«لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟»
(مر 8: 36)
اتّبعت إحدى القبائل قديما نظاما غريبا في انتخاب ملك عليها وتوليه للحكم. لقد كان الملك المنتخب يتمتّع خلال حُكمه الذي كان يمتدّ لسبع سنوات، بكامل السلطة والنفوذ والحرية في عمل كل ما يحلو له. ولكن أمام هذا الامتياز كان عليه شرطٌ وحيدٌ، إذ كان يجب أن يُقتل في نهاية ملكه ليفسح في المجال أمام شخص آخر لكي يخلفه بالحكم لسبع سنوات أخرى. أما ما كان يثير العجب فهو وجود أشخاص مستعدين دائما لكي يضحوا بحياتهم الطويلة لقاء سبع سنوات من الحكم والنفوذ. قد يجد البعض أن هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يقبلون بالموت بعد نهاية ولايتهم هم مجانين. ولكن ماذا عن الذين هم على استعداد للتخلي عن حياتهم الأبدية وكل امتيازاتها في سبيل ملذات هذا العالم الوقتية؟ «مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟» إن هذا الزمن الحاضر لا يشكل نقطة في بحر الأبدية، فهل من الحكمة إذا أن يهمل الإنسان أبديته في سبيل ما يظن أنه قد يجلب له السعادة في هذا العالم؟