«فَمَاتَ هُنَاكَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. وَدَفَنَهُ فِي الْجِوَاءِ فِي أَرْضِ مُوآبَ، مُقَابِلَ بَيْتِ فَغُورَ. وَلَمْ يَعْرِفْ إِنْسَانٌ قَبْرَهُ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.»
(تث 34: 5و6)
لا أحد يعرف مكان قبر موسى. غريب!!! لماذا قصد الله هذا؟ ولماذا يغفل الكتاب المقدّس عن كتابة موت ودفن العديد من شخصيات الكتاب المقدّس المهمّة ومن بينهم القديسة مريم أم يسوع ورسل المسيح؟ هذا الأمر ليس صدفة ولكنّه بقصد إلهي. فلم يرد الله من شعبه أن يتعبّد لموسى ويكرّم قبر موسى ويحجّ عند قبر موسى. لقد كان موسى شخصيّة فريدة في التاريخ البشري. يقول عنه الكتاب المقدّس: «وَلَمْ يَقُمْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيلَ مِثْلُ مُوسَى الَّذِي عَرَفَهُ الرَّبُّ وَجْهًا لِوَجْهٍ» (تث 34: 10). لقد أراد الرّب من شعبه أن يفهم أنّ دور موسى قد انتهى. فعند موت الإنسان المؤمن وانتقاله من هذا العالم، ينتهي دوره الروحي. وهذا ينطبق على الأنبياء والرسل الذين استخدمهم الرّب بقوّة خلال فترة حياتهم. والإنسان بطبعه يميل إلى التعلّق بالبشر وحتى يصل به الأمر لتأليه البشر واكرامهم وتقديم العبادة المباشرة وغير المباشرة لهم. لذلك دفن الله موسى بعيدا عن شعبه في مكان لم يعرفه أحد. وهذه القاعدة الإلهية نراها تطبّق على قديسي العهد الجديد جميعا. فلا يكتب لنا العهد الجديد أين ماتوا ودفنوا. وهذا ليس صدفة ولكن هذا تنبيها لئلا ينحرف الإنسان عن عبادة الله (الآب والأبن والروح القدس)، نحو عبادة الأنبياء والقديسين. ورغمّ أن الكتاب المقدس كان حريصا لعدم ذكر موت ودفن القديسين ولكن الأجيال اللاحقة اخترعت قصصا وروايات وانحرفت عن عبادة الخالق لعبادة المخلوق. يمكننا أن نقرأ ما كتبه الله في الكتاب المقدّس عن الأنبياء والرسل والقديسين ونتعلّم من حياتهم، ولكن حذاري أن نتخطى وصايا الرّب في العبادة. لنعبد الرّب وحده بأمانة لنكون مرضيّين امامه.