«لكِنَّكُمْ لَمْ تَشَاءُوا أَنْ تَصْعَدُوا، وَعَصَيْتُمْ قَوْلَ الرَّبِّ إِلهِكُمْ، وَتَمَرْمَرْتُمْ فِي خِيَامِكُمْ وَقُلْتُمُ: الرَّبُّ بِسَبَبِ بُغْضَتِهِ لَنَا، قَدْ أَخْرَجَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيَدْفَعَنَا إِلَى أَيْدِي الأَمُورِيِّينَ لِكَيْ يُهْلِكَنَا.»
(تث 1: 26-27)
بعد أن أخرج الله شعبه من عبوديّة مصر، وفيما كان يقودهم في مخطّطه الرّائع ليدخلهم أرض الموعد، فيتنعّموا ببركات كثيرة هناك. ذابت قلوب الشّعب بسبب تقارير معظم من أرسلوهم ليتجسّسوا الأرض، إذ أعلنوا لهم أنّ شعوب الأرض أعظم وأطول منهم. فعصوا الرّب ولم يشاؤوا أن يدخلوا الأرض، وليس هذا فقط، بل تذمّروا على الرّب، وتمر مروا في خيامهم قائلين، «الرّب بسبب بغضته لنا، قد أخرجنا من أرض مصر ليدفعنا إلى أيدي الأموريّين لكي يهلكنا…» فرغم كلّ ما صنع الله معهم من إحسانات، ورغم قيادته لهم، ورغم الآيات القويّة التي أخرجهم بها من مصر، رأوا أن أفكار الرّب من جهتهم أفكار شرّ، وأنّه أخرجهم ليبيدهم على يد الأموريّين، والأسوأ أنّهم رأوّا أنّ الله يبغضهم، ولم يقدروا أن يروا صلاح الرّب ولا محبّته لهم، فخسروا البركات ولم يدخلوا الرّاحة. إنّ صلاح الرّب ومخطّطه الصّالح لحياتنا، أمر مضمون وثابت لا يتغيّر، ولكن بين اتّباع قيادة الرّب وحصد البركات الزّمنيّة والأبديّة وخسارتها، وبين الطّاعة للوصايا والعصيان، وبين الشّكر للرّب والتّذمّر في ظروفنا، يجب أن تتوفّر رؤية صحيحة لصلاح الرّب، وثقة به واستسلام لقيادته.