اقْتَرَبَ التَّابِعُونَ الرَّذِيلَةَ. عَنْ شَرِيعَتِكَ بَعُدُوا. قَرِيبٌ أَنْتَ يَا رَبُّ، وَكُلُّ وَصَايَاكَ حَقٌّ. (مز119: 151-152)
لقد شعر كاتب المزمور أن الناس الأشرار الذين يكرهونه اقتربوا وأصبحوا تهديداً بالنسبة لهُ. وكُلما اقتربوا بشرِّهِم إليه كُلَّما كان بُعدُهم أكثر عن كلمة الرب. فلا يقدِر الإنسان أن يقصد الشرّ وأن يكون في نفس الوقت قريب من كلمة الرب. لكن بالرُغم من التهديد والخطر القريب من المُرنِّم أدرك أن الله أيضاً قريب. وهذا ما نحتاج أن نُدرِكه ونراه بأعيُن الإيمان عندما يقتَرِب الأشرار مِنّا، أو عِندما يُلقي الشرير سِهامه علينا، «قريبٌ أنت يا ربُّ».
وبسبب إدراكِه لحقيقة قُرب الرب منهُ، تأكَّد لهُ أكثَر فأكثَر صِدق كلمة الرب، وإنها بالحقيقة ليست كلِمات إنسان بل هي من الله. مُنذُ زمانٍ عَرَفتُ من شهاداتِك أنَّك إلى الدَّهرِ أسَّستها. توضِح لنا هذه الآية قُرب كاتب المزمور من الرب، فهو مؤمن قديم، وحُبُّه وتقديره لكلمة الرب جعلته يفهم إنها كلِمات أبدية (مؤسسة إلى الدَهِر). تُشجِعنا هذه الآية على محبة كلِمة الرب ودِراستِها والتأمُل بها، فكُلما درسناها أدركنا مصدَرها الإلهي، فهي ليست كلمات لجيل مُعيَّن أو عصر مُعيَّن إنما هي للأبد، فكُل الكِتاب هو موحى به من الله ونافِع..