السلام الحقيقي في حياة المؤمن

اختبار السلام الداخلي القلبي هو رغبة حقيقيّة عند كل إنسان. قرأت قصّة عن مباراة للرسم حول موضوع السلام. طُلب من الرسامين أن يجسدوا “السلام” برسمة. وتعيّن يوم معيّن لتقديم الصور. وعُيّن الحكّام أيضًا الذين سيقرروا أي منها الصورة الرابحة. وجاء اليوم المعيّن وتجمهر الناس وجلس الحكّام على كراسيهم. وبدأ الرّسامون واحدا تلو الآخر يكشفون رسماتهم. في نهاية المطاف، بقيت لوحتان فريدتان. في اللوحة الأولى، قطيع من الغنم في حقل خضراء قريب من المياه العذبة. أما في اللوحة الثانية، التي ربحت، كانت صورة مرعبة لشلال مياه دافق في يوم عاصف وأمطار شديدة ورياح قويّة جدّا. وفي وسط الشلال كان هناك جذع شجرة صاعد من داخل الشلال على رأسه غصن. في ذلك الغصن وجدت العصفورة مكانا آمنا وضعت فيه عشّها. وكانت تجلس على البيض الخاص بها. صوّر الرسام العصفورة وهي مغمضة العينين وتستعد بجناحيها أن تغطي فراخها غير متأثرة بكل ما يجري من حولها. جسّدت هذه العصفورة السلام في وسط الاضطراب

في وسط عالم مضطّرب ومتقلّب وشرير، يشتاق الإنسان إلى السلام. يشتاق الإنسان إلى السلام المفقود في العالم. أقيمت دراسة في العالم حول كم معاهدة سلام كُسرت في العالم. النتيجة كانت أنها جميعا كُسرت. لا توجد معاهدة سلام صمدت أمام الطمع والجشع والخوف والأنانية

الإنسان يبحث عن السلام. والخبر المفرح هو أنّ، الرّب يسوع جاء إلى العالم لكي يحقق هذه الرغبة القلبيّة في حياة الإنسان. هو يريد أن يعطينا سلام وهو يريد أن نكون نحن رسلا للسلام في محيطنا. يذكر موضوع السلام في الكتاب المقدّس أكثر من 400 مرّة.  قال أحدهم أنّ موضوع الكتاب المقدّس هو السلام. يبدأ بسلام في جنة عدن وينتهي بسلام في السماء مع الله للأبد. وموضوع الكتاب المقدّس هو السلام المفقود الذي جاء المسيح لكي يحقّقه في العالم. لم يخفِ الرّب عنا وضع العالم المضطرب من حولنا ولكنّه شدّد على ميزة السلام التي يتميّز بها المؤمن في وسط العالم المضطرب

قال الرّب يسوع لتلاميذه: “قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ .” (يو 16: 33). لم ينفِ يسوع حقيقة الضيق الموجود في العالم ولكنّه أعلن لنا عن سلامه الذي يغمرنا في كل الظروف. هذا السلام الخاص بالمؤمن كان موضوع شائع في رسائل العهد الجديد للكنائس. في رسالة فيلبي 4: 6-10، “لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ

وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا. وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا، وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ. (في 4: 6-10)

يذكر الوحيّ مرّتين في هذا المقطع كلمة سلام. يتحدث عن سلام الله الذي يفوق كل عقل “يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع”. ويتحدث أيضا عن “إله السلام” الذي سيكون معهم

ما هو أساس هذا السلام؟ ما هو عمق هذا السلام؟ وكيف يمتحن هذا السلام؟

أولا. أساس سلام المؤمن

يستخدم الوحي كلمات دقيقة ليشير إلى السلام الذي يتحقق في داخل المؤمن، قائلا: “وسلام الله الذي يفوق كل عقل.” يسمي الوحي هذا السلام القلبي “سلام الله” – وهو يحتاج إلى “إله السلام” لكي يستطيع أن يختبره. يأتي هذا السلام من الله. لأن الإنسان يفتقد إلى السلام. الإنسان بطبيعته مضطرب. خوف – عدم ثقة – شك – قلق – ظنون فكريّة …كل هذه مصدرها الخطيّة. الأنانيّة – الشهوة – الكذب

لماذا تشب الحروب بين الدوّل؟ طمعًا بالمياه وبالثروات الطبيعيّة – حبّ السيطرة. لماذا تحدث المشاكل بين الناس؟ بسبب المال – الشهوة – الظنون – الكره – الرفض – حبّ الامتلاك

عندما يخطئ الإنسان تجاهنا نحن نضطرب … وعندما نخطئ نحن تجاه الآخرين نضطرب أيضًا. سكين يجزّ على الجهتين … ولكن المشكلة الأعمق هي علاقتنا المشوّشة مع الله. الخطيّة قطعت علاقتنا مع الله، “إله السلام”. “بَلْ آثَامُكُمْ صَارَتْ فَاصِلَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِلهِكُمْ، وَخَطَايَاكُمْ سَتَرَتْ وَجْهَهُ عَنْكُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ.” (أش 59: 2)

هذه هي المشكلة الأساسيّة. لذلك فإن أساس السلام في حياتنا، هو تصحيح العلاقة مع الله. وهذا هو هدف تجسّد الرّب يسوع المسيح. فقبل أن نختبر سلام في قلبنا، وسلام مع محيطنا، نحن نحتاج إلى سلام مع الله. لذلك يقول الكتاب في رومية 5: 1-5، “فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا قَدْ صَارَ لَنَا الدُّخُولُ بِالإِيمَانِ، إِلَى هذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ، وَنَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِ. وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا. (رو 5: 1-5)

لكي تختبر سلام الله عليك أن تصحح علاقتك بالرّب وتدخل في عهد السلام مع الله من خلال التبرير بالإيمان بالرّب يسوع المسيح

لذلك يقول بولس الرسول لمؤمني كنيسة تسالونيكي: “وَرَبُّ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُعْطِيكُمُ السَّلاَمَ دَائِمًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. الرَّبُّ مَعَ جَمِيعِكُمْ.” (2 تس 5: 23)

.يسوع على الصليب بجسده صنع السلام بيننا وبين الله، حتى كل من آمن به يتصالح مع الله

فما هي ميزات هذا السلام؟

ثانيا. ميزات سلام المؤمن

سلام قلبي عميق

فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا قَدْ صَارَ لَنَا الدُّخُولُ بِالإِيمَانِ، إِلَى هذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ، وَنَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِ. وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا. (رو 5: 1-5)

سلام مبني على النعمة التي فيها نحن مقيمون. سلام مبني على مكانتنا الجديدة في المسيح يسوع. الضيقات موجودة، ولكنّها تعلمنا الصبر، والصبر ينمينا روحيّا، والنمو الروحي يفتح عيوننا على رجاء الحياة الأبديّة، ومحبة الله التي انسكبت بالروح القدس تثبت سلام الله في قلوبنا

هُوَذَا تَأْتِي سَاعَةٌ، وَقَدْ أَتَتِ الآنَ، تَتَفَرَّقُونَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَاصَّتِهِ، وَتَتْرُكُونَنِي وَحْدِي. وَأَنَا لَسْتُ وَحْدِي لأَنَّ الآبَ مَعِي. قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ.  فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ.” (يو 16: 32-33)

قال يسوع لتلاميذه: “الاضطهاد قادم – والخوف قادم – والضيق قادم – ولكن على من الرغم ذلك “كلمتكم ليكون لكم فيّ سلام”. كتب بولس من اختباره قائلا: ” مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ».  وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا.” (رو 8: 35-37)

.يسوع هو سلام قلبي

سلام دائم في كل وقت

السلام الذي يتحدث عنه الرّب ليس سلاما وقتيّا. “وَرَبُّ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُعْطِيكُمُ السَّلاَمَ دَائِمًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. الرَّبُّ مَعَ جَمِيعِكُمْ.” (2 تس 5: 23) هو سلام دائم يرافق المؤمن ويدوم معه في كل وقت وكل حين

سلام قاهر للظروف

هُوَذَا تَأْتِي سَاعَةٌ، وَقَدْ أَتَتِ الآنَ، تَتَفَرَّقُونَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَاصَّتِهِ، وَتَتْرُكُونَنِي وَحْدِي. وَأَنَا لَسْتُ وَحْدِي لأَنَّ الآبَ مَعِي. قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ.” (يو 16: 32-33)

هو سلام يقهر الظروف التي نمرّ بها. لا يستطيع ظرف ما أن يقهر هذا السلام. نرى هذا السلام في حياة استفانوس وهو يُرجَم. نرى هذا السلام في حياة بولس عندما يُضطهد. هذا السلام قاهر للظروف. لا شدّة ولا ضيق ولا اضطهاد ولا جوع ولا عري ولا خطر ولا سيف … يعكّر صفاء هذا السلام. بل في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبّنا

ثالثا. اختبار سلام المؤمن

لماذا لا يختبر كل المؤمنين سلام الله الذي نتحدّث عنه؟ لماذا نفقد أحيانا سلام الله الذي يفوق كل عقل؟

والجواب هو عدم تحملنا المسؤوليّة تجاه هذه الهبة العظيمة التي أعطانا إياها الرّب. كيف يمكن أن أختبر سلام الله؟  لكي أختبر سلام الله يجب أن أتحمّل مسؤوليّتي ودوري تجاه نعم الله وبركاته. لكي تختبر سلام الله الذي يفوق كل عقل، عليك أن تتحمل مسؤوليّتك في أربعة نواح

الناحية الأولى هي: اختبار مبني على الثقة بالرّب

هُوَذَا تَأْتِي سَاعَةٌ، وَقَدْ أَتَتِ الآنَ، تَتَفَرَّقُونَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَاصَّتِهِ، وَتَتْرُكُونَنِي وَحْدِي. وَأَنَا لَسْتُ وَحْدِي لأَنَّ الآبَ مَعِي. قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ. (يو 16: 32-33)

الناحية الثانية هي: اختبار مبني على قوّة الصلاة

لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ

الناحية الثالثة هي: اختبار مبني على حصانة الفكر

أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا. وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا، وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ. (في 4: 6-10)

الناحية الرابعة هي: اختبار مبني على ملء الروح القدس

وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ” (غل 5: 22)

الخطيّة تفقدك السلام –

التصرّف بالجسد يفقدك السلام –

العلاقة الضعيفة مع الرّب تفقدك السلام –

لكي تختبر سلام الله عليك أن تعيش حياة الامتلاء بالروح القدس –

السلام هو من ثمر الروح القدس –

.عندما تفقد سلامك، ابحث عن المشكلة في هذه النواحي الأربعة

رابعا. امتحان سلام المؤمن

:امتحان الظروف الصعبة

مثال الظروف الصعبة: الصليب-الامرأة الشونميّة وموت ابنه-الموت \ الألم \ الرسوب \ الخسارة الماديّة \ المرض \ الاضطهاد

هل سأثق بالرّب؟ هل سأثق بقوّته وبحكمته وبجبروته وبسلطانه وبأمانته في هذا الظرف؟ هل سأثق بعنايته ورعايته؟ هل سأثق بقادته لحياتي وخدمتي وعائلتي؟ هل سأثق بتأديبه وبصلاحه؟ هل سأحفظ فكري بمشيئة الرّب؟ هل سأفكر بواقعيّة أو هل سأسمح لنفسي أن أفكر بأمور لا ترضي الرّب؟ هل سأقترب من الرّب في ظروفي واختبر ملء الروح القدس؟

الامتحان الأهمّ لنوعيّة سلامي هي علاقتي مع الآخرين. غالبًا ما نفتكر أن سلامنا مع الآخرين هو فعل نفعله أو نقوم به – ولكن الحقيقة هي أن سلامنا مع الآخرين هو امتحان لنوعيّة سلامنا. إن فشلنا في أن نعيش بسلام مع الآخرين يكشف نوعيّة السلام الذي نمتلكه

:امتحان السلام مع الآخرين

أن نكون بسلام مع الآخرين هو أمر ووصيّة من الرّب. ولكن من الناحية العمليّة هو اختبار لسلامنا الحقيقي. من يفتقد للسلام مع الله ويفتقد اختبار السلام الفردي مع الرّب، لن يستطيع أن يكون صانع سلام في وسط العالم. لذلك فإنّ السلام مع الآخرين هو نتيجة للعلاقة مع الرّب. ألا تجد أحيانًا مؤمنين مضطربين؟ ألا تتقابل مع مؤمنين يعيشون في حالة الشجار مع الآخرين؟ أعرف شخص يخدم الرّب، يجيد فنّ الشجار والمجادلة. أعرف أيضًا مؤمنين أين ما تجدهم، يهرب السلام، دائمًا مشارعة ومعاكسة. من أقلّ وأتفه موضوع يخلقون مشاجرة ويعكرون صفاء الجلسات الراقية … لماذا؟ لأنهم يعكسون مشكلة الاضطراب الروحي الذي يعيشونه. والكتاب يقول: “طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ .” (متى 5: 9)

المطلوب من المؤمن أن يكون صانع سلام، وأن يفرض سلام المسيح في المكان الذي يوجد فيه، وأن يقول الحقّ بمحبّة، ويتجنب الخصام والمشاجرة ويفرض سلام المسيح. العلاقات التي يسودها السلام يقف وراءها صانع للسلام. البيت الذي فيه سلام، فيه من يصنع السلام. الكنيسة التي فيها سلام، فيها رجال ونساء يصنعون السلام. الصداقات التي فيها سلام، فيها أناس يصنعون السلام. الأجواء التي تخلو من المجادلات والخصام، فيها أناس يصنعون السلام. و “طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ .” (متى 5: 9)

ويكتب لنا الرسول بولس أن نجتهد في سبيل السلام

فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ، أَنَا الأَسِيرَ فِي الرَّبِّ: أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا. بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ، وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ. مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ .” (اف 4: 1-3)

هناك ضرورة للاجتهاد والعمل لكي نكون بسلام. هو يطلب منّا أن نسلك كما يحقّ للدعوة التي دعنا بها بتواضع، بوداعة، بطول أناة، باحتمال لبعضنا البعض وبوحدة مرتبطة بالسلام. أين يظهر نموّنا في هذا الموضوع؟ في علاقاتنا مع الآخرين. علاقتك مع الآخرين هو امتحان لنوعيّة السلام الذي في داخلك

“فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ”

وَعَلَى جَمِيعِ هذِهِ الْبَسُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي هِيَ رِبَاطُ الْكَمَالِ. وَلْيَمْلِكْ فِي قُلُوبِكُمْ سَلاَمُ اللهِ الَّذِي إِلَيْهِ دُعِيتُمْ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ، وَكُونُوا شَاكِرِينَ. (كو 3: 13-15) هذا السلام يجب أن يملك في قلوبنا لكي يثمر في علاقاتنا مع الآخرين. تذكّروا أن “الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلاً طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحَةً، عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ. وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ .” (يع 2: 17و18) علاقاتك مع الآخرين، هي امتحان أساسي لنوعيّة السلام في حياتك. “اِتْبَعُوا السَّلاَمَ مَعَ الْجَمِيعِ، وَالْقَدَاسَةَ الَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ الرَّبَّ” (عب 12: 14)

في الختام، نحن غالبا ما نصنّف الخطايا، بحسب الظاهر وليس بحسب القلب. نحن غالبا ما ننجح بمحاربة الخطايا المنظورة. ولكن ماذا عن الخطايا القلبيّة؟ هل القلق هو خطيّة؟ الخصام هو خطيّة؟ رفض الآخر؟ العلاقات المضطربة مع الآخرين هي خطيّة؟ هذه الخطايا القلبيّة لا يعالجها المؤمن

ولكن الخطايا تحتاج إلى علاج، والرّب يريد أن يعطيك السلام ويريد أن يحوّلك إلى رسول سلام