إن إحدى أهمّ الوصايا المعطاة للمؤمن في العهد الجديد هي وصيّة النمو في معرفة الرّب. نحتاج إلى النمو في معرفة الرّب. النمو في معرفة الرّب هو ما يعطينا قوّة في حياتنا. كلنا نضعف، كلنا نُجرّب، كلنا نصاب بالإحباط والفشل، لذا نحن نحتاج إلى قوّة، قوّة روحيّة وقوّة جسديّة وقوّة نفسيّة. النمو في معرفة الرّب هو المدخل لاختبار قوّة روحيّة هائلة تنعكس على حياتك كلّها. عندما تعرف من هو إلهك، تتغيّر كل حياتك
عندما تعرف من هو إلهك، تتغير نظرتك للحياة ونظرتك للظروف ونظرتك للتحديات ونظرتك للمال ونظرتك للخدمة ونظرتك للآخرين. إحدى أبرز صفات الله هي أنّ الله كلي الحكمة
الحكمة هي أن يكون أحد صائبا 100%. الحكمة لها علاقة بالتفكير والتنفيذ، بالتخطيط والتدبير الصائب 100%. الله حكيم في تفكيره وفي تنفيذه لكافة الأمور، وهو حكيم في تخطيطه وفي تدبيره لكافة الأمور، ورأيه ومشورته وتدبيره صائبين 100%. نسبة الخطأ عند الله معدومة
حكمة الله موجودة في كل إصحاح من الكتاب المقدّس، وهي معلنة بوضوح في آيات ومقاطع كثيرة من الكتاب المقدّس. لا يمكننا حصر موضوع الحكمة بنصّ واحد. لذا نغوص ونتأمل بحكمة الرّب بمقاطع عديدة من الكتاب المقدّس
وهذا ما جاء في يهوذا 1: 20-25
“وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ، مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. وَارْحَمُوا الْبَعْضَ مُمَيِّزِينَ، وَخَلِّصُوا الْبَعْضَ بِالْخَوْفِ، مُخْتَطِفِينَ مِنَ النَّارِ، مُبْغِضِينَ حَتَّى الثَّوْبَ الْمُدَنَّسَ مِنَ الْجَسَدِ. وَالْقَادِرُ أَنْ يَحْفَظَكُمْ غَيْرَ عَاثِرِينَ، وَيُوقِفَكُمْ أَمَامَ مَجْدِهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي الابْتِهَاجِ، الإِلهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا، لَهُ الْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ، الآنَ وَإِلَى كُلِّ الدُّهُورِ. آمِينَ.” (يهوذا 1: 20-25)
كتب يهوذا لكي يحث المؤمنين على الثبات في كلمة الرّب وفي الحياة الروحيّة ضد التعاليم الخاطئة، ولكي يتحملوا مسؤوليتهم الروحيّة الموكلة لهم من الرّب. يستخدم الوحي كلمات تُحمّل الإنسان المؤمن مسؤوليّة ما يجري في حياته الروحيّة. وأمام هذه المسؤوليات الكبيرة التي يضعها الرّب على أولاده، يضع الرّب أمام أولاده حقيقتين روحيّتين لتكونان مصدر الطاقة في حياتهم، الحقيقة الأولى هي قدرة الله العظيمة، والحقيقة الثانية هي حكمة الله العظيمة. فهم المؤمن لموضوعي قدرة الله وحكمة الله، والنمو في معرفة الله القدير والحكيم العامل في حياة المؤمن، هما مصدرا الطاقة العظيمة في حياتنا
كيف تستطيع كمؤمن أن تتحمل مسؤوليّتك الروحيّة وتنجز خدمتك وتختبر كل بركات الله في حياتك؟ عليك أن تنمو في معرفة الله القدير والحكيم. إلهنا هو، “الإِلهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا، لَهُ الْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ، الآنَ وَإِلَى كُلِّ الدُّهُورِ. آمِينَ
أولا. إعلان حكمة الله لنا
حكمة الله ظاهرة في الخلق
حكمة الله ظاهرة في خلق العالم: إنّ حكمة الله ظاهرة في الكون من حولنا. فالمزارع الذي يزرع البذار في تراب الأرض ويتوقع المطر من السماء ويفرح بشروق الشمس يدرك أنّه يوجد خالق حكيم. والراعي الذي يقود قطيعه إلى المراعي الخضراء، ويرى قطيعه يأكل ويكبر ويتزاوج ويولِد وينتج حليبا ولحما، يدرك أنّه يوجد خالق حكيم في الكون. يندهش الراعي يوما بعد يوم ببقرة سوداء تأكل حشيشا أخضر وتنتج حليبا أبيض. نعم يدرك الإنسان حكمة الله في الخلق حتى أن المرنم كتب قائلا: “مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ. مَلآنةٌ الأَرْضُ مِنْ غِنَاكَ.” (مز 104: 24).
عندما تنظر إلى الشمس أنت تنظر إلى كتلة غازيّة يكبر قطرها عن قطر الأرض 100 ضعف وفيها قوّة جذب تجعل الكواكب في مجرة الشمس تدور حولها. هذا ما يجعل الأرض تدور حول الشمس مرّة كل سنة. الأرض تسير بسرعة 30 كلم بالثانية وتبعد عن الشمس حوالي 150 مليون كلم. إن سرعة الأرض بسيرها حول الشمس هي ما تمنع سقوط الأرض وذوبانها في حرارة الشمس. الخليقة كلّها تشهد عن حكمة الرّب. مكتوب في أمثال 3: 19، “الرَّبُّ بِالْحِكْمَةِ أَسَّسَ الأَرْضَ. أَثْبَتَ السَّمَاوَاتِ بِالْفَهْمِ.” (ام 3: 19)
حكمة الله ظاهرة في خلق الإنسان: عندما تنظر إلى جسدك ترى حكمة الله. إحدى معجزات الزواج هي الحبل والولادة. ما أروع هذا الشعور أن تمسك المرأة مولودها لأوّل مرّة بعد الولادة بين ذراعيها. شعور عجيب عندما يحمل الرجل طفله لأوّل مرّة بعد الولادة. يقف باندهاش وعجب أمام تلك المعجزة العظيمة. رجلان، يدان، قلب، عينان، أذنان، فم واحد، لسان واحد، دماغ واحد. يحتوي دماغ الإنسان على ما بين 86 و100 مليار خلية عصبيّة. ويتصّل هذا الدماغ بالنخاع الشوكي والعمود الفقري ليصبح غرفة العمليات التي تقود الجسم كلّه. حجم الدماغ لا يتعدى 2% من حجم الجسم وهو فيه التفكير والإرادة والعواطف والمشاعر وغرفة التحكم بالإنسان كله. كتب المرنم قائلا: “لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي. أَحْمَدُكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي قَدِ امْتَزْتُ عَجَبًا. عَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ، وَنَفْسِي تَعْرِفُ ذلِكَ يَقِينًا.” (مز 139: 13-14)
حكمة الله معلنة بالكتاب المقدّس
الله لم يبقِ إعلانه للإنسان عامًا بواسطة الخليقة فقط ولكنّه أعلن عن ذاته في الإعلان الخاص في الكتاب المقدّس. أعلن الله في كلمته عن حكمته للبشر. أعلن في الكتاب المقدس عن خلقه للعالم وعن طبيعته وعن أمور المستقبل. أعلن في الكتاب المقدّس عن مشكلة الإنسان وعن طريق الخلاص. أعلن في الكتاب المقدّس عن صفاته ووصاياه. أعلن الرب في الكتاب المقدس عن مخططه ومشيئته. أعلن في الكتاب المقدّس عن حكمته للإنسان. “لكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ الْكَامِلِينَ، وَلكِنْ بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هذَا الدَّهْرِ، وَلاَ مِنْ عُظَمَاءِ هذَا الدَّهْرِ، الَّذِينَ يُبْطَلُونَ.” (1كو 2: 6). هو الذي كتب عنه المرنم “نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيمًا.” (مز 19: 7) وهذا ما كتب عنه في أمثال 2: 1-5، “يَا ابْنِي، إِنْ قَبِلْتَ كَلاَمِي وَخَبَّأْتَ وَصَايَايَ عِنْدَكَ، حَتَّى تُمِيلَ أُذْنَكَ إِلَى الْحِكْمَةِ، وَتُعَطِّفَ قَلْبَكَ عَلَى الْفَهْمِ إِنْ دَعَوْتَ الْمَعْرِفَةَ، وَرَفَعْتَ صَوْتَكَ إِلَى الْفَهْمِ، إِنْ طَلَبْتَهَا كَالْفِضَّةِ، وَبَحَثْتَ عَنْهَا كَالْكُنُوزِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُ مَخَافَةَ الرَّبِّ، وَتَجِدُ مَعْرِفَةَ اللهِ.” (ام 2: 1-5)
حكمة الله معلنة في الكتاب المقدّس، وتوجد حرب من إبليس على كلمة الله، لكي تشوه إعلان كلمة الله وتستبدله بالكذب. ولهذا كتب يهوذا رسالته قائلا: “لِتَكْثُرْ لَكُمُ الرَّحْمَةُ وَالسَّلاَمُ وَالْمَحَبَّةُ. أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ كُنْتُ أَصْنَعُ كُلَّ الْجَهْدِ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنِ الْخَلاَصِ الْمُشْتَرَكِ، اضْطُرِرْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ وَاعِظًا أَنْ تَجْتَهِدُوا لأَجْلِ الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ. لأَنَّهُ دَخَلَ خُلْسَةً أُنَاسٌ قَدْ كُتِبُوا مُنْذُ الْقَدِيمِ لِهذِهِ الدَّيْنُونَةِ، فُجَّارٌ، يُحَوِّلُونَ نِعْمَةَ إِلهِنَا إِلَى الدَّعَارَةِ، وَيُنْكِرُونَ السَّيِّدَ الْوَحِيدَ: اللهَ وَرَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ.” (يه 1: 2و3)
.لا يمكن أن يعرف الإنسان عمق حكمة الله من دون إعلان الله وحكمته الله بواسطة هذا الإعلان
هذا ما قاله الرّب يسوع المسيح: “فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ.” (متى 7: 24)
حكمة الله ثابتة في قصده الأزلي
عندما نقول أن الله كلي الحكمة. وأنّه الحكيم وحده، فهذا مرتبط ليس فقط بطبيعة الله ولكن بعمل الله ومخطط الله. هذا كتبه يهوذا بوحي الروح القدس، “وَالْقَادِرُ أَنْ يَحْفَظَكُمْ غَيْرَ عَاثِرِينَ، وَيُوقِفَكُمْ أَمَامَ مَجْدِهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي الابْتِهَاجِ، الإِلهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا، لَهُ الْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ، الآنَ وَإِلَى كُلِّ الدُّهُورِ. آمِينَ
ربط الوحي ما بين حكمة الله وقدرته، وبين فدائه والوقوف أمام مجده. كما ربط بين حكمة الله وثبات المؤمنين في حياتهم الروحيّة وفي المهمة الموكلة إليهم من الرّب. بمختصر حكمة الرّب مرتبطة بمخطط الله. هي مرتبطة بقصده الأزلي. يكتب في رسالة أفسس قائلا: “الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ، الَّتِي أَجْزَلَهَا لَنَا بِكُلِّ حِكْمَةٍ وَفِطْنَةٍ، إِذْ عَرَّفَنَا بِسِرِّ مَشِيئَتِهِ، حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ، لِتَدْبِيرِ مِلْءِ الأَزْمِنَةِ، لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، فِي ذَاكَ. الَّذِي فِيهِ أَيْضًا نِلْنَا نَصِيبًا، مُعَيَّنِينَ سَابِقًا حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشِيئَتِهِ” (أف 1: 7-11)
الله بحكمته خلق العالم، سمح بسقوط الإنسان، رتّب الخلاص بفداء المسيح، أسس الكنيسة، ولديه مخطط أبدي للإنسان. حكمة الله مرتبطة بقصده الأزلي وبمخططه الخلاصي. خلق الله الكون والإنسان بحكمته وبحكمته يقود الإنسان نحو الحياة الأبديّة. الله كلي الحكمة بكل ما يعمل. عندما كتب بولس الرسول إلى كنيسة رومية رسالته الشهيرة عن الإنجيل ختمها قائلا: “وَلِلْقَادِرِ أَنْ يُثَبِّتَكُمْ، حَسَبَ إِنْجِيلِي وَالْكِرَازَةِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، حَسَبَ إِعْلاَنِ السِّرِّ الَّذِي كَانَ مَكْتُومًا فِي الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، وَلكِنْ ظَهَرَ الآنَ، وَأُعْلِمَ بِهِ جَمِيعُ الأُمَمِ بِالْكُتُبِ النَّبَوِيَّةِ حَسَبَ أَمْرِ الإِلهِ الأَزَلِيِّ، لإِطَاعَةِ الإِيمَانِ، للهِ الْحَكِيمِ وَحْدَهُ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لَهُ الْمَجْدُ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.” (رومية 16: 25-27)
بحسب رسالة أفسس أسس الرّب كنيسته في العالم بحكمته لكي تكرز وتنشر الإنجيل. يكتب الرسول بولس، “لِي أَنَا أَصْغَرَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، أُعْطِيَتْ هذِهِ النِّعْمَةُ، أَنْ أُبَشِّرَ بَيْنَ الأُمَمِ بِغِنَى الْمَسِيحِ الَّذِي لاَ يُسْتَقْصَى، وَأُنِيرَ الْجَمِيعَ فِي مَا هُوَ شَرِكَةُ السِّرِّ الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ فِي اللهِ خَالِقِ الْجَمِيعِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. لِكَيْ يُعَرَّفَ الآنَ عِنْدَ الرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ، بِوَاسِطَةِ الْكَنِيسَةِ، بِحِكْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ، حَسَبَ قَصْدِ الدُّهُورِ الَّذِي صَنَعَهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.” (اف 3: 8-11)
وعندما تحدث بولس بالوحي بالنبوّة عن الأيام الأخيرة ختم قائلا: “يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ.” (رو 11: 33)
الله هو كلي الحكمة. هو وحده كلي الحكمة. هو لديه مخطط ثابت وواضح. لا يكفي أن نقول أن الله كان حكيمًا في خلقه للعالم وكان حكيما لخلقه للإنسان. الله حكيم في إعلانه والله حكيم في مخططه. إن ثقتنا بأن الله حكيم في خلقه لا تنفعنا إن لم تتحوّل إلى ثقة بإعلان الرّب ومخطط الرّب. إن كنّا نؤمن بأن الرّب هو كلي الحكمة، فكيف ينعكس على حياتنا؟
ثانيا. انعكاس حكمة الله علينا
تنعكس على نظرتك للحياة من حولك: عندما نؤمن بحكمة الرّب تتغيّر نظرتنا للحياة كلّها. لا شيء يحدث في هذا العالم خارج عن مخطط الرّب الحكيم. هذا لا يعني أن كل ما يحدث في العالم هو بأمر الرّب، كلا. ولكن كل ما يحدث هو بمخطط الرّب وبسلطان الرّب وبحكمة الرّب لتحقيق مخططه الأزلي. الله يعمل في العالم اليوم لخلاص النفوس ولقيادة المؤمنين في رحلة التغيير الروحي
نظرتك للناس، نظرتك للمال، نظرتك للزواج، نظرتك لتربية أولادك، نظرتك للعمل، كلها تتغيّر عندما تؤمن بحكمة الرّب. الرّب حكيم وهو وضعني في هذا البلد. هو حكيم وهو وضعني بهذا الزواج. هو حكيم وهو وضعني بهذه الكنيسة. هو حكيم وهو أعطاني أولادي. هو حكيم وهو أعطاني هذه الخدمة
تنعكس على قراءتنا للكتاب المقدّس: المؤمن الذي يؤمن بأن الرّب كلي الحكمة يقرأ كلمة الرّب بطريقة مختلفة. لأنّه يقرأ ما هو صائب 100%. “لأَجْلِ ذلِكَ أَحْبَبْتُ وَصَايَاكَ أَكْثَرَ مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ. لأَجْلِ ذلِكَ حَسِبْتُ كُلَّ وَصَايَاكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مُسْتَقِيمَةً…عَجِيبَةٌ هِيَ شَهَادَاتُكَ، لِذلِكَ حَفِظَتْهَا نَفْسِي.” (مز 119: 129)
يوجد فرق عندما تقرأ للمطالعة وعندما تقرأ للاستفادة وعندما تقرأ للعلاج. عندما تقرأ للمطالعة أنت تنمي ثقافتك … عندما تقرأ للاستفادة أنت تقرأ لكي تستفيد فتقرأ بتدقيق أكثر … ولكن عندما تقرأ لعلاج مشكلة أو مرض أنت تقرأ برجاء وبتوقّع وبرغبة لإطاعة ما تقرأ لكي تصل إلى النتيجة المرجوّة. الكتاب المقدّس هو علاج لحياتنا. عندما تؤمن بحكمة من كتبه تقرأه بشغف ورجاء وتوقّع
تنعكس على طاعتنا لكلمة الرّب المباركة: ثقتك بكلمة الرّب تنعكس على طاعتك لكلمته. لأنك تؤمن بأن فيها الحكمة وأنها صائبة 100%. عندما تؤمن بأنّ الله كلي الحكمة. تسرع بطاعتك لكافة وصاياه
متى يأخذ المريض العلاج على محمل الجدّ؟ عندما يثق بحكمة الطبيب. عندما تؤمن بأن إلهك كلي الحكمة تصبح طاعة وصايا الرّب هي لذلتك وفرحتك
تنعكس على ثقتنا بحكمة الرّب الصائبة: عندما تؤمن بأن الرّب بحكمته أسس الكون وهو بحكمة يتمم مقاصده في العالم، هذا يعطيك ثقة بالرّب في كل الأزمات والظروف. لا شيء في الكون يحدث بدون إذنه وعلمه ومخططه. حتى الأشرار في العالم، ليسوا خارج سيادته وسلطانه. هو يقيم من يشاء ويعزل من يشاء. هو يقلب الشر على أصحابه ويسخّر الأشرار لفعل مشيئته. هو لديه القدرة ليحول كل الأشياء لمجده في حياتك ولما هو لخيرك ولبركتك، حتى تختبر ما قاله في رومية 8: 28 “وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ.” ليست ظروفنا التي تحرّكنا ولكن ثقتنا بحكمة الرّب الذي وضعنا بهذه الظروف التي نحن فيها. هذا يحتاج إلى حياة الصلاة. نحتاج إلى حياة الصلاة لكي نبقي أنظارنا على ما يفعله الله في حياتنا وعلى مشيئته الصالحة. نحتاج إلى الصلاة لكي نتمسك بحكمة الرّب على الرغم من الظروف من حولنا. نحتاج إلى الصلاة لكي نلمس الرّب بالإيمان وسط تحديات العيان الكثيرة
تنعكس على السلوك في حياة الإيمان: كيف يمكن أن نعيش بالإيمان في هذا العالم؟ كيف يمكن أن نسلك بالإيمان في عالم العيان؟عندما ندرك أن إلهنا كلي الحكمة نغمض عيوننا عن كل ما نراه في هذا العالم ونتمسك بمشيئة الرّب وبوصاياه ونتخذ خطوات بالإيمان
في الختام،نحن نسير مع إله كلي الحكمة. هو قائدنا وهو حافظنا وهو ضامن حاضرنا ومستقبلنا.دعونا نستسلم ونرتاح وليكن شغلنا الوحيد أن نكون في رضاه وفي مشيئته. فلنقرأ كلمته بشغف ونطيع ما يأمرنا به بفرح. إلهنا كلي الحكمة … الله وضع هذا النظام الشمسي، وهو يسيّره بحكمته عبر آلاف السنين … هل تقدر أن تستأمنه على حياتك لمئة عام؟ إلهنا كلي الحكمة … دعونا كمؤمنين نرتاح بين يديه ونرتاح بوصاياه وبتوجيهاته. اقرأ الكتاب المقدس لترى حكمة الرّب بكل حادثة ووصية ووعد وإعلان
إله الحكمة هو، “الْقَادِرُ أَنْ يَحْفَظَكُمْ غَيْرَ عَاثِرِينَ، وَيُوقِفَكُمْ أَمَامَ مَجْدِهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي الابْتِهَاجِ، الإِلهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا، لَهُ الْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ، الآنَ وَإِلَى كُلِّ الدُّهُورِ. آمِينَ.” (يهوذا 1: 20-25)