المؤتمرات جميلة لأنها تجمع الإخوة معًا، ليس فقط للتّرنيم والوعظ ولكن أيضا للطعام والتسلية ولإمضاء وقت مع المؤمنين. وهذا أمر مبارك ولكن أمر يفتقده العالم – العالم يجتمع مع بعض حول مصالح معيّنة. المؤمنين يجتمعون حول الشركة. هذه الشركة ليست أمر عرضي في حياة المؤمنين، بل هي من صلب الحياة الجديدة مع المسيح. حادثة طريفة تتداول بين الناس عن أستاذ بمدرسة رسميّة أحبّ أن يقرّب التلاميذ من مختلف أديانهم من بعضهم البعض. فطلب من كل ولد أ، يأتي يشيء يرمز لديانته أو طائفته أو كنيسته. جاء ولد كاثوليكي معه مسبحة الورديّة – ولد مسلم معه سجاده – ولد أرثوذكسي حمل أيقونة – وفي ولد معمداني بالصف جاب معه صحن أكل. واحدة من الأمور المميزة في كنائس الإيمان هو الوقت الذي نقضيه مع بعضنا، الشركة بعضنا مع بعض. هذا الأمر، هو ليس أمر مصادف، ولكنّه في صلب حياة الإيمان
الكنيسة الأولى كانت تتميّز بالشركة الخاصة بين المؤمنين. “وَكَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ، وَالشَّرِكَةِ، وَكَسْرِ الْخُبْزِ، وَالصَّلَوَاتِ.” (أع 2: 42).يوحنا الحبيب يكتب بوحي الروح القدس عن أهميّة الشركة بين المؤمنين. فما هي الشركة بين المؤمنين؟ وما هي أهميّة الشركة بين المؤمنين؟ ما هي التحذيرات الكتابيّة للشركة بين المؤمنين؟ وما هي اهميّة انعكاسها على الكنيسة؟
فدعونا نقرأ من 1يو 1: 1-7
اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ. 2فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا. 3الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 4وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً
وَهذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ. 6إِنْ قُلْنَا: إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقَّ. 7وَلكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ.” (1يو 1: 1-7)
أولا. أساس الشركة بين المؤمنين
… الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً.وَهذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ. إِنْ قُلْنَا: إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقَّ. 7وَلكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ.” (1يو 1: 1-7)
أعظم علاقة في العالم هي علاقة المؤمن بالرّب – الشركة بين المؤمن والرّب المبنيّة على عمل الصليب. هذه الشركة المباركة مع الرّب هي أساس شركة أخرى مع المؤمنين. لا يمكن أن ينفصل الأمران عن بعضهم البعض: “7وَلكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ.” نقرأ عن الكنيسة الأولى: “وَكَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ، وَالشَّرِكَةِ، وَكَسْرِ الْخُبْزِ، وَالصَّلَوَاتِ.” (أع 2: 42)
ثانيا. تعريف الشركة بين المؤمنين
الشركة هي أن يعيش الشخص حياته الروحيّة ضمن عائلة – الكنيسة هي عائلة. الشركة هي حياة يعيشها المؤمن مع إخوته المؤمنين خارج اجتماعات الكنيسة. الشركة تأخذ شكل زيارات – غدوات – سهرات – مشاريع خارجيّة – لعب رياضة. فترة الشركة هي وقت تقضيه مع الأخوة والأخوات في أجواء الكنيسة خارج ترتيب اجتماعات العبادة
:المؤمنين في الكنيسة الأولى
أكلوا مع بعض – كانوا يأكلون في البيوت -” وَكَانُوا كُلَّ يَوْمٍ يُواظِبُونَ فِي الْهَيْكَلِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ. وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ، كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ” (أع 2: 46)
عملوا مع بعض – بولس وأكيلا وبريسكيلا واهتموا بحاجات بعضهم البعض المادية – “وَالأَمْلاَكُ وَالْمُقْتَنَيَاتُ كَانُوا يَبِيعُونَهَا وَيَقْسِمُونَهَا بَيْنَ الْجَمِيعِ، كَمَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ احْتِيَاجٌ.” (أع 2: 45)
استضافوا بعضهم البعض في بيوتهم -” وَكَانُوا كُلَّ يَوْمٍ يُواظِبُونَ فِي الْهَيْكَلِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ. وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ، كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ” (أع 2: 46)
تعاملوا مع بعضهم البعض بودّ -غسلوا أرجل بعضهم البعض – “مَشْهُودًا لَهَا فِي أَعْمَال صَالِحَةٍ، إِنْ تَكُنْ قَدْ رَبَّتِ الأَوْلاَدَ، أَضَافَتِ الْغُرَبَاءَ، غَسَّلَتْ أَرْجُلَ الْقِدِّيسِينَ، سَاعَدَتِ الْمُتَضَايِقِينَ، اتَّبَعَتْ كُلَّ عَمَل صَالِحٍ.” (1تيم 5: 10)
المؤمنين الأوّلين عاشوا حياة اجتماعيّة مع بعض خارج اجتماعات العبادة. الحياة الجديدة بالمسيح ليست للصلاة فقط بل للحياة العمليّة أيضا
: بدون الشركة مع المؤمنين لا يمكنك أنّ
تحتمل الآخرين -مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا إِنْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا. (كو 3: 13)
تحب الآخرين-وادين بعضكم بعضا بالمحبة الأخويّة – “وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ، مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْكَرَامَةِ.” (رو 12: 10)
تستضيف الآخرين – “لاَ تَنْسَوْا إِضَافَةَ الْغُرَبَاءِ، لأَنْ بِهَا أَضَافَ أُنَاسٌ مَلاَئِكَةً وَهُمْ لاَ يَدْرُونَ.” (أع 13: 2)
تغسل أرجل القديسين – “فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ، فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ” (يو 13: 14)
ثالثا. أهميّة الشركة بين المؤمنين
الشركة بين المؤمنين هي المكان الأوّل للتطبيق العملي للتعليم –
الشركة بين المؤمنين هي المكان الأهم للدعم الروحي –
الشركة بين المؤمنين هي المكان الأنفع للمشورة –
الشركة بين المؤمنين هي المكان الأفضل لبناء صداقات صحيّة –
الشركة بين المؤمنين هي المكان الأنسب لتلمذة المؤمنين الجدد –
الشركة بين المؤمنين هي المكان المثالي للحياة العائليّة –
الشركة بين المؤمنين هي المكان للتشجيع على الخدمة –
رابعا. تحذيرات للشركة بين المؤمنين
الكنيسة في كورنثوس أساءت استخدام الشركة. “لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَسْبِقُ فَيَأْخُذُ عَشَاءَ نَفْسِهِ فِي الأَكْلِ، فَالْوَاحِدُ يَجُوعُ وَالآخَرُ يَسْكَرُ.” (1كو 11: 21) النساء الذين كتب عنهم بولس لتيموثاوس: “وَمَعَ ذلِكَ أَيْضًا يَتَعَلَّمْنَ أَنْ يَكُنَّ بَطَّالاَتٍ، يَطُفْنَ فِي الْبُيُوتِ. وَلَسْنَ بَطَّالاَتٍ فَقَطْ بَلْ مِهْذَارَاتٌ أَيْضًا، وَفُضُولِيَّاتٌ، يَتَكَلَّمْنَ بِمَا لاَ يَجِبُ.” (1تيم 5: 13)
.تحذير من النميمة واعتماد الحديث البنّاء –
.تحذير من المراءة واعتماد المصارحة –
.تحذير من الاتكالية واعتماد توزيع المسؤوليات –
.تحذير من العفويّة واعتماد التخطيط المسبق –
.تحذير من الإفراط بالشركة واعتماد على دمج البرامج الروحيّة مع الشركة –
خامسا. انعكاس الشركة البناءة على حياة الكنيسة
الانتماء –
الالتزام –
الخدمة –
النمو –
سادسا. الشركة مع المؤمنين هي دليل العلاقة الصحيحة مع الرّب
اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ. فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا. الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” (1يو 1-3)
وَلكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ.” (1يو 1: 7)
“بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ” (يو 13: 35)
في الختام،مجتمع الإيمان هو المجتمع النظيف الذي أوجده الرّب للمؤمن ليعيش فيه. المؤمن يحتاج إلى شركة مع الرّب ويحتاج إلى شركة مع المؤمنين
الشركة الصحيحة مع الرّب تنتج شركة صحيحة مع المؤمنين