إن دراسة الاِنحرافات العقائدية في التاريخ المسيحي و تطورها و تثبيتها ذو قيمة عظيمة جداً. فهو يساعدنا على فهم كيف وصلت الأمور في الوقت الحاضر إلى هذا المستوى البعيد جداً عن الكتاب المقدس, و فكر الله. فالأمر لم يحدث فجأة بل كان يتطور من اِنحراف إلى أخر في العقائد مع كل حقبة من الزمن إلى أن وصل الأمر اليوم إلى ولادة الملايين من الناس على اِسم المسيح, لكنهم بعيدين جداً عن فكر الله في الكتاب المقدس, و هم في اِنحراف عظيم .كما تساعدنا هذه الدراسة أن نحذر من الأخطاء و الاِنحرافات التي وقع بها أناس قبلنا, و بأن نكون مدققين في كل أمر من أجل الأمانة لكلمة الله و من أجل مواجهة كل الهرطقات والبدع الحديثة التي يمكن أن نواجهها .
الانحراف الأول:
هو الصلاة من أجل الموتى و الذي بدأت ممارسته حوالي سنة 300 م ، فيعتبر الأشخاص الذين يمارسون الصلاة من أجل الموتى اليوم, أن هذه الممارسة هي جزء من إكرام للموتى وللشركة مع القديسين بحسب تفسيرهم لقانون الإيمان الذي صدر في مجمع نيقية سنة 325م. كما يعتبر هؤلاء الأشخاص أن الرب يسوع المسيح كان يمارس الصلاة على الموتى عندما صلى أمام قبل أليعازر (يوحنا 11: 41 ), وأيضا بطرس صلى قبل إقامة طابيثا في (أعمال 9: 40). و يعتبر أيضا أصحاب هذه الممارسة أن الصلاة من أجل الموتى هي لكي يتقدسوا أكثر بعد موتهم لأن الجميع خطاة و ليس بار ولا واحد لذلك يعتقد من يمارس الصلاة من أجل الموتى إنه يساعد الموتى لكي يتقدموا أكثر إلى الله ـ
كما يدعم الأشخاص الذين يمارسون الصلاة من أجل الموتى فكرتهم من كتاب المكابيين في (2 مكابيين الإصحاح 7 و 12 ). و مع مرور الوقت أصبحت الصلاة من أجل الموتى عادة يقوم بها العديد من المسيحيين اليوم, و نتج عن ذلك إلى ظهور عقيدة المطهر سنة 593 م مع غريغوري الأول, الذي اعتبر هو والكنيسة الكاثوليكية أن المطهر هو مكان تتطهر فيه النفوس قبل دخولها إلى السماء وبعد فترة دعم مجمع لاتران المسكوني سنة 1215 هذه العقيدة كم تأييدات أكثر في مجمع ليون المسكوني و مجمع الفاتيكان الثاني , وتثبتت هذه العقيدة سنة 1493 م.
أما بالنسبة للنظرة الكتابية للموضوع علينا أولاً أن نرى رأي الكتاب بالصلاة، فالصلاة هي لله وحده فهي طريقة الوصل بين المخلوق والخالق, فمكتوب في (متى 4 :10) إنه للرب نسجد و إياه وحده نعبد. و كل صلاة موجه لغير الرب الخالق تعتبر هرطقة وخطيئة فظيعة, كما إنه لا يوجد ولا أية في الكتاب المقدس التي نرى فيها كلمة مطهر أو الصلاة على الموتى أو من أجل الموتى. فالإعتماد على سفر المكابيين لا يعطيهم الصحة في أسفار الأبوكريفا العهد القديم لا يعترف بها اليهود بأنها موحى بها من الله كما إن أسفار الأبوكريفا أضيفت إلى الكتاب المقدس من قبل الكنيسة الكاثوليكية سنة 1546 م ، كما أن اِستخدام حادثة الرب يسوع عندما صلى قبل إقامة أليعازر في (يوحنا 11 )فهذه الصلاة كانت موجهة إلى الله من أجل إقامة أليعازر و ليست موجه إلى أليعازر لكي يتقدس, كذلك الأمر بالنسبة لبطرس عندما صلى إلى الله في أعمال 9 لإقامة طابيثا.
كما أن الكتاب المقدس يعلمنا أن فرصة الخلاص و التقديس هي في هذه الحياة, و ليس هناك فرصة بعد الموت. فالخلاص و التقديس مرتبط بالإيمان بالرب يسوع (يوحنا 3: 36 ) “الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية و الذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله ” كما إن أشعيا 38 : 18
و في لوقا 16 و عبرانيين 9 : 27 تنفي وجود الرجاء بعد الموت فالكتاب المقدس في العهد القديم و الجديد مليء بالاِنذارات للتوبة قبل الموت .
فنرى أن فكرة الصلاة من أجل الموتى أدخلت إلى الكنيسة من خارج الكتاب المقدس و ليس لها إثبات كتابي بل دخلت من خلال التمثل بالأمم في
إكرام موتاهم .
و الإنحراف الثاني:
الذي نريد أن نركز عليه في هذه الدراسة هو ممارسة عبادة الصليب التي بدأت في بعض المجموعات سنة 300 م. و قد فرضها الإمبراطور قسطنطين في القرن الرابع ميلادي. و أصبح اليوم هناك أعياد للصليب متفق عليها ووضعت في إدعاء تاريخ اِكتشاف الملكة هيلانه والدة الإمبراطور قسطنطين لخشبة الصليب في أورشليم. و هناك صلاوات ترفع باِسم الصليب, و هناك من يستخدم الصليب للشفاء و لطرد الأرواح الشريرة و هناك السجود للصليب المقدس و هناك شهر الصليب.
و هذه الممارسة أدت إلى إدخال الصور و التماثيل و الأيقونات في العبادة سنة 375 م بعدما بدأت هذه الممارسات بالاِنتشار قامت الحركة اللا أيقونية سنة 716 م. على يد الملك لاون بمحاولة لنزع الصور و التماثيل من الكنائس فقد اعتبر الملك لاون أن هذه الممارسة هي إساءة لله و للكتاب المقدس. و ظهر في هذه المرحلة أشخاص من الكنيسة الكاثوليكية و منهم يوحنا الدمشقي و البابا غريغوري الذي كان معاصر للملك, وواجه الملك في خطابات قاسية اللهجة في الدفاع عن التماثيل و الصور و الأيقونات. و أقاموا بعدها العديد من المجامع و منها مجمع نيقية الذي أصدر مرسوم بأن يتم معاملة مضطهدي الصور و التماثيل على كونهم أشد الهراطقة و يجب أن يتم السجود أمام التماثيل من جديد و أن تكرم و تحفظ وتثبتت هذه الممارسة سنة 786 م .
و تظن هذه المجموعة أنها تكرم من على الصليب بهذه الممارسات, و لكن بالحقيقة هذه إهانة لكلمة الرب و لحق الإنجيل فيقول الكتاب في هوشع 4 : 12 “شَعْبِي يَسْأَلُ خَشَبَهُ وَعَصَاهُ تُخْبِرُهُ لأَنَّ رُوحَ الزِّنَى قَدْ أَضَلَّهُمْ فَزَنُوا مِنْ تَحْتِ إِلَهِهِمْ.”
وإذا ما اعتبرت هذه المجموعة إنها لا تعبد الصليب و لكنها تكرمه و هي لا تسأل من الصليب بل من المصلوب ، و هنا علينا أن نرجع إلى رأي الكتاب بالموضوع .
فنعلم من قصة الحية النحاسية التي رفعها موسى في البرية هي صورة لصليب الرب يسوع المسيح الذي سيرفع. و كل من يؤمن بالرب تكون له الحياة الأبدية. و نعلم من خلال ملوك الثاني و الإصحاح (18 : 3- 4 ) وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ دَاوُدُ أَبُوهُ. هُوَ أَزَالَ الْمُرْتَفَعَاتِ، وَكَسَّرَ التَّمَاثِيلَ، وَقَطَّعَ السَّوَارِيَ، وَسَحَقَ حَيَّةَ النُّحَاسِ الَّتِي عَمِلَهَا مُوسَى لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا إِلَى تِلْكَ الأَيَّامِ يُوقِدُونَ لَهَا وَدَعُوهَا [نَحُشْتَانَ].
و هنا نرى أن حزقيا الملك التقي الذي كسر الحية النحاسية التي كان الشعب يقودون لها. فكيف إذا كانو يصلون و يطلبون من خشبة الصليب فنظرة الكتاب المقدس واضحة خر 20 : 4-5
لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتاً وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلَهَكَ إِلَهٌ غَيُورٌ
و في شوهد أخرى تثنية 4: 15 و تثنية 27 : 15 و أعمال الرسل 7 : 48
و أعمال 17 : 24 و غيرها من الشواهد التي تنفي و ترفض صناعة الصور و التماثيل فالكتاب واضح جدا بهذه النقطة .
(3) و الإنحراف الثالث:
الفظيع الذي دخل إلى المجتمع الكنسي و بدأت بعض الجماعات ممارسته هو تعظيم القديسين و الملائكة و الصلاة من أجلهم. ولكن في القرون الثلاثة الأولى لم تكن موجودة هذه الممارسة بل كان المسيحيون يحترزون جداً في عبادتهم و كانت عبادتهم توجه إلى الله الخالق وحده. و لكن مع بداية القرن الرابع تقريباً أقدم بعض الوعاظ المؤثرين كأوريجانوس وباسيليوس الكبير و غريغوريوس النيسي و غيرهم إلى مخاطبة القديسين و طلب شفاعتهم. وفي سنة 375 م بدأت هذه الممارسة منتشرة بين عامة الشعب, و في هذه الفترة بدأ اِستخدام الإعلان الملائكي للقديسة مريم كصلاة يومية ،كما شجع أمبروسيوس على الصلاة لأجل الملائكة و بعد وفاته سنة 397 م ظهرت هذه العبادة للملائكة و لكن بأقل كمية من عبادة القديسين .
و بعد هذه الحقبة بدأ بناء الكنائس على قبور الشهداء القديسين ظناً منهم أن لهذا الأمر قوة للتأثير العجائبي داخل الكنيسة. و أيضا ظناً منهم أن أرواحهم تكون حاضرة في الكنيسة . كما تأثرت هذه الجماعات بالوثنيين الذين آمنوا في القرن الرابع, و الذين كانوا يعبدون أبطالهم الوثنين فهذه الأمور ساعدت على تقدم العبادة للقديسين و القديسة مريم العذراء, و تطورت الصلاة لأجل القديسة مريم العذراء حتى أعطيت لقب “أم الله ” في مجمع أفسس سنة 431 م. و بعد فترة أضافت هذه المجموعة كلمات أليصابات على أقوال الملاك و تغير شكل الصلاة عبر الوقت لتصبح الصلاة الوردية و تثبتت لاحقا سنة 1090 م.
ونذكر أيضا إنه في القرن السادس بدأت عبادة الأيقونات, وكان الروم هم أول من شجع على هذه العبادة و تطورت هذه الممارسات رويداً رويداً حتى تثبتت الصلاة للقديسة مريم و القديسين سنة 600 م و بعدها تقديس الشهداء القديسين سنة 995 م .
فهكذا اِنحرفت الأمور تدريجياً, و لكن النظرة الكتابية مختلفة تماماً إن العبادة موجهة لله وحده و لا يمكن أن نعبد إلا الخالق وحده (رومية 1: 25 ) “الذين استبدلوا حق الله بالكذب و إتقوا و عبدوا المخلوق دون الخالق الذي هو مبارك إلى الأبد أمين “
هذه الممارسة هي كسر لوصية الرب أن نصلي و نتشفع بالقديسين فكلمة الله تنبهنا فنحن لنا شفيع واحد
(1يو 2: 1-2 ) 1يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ. 2وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضاً.
(1تيم 2 : 5 ) لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ،
و شواهد أخرى (عب 7 : 24 ) و (عب 9 : 25 ) هذه الشواهد واضحةٌ من كلمة الرب أن الشفيع الوحيد الذي يتمتع بالصفات المطلوبة لكي يكون شفيع هو الرب يسوع المسيح وحده و كل شفاعة أخرى و كل صلاة أخرة هي هرطقة و كسر لوصية الرب .
(4) والإنحراف الرابع:
الذي حدث هو بما يختص بمائدة الرب أو العشاء الرباني أو كسر الخبز أو الإفخارستيا كما هي معروفة في الكنيسة الكاثوليكية .
و بدأ هذا الاِنحراف مع بدء بعض التفاسير الخاطئة لكلمة الله من قبل بعض الخدام, و منهم أغسطينوس الذي قدم بإحدى عظاته تفسير خاطىء لما ورد بإنجيل يوحنا و الإصحاح 6 فقد قال أغسطينوس بإحدى عظاته “هذا الخبز الذي ترونه على المذبح، وقد قدسه كلام الله، هو جسد المسيح؛ وهذه الكأس، او بالحري ما في هذه الكأس، قد قدَّسه كلام الله، هو دم المسيح” ومن هنا بدأ الاِنحراف حول هذه العقيدة حتى وصل الأمر إلى أن كسر الخبز يهيئ المؤمن للحياة الأبدية و بدأت ممارسة مائدة الرب كفرض يومي سنة 394م .
و في القرن الثامن ملادي يقال إنه حدثت معجزة من أحد الرهبان الذي كان يشكك بحضور الرب يسوع المسيح في القربان, و حدث فيما هو يصلي على القربان إن القربان تحول إلى لحم و الخمر إلى دم بين يدي الراهب و بعد هذه الحادثة أقر إينوسنت الثالث عقيدة الاستحالة سنة 1215 م. و بعدها بدأت عبادة القربان سنة 1220 م. و أصدر البابا أوربانوس الرابع سنة 1263 م أمراً إلى جميع المسيحيين أن يطوفوا بالقربان المقدس في كل المدن والقرى تكريم وتعظيم القربان .
ولكن النظرة الكتابية مختلفة تماما فنحن لا نحتاج إلى معجزات و إعلانات جديدة, لأن نملك الحق داخل الكتاب المقدس كما قال بطرس الرسول في (2 بط1: 19 ) “وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَناً إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ”
فنحن نملك الحق من خلال كلمة الله و إذا ما نرجع إلى الرب يسوع المسيح الذي أسس مائدة الرب في (متى 26) و (مرقس 14 ولوقا 22) فتأسست مائدة الرب لغرض في العشاء الرباني الأخير, و هو لكي يتذكر المؤمنين ما فعله الرب يسوع المسيح من أجلهم على الصليب و كيف قدم جسده و دمه من أجل خلاصهم «خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي».
و يذكر أيضا الرسول بولس هذا الأمر أيضاً في الرسالة الأولى إلى كورنثوس (11: 26) “فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ.”
فهذه الممارسة لمائدة الرب يجب أن تكون ذكرى و ليس فرض يومي فليس هناك مكان بالكتاب المقدس يقول لنا متى يجب أن نقوم بها . كما يعلمنا الكتاب المقدس أن كسر الخبز هو فقط للكنيسة المجتمعة و ليس لغير المؤمنين و الغير مخلصين فهذا ما نراه في إنجيل يوحنا (13 : 20 ) إنه قبل كسر الخبز خرج يهوذا الإسخريوطي. و أيضا نرى خمس مرات في 1 كورنثوس 11، يتحدث بولس عن الكنيسة مجتمعة معا عند تناول العشاء الرباني. آية 17 “كَوْنَكُمْ تَجْتَمِعُونَ لَيْسَ لِلأَفْضَلِ، بَلْ لِلأَرْدَإِ.” الآية 18: “لأَنِّي أَوَّلاً حِينَ تَجْتَمِعُونَ فِي الْكَنِيسَةِ، أَسْمَعُ أَنَّ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٍ.” الآية 20: “فَحِينَ تَجْتَمِعُونَ مَعًا لَيْسَ هُوَ لأَكْلِ عَشَاءِ الرَّبِّ.” الآية 33: “إِذًا يَا إِخْوَتِي، حِينَ تَجْتَمِعُونَ لِلأَكْلِ، انْتَظِرُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا.” الآية 34: “إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَجُوعُ فَلْيَأْكُلْ فِي الْبَيْتِ، كَيْ لاَ تَجْتَمِعُوا لِلدَّيْنُونَةِ.” فلذلك كسر الخبز هو للكنيسة مجتمعة .
كما يجب الإشارة أن الرب يسوع المسيح لا يسكن أو يتحول جسده إلى خبز و دمه إلى خمر و يسكن في مصنوعات بشرية (أعمال 17 : 24 – 25 ) “24الإِلَهُ الَّذِي خَلَقَ الْعَالَمَ وَكُلَّ مَا فِيهِ هَذَا إِذْ هُوَ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَةٍ بِالأَيَادِي 25وَلاَ يُخْدَمُ بِأَيَادِي النَّاسِ كَأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى شَيْءٍ إِذْ هُوَ يُعْطِي الْجَمِيعَ حَيَاةً وَنَفْساً وَكُلَّ شَيْءٍ.” فنرى تأثير اِنحرف أغسطينوس و غيره من الخدام في تفسير يوحنا الإصحاح 6 بطريقة خاطئة. فالرب يسوع المسيح في يوحنا 6 لم يكن يتكلم عن كسر الخبز و لم يكن يؤسس العشاء الرباني, بل كان يتكلم عن الإيمان و الخبز الذي نزل من السماء على الشعب في البرية .
(5) إن الاِنحراف الخامس:
الذي وقع به مجموعات من المسيحيين هو مسحة المرضى و الذي تم تثبيته من قبل الكنيسة الكاثوليكية سنة 526 م. وتعتمد هذه المجموعة على مجموعة من الآيات لتثبت قيامها بمسحة المرض أبرزها
(يع 5 : 14 ) أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ
و (مرقس 6: 13 ) وَأَخْرَجُوا شَيَاطِينَ كَثِيرَةً وَدَهَنُوا بِزَيْتٍ مَرْضَى كَثِيرِينَ فَشَفَوْهُمْ.
وتعتبر هذه الجماعة أن مسحة المرضى تعطي المريض نعمة من الروح القدس للمريض, و تساعده لتزداد ثقته بالله و تعطيه قوة للتغلب على التجارب الخبيثة. و بأن يحتمل أوجاعه بشجاعة و يقاومها و قد ينجو من المرض إذا ما كانت هذه مشيئة الرب, و ينال أحيانا غفران الخطايا. و هي تقدم من قبل الكاهن أو مجموعة من الكهنة للمؤمنين الذين أصبحوا في خطر بسبب المرض و الشيخوخة أو لأي مؤمن مريض يعاني أو لديه عملية جراحية أو لمن أصيبوا بمرض عقلي فيدهن الكاهن المؤمن بالزيت و تتلى الصلاوات. و تشجع هذه الجماعة الأفراد المؤمنين الثبات بهذا الطقس نظرا لأهميته و تطبقياً لمعتقداتهم .
أما بالنسبة للنظرة الكتابية فهي مختلفة كلياً. أولاً لا نجد أحد من الرسل يمارسة هذا الأمر في سفر أعمال الرسل. كما إن الكتاب لم يذكر أن الرب يسوع قبل الشفاء كان يمسحه بالزيت فبالنظر إلى الآيات المذكورة و التي تم الاِعتماد عليها بهذا الاِنحراف فنرى في رسالة يعقوب (5 : 14 – 16 )
أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ 15وَصَلاَةُ الإِيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهْ. 16اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالّزَلاَّتِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ لِكَيْ تُشْفَوْا. طِلْبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيراً فِي فِعْلِهَا.
علينا أن نعلم أن هذا المقطع يركز على الصلاة, ويعلن إن الصلاة هي التي تشفي المريض في الآية 15 والتوبة الحقيقية و الإعتراف بالزلات هي الطريق لكي يغفر لنا الرب خطايانا. أما بالنسبة للدهن بالزيت فليست بطقس روحي في هذا المقطع فنعلم إن اِستخدام الزيت في تلك المرحلة و حتى ما زال إلى يومنا هذا يعتبر دهن الزيت جزء من العلاج لجروحات المريض. و الإثبات نراه في الكتاب المقدس من خلال حادثة السامري الصالح عندما وضع الزيت على جروحات المصاب و كان الخمر يستخدم كدواء أيضا
و لوقا 10 : 34 فَتَقَدَّمَ وَضَمَدَ جِرَاحَاتِهِ وَصَبَّ عَلَيْهَا زَيْتاً وَخَمْراً وَأَرْكَبَهُ عَلَى دَابَّتِهِ وَأَتَى بِهِ إِلَى فُنْدُقٍ وَاعْتَنَى بِهِ
1 تيم 5: 23 لاَ تَكُنْ فِي مَا بَعْدُ شَرَّابَ مَاءٍ، بَلِ اسْتَعْمِلْ خَمْراً قَلِيلاً مِنْ أَجْلِ مَعِدَتِكَ وَأَسْقَامِكَ الْكَثِيرَةِ.
فالزيت و الخمر كان يستخدم بتلك المرحلة كعلاج للأمراض و ليس أي طقس روحي .
(6) الإنحراف السادس:
الذي حدث في تاريخ الكنيسة هو قرار عدم زواج الكهنة و بدأت هذه الأمور في القرون الأولى, مع إنتشار الرهبنة و اِنفصال الكهنة عن عامة الشعب. و تم تثبيته لاحقاً سنة 1079 م. و علينا أن نعلم إن هناك اِختلاف بالرأي بين الكنائس اليوم حول موضوع الزواج الكهنة و الأساقفة. فنرى أن الكنيسة الإنجيلية تدعم فكرة زواج راعي الكنيسة. اما الكنيسة الأرثدوكسية لا تمانع في قبول المتزوجين لكي يصبحوا كهنة. و لكن لا تسمح لهم بأن يأخذوا مناصب عالية في الكهنوت. أما الكنيسة الكاثوليكية فلا تقبل إلا الغير متزوجين لكي يصبحوا كهنة باستثناء حالات معينة سمح فيها للكنائس الكاثوليكية الشرقية بقبول بعض المتزوجين حين تكون هناك حاجة لسد العجز .
ففي هذه الفكرتين مع أو ضد زواج الكاهن, علينا أن نرجع إلى الكتاب المقدس المرجع الوحيد للفصل بالموضوع .فنرى إن المجموعة التي ترفض فكرة زواج الكهنة و الأساقفة تعتمد على هذه الآيات (متى 19 : 28 – 29 )
28فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «ﭐلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي فِي التَّجْدِيدِ مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيّاً تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاِثْنَيْ عَشَرَ. 29وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتاً أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمّاً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ
إن تفسير هذه الأياة خارج نطاق النص جعل من الكثيرين الإلتجاء إلى التنسك و العزل عن الناس مما يناقض المأمورية العظمة, و عمل الرب يسوع و خلاص النفوس في العالم. ففي هذه الآية لا يتكلم الرب يسوع المسيح عن الزواج و تأسيس العائلات بل يتكلم عن ثمن التبعية و النقطة الأساسية من كلام الرب في هذا النص هو إن الرب يجب أن يكون الأول في حياتنا, و محبتنا الرب يجب أن لا تقارن مع أي شخص آخر أو أية شيء . أما بالنسبة لهذه الآيات .
(1كو 7 : 32 ) فَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا بِلاَ هَمٍّ. غَيْرُ الْمُتَزَوِّجِ يَهْتَمُّ فِي مَا لِلرَّبِّ كَيْفَ يُرْضِي الرَّبَّ
(1كو 7 : 27 – 28 ) 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ الِانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لَكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.
(1كو 7 : 7-9 )
. 7لأَنِّي أُرِيدُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ النَّاسِ كَمَا أَنَا. لَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ مَوْهِبَتُهُ الْخَاصَّةُ مِنَ اللهِ. الْوَاحِدُ هَكَذَا وَالآخَرُ هَكَذَا. 8وَلَكِنْ أَقُولُ لِغَيْرِ الْمُتَزَوِّجِينَ وَلِلأَرَامِلِ إِنَّهُ حَسَنٌ لَهُمْ إِذَا لَبِثُوا كَمَا أَنَا. 9وَلَكِنْ إِنْ لَمْ يَضْبِطُوا أَنْفُسَهُمْ فَلْيَتَزَوَّجُوا لأَنَّ التَّزَوُّجَ أَصْلَحُ مِنَ التَّحَرُّقِ.
التكلم عن هذه الأيات و عن فكرة إن بولس لم يكن متزوجاً, فمن هنا علينا أن ننتبه إن بولس كان حالة خاصة و كان له موهبة خاصة و نعمة خاصة لكي يجول و يؤسس كنائس. أما بالنسبة للنظرة الكتابية نرى إن الكتاب المقدس يعلم بضرورة الزواج للراعي من خلال آيات كثيرة و شواهد كثير نذكر منها .
(1تي 3: 4-5 ) يُدَبِّرُ بَيْتَهُ حَسَناً، لَهُ أَوْلاَدٌ فِي الْخُضُوعِ بِكُلِّ وَقَارٍ. 5وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْرِفُ أَنْ يُدَبِّرَ بَيْتَهُ، فَكَيْفَ يَعْتَنِي بِكَنِيسَةِ اللهِ؟
فنرى هنا في هذه الآية أن من شروط الأسقفية هي أن يكون متزوج و يرعى عائلته بشكل صحيح فالأمر واضح حتى بطرس الذي تعتبر الكنيسة الكاثوليكية أنه صخرة الكنيسة الكاثوليكية كان متزوج
(مر 1: 29 – 30 )وَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْمَجْمَعِ جَاءُوا لِلْوَقْتِ إِلَى بَيْتِ سِمْعَانَ وَأَنْدَرَاوُسَ مَعَ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا 30وَكَانَتْ حَمَاةُ سِمْعَانَ مُضْطَجِعَةً مَحْمُومَةً فَلِلْوَقْتِ أَخْبَرُوهُ عَنْهَا.
(1 كو 9: 5- 6) أَلَعَلَّنَا لَيْسَ لَنَا سُلْطَانٌ أَنْ نَجُولَ بِأُخْتٍ زَوْجَةً كَبَاقِي الرُّسُلِ وَإِخْوَةِ الرَّبِّ وَصَفَا؟ 6أَمْ أَنَا وَبَرْنَابَا وَحْدَنَا لَيْسَ لَنَا سُلْطَانٌ أَنْ لاَ نَشْتَغِلَ؟
و آيات أخرى تعلم إنه من الضروري على الشخص الذي يبغي الأسقفية أن يكون متزوج لأن الزواج مقدس من الرب. و لأن الزواج هو حاجة جسدية و حاجة معنوية, فالرجل الخادم يحتاج لمعين يساعده كما إن الزواج هو مدرسة للخادم لكي يشعر بالناس, و لكي يتابع العائلات كما إن الزواج هو مفتاح لعلاقات اِجتماعية ،لذلك الزواج أمر كتابي و أساسي للأساقفة .
(7) الإنحراف السابع:
الفظيع هو صكوك الغفران الذي بدأت الكنيسة الكاثوليكية تمارسه بشكل رسمي سنة 1190 م. و هو عبارة عن وثيقة كانت تمنحها الكنيسة الرومانية الكاثوليكية مقابل مبلغ مادي يدفعه الشخص للكنيسة. و يختلف قيمته بحسب ذنوب الشخص بهدف الإعفاء الكامل أو الجزئي, الذي ممكن أن تقدمه الكنيسة الكاثوليكية و تعتمد الكنيسة الكاثوليكية بهذا الموضوع على هذه الشواهد(متى 16 : 18 – 19 )
18وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضاً: أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ و (يو 20 : 23 ) 23مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ».
و نرى إن جميع هذه الاِنحرافات عن الكتاب المقدس تنبع من خلال تفسير خاطىء للكتاب المقدس. فبطرس ليس الصخرة باِعتراف بطرس نفسه من خلال رسالة بطرس . أما بالنسبة للأية في إنجيل يوحنا فهنا الرب يتكلم عن الكنيسة مجتمع و في حال تأديب الكنيسة لأحد الأعضاء, وليس لغفران الخطايا ما بعد الموت غفران الخطايا و خلاص الإنسان مرتبط فقط بالله فالرب وحده من يغفر الخطايا. و هناك عشرات الأيات التي تعلم إن الخلاص و غفران الخطايا مرتبط بالإيمان بالرب يسوع و عمله على الصليب (يوحنا 3: 36 ) “الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية و الذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله “
كما إن ممارسة صكوك الغفران لم يكن لها شيء من الوجود في سفر أعمال الرسل أبداً بل كان الجميع يتشاركون في الممتلكات, و لم يكن أحد
يحتاج وهذه الممارسات ساهمت لاحقاً إلى ظهور الإصلاح الإنجيلي .
(8) الإنحراف الثامن:
الذي وقعت به مجموعة كبيرة هو الاِعتراف بالخطايا للكاهن و أقرت الكنيسة هذه الممارسة سنة 1215 م, و في عام 1557 م. لعن مجمع “ترنت” كل من يقرأ الكتاب المقدس و يرفض فكرة الاِعتراف للكهنة. و تعتبر هذه المجموعة إن الاِعتراف للكهنة أمر أساسي في الحياة المسيحية لغفران الخطايا و تعتمد هذه المجموعة على هذه الأيات .
(يع 5 :16 )اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالّزَلاَّتِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ لِكَيْ تُشْفَوْا. طِلْبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيراً فِي فِعْلِهَا.
(يو 20 : 23 ) 23مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ».
(متى 18 : 15 – 18 ) 15 وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ. 16وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَخُذْ مَعَكَ أَيْضاً وَاحِداً أَوِ اثْنَيْنِ لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ. 17وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ. 18اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَاءِ وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاءِ
و إذا نظرنا إلى هذه الأيات لا نرى فكرة الاِعتراف للكاهن, ولا فكرة غفران الخطايا من قبل الكاهن. بل نرى فكرة تأديب الكنيسة و الاِعتراف إذا ما أخطأنا لبعضنا البعض. و هنا نرى سلطة الكنيسة في التأديب, أما بالنسبة لغفران الخطايا فهي مرتبطة بالله وحده كما نرى من خلال هذه الأيات
(مر 2 :7 ) «لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هَذَا هَكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ؟»
(إشعيا 43 : 25 ) أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا
فالإعتراف بالخطايا هو لله لأن كل خطيئة هي موجه لله و هي كسر لوصياه و لكلمته
(مز 32 : 5)
أَعْتَرِفُ لَكَ بِخَطِيَّتِي وَلاَ أَكْتُمُ إِثْمِي. قُلْتُ: أَعْتَرِفُ لِلرَّبِّ بِذَنْبِي وَأَنْتَ رَفَعْتَ أَثَامَ خَطِيَّتِي
(أعمال 10 : 43 ) لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا»
(1يو 2 :1-2 ) 1يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ. 2وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضاً.
هذه الآيات و غيرها الكثير تعلمنا أن الله هو من يغفر الخطايا و هو من يجب أن نعترف له بخطايانا .
(9) بعد هذه الاِنحرافات:
اجتمعت الكنيسة الكاثوليكية, و أعلنت اللائحة الرسمية للأسرار في مجمع ليون المسكوني سنة 1274 م. و من بعده أكد كل من مجمع الفلورنسي سنة 1439 م و المجمع التيدانتيني سنة 1547 م على ضرورة الأسرار السبعة و العمل بها في الحياة المسيحية.
و تعتبر هذه المجموعة إن السر الكنسي هو نعمة إلهية غير منظورة تمنح للمتقدم إليه بعمل الروح القدس, و ذلك بواسطة صلوات وممارسات طقسية تتم على يد كاهن شرعي .و تعتمد على آية من (ام 9 : 1) “الحكمة نحتت بيتها. نحتت أعمدتها السبعة”
لتقر إن عدد الأسرار هو سبعة و يدل هذا الرقم على الكمال . و الأسرار هي سر المعمودية ، سر الميرون ، سر القربان المقدس ، سر التوبة ، سر
مسحة المرضى ، سر الزواج ، سر الكهنوت .
أما بالنسبة للنظرة الكتابية فهذه الأسرار لا صحة لها و لا وجود لها لتعليم كتابي و لا حتى الرسل والكنيسة الأولى مارست هذه الأمور على إنها أسرار و الاِعتماد على الآية في سفر الأمثال و التفسير المجازي لها لا يعطيهم الحق.
– نرى إن الأمور تفاقمت مع تطور الاِنحرافات وأصبحت الكنيسة الكاثوليكية بعيدة عن الكتاب المقدس. مما أدى بها إلى إعلان أن قيمة التقليد الكنسي تعادل قيمة الكتاب المقدس. و أقرت هذا الأمر في مجمع ترنت سنة 1545 م و أقرت في هذا المجمع أيضا رفضها لكل عقائد الإصلاح الإنجيلي و أعلنت 125 لعنة على كل من يؤمن بعقائد الإصلاح الإنجيلي. و اِعتبرت نفسها المرجع الصحيح و الوحيد و بعد هذه الأمور بسنة أي سنة 1546 م. أقرت إضافة كتب الأبوكريفا على الكتاب المقدس في العهد القديم لدعم بعض الاِنحرافات التي وقعت بها الكنيسة . أما بالنسبة للنظرة الكتابية فنرى من خلال الكتاب المقدس أن كلمة الله هي وحدها معصومة عن الخطأ, و لم تأتي قط نبوة بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله مسوقين بالروح القدس و نرى من خلال هذه الحادثة التي حدثت مع الرب يسوع في متى (15 : 1- 3)
“حِينَئِذٍ جَاءَ إِلَى يَسُوعَ كَتَبَةٌ وَفَرِّيسِيُّونَ الَّذِينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: «لِمَاذَا يَتَعَدَّى تَلاَمِيذُكَ تَقْلِيدَ الشُّيُوخِ فَإِنَّهُمْ لاَ يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ حِينَمَا يَأْكُلُونَ خُبْزاً؟» فَأَجَابَ: «وَأَنْتُمْ أَيْضاً لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ؟”
إن الكتبة كانوا متمسكين بتقليد هو تعليم الناس و جواب الرب لهم كان بالرجوع إلى كلمة الله التي هي فوق كل إعتبار و هي المرجع الوحيد و الصحيح لأي أمر بالحياة .
أما بالنسبة لكتب الأبوكريفا التي زيدت على الكتاب المقدس العهد القديم فلم تكن ضمن الأسفار التي جمعها عزرا الكاتب سنة 534 ق.م فاليهود لا يعترفوا بها بأنها موحى بها من الله حتى أن المؤرخ اليهودي (يوسيفوس ) لم يذكر هذه الأسفار ضمن كتاباته بأنها أسفار قانونية .كما علينا أن نعلم إن الرب يسوع المسيح و الرسل لم يستشهدوا بهذه الأسفار على أنها كلمة الله . و نعلم أنه لا يجب أن نزيد أو ننقص على كلمة الله .
“لأَنِّي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هَذَا الْكِتَابِ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هَذَا يَزِيدُ اللهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ الْمَكْتُوبَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ.”
(رؤ 22 : 18 )
– نرى إن الكنيسة الكاثوليكية بدأت بالتمادي في اِنحرافاتها, و بدأت تقر عقائد و صلاوات أو عبادات غير موجودة في الكتاب المقدس. و ليس لها إثبات و شواهد كتابية و من هذه العقائد . عقيدة لاحبل بلا دنس للقديسة مريم و الذي أعلنه البابا بيوس التاسع سنة 1854 م. و أقر بهذا الأعلان إن القديسة مريم ولدت من فعل حب مقدس جمع والداها القديسين يواكيم و حنة و بنعمة من الله حفظت مريم من الخطيئة الأصلية . و تعتمد الكنيسة الكاثوليكية على هذه الشواهد .
(نشيد النشاد 4: 7) كُلُّكِ جَمِيلٌ يَا حَبِيبَتِي لَيْسَ فِيكِ عَيْبَةٌ
(نشيد الأنشاد 4 : 12 ) أُخْتِي الْعَرُوسُ جَنَّةٌ مُغْلَقَةٌ عَيْنٌ مُقْفَلَةٌ يَنْبُوعٌ مَخْتُومٌ.
بالنسبة للنظرة الكتابية هذه الآيات لا تتكلم ولا بأية شكل عن القديسة مريم
بل تتكلم عن علاقة حب بين سليمان و حبيبته و فكرة الحبل بلا دنس للقديسة مريم فلا وجود لها في الكتاب المقدس بل على العكس الكتاب يعلمنا في (غلا 4 : 4-5 )”َلِكنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ، 5لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ.”
فالقديسة مريم تحتاج لفداء الرب يسوع المسيح, لأنها تحت ناموس الخطيئة و هي من قالت تبتهج نفسي بالرب مخلصي. فهي تحتاج للخلاص كأي إنسان أخر لأنها كانت تقع في الخطيئة .كما إن الكتاب المقدس يعلن أن الجميع زاغو وفسدوا معاً ليس من يعمل صلاح ليس ولا واحد باستثناء الرب يسوع المسيح الذي لم يوجد في فمه غش .
– و بعد هذه الفترة إجتمعت الكنيسة الكاثوليكية سنة 1870 م بما يعرف بمجمع الفاتيكان الأول بدعوة من البابا بيوس التاسع و كان من أبرز مقررات المجمع هي العصمة البابوية الكاثوليكية في مسائل الإيمان و الأخلاق و أنه لا خلاص خارج الكنيسة الكاثوليكية . و رفضت مجموعة من الكاثوليك لهذه المقررات و اِنشقت عن الكنيسة الكاثوليكية و شكلوا الكنيسة الكاثوليكية القديمة .
أما بالنسبة للنظرة الكتابية فنرى أن الكنيسة الكاثوليكية أصبحت بعيدة كل البعد عن الكتاب المقدس و لا تستخدم آيات لدعم أفكارها بل تعتبر نفسها مرجع ، و هذا الأمر خارج ترتيب الرب للكنيسة و خارج تعليم و سلوك الرسل.
– و الاِنحراف ما قبل الأخير الذي وقعت به الكنيسة الكاثوليكية هو إقرار عقيدة صعود القديسة مريم بالجسد و الروح إلى السماء. و ثبتت الكنيسة بقيادة البابا بيوس الثاني عشر هذا الاِنحراف سنة 1950 م و إعتبرت الكنيسة الكاثوليكية أن القديسة مريم هي حواء الجديدة. و هي مع آدم الجديد الرب يسوع المسيح يحاربان (عدو الخير أي الشيطان). و هذه الحرب مع العدو لا بد أن تنتهي بتمجيد جسدها البتولي و الاِنتقال من هذا العالم بالنفس و الجسد .
أما بالنسبة لنظرة الكتاب فلا نجد أي أمر يدعم هذه الفكرة و لا بأية شكل .
– و الاِنحراف الأخير الذي أقدمت عليه الكنيسة الكاثوليكية هو مجمع الفاتيكان الثاني الذي دعت إليه الكنيسة الكاثوليكية و حضر المجمع 2400 أسقف كاثوليكي. و بعض من المراقبين من الكنائس الأخرى الأرثوذكسية و الروم الأرثوذكس و البروتستانت. و كان الهدف من هذا المجمع تجديد الكنيسة الكاثوليكية روحياً و تحديد موقفها من قضايا العالم المعاصر المختلفة.
و قد قرر المجمع في أكتوبر 1965 م عقيدة خلاص غير المؤمنين و اِعتبر المجمع إن غير المؤمنين هم أيضاً من شعب الرب سواء كانوا من اليهود أو المسلمين أو الوثنيين و إن الخلاص في متناول أيدي الجميع . كما ركز المجمع على حقوق الإنسان الأساسية بما يتعلق بالحرية الدينية .
أما بالنسبة للنظرة الكتابية لمقررات هذا المجمع فنعلم إن الله أحب العلم كله
(يو 3: 16 ) 16لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.
و نعلم إن رغبة الله بخلاص النفوس و حتى الأشرار و البعيدين
(حز33 : 11 ) 11قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ, إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ, بَلْ بِأَنْ يَرْجِعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا
و لكن هذا لا يعني إن الجميع سيخلص أبدا فليس هناك خلاص خارج الإيمان بالرب يسوع المسيح
(أعمال 4 : 12 ) 12وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ».
(يوحنا 3: 36 ) “الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله “
(أعمال 10 : 43 ) لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا»
(يو 14 : 6) 6قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي
ليس هناك طريق إلى السماء و الحياة الأبدية إلى بالرب يسوع المسيح. فالخلاص ليس مرتبط بالأديان والطوائف, بل مرتبط بشخص الرب يسوع وعمله الكفاري على الصليب فعلى الشخص أن يتقدم بتوبى كاملة و إيمان بالرب يسوع و ما عمله على الصليب فيخلص .