلِكُ وَإِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ النَّبِيُّ لِذلِكَ وَصَرَخَا إِلَى السَّمَاءِ” (2 أخ 32: 20)
فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ حَزَقِيَّا ذلِكَ، مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَدَخَلَ بَيْتَ الرَّبِّ.” (2مل 19: 1)
فَأَخَذَ حَزَقِيَّا الرَّسَائِلَ مِنْ أَيْدِي الرُّسُلِ وَقَرَأَهَا، ثُمَّ صَعِدَ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، وَنَشَرَهَا حَزَقِيَّا أَمَامَ الرَّبِّ. وَصَلَّى حَزَقِيَّا أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، الْجَالِسُ فَوْقَ الْكَرُوبِيمَ، أَنْتَ هُوَ الإِلهُ وَحْدَكَ لِكُلِّ مَمَالِكِ الأَرْضِ. أَنْتَ صَنَعْتَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ .” (2مل 19: 14 و15)
فِي تِلْكَ الأَيَّامِ مَرِضَ حَزَقِيَّا إِلَى حَدِّ الْمَوْتِ وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ فَكَلَّمَهُ وَأَعْطَاهُ عَلاَمَةً.” (2 أخ 32: 24)
سابعا. مؤمن يتميّز بتحمله للمسؤوليّة الفرديّة
وَتَشَدَّدَ وَبَنَى كُلَّ السُّورِ الْمُنْهَدِمِ وَأَعْلاَهُ إِلَى الأَبْرَاجِ، وَسُورًا آخَرَ خَارِجًا، وَحَصَّنَ الْقَلْعَةَ، مَدِينَةَ دَاوُدَ، وَعَمِلَ سِلاَحًا بِكَثْرَةٍ وَأَتْرَاسًا. (2 أخ 32: 5)
المؤمن المميّز هو المؤمن الذي يقوم بدوره ويتحمّل المسؤوليّة الفرديّة. الرب يحامي ولكن الإنسان هو الذي يتحمل مسؤوليّته. الرب يسدد الحاجات ولكن الإنسان هو الذي يعمل بجدّ. الرّب يبارك الخدمة ولكن المؤمن هو الذي يحضّر جيّدا للخدمة. الرّب يخلص نفوس والمؤمن هو الذي عليه أن يكرز بالمسيح
ثامنا. مؤمن يتميّز بسلوكه المتواضع
ثُمَّ تَوَاضَعَ حَزَقِيَّا بِسَبَبِ ارْتِفَاعِ قَلْبِهِ هُوَ وَسُكَّانُ أُورُشَلِيمَ …” (2 أخ 32: 26)
التواضع ميزة المؤمن المميّز، فهي تلك التي تسمح لعمل الله في حياة الإنسان.التواضع هو أساس التعلّم، وهو أساس التغيير.والتواضع هو أساس النموّ
تاسعا. مؤمن يتميّز بمشورته الروحيّة
فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ حَزَقِيَّا ذلِكَ، مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَدَخَلَ بَيْتَ الرَّبِّ. وَأَرْسَلَ أَلِيَاقِيمَ الَّذِي عَلَى الْبَيْتِ وَشِبْنَةَ الْكَاتِبَ وَشُيُوخَ الْكَهَنَةِ مُتَغَطِّينَ بِمِسْحٍ إِلَى إِشَعْيَا النَّبِيِّ ابْنِ آمُوصَ …” (2مل 19: 1و2)
المؤمن المميّز يعرف أن يتخذ مشورة روحيّة من الأشخاص المقامين من الرّب. حزقيا التجأ إلى أشعياء. المشورة أساسيّة في حياة الإنسان، لأنّ بالمشورة الصحيحة تدبّر الأمور
عاشرا. مؤمن يتميّز بمثاله العملي أمام الآخرين
وَأَعْطَى الْمَلِكُ حِصَّةً مِنْ مَالِهِ لِلْمُحْرَقَاتِ …” (2 مل 31: 3)
.من المميز أن يقدّم الإنسان نفسه مثالًا أمام الآخرين
أحد عاشرًا. مؤمن يتميّز بخضوعه الكامل للرّب
فَقَالَ حَزَقِيَّا لإِشَعْيَا: «جَيِّدٌ هُوَ قَوْلُ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمْتَ بِهِ». ثُمَّ قَالَ: «فَكَيْفَ لاَ، إِنْ يَكُنْ سَلاَمٌ وَأَمَانٌ فِي أَيَّامِي؟». (2مل 20: 19)
.أحيانا يوبخنا الرّب. التوبيخ إما يحدِث تمرّد أو يحدِث خضوع وتغيير. حزقيا أخطأ ولكن عندما كان ذاك قول الرّب له، خضع وقبل
اثنا عاشرًا. مؤمن يتميّز بتركيزه الدائم على مشيئة الرّب
كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي شَرِيعَةِ الرَّبِّ.” (2 أخ 31: 3)
هكَذَا عَمِلَ حَزَقِيَّا فِي كُلِّ يَهُوذَا، وَعَمِلَ مَا هُوَ صَالِحٌ وَمُسْتَقِيمٌ وَحَقٌّ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِهِ. وَكُلُّ عَمَل ابْتَدَأَ بِهِ فِي خِدْمَةِ بَيْتِ اللهِ وَفِي الشَّرِيعَةِ وَالْوَصِيَّةِ لِيَطْلُبَ إِلهَهُ، إِنَّمَا عَمِلَهُ بِكُلِّ قَلْبِهِ وَأَفْلَحَ.” (2 أخ 31: 20-21). المؤمن المميّز يركز هو الذي على مشيئة الرّب
ختامًا، إذا كنت تريد أن تكون مميّزًا وناجحًا ومباركًا، ضامنًا حياتك اليوميّة وحياتك الأبديّة، مرتاح البال وعائشًا بسلام وفرح
اسمح للرّب من، خلال كلمته، أن يحقق كل هذا في في حياتك