أحد المشاهد الجميلة التي تجتذب النظر هو مشهد وردة جميلة حمراء وسط حقل يعلوه الشوك. من السهل جدا في طبيعة هذه الحياة أن تنمو الأشواك وتكبر وتكثر، ولكن المعجزة هي تلك الوردة التي وجدت مكانا لها وسط أشواك الحياة. هل يمكن للمؤمن أن يعيش حياة ممتعة وسط أشواك الحياة؟ في وسط عالم تكثر فيه الأشواك، وتكبر وتنمو فيه المصاعب والتحديات، هل من الممكن أن يحيا المؤمن حياة ممتعة؟ هل ممكن أن تكون حياته كوردة وسط أشواك الحياة؟
كتب بطرس رسالته الأولى للمؤمنين المشتتين في العالم. كتب لمؤمنين يواجهون أشواك الاضطهاد الأليم. كتب لمؤمنين يواجهون أشواك الموت الحزين. كتب لمؤمنين يواجهون أشواك الخيانة المرّة. كتب لمؤمنين يريدون أن يعيشوا حياة البرّ في وسط عالم مليء بالخطيّة. وفي وسط كل هذه الظروف يكتب لهم عن كيف يعيشوا حياة ممتعة وسط أشواك الحياة. فما هي هذه الدعوة المباركة؟ وما هي المفاتيح الأساسيّة لهذه الحياة؟ وسر هذه الحياة؟
نقرأ من رسالة بطرس الأولى 3: 10-12
لأَنَّ:«مَنْ أَرَادَ أَنْ يُحِبَّ الْحَيَاةَ وَيَرَى أَيَّامًا صَالِحَةً، فَلْيَكْفُفْ لِسَانَهُ عَنِ الشَّرِّ وَشَفَتَيْهِ أَنْ تَتَكَلَّمَا بِالْمَكْرِ، 11لِيُعْرِضْ عَنِ الشَّرِّ وَيَصْنَعِ الْخَيْرَ، لِيَطْلُبِ السَّلاَمَ وَيَجِدَّ فِي أَثَرِهِ. 12لأَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ عَلَى الأَبْرَارِ، وَأُذْنَيْهِ إِلَى طَلِبَتِهِمْ، وَلكِنَّ وَجْهَ الرَّبِّ ضِدُّ فَاعِلِي الشَّرِّ
أولا. الدعوة المباركة لحياة ممتعة وسط أشواك الحياة
“لأَنَّ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُحِبَّ الْحَيَاةَ وَيَرَى أَيَّامًا صَالِحَةً”
الله يدعونا لحياة ممتعة وسط أشواك الحياة. ويقول لنا: “من أراد أن يحبّ الحياة ويرى أياما صالحة”. هو يريدك أن تحب حياتك وما يجري فيها ويريدك أن ترى أياما صالحة. وهو يدعوك لذلك. هو يريد من حياتك أن تكون مثل وردة جميلة حمراء في وسط أشواك الحياة. وما هي هذه الأشواك التي يتحدث عنها؟ يتحدث عن الألم بسبب البر “تَأَلَّمْتُمْ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، فَطُوبَاكُمْ” (1بط 3: 14) – أعرف شخص مؤمن كان يعمل كموظف في شركة ويستخدم وقت عمله لكي يعمل عمل خاص. ولكن عندما تجدد اتخذ قرار بأن يصحح هذا الخلل. ترك وظيفته ليتفرغ لعمله الخاص ولكن حتى في عمله الخاص أيضا واجه تحديات العمل النزيه. ولأن الناس لا تحب الإخلاص والأمانة في العمل، ولأنّه هو لا يريد الطرق الملتوية، تألّم
يتحدث بطرس عن ألم في مشيئة الله: “فَإِذًا، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ،” (1 بط 3: 17)
يتحدث بطرس عن ألم بسبب الصراع الروحي ضد الخطيّة “أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ” (1بط 2: 11). مؤمن يصارع ضد الخطيّة، والخطيّة تحاول جاهدا أن تدخل إلى حياته. ليس لنا أن ندخل في تفاصيل هذا الصراع، ولكن هذا الصراع يحدث ألم في حياة المؤمن. عندما نكر بطرس المسيح “بكى بكاء مرّا” وعندما أخطأ داود للرّب تمرمرت حياته
يتحدث عن ألم بسبب الظلم “يَحْتَمِلُ أَحْزَانًا مُتَأَلِّمًا بِالظُّلْمِ” (1 بط 2: 19) –
يتحدث أيضا عن ألم في الحياة الزوجيّة في بداية الإصحاح الثالث –
يتحدث أيضا عن الألم نتيجة الاضطهاد في نهاية الإصحاح الثالث –
يتحدث عن ألم بسبب القرارات الخاطئة “لأَنَّ تَأَلُّمَكُمْ إِنْ شَاءَتْ مَشِيئَةُ اللهِ، وَأَنْتُمْ صَانِعُونَ خَيْرًا، أَفْضَلُ مِنْهُ وَأَنْتُمْ صَانِعُونَ شَرًّا
في وسط هذه الأشواك التي تواجهنا كل يوم، يريدنا الرّب أن نرى أياما صالحة. هو يريدنا أن نحب حياتنا وما يجري فيها. هو يريدنا أن نتمتّع بحياتنا. ولكن هذا خيار يتركه الرّب لكل واحد منّا: “من أراد”. إرادتك مهمّة في هذا الموضوع. الرّب يعطيك المفتاح لكي تفتح الباب ولكنّه لا يرغمك على ذلك. كي تحب الحياة وترى أياما صالحة، وتعيش حياة ممتعة وسط أشواك الحياة، عليك أن تتخذ قرارك بذلك. ولكي تفعل ذلك، يعطيك الرّب المبادئ التي تساعدك. يعطيك المفاتيح. فما هي هذه المفاتيح؟
ثانيا. مفاتيح الحياة الممتعة وسط أشواك الحياة
:الاستخدام الصحيح للّسان
“فَلْيَكْفُفْ لِسَانَهُ عَنِ الشَّرِّ وَشَفَتَيْهِ أَنْ تَتَكَلَّمَا بِالْمَكْرِ”
إن اللسان هو واجهة حياتنا وهو ما يعبّر عمّا في داخلنا. ما يجعلنا شوكا في وسط الأشواك هو عندما يكون لساننا حادا كالشوكة. وما يجعلك وردة في وسط الأشواك هو عندما تضع لسانك على مذبح التكريس، وتسمح للروح القدس بأن يبريه وينزع منه حدته، ويطهره وينقيه ليستخدمه لمجده. سر نجاح الإنسان هو في لسانه، وسر فشله وحزنه وألمه ومرارته هو في لسانه. يوجد أشخاص لا يختبرون يوم حلو في بيتهم، لأن لسانهم يتكلّم بالشرّ وبالمكر. يوجد رجال متألمين لأنّ زوجاتهم غير ممكن لهن أن تتكلم بالجيد عن أحد، وفي زوجات متألمات في بيوتهن لأنهن لا يعرفن أن يتكلمن إلا بالانتقاد على أحد. لكن المصيبة هي لما يكون الرجل والمرأة على الموجة نفسها. هذا بيت لا يعرف الفرح والسلام والمتعة بالحياة
بلساننا نفض مشاكل، نكسر الشر، نبني حياة الآخرين، نقدم كلمات التشجيع والدعم لبعضنا البعض. دخل الوالد إلى البيت، فوجد تشنّج بالبيت. علامات جوني متدنيّة بالمدرسة والأم غاضبة ومتضايقة توبخ الولد وهو يبكي، وبقيّة الأولاد مسرورون لأن أخاهم هو الذي يعاقب وهم أفضل منه. ويدخل الأب إلى البيت … البيت مليء بالأشواك. وفي وسط الأشواك كلها، قال الوالد لعائلته: “أكيد لا بيننا فرحان بسقوط جوني ولا جوني مسرور. ولكن تذكروا يسوع معنا ويرد أن يساعد جوني، ونحن أيضا كمان سنساعده قدر المستطاع.” ثم أخذ جوني إلى الغرفة تكلم معه ورجع عند الأم وتكلم معها وتكلم مع إخوة جوني. وردة في وسط الأشواك. هل تكون أنت هذا الشخص الذي يستخدم لسانه للخير دائما؟ عندما تكون هذا الشخص سترى أياما صالحة وستحب حياتك
:القرارات الحازمة في السلوك
“لِيُعْرِضْ عَنِ الشَّرِّ وَيَصْنَعِ الْخَيْرَ”
علينا أن نقرّ ونعترف بأن لا شيء يؤلم حياة المؤمن ويحولها إلى شوك، أكثر من الخطيّة. علينا أن نقرّ ونعترف بأن لا شيء يؤلمنا أكثر من التصرفات الشريرة تجاه الآخرين. الرّب يقول: إن كنّا نريد أن نرى أيام صالحة ونفرح بكل يوم من حياتنا ونحب ما نفعله، علينا أن نتخذ قرارات حازمة في سلوكنا
هذه القرارات لها شقّين: التصميم بأن نعرض عن الشرّ –دائما، والتصميم بأن نفعل الخير -دائما
أنت تقود سيارتك، وإذ بشخص يطاردك ويريد الشر لك … ماذا تفعل؟ اعرض عن الشر واصنع الخير
في عملك شخص يطلق شائعات عنك كلها زور وافتراء … ماذا تفعل؟ اعرض عن الشر واصنع الخير
في عائلتك، أحد أفراد عائلتك دائما يلاحظ الأمور التي تضايقك ويفعلها … ماذا تفعل؟ اعرض عن الشر واصنع الخير. في المجتمع، أشخاص يتعمدون الإساءة لك ويضطهدونك … ماذا تفعل؟ اعرض عن الشر واصنع الخير. في داخلك رغبة للانتقام … ماذا تفعل؟ اعرض عن الشر واصنع الخير. في داخلك شهوة للخطيّة … ماذا تفعل؟ اعرض عن الشر واصنع الخير. لتكن قاعدة حياتك أن تسلك ضد الخطيّة وتسلك بالبرّ. مهما كلفك الأمر
“1كَذلِكُنَّ أَيَّتُهَا النِّسَاءُ، كُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِكُنَّ، … صَانِعَاتٍ خَيْرًا، وَغَيْرَ خَائِفَاتٍ خَوْفًا الْبَتَّةَ. 7كَذلِكُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ، كُونُوا سَاكِنِينَ بِحَسَبِ الْفِطْنَةِ مَعَ الإِنَاءِ النِّسَائِيِّ كَالأَضْعَفِ، مُعْطِينَ إِيَّاهُنَّ كَرَامَةً، … 8وَالنِّهَايَةُ، كُونُوا جَمِيعًا مُتَّحِدِي الرَّأْيِ بِحِسٍّ وَاحِدٍ، ذَوِي مَحَبَّةٍ أَخَوِيَّةٍ، مُشْفِقِينَ، لُطَفَاءَ، 9غَيْرَ مُجَازِينَ عَنْ شَرّ بِشَرّ أَوْ عَنْ شَتِيمَةٍ بِشَتِيمَةٍ، بَلْ بِالْعَكْسِ مُبَارِكِينَ، عَالِمِينَ أَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ لِكَيْ تَرِثُوا بَرَكَةً
الإنسان الذي يعيش هذا النوع من الحياة هو وردة في وسط الأشواك. هذا الشخص يستطيع أن يتلذذ بحياته ويرى أيام صالحة وحلوة وجميلة
:التوجيه المثابر للأهداف
“لِيَطْلُبِ السَّلاَمَ وَيَجِدَّ فِي أَثَرِهِ”
.ما هو هدف علاقتك مع الآخرين؟ يجب أن يكون هدف علاقاتنا الأوّل هو أن نكون في علاقة سلام
هذا يتطلّب الجد والاجتهاد والمثابرة. ممكن أن تستلطف شخص أول ما تراه، ولكن الأهم هو أن تبقى تستلطفه عندما تتعرف عليه أكثر. أحيانا توجد كلفة لصنع السلام. أنا أسعى للسلام مع الآخرين
ثالثا. السرّ المعلن لحياة ممتعة وسط أشواك الحياة
“لأَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ عَلَى الأَبْرَارِ، وَأُذْنَيْهِ إِلَى طَلِبَتِهِمْ، وَلكِنَّ وَجْهَ الرَّبِّ ضِدُّ فَاعِلِي الشَّرِّ»
عيني الرّب عليّ – هذا الذي يعمل الفرق. الوردة بين الأشواك تحيا بقوّة أشعة الشمس المشرقة على حياتها
.الوردة بين الأشواك لا تأخذ قوتها من الأشواك ولا اعتبارها من الأشواك، ولكنّها تستمدّ قوتها من الشمس
توجد وردة اسمها دوار الشمس – تدور مع الشمس وتستمد قوتها منها. سر الحياة الممتعة هي أنّها حياة معرّضة لنور المسيح. عندما تكف لسانك عن الشر وشفتيك أن تتكلما بالمكر، وعندما تصمم أن تعرض عن الشر وتصنع الخير دائما وعندما تطلب السلام وتجد في أثره، ستجعل نفسك جذابا لعيني الرّب
فيضيء الرّب عينيك ويجعلك وردة في وسط الأشواك. عيني الرّب في هذه الآية هي عيون البركة والعناية والرعاية، وهي كل ما يلزمك لكي تعيش حياة ممتعة وترى أياما صالحة. عيني الرب ضد فاعلي الشر ولكن عيني الرب مع فاعلي مشيئته
هذه الأعداد التي قرأناها هي اقتباس مباشر من مزمور 34، في مزمور 34 يقول: “11هَلُمَّ أَيُّهَا الْبَنُونَ اسْتَمِعُوا إِلَيَّ فَأُعَلِّمَكُمْ مَخَافَةَ الرَّبِّ. 12مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ الَّذِي يَهْوَى الْحَيَاةَ، وَيُحِبُّ كَثْرَةَ الأَيَّامِ لِيَرَى خَيْرًا؟ 13صُنْ لِسَانَكَ عَنِ الشَّرِّ، وَشَفَتَيْكَ عَنِ التَّكَلُّمِ بِالْغِشِّ. 14حِدْ عَنِ الشَّرِّ، وَاصْنَعِ الْخَيْرَ. اطْلُبِ السَّلاَمَةَ، وَاسْعَ وَرَاءَهَا. 15عَيْنَا الرَّبِّ نَحْوَ الصِّدِّيقِينَ، وَأُذُنَاهُ إِلَى صُرَاخِهِمْ. 16وَجْهُ الرَّبِّ ضِدُّ عَامِلِي الشَّرِّ لِيَقْطَعَ مِنَ الأَرْضِ ذِكْرَهُمْ
طَلَبْتُ إِلَى الرَّبِّ فَاسْتَجَابَ لِي، وَمِنْ كُلِّ مَخَاوِفِي أَنْقَذَنِي. 5نَظَرُوا إِلَيْهِ وَاسْتَنَارُوا، وَوُجُوهُهُمْ لَمْ تَخْجَلْ. 6هذَا الْمِسْكِينُ صَرَخَ، وَالرَّبُّ اسْتَمَعَهُ، وَمِنْ كُلِّ ضِيقَاتِهِ خَلَّصَهُ. 7مَلاَكُ الرَّبِّ حَالٌّ حَوْلَ خَائِفِيهِ، وَيُنَجِّيهِمْ. 8ذُوقُوا وَانْظُرُوا مَا أَطْيَبَ الرَّبَّ! طُوبَى لِلرَّجُلِ الْمُتَوَكِّلِ عَلَيْهِ. 9اتَّقُوا الرَّبَّ يَا قِدِّيسِيهِ، لأَنَّهُ لَيْسَ عَوَزٌ لِمُتَّقِيهِ. 10الأَشْبَالُ احْتَاجَتْ وَجَاعَتْ، وَأَمَّا طَالِبُو الرَّبِّ فَلاَ يُعْوِزُهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ
أُولئِكَ صَرَخُوا، وَالرَّبُّ سَمِعَ، وَمِنْ كُلِّ شَدَائِدِهِمْ أَنْقَذَهُمْ. 18قَرِيبٌ هُوَ الرَّبُّ مِنَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، وَيُخَلِّصُ الْمُنْسَحِقِي الرُّوحِ. 19كَثِيرَةٌ هِيَ بَلاَيَا الصِّدِّيقِ، وَمِنْ جَمِيعِهَا يُنَجِّيهِ الرَّبُّ. … 22الرَّبُّ فَادِي نُفُوسِ عَبِيدِهِ، وَكُلُّ مَنِ اتَّكَلَ عَلَيْهِ لاَ يُعَاقَبُ
.سر الحياة الناجحة والممتعة هي الرّب والحياة التي تتعرض لأشعته دائما
.أخيرًا،أن تعيش حياة ممتعة وسط أشواك الحياة هو قرار مرتبط بك
عندما تعيش حياة البرّ، تضع نفسك ضمن دائرة رعاية وعناية الرّب القادر أن يجعلك وردة بين الأشواك