الغضب في حياة المؤمن

العصبيّة أو الغضب مشكلة العصر الحالي، لطالما نسمع بعض التّعابير كما “عصّبت على الأولاد … جئت غاضبًا من العمل…  فأولادنا يتربّون على هذه التّعابير … “عصّبت من هذه اللّعبة …” وقد تقول الأمّ لأولادها: “طلّعتولي خلقي …”، “ما فيك مخّ …”، “مخّك فاضي…”، … “يا ليتني ما جئت على هذه الدّنيا …” كما قد تقول الزّوجة لزوجها بلحظة غضب “يا ليتني ما تزوجت بك 

ما هو تعريف المسيح لهذه اللّحظات العصيبة وللكلام الّذي ينتج عنها؟

هذا ما تحدّث يسوع عنه في الموعظة على الجبل، هذه العظة المباركة الّتي فيها أعلن يسوع فكره من ناحية حياتنا العمليّة.  كان اليهود في أيّام المسيح قد حلّلوا لأنفسهم الكثير من الخطايا، وعدّلوا وصايا الرّبّ بحسب رغباتهم. هذا وكانوا مثل القبور المبيّضة الّتي تظهر من خارج نظيفة ولكنّها من داخل كانت نتنة

لذلك قال يسوع لتلاميذه: “فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ.” (متى 5: 20)

.سندرس ما هي نظرة المسيح للغضب وتأثيره وكيفيّة علاجه

متى 5: 21-26، «قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. 22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ. 23فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، 24فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ. 25كُنْ مُرَاضِيًا لِخَصْمِكَ سَرِيعًا مَا دُمْتَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ، لِئَلاَّ يُسَلِّمَكَ الْخَصْمُ إِلَى الْقَاضِي، وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الشُّرَطِيِّ، فَتُلْقَى فِي السِّجْنِ. 26اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ تَخْرُجُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تُوفِيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ

كلمات قاسية قالها الرّب يسوع المسيح في الموعظة على الجبل، ولكنّها الحقيقية، فالغضب باطلاً هي خطيّة تساوي القتل

أولاً. الغضب يستوجب الحكم

«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. 22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ

.مقارنة القتل بالغضب: المسيح ينظر إلى جذور الأمور وليس إلى سطحيّتها، فأصل القتل هو الغضب

هناك نوعان من الغضب: (1) الغضب الصّحيح و (2) الغضب الباطل. فكيف نفرّق الغضب الصّحيح من الغضب الباطل؟

النوع الأول: من الأمور الّتي تغضبني، الظّلم، الخطيئة، الأنانيّة أو الشّهوة أو… فهل الغضب شعور؟ وبماذا يرتبط؟ وهل يرتبط بخطيئة ما؟ وهل هذا ما يجعله خطيئة أم لا؟

 هناك أمور أغضبت المسيح مثل: “نظر حوله إليهم بغضب حزينًا على غلاظة قلوبهم”(مر 3: 5)، وكما غضب يسوع على العبادة الباطلة : “غيرة بيتك أكلتني”(يو 2: 13-16)

النوع الثاني: ما هو التّصرّف الّذي ينتج عن الغضب؟

الغضب هو شعور، والسّؤال ماذا سيفعل الغضب في حياتي؟ هل يؤدّي إلى تصرفٍ سيّءٍ أو هل يؤدّي الى تصرّفٍ روحيٍّ وناضج. مثلاً:  عندما أغضب على أولادي بسبب الرّسوب في المدرسة  أكسر الصّحون في البيت أو أكسر الخليوي أو التّابليت، أو بالمقابل أغضب وأصمّم أن أعيد وضع القوانين في البيت؟

(3) من الخطأ أن يسيطر الغضب على الإنسان وعلى مشاعره وعلى أفكاره. “اغضبوا ولا تخطئوا، لا تغرب الشّمس على غيظكم (اف 4:   26)، إذًا عندما نغتاظ من الدّاخل، قد  يتحوّل هذا الغيظ إلى خطيئةٍ، إذا لم نعالجه

ثانيًا. مثالاً على تأثير الغضب على الكلام

مثل: وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ. (قال لأخيه رقا = انسان فارغ)، (المجمع = حكم السّنهدريم اليهوديّ)

مثل: وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ. ( أحمق = مغفّل )، (نار جهنّم = الدّينونة)

مثل: يشبّه بولس الرّسول تأثير الغضب بإعطاء إبليس مكانًا في حياتنا.  “ولا تعطوا ابليس مكانا …” (أف 4: 27)

ثالثًا. الغضب هو خطيئة تتطلّب العلاج

:الغضب يؤثّر على العبادة المقبولة

 فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، 24فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ

:عدم معالجة الأمور لا ينهيها ولكنّه يزيدها تأزّمًا

كُنْ مُرَاضِيًا لِخَصْمِكَ سَرِيعًا مَا دُمْتَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ، لِئَلاَّ يُسَلِّمَكَ الْخَصْمُ إِلَى الْقَاضِي، وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الشُّرَطِيِّ، فَتُلْقَى فِي السِّجْنِ. 26اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ تَخْرُجُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تُوفِيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ

لا تغرب الشمس على غيظكم …” (اف 3: 26)”

أخيرًا، النّمو الرّوحيّ يتطلّب إدراكًا لخطر الغضب والتّحضّر لمعالجته، كما أنّ الغضب هو شعور يتطلّب ردّة فعل روحيّ لكي يضبط لئلّا تحصل المآسي، وجزء من حياة النّمو الرّوحيّ هو النّمو في السّيطرة على الغضب

وأختم بأنّنا قد لا نستطيع أن نتحكّم بمشاعرنا، ولكنّنا نستطيع أن ندرّب نفوسنا كيف نتجاوب مع مشاعرنا