تكثر في المجتمع المسيحي ظاهرة التفاخر بحفظ الناموس تحت غطاء حفظ الوصايا العشر. ويكثر التشديد خاصة على وصية حفظ يوم السبت. ومن المهم جدا الإشارة إلى أن حفظ وصايا الرب هو أمر رائع، فلا مشكلة في ذلك أبدا، ولكن تكمن المشكلة في التفاخر والتباهي بذلك والتبرّر أمام الرب من خلال السلوك والعمل. هذه الجماعات، أو الأفراد حتى، ترسم نظاما معينا للسلوك بحسبه، وعندما يقومون بذلك، هم يريحون ضمائرهم أمام الله إذ يظنون أنهم بأعمالهم يرضون الله
لقد سبق أن وقع الفريسيّون سابقا في هذا الفخ وزادوا على وصايا الرب شرحا لم يطلبه منهم، فظنوا أنهم بذلك مبرّرون أمام الله حتى قال عنهم الرب يسوع
يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا. وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. (مت15: 8-9)
:هم يسلكون بطريقة نبّه عنها بولس في كولوسي قائلا
“إِذًا إِنْ كُنْتُمْ قَدْ مُتُّمْ مَعَ الْمَسِيحِ عَنْ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، فَلِمَاذَا كَأَنَّكُمْ عَائِشُونَ فِي الْعَالَمِ؟ تُفْرَضُ عَلَيْكُمْ فَرَائِضُ: «لاَ تَمَسَّ! وَلاَ تَذُقْ! وَلاَ تَجُسَّ!» الَّتِي هِيَ جَمِيعُهَا لِلْفَنَاءِ فِي الاسْتِعْمَالِ، حَسَبَ وَصَايَا وَتَعَالِيمِ النَّاسِ. (كو2: 19-21)
فالذين يحفظون السبت مثلا، يتفاخرون بذلك لأنهم يظنّون أنهم ينالون رضى الرب عليهم بسبب سلوكهم هذا. ولكنهم لا يكتفون بذلك، بل يلومون المؤمنين الذي يعبدون الرب يوم الأحد ويتّهمونهم بكسر الناموس. وأمام هكذا اتهام، قد يجد المؤمن نفسه منساقًا لكي يبرّر موقفه فيجيب بأن يوم السبت استُبدِل بيوم الأحد في العهد الجديد، أي يوم القيامة، وهو بالتالي لا يكسر الناموس
:أمام هذا الجدال المطروح يبرز سؤالا أشمل تجدر الإجابة عنه وهو
هل المؤمن المولود ثانية ما يزال تحت الناموس أم قد تحرّر منه؟
يقول بولس في رسالة رومية: “فَإِنَّ الْخَطِيَّةَ لَنْ تَسُودَكُمْ، لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَحْتَ النَّامُوسِ، بَلْ تَحْتَ النِّعْمَةِ. (رو16: 4) فإذا كان أولاد الرب تحت النعمة وليس تحت الناموس، فما مصير الناموس إذاً؟ هل أُبطِل بالنّعمة؟
هل أُبطل الناموس بالمسيح؟
يجيب الرب يسوع على هذا السؤال من موعظته على الجبل في انجيل متى 5: 17-20
.فالمسيح لم يُبطل الناموس، بل كمّله ودعانا لكي نتمسّك بكلمته حتى المنتهى
أولا: المسيح أكمل الناموس
.وبعبارة أوضح، المسيح تمّم ما جاء بالناموس والأنبياء، أي بكلمته
“لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ”
أول أمر نلاحظه في هذه العبارة هو أن يسوع يستخدم عبارة الناموس أو الأنبياء. وهذه العبارة، الناموس والأنبياء تُستخدم في الكتاب المقدس للإشارة الى مجمل العهد القديم. نقرأ في انجيل لوقا 16 عن قصة أليعازر والغني: “قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ، لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ فَقَالَ: لاَ، يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، بَلْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ. فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ، وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ” وبمعنى آخر – عندهم كلمة الرب المدوّنة التي أوحى بها الرب من خلال موسى والأنبياء
إذا، فالرب يسوع يقول إنه لم يأت لكي ينقض كلمة الله وما ورد فيها. وقوله هذا هو ردًّا على تساؤل كان يجول في فكرهم في ذلك الوقت ومفاده: “ما هو هذا التعليم الجديد؟ وهل يسوع هو نبيّ من عند الله؟” فيسوع يجري معجزات وآيات أمام الشعب ويعلم عن ملكوت الله، وهو يصنع المعجزات أيضا أيام السبت، وهذا بنظرهم ضد الناموس الذي يوصي بحفظ السبت. والكتاب المقدس في سفر التثنية 13 يوصي شعب الرب ما يلي: «إِذَا قَامَ فِي وَسَطِكَ نَبِيٌّ أَوْ حَالِمٌ حُلْمًا، وَأَعْطَاكَ آيَةً أَوْ أُعْجُوبَةً، وَلَوْ حَدَثَتِ الآيَةُ أَوِ الأُعْجُوبَةُ الَّتِي كَلَّمَكَ عَنْهَا قَائِلاً: لِنَذْهَبْ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تَعْرِفْهَا وَنَعْبُدْهَا، فَلاَ تَسْمَعْ لِكَلاَمِ ذلِكَ النَّبِيِّ أَوِ الْحَالِمِ ذلِكَ الْحُلْمَ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ يَمْتَحِنُكُمْ لِكَيْ يَعْلَمَ هَلْ تُحِبُّونَ الرَّبَّ إِلهَكُمْ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَنْفُسِكُمْ. وَرَاءَ الرَّبِّ إِلهِكُمْ تَسِيرُونَ، وَإِيَّاهُ تَتَّقُونَ، وَوَصَايَاهُ تَحْفَظُونَ، وَصَوْتَهُ تَسْمَعُونَ، وَإِيَّاهُ تَعْبُدُونَ، وَبِهِ تَلْتَصِقُونَ. وَذلِكَ النَّبِيُّ أَوِ الْحَالِمُ ذلِكَ الْحُلْمَ يُقْتَلُ، لأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالزَّيْغِ
أذًا هم يتساءلون إذا ما كان يسوع يحاول أن يقودهم إلى تعليم جديد وعبادة جديدة لا يرضى عنها الرب. لذلك يقول لهم يسوع: “لا تظنوا”. أي ما معناه، إن التفكير الذي يجول في خاطركم أنا عالم به وسوف أجيب عنه. فأنا لا أعلم تعليمًا آخر مختلفًا عما تعلّمكم إياه الشريعة، أي الناموس والأنبياء، أي كلمة الرب، فأنا أتيت لكي أكمّل هذا التعليم الذي تربيتم عليه. وبمعنى آخر، أنا أتيت حتى أتمّم كل ما تنبأ عنه الناموس والأنبياء وكل ما أشار إليه الناموس من رموز في فرائضه وذبائحه، وكلّ ما أوصاكم به الناموس لكي تعملوه
إن الناموس والأنبياء يدور حول مجيء المسيّا، وهذا كان رجاء الشعب قديما، وهنا يعلن المسيح لهم أنه هو تتميم الناموس والأنبياء. ففي يوحنا 1: 45 نقرأ: “فِيلُبُّسُ وَجَدَ نَثَنَائِيلَ وَقَالَ لَهُ: «وَجَدْنَا الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءُ يَسُوعَ ابْنَ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ».” إذا كان الشعب بانتظار المسيّا الذي سيحقق ما كتبه موسى والأنبياء (الناموس والأنبياء). إن كلمة “أكمّل” في اللغة الأصلية تعني أتمّم، أو أعطي المعنى الصحيح، أو أكمّل كلّ ما كان ينقص وأملأ كلّ فراغ
ماذا كان ينقص الناموس والأنبياء لكي يكتمل أو يُتمم بالكامل؟
إكمال معنى الذبائح في العهد القديم والذبيحة الكفارية بذبيحة واحدة، ذبيحة المسيح، مرة وإلى الأبد وإتمام الفداء والخلاص، وهذا ما قصده الرب يسوع على الصليب عندما قال: “قد أُكمل“. ويقول كاتب الرسالة الى العبرانيين في هذا السياق: “الَّذِي لَيْسَ لَهُ اضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَوَّلاً عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ خَطَايَا الشَّعْبِ، لأَنَّهُ فَعَلَ هذَا مَرَّةً وَاحِدَةً، إِذْ قَدَّمَ نَفْسَهُ.” (عب7: 27) ثم أيضا: “وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُول، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيًّا.” (عب9: 12)
تحقيق النبوات التي تكلّم عنها الناموس والأنبياء والتي تتعلّق بمجيء المسيح الأول. النبوات المتعلقة بولادته، النبوات المتعلقة بتفاصيل حياته منذ أن كان طفلاً، والنبوات المتعلقة بموته وقيامته. جميع هذه النبوات تمّمها المسيح في مجيئه الأول في ملء الزمان
تكميل السلوك بالناموس بشكل كامل دون أن يكون فيه خطية واحدة، الأمر الذي عجز عن تحقيقه الإنسان منذ البداية مع آدم. لقد كان المسيح كإنسان مجرّب في كل شيء مثلنا، ولكن بلا خطية. وكانت مسرّته الكاملة أن يتمّم قصد ومشيئة الآب في كل أمر وفي أدق التفاصيل
ولكن فوق هذه جميعها أكمل المسيح الناموس والأنبياء بمحبته العظيمة الباذلة المضحية. فهو من محبته لنا مات من أجلنا وأوصانا أن نحب بعضنا بعضا كما هو أحبنا. “لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ.” (يو15: 13)
فالمحبة، كما تقول كلمة الرب، هي تكميل الناموس: “اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَصْنَعُ شَرًّا لِلْقَرِيبِ، فَالْمَحَبَّةُ هِيَ تَكْمِيلُ النَّامُوسِ” (رو13: 10). ثم نقرأ أيضا في هذا السياق من إنجيل متى: “«يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ
إذا ما هو مصير الناموس بالنسبة للمؤمن وهل هو بلا ناموس؟ يجيب بولس بالقول: “وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ ِللهِ، بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ.” إذا المؤمن ليس بلا ناموس لله، بل تحت ناموس المسيح. ما هو بالتالي ناموس المسيح؟ إنه ناموس المحبة الذي أتمّه الرب يسوع ودعا أولاده للسلوك بحسبه
إن المؤمن مدعو أيضا لكي يتمّم الناموس من خلال السلوك بالمحبة التي جسّدها الرب يسوع بموته على الصليب. يسلك بهذه المحبة فيكمل الناموس: “وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا.” (يو13: 34)
إن المحبة تتمّم الناموس: فمحبة الرب من كل القلب والفكر والنفس والقدرة تلخّص كل الوصايا المتعلقة بعلاقة الإنسان عموديا (أي من نحو الرب). ومحبة القريب كالنفس تتمّم الناموس، لأنها تلخّص كل الوصايا المتعلقة بحياة الإنسان أفقيًّا، أي من جهة أخيه الإنسان. لأَنَّ «لاَ تَزْنِ، لاَ تَقْتُلْ، لاَ تَسْرِقْ، لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ، لاَ تَشْتَهِ»، وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً أُخْرَى، هِيَ مَجْمُوعَةٌ فِي هذِهِ الْكَلِمَةِ: «أَنْ تُحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». (رو13: 9)
ولكن ماذا من جهة حفظ السبت؟ هل المؤمن مدعو لكي يحفظ يوم السبت أم يوم الأحد؟ تقول لنا كلمة الرب أن يسوع هو رب السبت: “ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ. إِذًا ابْنُ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا». (مر2: 27-28) لقد اكتمل ناموس السبت بالراحة الحقيقية في شخص المسيح الذي قال: “تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ” (مت11: 28). إن راحة المؤمن الحقيقية هي في المسيح وبالتالي هو يقدم كل أيامه للرب – ويخصص يوما في الأسبوع على الأقل للعبادة والشكر والتعبير عن راحته في المسيح
ثانيا: المسيح يدعو المؤمن للتمسّك بكلمته وحفظها للمنتهى
١٨ فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ
إن الأمر اللافت في هذه الآية هو تركيز الرب يسوع على أهمية الوحي الإلهي للكتاب المقدس وعلى حرفيّته. فالكلمة التي استخدمها الرب يسوع في اللغة الأصلية “النقطة”، تشير الى أصغر حرف أو نقطة باللغة العبرانية، وهو يقول بذلك حتى النقطة هي موحى بها من الله ولا يمكن أن تنقض. وكلمة الناموس المستخدمة هنا في الآية 18 تشير أيضا الى كلمة الرب وكل ما تتضمنه من حق ونبوات. في مجيئه الأول، حقّق الرب يسوع أو أكمل كل ما كان يتعلّق في تجسده وموته وقيامته وصعوده الى السماء وشفاعته. ولكن هناك أمور أيضًا لم تُكمل بعد، لذلك يقول الرب يسوع إن كلمته ستبقى ثابتة حتى يتحقّق كل ما أشارت إليه وحتى نهاية الأزمنة
ما هي مسؤولية المؤمن بانتظار ذلك الوقت؟ “فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هكَذَا، يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.” إن مسؤوليّة المؤمن هي أن يحفظ ويحافظ على كلمة الرب كما هي، ويعلمها بالحق والاستقامة وأن يعمل بها. وهذه المسؤولية أو هذا الواجب، يجب أن يتبع مستوى أعلى مما كان عليه الكتبة والفريسيين في حفظهم للكلمة وتعليمها. فالبر الذي يدعو الرب إليه ليس البر الذي كان عند الكتبة والفريسيين الذين كانوا يحفظون الناموس بحرفيّته وزادوا عليه من تعاليمهم أيضا، ونادوا بالبر الذي من الناموس. البرّ الذي يدعو إليه الرب أولاده هو فوق البرّ الذي من الناموس، إنه البرّ الذي من الله بالإيمان. برّ المسيح، وليس البرّ الذاتي. إن كلّ من يتّكل على برّه الذاتي لن يدخل ملكوت السماوات، أمّا كلّ من يتّكل على البرّ الذي من المسيح الذي وحده أكمل الناموس، فهذا يدخل الملكوت
في الختام، هل الناموس مضاد للنعمة والحق؟ بمعنى آخر هل النعمة تضرب أسس الناموس؟ طبعًا لا، لأن الناموس هو من عند الرب، كما أن النعمة والحق هما من عنده. ولكن الناموس كان الممهّد لاستعلان نعمة الرب وحقه. الناموس كان الوسيلة التي سلّطت الضوء على الحاجة إلى النعمة والحقّ بيسوع المسيح، فجاء المسيح وتحقّق ما في الناموس
فهل من حاجة بعد للرجوع الى الوسيلة؟