فكر مدرب بحسب مشيئة الرّب: افتكروا بكل ما هو حقّ

:عليك أن تدرّب نفسك   

أولا. على التفكير بحق كلمة الله

إن تدريب الفكر لكي يكون بحسب مشيئة الرّب هو مرتبط بكلمة الله. هو أن تدرّب تفكيرك ليكون منسجم مع كلمة الرّب. لهذا صلى يسوع لتلاميذه قائلا: “قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كَلاَمُكَ هُوَ حَق” (يو 17: 17). بحسب تفكيرنا البشري، الدفاع عن النفس والانتقام … هما الحلّ نحله من يعتدى علينا …هذا فكرنا، الفكر الذي يجلب القلق والحزن والألم إلى حياتنا …نحن بحاجة إلى أن نأتي إلى كلمة الرّب ونقرأ  عن كيف سامح يوسف اخوته … وكيف عفى داود عن شاول … وكيف تصرف يسوع مع اعدائه ومقاوميه … وعن استفانوس … وبينما نقرأ ونتأمل بهدف تدريب فكرنا ، تترسخ في أذهاننا مشيئة الرّب التي تحثنا على أن نحب اعداءنا ونبارك لاعنينا ونحسن الى مبغضينا …علينا أن نقرأ كلمة الرّب بهدف أن نتشرّب الحق … أن يسيطر حقّ كلمة الله على تفكيرنا … لتصبح ردّة فعلنا الطبيعيّة فكر المسيح. “فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا” (في 2: 5) في الكتاب المقدّس لدينا الحقّ المطلق. لكي تدرّب فكرك ليكون بمشيئة الرّب، عليك أن تقرأ كلمة الرّب وتدرسها بهدف أن تسكن كلمة الله في فكرك. هذا ما اوصاه الرسول بولس لمؤمنين كنيسة كولوسي: “لِتَسْكُنْ فِيكُمْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً” (كو 3: 16)

:عندما تقرأ مقطع بكلمة الرّب اسأل نفسك الأسئلة التالية

ماذا يعني هذا المقطع؟

كيف ينطبق على حياتي؟

ما هي البركة المميزة بهذا المقطع؟

ما هو تصميمي بعد دراستي لهذا المقطع؟

لنقل أنّك قرأت هذه الآية: “هذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ.” (يو 15: 12)

ماذا يعني هذا المقطع؟ الرّب يوصي المؤمن بمحبة خاصة لإخوته المؤمنين

كيف ينطبق على حياتي؟ يجب أن احب الاخوة بمحبة مميزة

ما هي البركة المميزة بهذا المقطع؟ نستطيع أن نعيش باجواء محبة حقيقيّة مع شعب الرّب

ما هو تصميمي بعد دراستي لهذا المقطع؟ يجب أن أتخذ خطوات عمليّة لمحبة شخص معيّن

لنقل مثلا أنك قرأت آية مثل هذه: “بَكَى يَسُوعُ.” (يو 11: 35)

ماذا يعني هذا المقطع؟ الرّب حزن عند قبر العازر وهو يتعاطف ويحزن مع آلامنا

كيف ينطبق على حياتي؟ انا عليّ أن اتعاطف واشعر واحزن مع المتألمين

ما هي البركة المميزة بهذا المقطع؟ الرّب يشعر بآلامي

ما هو تصميمي بعد دراستي لهذا المقطع؟ أنا أريد أن أكون اكثر حساسيّة مع المتألمين

يجب أن يكون هذا هدف قرائتي للكتاب المقدّس. أن يتغيّر ذهني. يعلن الوحي هذه الحقيقة في رسالة رومية قائلا: “وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ.” (رو 12: 2) ويعلنها في رسالة أفسس قائلا: “وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ” (أف 4: 23)

هذه هي عمليّة التدريب التي نحتاج أن نفعلها يوميّا أمام كلمة الله. ماذا تقرأ الكتاب المقدس؟ للمعلومات أو لتدريب فكرك؟ هذا هو الهدف من الكتاب المقدّس: “كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ.” (2تيم 3: 16 و 17). الكتاب المقدس لم يعطَ لكي يزودنا بالمعلومات فقط، الكتاب المقدس اعطي لكي يغيّر حياتنا بواسطة المعلومات المعلنة في داخله. إن هدف الكتاب المقدس ليس التثقيف ولكن التغيير. إن كلمة “حقّ” المذكورة هنا تشير إلى حق كلمة الله وتشير إلى حقّ الحياة الواقعيّة

ثانيا. على التفكير بحق الحياة الواقعيّة

التفكير كتابيّا يقودنا للتفكير واقعيّا. لأن الخطر الكبير في التفكير أن يبحر بعيدا عن الواقع. وهذا السبب الرئيسي الذي قاد بولس الرسول ليكتب هذا المقطع. لقد كان المؤمنون في فيلبي يعيشون بهمّ وغمّ. حتى كتب بولس الرسول لهم قائلا: “لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ.” (في 4: 6).كل ذلك بسبب نمط التفكير. المؤمن معرض لأن يعيش بقلق وخوف واحباط ويأس وفشل بسبب نمط تفكيره. لذلك قال الرّب يسوع: “فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ.” (متى 6: 34)

ماذا يعني هذا المقطع؟ الرّب يريدني أن أعيش محرر من ما سيحدث في الغد لأنه هو يعتني بي

كيف ينطبق على حياتي؟ علي أن اركز على مشيئة الرّب اليوم وهو يهتم بالغد

ما هي البركة المميزة بهذا المقطع؟ ان الرّب يعتني بي

ما هو تصميمي بعد دراستي لهذا المقطع؟ أن لا اهتم وافتكر بما هو في الغد بل اعيش في سلام اليوم

إن التفكير الروحي هو التفكير بالأمور الواقعيّة وليس بالأمور غير الواقعيّة. يستخدم معظم الناس افكارهم بامور غير واقعيّة. نحن نستخدم افكارنا بامور غير واقعيّة. هذا ما يتعبنا وهذا ما يقلقنا وهذا ما يخيفنا واحيانا يدمر علاقاتنا. “اظن أنّ الآخرين لا يحبونني”، “اظن أنّ وجودي غير مرغوب فيه”. ربما تقول: “أنا عندي بعد نظر …”  بالظنون والتفكير المسبق بخيارات الحياة أنت لا تحسن مستقبلك ولكنّك تدمر واقعك

انت تمنع نفسك من الاستمتاع بالحاضر بذريعة أنّك تخطط للمستقبل. هل هذا يعني بأنّه لا نقدر أن نفكر بالمستقبل؟ طبعا كلا. ولكن كل ما يمكنك ان تفكر فيه للمستقبل هو ما هو دوري وما هي مسؤوليّتي؟ عندما تتحمل مسؤوليّتك ينتهي دورك و حاجتك للتفكير بالمستقبل. المشكلة هي محاولتنا التحكم بالمستقبل. وهذا نمط يجب أن يتغيّر في حياتي كمؤمن. أنا مطالب بأن اتعامل مع الواقع الحقيقي والفعلي

عندما ترسم صورة بفكرك عن المستقبل أو عندما تفسر تصرّف الآخرين من منظار شخصيّ ويخالجك شعور بالحزن واليأس، او شعور بالفرح المزيّف تذكر انك لا تتعامل مع الواقع … أنت تعيش خارج الحياة الحقيقيّة. تعامل مع الواقع وتحمل مسؤوليتك الفرديّة امام الرّب. وهنا تأتي أهميّة تدريب الفكر. ماذا افعل بظنوني وتفكيري غير الواقعي؟ عليك أن تدرب نفسك لتسيطر عليه وتوقفه. عليك أن تدرب نفسك على أن توقف أي تفكير غير واقعي. لأنه غير واقعي ولن يفيدك. التفكير الخاطئ هو أساس المشاعر الخاطئة والتصرفات الخاطئة

…في الختام، للتفكير التأثير الأوّل على مشاعرنا وسلوكنا. إن كنت تريد أن تختبر فرح الرّب وسلام الرّب

.عليك أن توقف كل تفكير غير واقعي في حياتك. وعليك أن تملأ فكرك بوصايا الرّب