الحياة الروحيّة مع المسيح فيها عمق روحي. لما تشاهدون برامج تلفزيونيّة عن الحياة البحريّة، تعرفون أنّ جمال البحر والمياه ليس بما تراه على الوجه ولكن بما قد يكتشفه الإنسان في عمق البحار. ولكن قليلون هم الذين يغوصون في العمق. الكثير من المؤمنين يعيشون على الشاطئ، بينما الغنى الروحي والبركات الروحيّة والنصرة الروحيّة وروعة الحياة الروحيّة مع المسيح توجد في العمق. أحد أهم جوانب العمق الروحي في حياة الإنسان المؤمن هو موضوع الصوم. هذا الموضوع الذي لا يختبره الكثير من المؤمنين هو حالة متقدمة وأساسيّة في حياة المؤمن. والمؤمن الذي يطمح لاختبارات فريدة مع الرّب وتعاملات مجيدة يحتاج إلى هذا العمق. المؤمن الذي يريد أن يرى جمال الحياة الروحيّة وقوّتها يحتاج إلى هذا العمق. يحتاج إلى أن يدرك أهميّة الصوم
المسيح واجه هذا الأمر مع تلاميذه. لأنّ بين تلاميذ المسيح كان يوجد أفراد مخلصون ومضحون ومكرسون ولكنّهم في بعض الأحيان كانوا فاشلين وعاجزين. وعلى الرغم من أنّ الرّب أعطى سلطان لتلاميذه على إخراج الأرواح الشريرة، ولكن في إحدى المرات عجزوا عن إخراج الأرواح الشريرة. ولما سألوا يسوع: لماذا لم نقدر؟ أجابهم لأنّكم تحتاجون إلى العمق الروحي
نقرأ من متى 17: 14-21
وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى الْجَمْعِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَجُلٌ جَاثِيًا لَهُ 15وَقَائِلاً: «يَا سَيِّدُ، ارْحَمِ ابْني فَإِنَّهُ يُصْرَعُ وَيَتَأَلَّمُ شَدِيدًا، وَيَقَعُ كَثِيرًا فِي النَّارِ وَكَثِيرًا فِي الْمَاءِ. 16وَأَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلاَمِيذِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْفُوهُ». 17فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ، الْمُلْتَوِي، إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ ههُنَا!» 18فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ، فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 19ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» 20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. 21وَأَمَّا هذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ
أولا. أساسيّة الصوم في حياة المؤمن المتجدّد
:الرّب يتوقّع من المؤمن أن يصوم
«وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ. وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ، لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. (متى 6: 16-18)
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «هَلْ يَسْتَطِيعُ بَنُو الْعُرْسِ أَنْ يَنُوحُوا مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ وَلكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ. (متى 9: 15)
لاَ يَسْلُبْ أَحَدُكُمُ الآخَرَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوافَقَةٍ، إِلَى حِينٍ، لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا لِلصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ، ثُمَّ تَجْتَمِعُوا أَيْضًا مَعًا لِكَيْ لاَ يُجَرِّبَكُمُ الشَّيْطَانُ لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ. (1كو 7: 5)
:نماذج عن مؤمنين صاموا
الكنيسة: وَبَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ وَيَصُومُونَ، قَالَ الرُّوحُ الْقُدُسُ: «أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ». (أع 13: 2)
الكنيسة: وَانْتَخَبَا لَهُمْ قُسُوسًا فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ، ثُمَّ صَلَّيَا بِأَصْوَامٍ وَاسْتَوْدَعَاهُمْ لِلرَّبِّ الَّذِي كَانُوا قَدْ آمَنُوا بِهِ. (أع 14: 23)
أستير: «اذْهَبِ اجْمَعْ جَمِيعَ الْيَهُودِ الْمَوْجُودِينَ فِي شُوشَنَ وَصُومُوا مِنْ جِهَتِي وَلاَ تَأْكُلُوا وَلاَ تَشْرَبُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لَيْلاً وَنَهَارًا. وَأَنَا أَيْضًا وَجَوَارِيَّ نَصُومُ كَذلِكَ. وَهكَذَا أَدْخُلُ إِلَى الْمَلِكِ خِلاَفَ السُّنَّةِ. فَإِذَا هَلَكْتُ، هَلَكْتُ». (أس 4: 16)
يوئيل: وَلكِنِ الآنَ، يَقُولُ الرَّبُّ، ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ، وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ. (يؤ 2: 12)
الأرملة: وَهِيَ أَرْمَلَةٌ نَحْوَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ، عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطَلِبَاتٍ لَيْلاً وَنَهَارًا. (لو 2: 37)
نحميا: فَلَمَّا سَمِعْتُ هذَا الْكَلاَمَ جَلَسْتُ وَبَكَيْتُ وَنُحْتُ أَيَّامًا، وَصُمْتُ وَصَلَّيْتُ أَمَامَ إِلهِ السَّمَاءِ، (نح 1: 4)
دانيال: فَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَى اللهِ السَّيِّدِ طَالِبًا بِالصَّلاَةِ وَالتَّضَرُّعَاتِ، بِالصَّوْمِ وَالْمَسْحِ وَالرَّمَادِ. وَصَلَّيْتُ إِلَى الرَّبِّ إِلهِي وَاعْتَرَفْتُ وَقُلْتُ: «أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْعَظِيمُ الْمَهُوبُ، حَافِظَ الْعَهْدِ وَالرَّحْمَةِ لِمُحِبِّيهِ وَحَافِظِي وَصَايَاهُ. وَصَلَّيْتُ إِلَى الرَّبِّ إِلهِي وَاعْتَرَفْتُ وَقُلْتُ: «أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْعَظِيمُ الْمَهُوبُ، حَافِظَ الْعَهْدِ وَالرَّحْمَةِ لِمُحِبِّيهِ وَحَافِظِي وَصَايَاهُ. أَخْطَأْنَا وَأَثِمْنَا وَعَمِلْنَا الشَّرَّ، وَتَمَرَّدْنَا وَحِدْنَا عَنْ وَصَايَاكَ وَعَنْ أَحْكَامِكَ. (دا 9: 3-5)
عزرا: وَنَادَيْتُ هُنَاكَ بِصَوْمٍ عَلَى نَهْرِ أَهْوَا لِكَيْ نَتَذَلَّلَ أَمَامَ إِلهِنَا لِنَطْلُبَ مِنْهُ طَرِيقًا مُسْتَقِيمَةً لَنَا وَلأَطْفَالِنَا وَلِكُلِّ مَالِنَا. (عز 8: 21)
ثانيا. تعريف الصوم في حياة المؤمن المتجدّد
الصوم هو الدخول إلى عمق حياة الصلاة. لا يوجد في الكتاب المقدّس صوم بدون صلاة. الصوم هو في صلب الشركة مع الرّب. الصوم هو التركيز الروحي على الأمور الروحيّة وهذا يتطلّب منك أن تزيل تركيزك عن الجسد لكي تتفرغ لأمورك الروحيّة. مثال عن ذلك، الرجل الذي كان يستعد لرحلة مع زوجته وثم جاءه الولد المريض فترك ملذته لكي يتفرغ لأمر أهّم. عندما تصبح الحياة الروحيّة ذات أهميّة كبيرة لدرجة أن أمامها تصغر ملذات الجسد، تتفرغ للصلاة
ثالثا. أهداف الصوم في حياة المؤمن المتجدّد
:الصوم لكي تعيش حياة النصرة والغلبة
في الكتاب المقدس نرى أمثلة عن النصرة على الأرواح الشريرة، أو نجاة شعب الرّب في أيام أستير، أو النجاح في حياتنا الزوجيّة
:الصوم لكي تعرف مشيئة الرّب
نرى أيضًا أمثلة عن ذلك في الكتاب المقدس في قيادة الرّب للكنيسة في أنطاكية في العمل الإرسالي، كذلك يخولنا الصوم معرفة مشيئة الرّب في قراراتنا وخدماتنا
رابعا. أهميّة الصوم في حياة المؤمن المتجدّد
وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى الْجَمْعِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَجُلٌ جَاثِيًا لَهُ 15وَقَائِلاً: «يَا سَيِّدُ، ارْحَمِ ابْني فَإِنَّهُ يُصْرَعُ وَيَتَأَلَّمُ شَدِيدًا، وَيَقَعُ كَثِيرًا فِي النَّارِ وَكَثِيرًا فِي الْمَاءِ. 16وَأَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلاَمِيذِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْفُوهُ». 17فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ، الْمُلْتَوِي، إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ ههُنَا!» 18فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ، فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 19ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» 20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. 21وَأَمَّا هذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ
.الصلاة ضروريّة للقوة الروحيّة، لا توجد حياة روحيّة قويّة بدون حياة الصوم
خامسا. كيفيّة الصوم في حياة المؤمن المتجدّد
وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ. وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ، لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. (متى 6: 16-18)
الصوم ليس فرض أو طقس روحي. الصوم هو حاجة مستمرة في حياة الإنسان المؤمن. أن تختار في حياتك أياما فيها تمتنع عن الطعام لفترة معيّنة لتركّز على طلبات أساسية وجوهريّة في حياتك. الصوم هو حاجة مستمرة في حياة الكنيسة بحيث نصلي مع بعضنا ونصوم لأجل حاجة مشتركة للكنيسة
في الختام، أنت كمؤمن تختار أي نوع من الحياة الروحيّة تريد. هل تريد العمق الروحي؟ أم هل تريد الحياة الروحيّة السطحيّة؟ تذكّر أن الإخلاص والتكريس ليسا كافيين لاختبار روعة الحياة الروحيّة، تحتاج إلى الدخول إلى العمق. تحتاج إلى عمق روحي في حياة الصلاة بأن تضيف إليها أوقات مخصصة للصوّم. الصوم في حياة المؤمن المتجدّد يحوله إلى مؤمن غالب ومنتصر
الصوم في حياة المؤمن المتجدّد يحوله إلى مؤمن يعيش روعة الحياة الروحيّة