إن طبيعة الله الوحدانية المثلث الأقانيم هي من أهم المواضيع في علم اللاهوت نسبة لكثرة الهرطقات عن هذا الموضوع .
فتجدر الإشارة إن فكرت وحدانية الله تعني إنه يوجد إله واحد و إن الطبيعة الإلهية غير منقسم و ليس لدى الله شخصيات بأفكار مختلفة بل فكر الله واحد و موحد و متناجس و غير منقسم و لكن هذا الأمر لا ينفس فكرة إن لله ثلاث أقانيم و لكن ليس ثلاث آلهة و ليس ثلاث صفات مختلفة .
و هنا سندرس مع بعضنا البعض الأعلانات التي أعلنها لنا الله عن ذاته من خلال الكتاب المقدس و ليس تفسيرنا الشخصي. فالله أعلن عن نفسه لنا إنه رب واحد و ليس مجموعة آله فنرى في (تثنية 6: 4) اسْمَعْ يَا اسْرَائِيلُ: الرَّبُّ الهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ.و في إشعياء (45 : 5 ) “أنا الرب و ليس آخر ،لا إله سواي ” كما نرى العديد من الشواهد الأخرى التي تشهد إلى أن الرب هو واحد في الكتاب المقدس و ليس إله آخر و سنذكر البعض منها في العهد الجديد أيضا في (مرقس 12 : 29 ) لا أجاب يسوع إن أول كل الوصايا ” إسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد “
كما نرى في (1 تي 2: 5) “لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله و الناس ” و غيرها و غيرها من الشواهد العديدة التي تذكر إن الله واحد في الكتاب المقدس و لكن كما ذكرنا سابقا هذا لا يعني إنه يوجد ثلاث أقانيم في الله مثل الحالة الطبيعية للمياه جميعنا يعرف بكل بساطة إن المياه مؤلفه من زرتا هيدوجين و زرة أوكسيجن و إن المياه يمكن أن يتواجد في ثلاث حالات فيزيائية مختلف المياه في حالة البخار(الغاز) و في حالة الثلج (الجماد ) و في حالة المياه (السائل و لكن يظل في التركيبة الكيميائية ذاتها زرتا هيدروجن و زرة أوكسيجن و لكن شكل المياه مختلف عن شكل البخار و مختلف عن شكل الثلج و لكل واحد دوره و أهميته و لكن جميعهم زرتا هيدروجن و زرة أوكسيجن كذلك الأمر بالنسبة لله ، فالله مثلث الأقانيم الله الأب و الله الإبن و الله الروح القدس و لكن هذه الثلاث أقانيم تجتمع في إله واحد وهذا ما يعلنه لنا الكتاب المقدس في العديد من الحقائق نذكر منها في (تك 19 : 24 )” فأمطر الرب على سدوم و عمورة كبريتا و نارا من عند الرب من السماء ” و هنا نرى عبارة رب مرتين و كأنه شخصيتين في دورين مختلفين كما نرى في (مز 110 : 1) “قال الرب لربي اجلس عن يميني فأضع أعدائك موطئا لقدميك “
و نرى إن الرب يسوع إستخدم هذه الآية في العهد الجديد ليعلن عن نفسه إنه رب و نرى في (زك 3: 2 ) “فقال الرب للشيطان لينتهرك الرب يا شيطان و لينتهرك الرب ..” و نرى في (2 تي 1: 18 ) “ويعطيه الرب أن يجد رحمة من الرب في ذلك اليوم “فنرى من خلال هذه الآيات إن الرب متميز عن الرب فالابن متميز عن الأب و الروح القدس و نرى هذه الحالة في سفر (إشعياء 48 : 12 – 16 )
12«اِسْمَعْ لِي يَا يَعْقُوبُ. وَإِسْرَائِيلُ الَّذِي دَعَوْتُهُ. أَنَا هُوَ. أَنَا الأَوَّلُ وَأَنَا الآخِرُ 13وَيَدِي أَسَّسَتِ الأَرْضَ وَيَمِينِي نَشَرَتِ السَّمَاوَاتِ. أَنَا أَدْعُوهُنَّ فَيَقِفْنَ مَعاً. 14اِجْتَمِعُوا كُلُّكُمْ وَاسْمَعُوا. مَنْ مِنْهُمْ أَخْبَرَ بِهَذِهِ؟ قَدْ أَحَبَّهُ الرَّبُّ. يَصْنَعُ مَسَرَّتَهُ بِبَابِلَ وَيَكُونُ ذِرَاعُهُ عَلَى الْكِلْدَانِيِّينَ. 15أَنَا أَنَا تَكَلَّمْتُ وَدَعَوْتُهُ. أَتَيْتُ بِهِ فَيَنْجَحُ طَرِيقُهُ. 16تَقَدَّمُوا إِلَيَّ. اسْمَعُوا هَذَا. لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنَ الْبَدْءِ فِي الْخَفَاءِ. مُنْذُ وُجُودِهِ أَنَا هُنَاكَ وَالآنَ السَّيِّدُ الرَّبُّ أَرْسَلَنِي وَرُوحُهُ.
نرى في هذا المقطع إن الله الإبن يتكلم و يعلن بإنه الأول و الأخر و هو الذي يأمر فيصير و ينتهي المقطع بالتكلم على إن الله الإبن كان منذ وجود الله الأب و الأن الأب قد أرسل الإبن و الروح القدس .فهذه صورة رائعة لله الأب و الأبن و الروح القدس و نرى في (إشعياء 9 : 6) لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْناً وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيباً مُشِيراً إِلَهاً قَدِيراً أَباً أَبَدِيّاً رَئِيسَ السَّلاَمِ.
و هنا نرى في هذه النبوى عن الرب يسوع المسيح الصفات التي يتمتع بها و يعلن لنا الكتاب المقدس بشكل واضح إن الرب يسوع هو إله قدير و أبا أبديا أي إنه منذ الأزل و رئيس السلام فهذه الأمور مجتمعة تعلن لنا بوضوح الثالوث في الكتاب المقدس كما نرى في يوحنا ( 1 :1 ) “في البدء كان الكلمة و الكلمة كان عند الله و كان الكلمة الله و في العدد 14 يعلن لنا الكتاب ” و الكلمة صار جسدا و حل بيننا و رأينا مجده “
فالكتاب أعلن لنا بكل وضوح عن ألهوية الرب يسوع و يعلن لنا صفات الرب يسوع العظيمة و أولها بأنه رب و بأنه كائن منذ الأزل و سرمدي (يو 8 : 58 ) و موجود من البدأ و موجود في كل مكان في نفس الوقت (يو 3 : 13 ) (متى 18 : 20 ) و غيرها و غيرها من الصفات كالديان وغافر الذنوب و الخطايا و الخالق من العدم وكذلك الأمر بالنسبة للروح القدس فيعلن لنا الكتاب منذ البدأ عن الروح القدس و عمله في الخلق في (تك 1:1-2 ) في البدء خلق الله السماوت و الأرض و كانت الأرض خربة و خالية و على وجه الغمر ظلمة و روح الله يرف على وجه المياه “.
و نرى في( يوحنا 14 : 16 و 26 ) قال الرب يسوع أنا أطلب من الأب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد وفي العدد 26 يعلن إن المعزي الروح القدس الذي سيرسله الأب بإسمي فهو يعلمكم كل شيء و يذكركم بكل ما قلته لكم “
و هنا نرى بوضح شخصية الروح القدس المنفردة و دوره في التعزية و قيادة الكنيسة و نرى ألهويت الروح القدس أيضا بوضوح في حادثة في سفر أعمال الرسل (أعمال 5 : 3) “فقال بطرس يا حننيا لماذا ملأ الشيطان قلبك بتكذب عبى الروح القدس و في العدد الرابع يقول أنت لم تكذب عبى الناس بل على الله و هنا نرى بكل وضوح إن الروح القدس هو الله.
فالروح القدس هو مساوي للرب يسوع و هو الخالق و المعزي و هو الذي يقود عملية التجديد و هو الذي يقود الكنيسة و يعطي المواهب و يعمل عمل عظيم في حياتنا اليوم فهو الله و كما رأينا إن يسوع و الروح القدس هما الله سنرى في بعض الإعلانات الكتابية عن الله الأب فيعلن الرب يسوع في (يوحنا 6: 27 ) لأن هذا الله الأب قد ختمه
و كما نرى في رسالة (رومية 1: 7) نعمة لكم و سلام من الله أبينا “
و في رسالة (غلا 1:1 ) بولس رسولا لا من الناس و لا بإنسان بل بيسوع المسيح و الله الأب الذي أقامه من الأموات “
و هكذا نرى الله الواحد المثلث الأقانيم في إعلانات الكتاب المقدس و ليس هذه فقط بل يوجد العديد منها أيضا نذكر عندما تكلم الوحي بلغة الجمع في (تك 1 : 26 ) وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا “
و نرى إن الوحي يتكلم بصورة الجمع و لكن الله بالمفرد كما نرى (متى 28 : 19 ) “فإذهبوا و تلمزوا جميع الأمم و عمدوهم بإسم الأب و الإبن و الروح القدس “و نرى كيف قال بإسم و لم يقل بأسماء لأنهم واحد و في رسالة يوحنا الأولة (5: 7 ) فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الأب و الكلمة و الروح القدس و هؤلاء الثلاثة هو واحد” و هكذا رأينا ما أعلنه لنا الله عن نفسه إنه واحد في ثلاث أقانيم و هذه الحقيقة اللاهوتية عظيمة جدا لكي يتحقق الحب الأبدي و ليتحقق الخلاص من خلال إرسال الأب للإبن لتحقيق الخلاص .