«حَتَّى دَخَلْتُ مَقَادِسَ اللهِ، وَانْتَبَهْتُ إِلَى آخِرَتِهِمْ.»
(مز 73: 17)
في بداية المزمور يَعتَرِف المرنّم أنّه لولا قليل لكاد أن يخطئ، إذ رأى سلامة الأشرار، وكأنّ حياتهم مليئة بالبركة، فكان ينظر وضعهم ولا يجد الجواب، ويسأل نفسه إن كان الشّرير المتكبّر يعيش بسلام، فلماذا هو مُحاطٌ بالمشاكل؟ فغار من المُتَكبّرين وكاد أن يسقط في شرّهم. وقد نرى في أيّامنا أمورًا مماثلة، إذ ممكن أن نرى أشخاصًا أشرار وهم في سلام وصحّة وبركات تملأ حياتهم بينما نحن ننتقل من مشكلة إلى أخرى، وعندها قد نسأل: لماذا يا ربّ نحن نمرّ في هكذا ضيقات وهؤلاء الأشرار في سلام؟ وقد نغار منهم ونفكّر في اتّباع طرقهم لعلّها تنجح معنا أيضاً. هذه الأمور لم يقدر الكاتب أن يفهمها وتَعِب من محاولة فهمها، وبقي هكذا حتّى دخل مقادس الله، وعرف منظار الرّب من ناحية هؤلاء الأشرار، وانتبه إلى آخرتهم الوخيمة. لذلك فلننتبه كيف ننظر، يجب أن لا ننغشّ في الحاضر بل نركّز إلى الأبديّة، فإذا نظرنا إلى نهاية سيرتهم، ومصيرهم الأبديّ، عندها سنفهم أنّ مقاصد الله في حياتنا، هي مقاصد صالحة، وحتّى المشاكل التي تواجهنا هي من صلاح الرّب، وستعلّمنا دروسًا كثيرة وتنمّينا في حياتنا مع الرّب. لذلك بدأ الكاتب مزموره، بعد أن فهم قصد الله، بعبارة «إنّما صالح الله..»