صلاة فعّالة لحياة روحيّة منتصرة

هناك أفكار غريبة جدًّا عن الصّلاة في عصرنا، ففي حياة الإنسان غير المؤمن هي ضعف وعجز ويأس، وربّما قد تكون طقسًا أو فرضًا دينيًّا، وأحيانًا قد تكون، في حياة المؤمن كتنفيس لحزنه أو عجزه أو يأسه، وقد تصبح أيضًا كطقس دينيٍّ في حياة المؤمن … أمّا في فكر الله وبحسب مفهوم الكتاب المقدّس وتعاليم الرّبّ يسوع، فالصّلاة هي قوّة الله في حياة المؤمن الرّوحيّة. أخبر الرّبّ يسوع المسيح عن رجلين، كلاهما صعد إلى الهيكل ليصلّي، الأوّل فرّيسيّ والثّاني عشّار، وكلاهما وجّه صلاته إلى اللّه وخاطبه، وفي نهاية المطاف، نزل الثّاني مبرّرًا إلى بيته دون ذاك. توجد صلاة مقبولة مستجابة، ويوجد صلاة مرفوضة غير مستجابة، يوجد صلاة صحيحة ويوجد صلاة خطأ، يوجد صلاة قويّة فعّالة تهزّ عرش الله ويوجد صلاة ضعيفة غير فعّالة لا تهزّ إلا شفتي من يصلّيها

.الرّبّ يسوع المسيح هو معلّمنا الوحيد ومثالنا الأعظم وسنتعلّم منه ومن كتابه عن الصّلاة الفعّالة

الكتاب المقدّس يدوّن لنا تقريبا 650 صلاة و450 استجابة للصّلاة. بولس الرّسول يذكر برسائله موضوع الصلاة 41 مرّة. ويدوّن لنا العهد الجديد عن يسوع يصلّي 25 مرّة مختلفة. ومن بين هذه المرّات عندما كان يسوع في جثسيماني وأنا أسمّيها مدرسة الصّلاة. سوف ندرس ماهيّة المبادئ الكتابيّة للّصّلاة الفعّالة في حياة المؤمن الّتي تنقله إلى حياة روحيّة منتصرة

مرقس 14: 32-42، “32وَجَاءُوا إِلَى ضَيْعَةٍ اسْمُهَا جَثْسَيْمَانِي، فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «اجْلِسُوا ههُنَا حَتَّى أُصَلِّيَ. 33ثُمَّ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، وَابْتَدَأَ يَدْهَشُ وَيَكْتَئِبُ. 34فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى الْمَوْتِ! اُمْكُثُوا هُنَا وَاسْهَرُوا». 35ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ، وَكَانَ يُصَلِّي لِكَيْ تَعْبُرَ عَنْهُ السَّاعَةُ إِنْ أَمْكَنَ. 36وَقَالَ: «يَا أَبَا الآبُ، كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لَكَ، فَأَجِزْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِيَكُنْ لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ». 37ثُمَّ جَاءَ وَوَجَدَهُمْ نِيَامًا، فَقَالَ لِبُطْرُسَ: «يَا سِمْعَانُ، أَنْتَ نَائِمٌ! أَمَا قَدَرْتَ أَنْ تَسْهَرَ سَاعَةً وَاحِدَةً؟ 38اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ». 39وَمَضَى أَيْضًا وَصَلَّى قَائِلاً ذلِكَ الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ. 40ثُمَّ رَجَعَ وَوَجَدَهُمْ أَيْضًا نِيَامًا، إِذْ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ ثَقِيلَةً، فَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَاذَا يُجِيبُونَهُ. 41ثُمَّ جَاءَ ثَالِثَةً وَقَالَ لَهُمْ: «نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا! يَكْفِي! قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ! هُوَذَا ابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي الْخُطَاةِ. 42قُومُوا لِنَذْهَبَ! هُوَذَا الَّذِي يُسَلِّمُنِي قَدِ اقْتَرَبَ

أولاً. الصّلاة نمط حياة

وَجَاءُوا إِلَى ضَيْعَةٍ اسْمُهَا جَثْسَيْمَانِي، فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «اجْلِسُوا ههُنَا حَتَّى أُصَلِّيَ.”وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، وَتَبِعَهُ أَيْضًا تَلاَمِيذُهُ.” (لو 22: 29)

الصّلاة هي حياة نعيشها، وهي العلاقة مع الله كما أنّها حياة وليست فرضًا أو طقسًا بل رفقة درب مع الرّبّ كذلك هي الرّجوع إلى الله في كلّ ناحية من حياتنا، هذا وأنّها تصحيح المسار ومراجعة الأمور وتقييم المواضيع في محضر الرّبّ. هل صلّيت مثلاً: يا رب افتح لي أبوابًا للبشارة اليوم؟ خلال نهاري ممكن أكون قد بشّرت وممكن لم أستفد من فرصة أعطاني إيّاها الرّبّ، فعليّ أن أعود وأقيّم حياتي أمام الرّبّ بهذا الموضوع، أرجع عند الرّبّ وأقول مثلاً: لقد بشّرت يا رب اليوم وأصلّي لأجل من بشّرته، هل هناك فرصة أخرى أستطيع أن استخدمها مع هذا الشّخص؟ ماذا تريدني يا رب أن أفعل؟

أم هل صلّيت مثلاً: عند سوء تفاهم، مع أخ أو أخت في الكنيسة، لأجل الموضوع. أم، هل أوضح لك الرّبّ أنّك يجب أن تعتذر أو تعاتب؟ هل صلّيت من أجل قيادة الرّبّ لك في العمل؟ عند اتخاذ القرارات، عليك مراجعة القيادة السّماويّة. فالصّلاة الفعّالة إمّا أن تكون نمط حياة أو لا تكون

كان يسوع يصلي كعادته، ونحن أيضًا بحاجة أن ننمّي عادة الصّلاة في كلّ مواضيع حياتنا والاتّصال بغرفة العمليّات الرّوحيّة في كل وقت

ثانيًا. الصّلاة علاقة فرديّة بالرّبّ

الصّلاة قد تكون جماعيّة: 33ثُمَّ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، وَابْتَدَأَ يَدْهَشُ وَيَكْتَئِبُ. 34فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى الْمَوْتِ اُمْكُثُوا هُنَا وَاسْهَرُوا

وَلَمَّا صَارَ إِلَى الْمَكَانِ قَالَ لَهُمْ: «صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ». (لو 22: 40)

حياة الصّلاة لها فعّاليّتها في حياة الأفراد والجماعة أيضًا. ولكن جوهرها وأساسها فرديّ. 35 ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ، “وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى” (لو 22: 41) لاحظوا عبارة “وانفصل عنهم” فهناك انفصال عن العالم والتصاق بالرّبّ

ثالثًا. الصّلاة وتواضع القلب

“ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ،” “وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى” (لو 22: 41). التّواضع أمام الله، كسر الذّات، إعلان الحاجة إلى الله، ذكر الضّعفات، الاعتراف بالخطايا، طلب وجه الرّبّ، الرّبّ، توسّل القوّة من وطلب البركة. نحتاج ألّا نأتي إلى الرّبّ بصلاحنا بل بتواضع القلب والانكسار أمام الرّبّ والتّخلّي عن الكبرياء. كانت مشكلة الفرّيسي هي كبرياءه الرّوحيّ، أمّا نقطة قوّة العشّار فكانت تواضعه وانكساره أمام الله، كما أنّه لا نأتي إلى الرّبّ بحكمتنا وأفكارنا، بإنجازاتنا، بافتخارنا بما نفعل، ولكن نأتي إليه مدركين عظمته وطالبين مشورته “لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الْعَلِيُّ الْمُرْتَفِعُ، سَاكِنُ الأَبَدِ، الْقُدُّوسُ اسْمُهُ: «فِي الْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ الْمُقَدَّسِ أَسْكُنُ، وَمَعَ الْمُنْسَحِقِ وَالْمُتَوَاضِعِ الرُّوحِ، لأُحْيِيَ رُوحَ الْمُتَوَاضِعِينَ، وَلأُحْيِيَ قَلْبَ الْمُنْسَحِقِينَ.” (اش 57: 15)

رابعًا. الصّلاة وغايتها المحدّدة

وَكَانَ يُصَلِّي لِكَيْ تَعْبُرَ عَنْهُ السَّاعَةُ إِنْ أَمْكَنَ. 36وَقَالَ:«يَا أَبَا الآبُ، كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لَكَ، فَأَجِزْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِيَكُنْ لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ». قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». (لو 22 :42) علينا بالصّراع والجهاد في الصّلاة “وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.” (لو 22: 44)

غاية الصّلاة الأساسيّة أن نكون في مشيئة الرّبّ، فلا استجابة بدون مشيئته: “وَهذِهِ هِيَ الثِّقَةُ الَّتِي لَنَا عِنْدَهُ: أَنَّهُ إِنْ طَلَبْنَا شَيْئًا حَسَبَ مَشِيئَتِهِ يَسْمَعُ لَنَا.” (1يوحنا 5: 14)

في مشيئته” يعني في القداسة، يعني أن أعمل الأعمال الّتي يريدها هو، يعني ألّا أجازي عن شرّ بشرّ ويعني بثمر الرّوح. “فَصَلُّوا أَنْتُمْ هكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ.” (متى 6: 9و10) وكلّ الطّلبات الأخرى تنبع من هذه الغاية المحدّدةلكي أبقى في مشيئته كلّ يوم

خامسًا. صلاة تتخطّى التّحديّات

“ثُمَّ جَاءَ وَوَجَدَهُمْ نِيَامًا، فَقَالَ لِبُطْرُسَ: “يَا سِمْعَانُ، أَنْتَ نَائِمٌ! أَمَا قَدَرْتَ أَنْ تَسْهَرَ سَاعَةً وَاحِدَةً؟

كانوا نيامًا من الحزن “ثُمَّ قَامَ مِنَ الصَّلاَةِ وَجَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ، فَوَجَدَهُمْ نِيَامًا مِنَ الْحُزْنِ.” (لو 22: 45)

تحدّيات التّعب الجسديّ، تحدّيات النّوم، تحدّيات إيجاد الوقت، تحدّيات الحزن، هذا وعلينا أن بالاجتهاد لكي نسهر

سادسًا. الصّلاة وضرورتها الملحّة

اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ».التّجارب هي واقع في حياة الإنسان، ونحن نجرّب كلّ يوم لكي ننحرف نحو الخطيّة! إبراهيم جُرّب بمحبّته لابنه، يوسف جرّب بعلاقته مع إخوته وحياته العائليّة، داود جرّب في الشّهوة، موسى جرّب في غضبه، بطرس جرّب في خوفه ويعقوب يتحدّث عن “تجارب متنوّعة”. الصّلاة أساسيّة في النّصرة على التّجارب فعلينا أن نسهر ونصلي “لئلا …” لأنّنا إن لم نسهر ونصلّي سندخل في التّجربة، ولأنّها أساسيّة لنشاط الرّوح، علينا أن نصلي لكي نكون نشيطين روحيّا ومستعدين روحيّا لكي ننتصر على التّجارب “لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ.” (غل 5: 17) فالصّلاة لها الدّور الأساسيّ والفعّال في نصرة الرّوح على الجسد

بولس جرّب بجسده ومرضه “مِنْ جِهَةِ هذَا تَضَرَّعْتُ إِلَى الرَّبِّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنْ يُفَارِقَنِي. فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ .” (2كو 12: 8و9)

يا بطرس اسهر وصلِّ لئلا تدخل في تجربة ولكنّه نام، وعندما رأى الجموع أخذ سيفه وضرب، ثمّ هرب، ثمّ تبع يسوع عن بعد، وثمّ خاف أمام الجارية، ومن ثمّ أنكر المسيح ثلاث مرّات، وبعدها بكى بكاء مرّا. لماذا حدث هذا مع بطرس؟ لأن بطرس استهان بالوصيّة. إذًا “اسهروا وصلّوا لئلّا تدخلوا في تجربة

سابعًا. الصّلاة واللّجاجة المطلوبة

وَمَضَى أَيْضًا وَصَلَّى قَائِلاً ذلِكَ الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ”. المؤمن الجدّي هو مؤمن يصلّي ويتابع صلاته لأجل موضوع معيّن أو أكثر، واللّجاجة هي أن تصلّي بجديّة وأن تأخذ علاقتك بالرّبّ بجديّة. “أَقُولُ لَكُمْ: وَإِنْ كَانَ لاَ يَقُومُ وَيُعْطِيهِ لِكَوْنِهِ صَدِيقَهُ، فَإِنَّهُ مِنْ أَجْلِ لَجَاجَتِهِ يَقُومُ وَيُعْطِيهِ قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ. وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ: اسْأَلُوا تُعْطَوْا، اُطْلُبُوا تَجِدُوا، اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ.” (لو 11: 8-10)

“متى أكفّ عن الصّلاة لأجل موضوع ما؟ عندما آخذ جوابًا واضحًا من الرّبّ “نعم” أو “كلا

وإلّا فعليّ أن أضعه أمام الرّبّ بينما أنتظر، تذكّروا وعد الرّبّ “اِنْتِظَارًا انْتَظَرْتُ الرَّبَّ، فَمَالَ إِلَيَّ وَسَمِعَ صُرَاخِي. وَأَصْعَدَنِي مِنْ جُبِّ الْهَلاَكِ، مِنْ طِينِ الْحَمْأَةِ، وَأَقَامَ عَلَى صَخْرَةٍ رِجْلَيَّ. ثَبَّتَ خُطُوَاتِي” (مز 40: 1 و2).  كم مرّة صلّى داود لكي تنتهي تجربته مع شاول؟؟؟ على الأقلّ سبع سنين

يعقوب نال البركة باللّجاجة “وَقَالَ: «أَطْلِقْنِي، لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي» …. وَبَارَكَهُ هُنَاكَ.” (تك 32: 26و29) واضح أنّ المؤمن مطالب بحياة الصّلاة بلجاجة أمام الرّبّ

ثامنًا. الصّلاة وتوقيتها الصّحيح

ثُمَّ رَجَعَ وَوَجَدَهُمْ أَيْضًا نِيَامًا، إِذْ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ ثَقِيلَةً، فَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَاذَا يُجِيبُونَهُ. 41ثُمَّ جَاءَ ثَالِثَةً وَقَالَ لَهُمْ: «نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا! يَكْفِي! قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ! هُوَذَا ابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي الْخُطَاةِ. 42قُومُوا لِنَذْهَبَ! هُوَذَا الَّذِي يُسَلِّمُنِي قَدِ اقْتَرَبَ

توقيت الصّلاة الأفضل ليس في وسط التّجربة ولكن قبل التّجربة للّتحصّن للتّجارب إذ هي حرب استباقيّة لتجنّب التّجارب. ولكن أهذا معناه ألّا أصلّي في التّجربة؟ طبعًا تصلّي، ولكن صلاتك تختلف، لأنّك عندما تسقط في التّجربة الدّاخليّة تصلّي للتّوبة، وتصلّي من الألم، وتبكي بكاءً مرًّا كما فعل بطرس عندما أنكر المسيح ثلاث مرّات. الصّلاة الفعّالة لحياة النّصرة هي عندما تعيش حياة الصّلاة كلّ يوم وتتحصّن للحرب لأجل علاقاتك وصداقاتك وطهارتك وخدمتك … وعندما تأتي التّجربة تضحك عليها وتضحك على إبليس، إذ الصّلاة هي مثل الحماية ضدّ الفيروس عندما يأتي ولا يجد له مكانًا ولا قبولاً، كما أنّها تغلق شهوتك عن فعل الخطية لأنّه في الوقت نفسه بعدم الصّلاة تطلق لشهيّتك العنان على الخطيّة ويفوت الأوان ولا تعد تنفع فيه الصّلاة متى أتتك التّجربة

تاسعًا. الصّلاة وفعاليّتها القويّة

فعاليّة في المخدع: “وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ.” (لو 22: 43)، نشاط في الرّوح رغم ضعف الجسد، واستعداد للمواجهة كما كان يسوع مستعدًّا للمواجهةوللأسف لم يكن التّلاميذ مستعدّين للمواجهة.لأنّ الصّلاة لها مفعولها القويّ في حياتنا، إذ تقلب الموازين وتهيّئ للنّصرةفلا تستهينوا بها لأنّها الاستعانة بقوّة الله اللامحدودة. لنلاخظ بعض الصّلوات مثلاً، صلاة إيليا القويّة: “كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَانًا تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا، وَصَلَّى صَلاَةً أَنْ لاَ تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى الأَرْضِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ” (يع 5: 17)، صلاة الكنيسة القويّة: وَلَمَّا صَلَّوْا تَزَعْزَعَ الْمَكَانُ الَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ، وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلاَمِ اللهِ بِمُجَاهَرَةٍ.” (اع 4: 31)، “فَكَانَ بُطْرُسُ مَحْرُوسًا فِي السِّجْنِ، وَأَمَّا الْكَنِيسَةُ فَكَانَتْ تَصِيرُ مِنْهَا صَلاَةٌ بِلَجَاجَةٍ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِهِ.” (اع 12: 5) تفتحت أبواب السجن. صلاة يونان في بطن الحوت: “فَصَلَّى يُونَانُ إِلَى الرَّبِّ إِلهِهِ مِنْ جَوْفِ الْحُوتِ،” (يو 2: 1). الصّلاة هي القوّة التي تحرّك يد الله القديرة وتسمح لعمله المبارك في حياتنا

في الختام، الحياة القويّة ليست بالمال، ولا بالمعارف، ولا بالصّحة الجسديّة ولا بأيّ قوّة أرضيّة بل الحياة القويّة هي الحياة الّتي فيها قوّة الله في حياتنا، وقوّة الله تحلّ في حياتك من خلال حياة الصّلاة فيجب أن أعطيها وأعطي الشّركة مع الرّبّ المكانة الأولى في حياتي لأنّها السّبيل الوحيد إلى النّصرة الرّوحيّة

جون نوكس هو من أتى برسالة الإصلاح الإنجيلي إلى سكوتلندا ووقف بوجه السّلطات الدّينيّة    والسّياسيّة هناك، وكرز بإنجيل الخلاص، وسجن في عام 1540، وصلّى صلاته الشّهيرة “يا رب أعطني ان أرى سكوتلندا للمسيح، والّا فادعني للموت …” في عام 1972 عمّت النّهضة اسكوتلندا وتبنّى البرلمان السّكوتلنديّ مبادئ الإصلاح الإنجيلي، هذا وقالت ملكة سكوتلندا ماري “إنّي أخاف من صلاة جون نوكس أكثر من كل جيوش أوروبا مجتمعة

دع العالم من حولك، يرى قوّة الصّلاة في حياتك وخذ الخيار أن تكون مؤمن صلاة