سفر صموئيل الأول
1 كان رجل من رامتايم صوفيم من جبل أفرايم اسمه ألقانة بن يروحام بن أليهو بن توحو بن صوف. هو أفرايميّ.
2 وله امرأتان، اسم الواحدة حنّة، واسم الأخرى فننّة. وكان لفننّة أولاد، وأمّا حنّة فلم يكن لها أولاد.
3 وكان هذا الرّجل يصعد من مدينته من سنة إلى سنة ليسجد ويذبح لربّ الجنود في شيلوه. وكان هناك ابنا عالي: حفني وفينحاس، كاهنا الرّبّ.
4 ولمّا كان الوقت وذبح ألقانة، أعطى فننّة امرأته وجميع بنيها وبناتها أنصبة.
5 وأمّا حنّة فأعطاها نصيب اثنين، لأنّه كان يحبّ حنّة. ولكنّ الرّبّ كان قد أغلق رحمها.
6 وكانت ضرّتها تغيظها أيضا غيظا لأجل المراغمة، لأنّ الرّبّ أغلق رحمها.
7 وهكذا صار سنة بعد سنة، كلّما صعدت إلى بيت الرّبّ، هكذا كانت تغيظها. فبكت ولم تأكل.
8 فقال لها ألقانة رجلها: «يا حنّة، لماذا تبكين؟ ولماذا لا تأكلين؟ ولماذا يكتئب قلبك؟ أما أنا خير لك من عشرة بنين؟».
9 فقامت حنّة بعدما أكلوا في شيلوه وبعدما شربوا، وعالي الكاهن جالس على الكرسيّ عند قائمة هيكل الرّبّ،
10 وهي مرّة النّفس. فصلّت إلى الرّبّ، وبكت بكاء،
11 ونذرت نذرا وقالت: «يا ربّ الجنود، إن نظرت نظرا إلى مذلّة أمتك، وذكرتني ولم تنس أمتك بل أعطيت أمتك زرع بشر، فإنّي أعطيه للرّبّ كلّ أيّام حياته، ولا يعلو رأسه موسى».
12 وكان إذ أكثرت الصّلاة أمام الرّبّ وعالي يلاحظ فاها.
13 فإنّ حنّة كانت تتكلّم في قلبها، وشفتاها فقط تتحرّكان، وصوتها لم يسمع، أنّ عالي ظنّها سكرى.
14 فقال لها عالي: «حتّى متى تسكرين؟ انزعي خمرك عنك».
15 فأجابت حنّة وقالت: «لا يا سيّدي. إنّي امرأة حزينة الرّوح ولم أشرب خمرا ولا مسكرا، بل أسكب نفسي أمام الرّبّ.
16 لا تحسب أمتك ابنة بليّعال، لأنّي من كثرة كربتي وغيظي قد تكلّمت إلى الآن».
17 فأجاب عالي وقال: «اذهبي بسلام، وإله إسرائيل يعطيك سؤلك الّذي سألته من لدنه».
18 فقالت: «لتجد جاريتك نعمة في عينيك». ثمّ مضت المرأة في طريقها وأكلت، ولم يكن وجهها بعد مغيّرا.
19 وبكّروا في الصّباح وسجدوا أمام الرّبّ، ورجعوا وجاءوا إلى بيتهم في الرّامة. وعرف ألقانة امرأته حنّة، والرّبّ ذكرها.
20 وكان في مدار السّنة أنّ حنّة حبلت وولدت ابنا ودعت اسمه صموئيل قائلة: «لأنّي من الرّبّ سألته».
21 وصعد الرّجل ألقانة وجميع بيته ليذبح للرّبّ الذّبيحة السّنويّة، ونذره.
22 ولكنّ حنّة لم تصعد لأنّها قالت لرجلها: «متى فطم الصّبيّ آتي به ليتراءى أمام الرّبّ ويقيم هناك إلى الأبد».
23 فقال لها ألقانة رجلها: «اعملي ما يحسن في عينيك. امكثي حتّى تفطميه. إنّما الرّبّ يقيم كلامه». فمكثت المرأة وأرضعت ابنها حتّى فطمته.
24 ثمّ حين فطمته أصعدته معها بثلاثة ثيران وإيفة دقيق وزقّ خمر، وأتت به إلى الرّبّ في شيلوه والصّبيّ صغير.
25 فذبحوا الثّور وجاءوا بالصّبيّ إلى عالي.
26 وقالت: «أسألك يا سيّدي. حيّة هي نفسك يا سيّدي، أنا المرأة الّتي وقفت لديك هنا تصلّي إلى الرّبّ.
27 لأجل هذا الصّبيّ صلّيت فأعطاني الرّبّ سؤلي الّذي سألته من لدنه.
28 وأنا أيضا قد أعرته للرّبّ. جميع أيّام حياته هو عاريّة للرّبّ». وسجدوا هناك للرّبّ.
1 فصلّت حنّة وقالت: «فرح قلبي بالرّبّ. ارتفع قرني بالرّبّ. اتّسع فمي على أعدائي، لأنّي قد ابتهجت بخلاصك.
2 ليس قدّوس مثل الرّبّ، لأنّه ليس غيرك، وليس صخرة مثل إلهنا.
3 لا تكثّروا الكلام العالي المستعلي، ولتبرح وقاحة من أفواهكم. لأنّ الرّبّ إله عليم، وبه توزن الأعمال.
4 قسيّ الجبابرة انحطمت، والضّعفاء تمنطقوا بالبأس.
5 الشّباعى آجروا أنفسهم بالخبز، والجياع كفّوا. حتّى أنّ العاقر ولدت سبعة، وكثيرة البنين ذبلت.
6 الرّبّ يميت ويحيي. يهبط إلى الهاوية ويصعد.
7 الرّبّ يفقر ويغني. يضع ويرفع.
8 يقيم المسكين من التّراب. يرفع الفقير من المزبلة للجلوس مع الشّرفاء ويملّكهم كرسيّ المجد. لأنّ للرّبّ أعمدة الأرض، وقد وضع عليها المسكونة.
9 أرجل أتقيائه يحرس، والأشرار في الظّلام يصمتون. لأنّه ليس بالقوّة يغلب إنسان.
10 مخاصمو الرّبّ ينكسرون. من السّماء يرعد عليهم. الرّبّ يدين أقاصي الأرض، ويعطي عزّا لملكه، ويرفع قرن مسيحه».
11 وذهب ألقانة إلى الرّامة إلى بيته، وكان الصّبيّ يخدم الرّبّ أمام عالي الكاهن.
12 وكان بنو عالي بني بليّعال، لم يعرفوا الرّبّ
13 ولا حقّ الكهنة من الشّعب. كلّما ذبح رجل ذبيحة يجيء غلام الكاهن عند طبخ اللّحم، ومنشال ذو ثلاثة أسنان بيده،
14 فيضرب في المرحضة أو المرجل أو المقلى أو القدر. كلّ ما يصعد به المنشل يأخذه الكاهن لنفسه. هكذا كانوا يفعلون بجميع إسرائيل الآتين إلى هناك في شيلوه.
15 كذلك قبل ما يحرقون الشّحم يأتي غلام الكاهن ويقول للرّجل الذّابح: «أعط لحما ليشوى للكاهن، فإنّه لا يأخذ منك لحما مطبوخا بل نيئا».
16 فيقول له الرّجل: «ليحرقوا أوّلا الشّحم، ثمّ خذ ما تشتهيه نفسك». فيقول له: «لا، بل الآن تعطي وإلاّ فآخذ غصبا».
17 فكانت خطيّة الغلمان عظيمة جدّا أمام الرّبّ، لأنّ النّاس استهانوا بتقدمة الرّبّ.
18 وكان صموئيل يخدم أمام الرّبّ وهو صبيّ متمنطق بأفود من كتّان.
19 وعملت له أمّه جبّة صغيرة وأصعدتها له من سنة إلى سنة عند صعودها مع رجلها لذبح الذّبيحة السّنويّة.
20 وبارك عالي ألقانة وامرأته وقال: «يجعل لك الرّبّ نسلا من هذه المرأة بدل العاريّة الّتي أعارت للرّبّ». وذهبا إلى مكانهما.
21 ولمّا افتقد الرّبّ حنّة حبلت وولدت ثلاثة بنين وبنتين. وكبر الصّبيّ صموئيل عند الرّبّ.
22 وشاخ عالي جدّا، وسمع بكلّ ما عمله بنوه بجميع إسرائيل وبأنّهم كانوا يضاجعون النّساء المجتمعات في باب خيمة الاجتماع.
23 فقال لهم: «لماذا تعملون مثل هذه الأمور؟ لأنّي أسمع بأموركم الخبيثة من جميع هذا الشّعب.
24 لا يا بنيّ، لأنّه ليس حسنا الخبر الّذي أسمع. تجعلون شعب الرّبّ يتعدّون.
25 إذا أخطأ إنسان إلى إنسان يدينه الله. فإن أخطأ إنسان إلى الرّبّ فمن يصلّي من أجله؟» ولم يسمعوا لصوت أبيهم لأنّ الرّبّ شاء أن يميتهم.
26 وأمّا الصّبيّ صموئيل فتزايد نموّا وصلاحا لدى الرّبّ والنّاس أيضا.
27 وجاء رجل الله إلى عالي وقال له: «هكذا يقول الرّبّ: هل تجلّيت لبيت أبيك وهم في مصر في بيت فرعون،
28 وانتخبته من جميع أسباط إسرائيل لي كاهنا ليصعد على مذبحي ويوقد بخورا ويلبس أفودا أمامي، ودفعت لبيت أبيك جميع وقائد بني إسرائيل؟
29 فلماذا تدوسون ذبيحتي وتقدمتي الّتي أمرت بها في المسكن، وتكرم بنيك عليّ لكي تسمّنوا أنفسكم بأوائل كلّ تقدمات إسرائيل شعبي؟
30 لذلك يقول الرّبّ إله إسرائيل: إنّي قلت إنّ بيتك وبيت أبيك يسيرون أمامي إلى الأبد. والآن يقول الرّبّ: حاشا لي! فإنّي أكرم الّذين يكرمونني، والّذين يحتقرونني يصغرون.
31 هوذا تأتي أيّام أقطع فيها ذراعك وذراع بيت أبيك حتّى لا يكون شيخ في بيتك.
32 وترى ضيق المسكن في كلّ ما يحسن به إلى إسرائيل، ولا يكون شيخ في بيتك كلّ الأيّام.
33 ورجل لك لا أقطعه من أمام مذبحي يكون لإكلال عينيك وتذويب نفسك. وجميع ذرّيّة بيتك يموتون شبّانا.
34 وهذه لك علامة تأتي على ابنيك حفني وفينحاس: في يوم واحد يموتان كلاهما.
35 وأقيم لنفسي كاهنا أمينا يعمل حسب ما بقلبي ونفسي، وأبني له بيتا أمينا فيسير أمام مسيحي كلّ الأيّام.
36 ويكون أنّ كلّ من يبقى في بيتك يأتي ليسجد له لأجل قطعة فضّة ورغيف خبز، ويقول: ضمّني إلى إحدى وظائف الكهنوت لآكل كسرة خبز».
1 وكان الصّبيّ صموئيل يخدم الرّبّ أمام عالي. وكانت كلمة الرّبّ عزيزة في تلك الأيّام. لم تكن رؤيا كثيرا.
2 وكان في ذلك الزّمان إذ كان عالي مضطجعا في مكانه وعيناه ابتدأتا تضعفان لم يقدر أن يبصر.
3 وقبل أن ينطفئ سراج الله، وصموئيل مضطجع في هيكل الرّبّ الّذي فيه تابوت الله،
4 أنّ الرّبّ دعا صموئيل، فقال: «هأنذا».
5 وركض إلى عالي وقال: «هأنذا لأنّك دعوتني». فقال: «لم أدع. ارجع اضطجع». فذهب واضطجع.
6 ثمّ عاد الرّبّ ودعا أيضا صموئيل. فقام صموئيل وذهب إلى عالي وقال: «هأنذا لأنّك دعوتني». فقال: «لم أدع يا ابني. ارجع اضطجع».
7 ولم يعرف صموئيل الرّبّ بعد، ولا أعلن له كلام الرّبّ بعد.
8 وعاد الرّبّ فدعا صموئيل ثالثة. فقام وذهب إلى عالي وقال: «هأنذا لأنّك دعوتني». ففهم عالي أنّ الرّبّ يدعو الصّبيّ.
9 فقال عالي لصموئيل: «اذهب اضطجع، ويكون إذا دعاك تقول: تكلّم يا ربّ لأنّ عبدك سامع». فذهب صموئيل واضطجع في مكانه.
10 فجاء الرّبّ ووقف ودعا كالمرّات الأول: «صموئيل، صموئيل». فقال صموئيل: «تكلّم لأنّ عبدك سامع».
11 فقال الرّبّ لصموئيل: «هوذا أنا فاعل أمرا في إسرائيل كلّ من سمع به تطنّ أذناه.
12 في ذلك اليوم أقيم على عالي كلّ ما تكلّمت به على بيته. أبتدئ وأكمّل.
13 وقد أخبرته بأنّي أقضي على بيته إلى الأبد من أجل الشّرّ الّذي يعلم أنّ بنيه قد أوجبوا به اللّعنة على أنفسهم، ولم يردعهم.
14 ولذلك أقسمت لبيت عالي أنّه لا يكفّر عن شرّ بيت عالي بذبيحة أو بتقدمة إلى الأبد».
15 واضطجع صموئيل إلى الصّباح، وفتح أبواب بيت الرّبّ. وخاف صموئيل أن يخبر عالي بالرّؤيا.
16 فدعا عالي صموئيل وقال: «يا صموئيل ابني» فقال: «هأنذا».
17 فقال: «ما الكلام الّذي كلّمك به؟ لا تخف عنّي. هكذا يعمل لك الله وهكذا يزيد إن أخفيت عنّي كلمة من كلّ الكلام الّذي كلّمك به».
18 فأخبره صموئيل بجميع الكلام ولم يخف عنه. فقال: «هو الرّبّ. ما يحسن في عينيه يعمل».
19 وكبر صموئيل وكان الرّبّ معه، ولم يدع شيئا من جميع كلامه يسقط إلى الأرض.
20 وعرف جميع إسرائيل من دان إلى بئر سبع أنّه قد اؤتمن صموئيل نبيّا للرّبّ.
21 وعاد الرّبّ يتراءى في شيلوه، لأنّ الرّبّ استعلن لصموئيل في شيلوه بكلمة الرّبّ.
1 وكان كلام صموئيل إلى جميع إسرائيل. وخرج إسرائيل للقاء الفلسطينيّين للحرب، ونزلوا عند حجر المعونة، وأمّا الفلسطينيّون فنزلوا في أفيق.
2 واصطفّ الفلسطينيّون للقاء إسرائيل، واشتبكت الحرب فانكسر إسرائيل أمام الفلسطينيّين، وضربوا من الصّفّ في الحقل نحو أربعة آلاف رجل.
3 فجاء الشّعب إلى المحلّة. وقال شيوخ إسرائيل: «لماذا كسّرنا اليوم الرّبّ أمام الفلسطينيّين؟ لنأخذ لأنفسنا من شيلوه تابوت عهد الرّبّ فيدخل في وسطنا ويخلّصنا من يد أعدائنا».
4 فأرسل الشّعب إلى شيلوه وحملوا من هناك تابوت عهد ربّ الجنود الجالس على الكروبيم. وكان هناك ابنا عالي حفني وفينحاس مع تابوت عهد الله.
5 وكان عند دخول تابوت عهد الرّبّ إلى المحلّة أنّ جميع إسرائيل هتفوا هتافا عظيما حتّى ارتجّت الأرض.
6 فسمع الفلسطينيّون صوت الهتاف فقالوا: «ما هو صوت هذا الهتاف العظيم في محلّة العبرانيّين؟» وعلموا أنّ تابوت الرّبّ جاء إلى المحلّة.
7 فخاف الفلسطينيّون لأنّهم قالوا: «قد جاء الله إلى المحلّة». وقالوا: «ويل لنا لأنّه لم يكن مثل هذا منذ أمس ولا ما قبله!
8 ويل لنا! من ينقذنا من يد هؤلاء الآلهة القادرين؟ هؤلاء هم الآلهة الّذين ضربوا مصر بجميع الضّربات في البرّيّة.
9 تشدّدوا وكونوا رجالا أيّها الفلسطينيّون لئلاّ تستعبدوا للعبرانيّين كما استعبدوا هم لكم. فكونوا رجالا وحاربوا».
10 فحارب الفلسطينيّون، وانكسر إسرائيل وهربوا كلّ واحد إلى خيمته. وكانت الضّربة عظيمة جدّا، وسقط من إسرائيل ثلاثون ألف راجل.
11 وأخذ تابوت الله، ومات ابنا عالي حفني وفينحاس.
12 فركض رجل من بنيامين من الصّفّ وجاء إلى شيلوه في ذلك اليوم وثيابه ممزّقة وتراب على رأسه.
13 ولمّا جاء، فإذا عالي جالس على كرسيّ بجانب الطّريق يراقب، لأنّ قلبه كان مضطربا لأجل تابوت الله. ولمّا جاء الرّجل ليخبر في المدينة صرخت المدينة كلّها.
14 فسمع عالي صوت الصّراخ فقال: «ما هو صوت الضّجيج هذا؟» فأسرع الرّجل وأخبر عالي.
15 وكان عالي ابن ثمان وتسعين سنة، وقامت عيناه ولم يقدر أن يبصر.
16 فقال الرّجل لعالي: «أنا جئت من الصّفّ، وأنا هربت اليوم من الصّفّ». فقال: «كيف كان الأمر يا ابني؟»
17 فأجاب المخبّر وقال: «هرب إسرائيل أمام الفلسطينيّين وكانت أيضا كسرة عظيمة في الشّعب، ومات أيضا ابناك حفني وفينحاس، وأخذ تابوت الله».
18 وكان لمّا ذكر تابوت الله، أنّه سقط عن الكرسيّ إلى الوراء إلى جانب الباب، فانكسرت رقبته ومات، لأنّه كان رجلا شيخا وثقيلا. وقد قضى لإسرائيل أربعين سنة.
19 وكنّته امرأة فينحاس كانت حبلى تكاد تلد. فلمّا سمعت خبر أخذ تابوت الله وموت حميها ورجلها، ركعت وولدت، لأنّ مخاضها انقلب عليها.
20 وعند احتضارها قالت لها الواقفات عندها: «لا تخافي لأنّك قد ولدت ابنا». فلم تجب ولم يبال قلبها.
21 فدعت الصّبيّ «إيخابود» قائلة: «قد زال المجد من إسرائيل». لأنّ تابوت الله قد أخذ ولأجل حميها ورجلها.
22 فقالت: «زال المجد من إسرائيل لأنّ تابوت الله قد أخذ».
1 فَأَخَذَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ تَابُوتَ اللهِ وَأتَوْا بِهِ مِنْ حَجَرِ الْمَعُونَةِ إِلَى أَشْدُودَ.
2 وَأَخَذَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ تَابُوتَ اللهِ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى بَيْتِ دَاجُونَ، وَأَقَامُوهُ بِقُرْبِ دَاجُونَ.
3 وَبَكَّرَ الأَشْدُودِيُّونَ فِي الْغَدِ وَإِذَا بِدَاجُونَ سَاقِطٌ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ أَمَامَ تَابُوتِ الرَّبِّ، فَأَخَذُوا دَاجُونَ وَأَقَامُوهُ فِي مَكَانِهِ.
4 وَبَكَّرُوا صَبَاحًا فِي الْغَدِ وَإِذَا بِدَاجُونَ سَاقِطٌ عَلَى وَجْهِهِ عَلَى الأَرْضِ أَمَامَ تَابُوتِ الرَّبِّ، وَرَأْسُ دَاجُونَ وَيَدَاهُ مَقْطُوعَةٌ عَلَى الْعَتَبَةِ. بَقِيَ بَدَنُ السَّمَكَةِ فَقَطْ.
5 لِذلِكَ لاَ يَدُوسُ كَهَنَةُ دَاجُونَ وَجَمِيعُ الدَّاخِلِينَ إِلَى بَيْتِ دَاجُونَ عَلَى عَتَبَةِ دَاجُونَ فِي أَشْدُودَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.
6 فَثَقُلَتْ يَدُ الرَّبِّ عَلَى الأَشْدُودِيِّينَ، وَأَخْرَبَهُمْ وَضَرَبَهُمْ بِالْبَوَاسِيرِ فِي أَشْدُودَ وَتُخُومِهَا.
7 وَلَمَّا رَأَى أَهْلُ أَشْدُودَ الأَمْرَ كَذلِكَ قَالُوا: «لاَ يَمْكُثُ تَابُوتُ إِلهِ إِسْرَائِيلَ عِنْدَنَا لأَنَّ يَدَهُ قَدْ قَسَتْ عَلَيْنَا وَعَلَى دَاجُونَ إِلهِنَا».
8 فَأَرْسَلُوا وَجَمَعُوا جَمِيعَ أَقْطَابِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ إِلَيْهِمْ وَقَالُوا: «مَاذَا نَصْنَعُ بِتَابُوتِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ؟» فَقَالُوا: «لِيُنْقَلْ تَابُوتُ إِلهِ إِسْرَائِيلَ إِلَى جَتَّ». فَنَقَلُوا تَابُوتَ إِلهِ إِسْرَائِيلَ.
9 وَكَانَ بَعْدَمَا نَقَلُوهُ أَنَّ يَدَ الرَّبِّ كَانَتْ عَلَى الْمَدِينَةِ بِاضْطِرَابٍ عَظِيمٍ جِدًّا، وَضَرَبَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ، وَنَفَرَتْ لَهُمُ الْبَوَاسِيرُ.
10 فَأَرْسَلُوا تَابُوتَ اللهِ إِلَى عَقْرُونَ. وَكَانَ لَمَّا دَخَلَ تَابُوتُ اللهِ إِلَى عَقْرُونَ أَنَّهُ صَرَخَ الْعَقْرُونِيُّونَ قَائِلِينَ: «قَدْ نَقَلُوا إِلَيْنَا تَابُوتَ إِلهِ إِسْرَائِيلَ لِكَيْ يُمِيتُونَا نَحْنُ وَشَعْبَنَا».
11 وَأَرْسَلُوا وَجَمَعُوا كُلَّ أَقْطَابِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَقَالُوا: «أَرْسِلُوا تَابُوتَ إِلهِ إِسْرَائِيلَ فَيَرْجعَ إِلَى مَكَانِهِ وَلاَ يُمِيتَنَا نَحْنُ وَشَعْبَنَا». لأَنَّ اضْطِرَابَ الْمَوْتِ كَانَ فِي كُلِّ الْمَدِينَةِ. يَدُ اللهِ كَانَتْ ثَقِيلَةً جِدًّا هُنَاكَ.
12 وَالنَّاسُ الَّذِينَ لَمْ يَمُوتُوا ضُرِبُوا بِالْبَوَاسِيرِ، فَصَعِدَ صُرَاخُ الْمَدِينَةِ إِلَى السَّمَاءِ.
1 وكان تابوت الله في بلاد الفلسطينيّين سبعة أشهر.
2 فدعا الفلسطينيّون الكهنة والعرّافين قائلين: «ماذا نعمل بتابوت الرّبّ؟ أخبرونا بماذا نرسله إلى مكانه».
3 فقالوا: «إذا أرسلتم تابوت إله إسرائيل، فلا ترسلوه فارغا، بل ردّوا له قربان إثم. حينئذ تشفون ويعلم عندكم لماذا لا ترتفع يده عنكم».
4 فقالوا: «وما هو قربان الإثم الّذي نردّه له؟» فقالوا: «حسب عدد أقطاب الفلسطينيّين: خمسة بواسير من ذهب، وخمسة فيران من ذهب. لأنّ الضّربة واحدة عليكم جميعا وعلى أقطابكم.
5 واصنعوا تماثيل بواسيركم وتماثيل فيرانكم الّتي تفسد الأرض، وأعطوا إله إسرائيل مجدا لعلّه يخفّف يده عنكم وعن آلهتكم وعن أرضكم.
6 ولماذا تغلظون قلوبكم كما أغلظ المصريّون وفرعون قلوبهم؟ أليس على ما فعل بهم أطلقوهم فذهبوا؟
7 فالآن خذوا واعملوا عجلة واحدة جديدة وبقرتين مرضعتين لم يعلهما نير، واربطوا البقرتين إلى العجلة، وأرجعوا ولديهما عنهما إلى البيت.
8 وخذوا تابوت الرّبّ واجعلوه على العجلة، وضعوا أمتعة الذّهب الّتي تردّونها له قربان إثم في صندوق بجانبه وأطلقوه فيذهب.
9 وانظروا، فإن صعد في طريق تخمه إلى بيتشمس فإنّه هو الّذي فعل بنا هذا الشّرّ العظيم. وإلاّ فنعلم أن يده لم تضربنا. كان ذلك علينا عرضا».
10 ففعل الرّجال كذلك، وأخذوا بقرتين مرضعتين وربطوهما إلى العجلة، وحبسوا ولديهما في البيت،
11 ووضعوا تابوت الرّبّ على العجلة مع الصّندوق وفيران الذّهب وتماثيل بواسيرهم.
12 فاستقامت البقرتان في الطّريق إلى طريق بيتشمس، وكانتا تسيران في سكّة واحدة وتجأران، ولم تميلا يمينا ولا شمالا، وأقطاب الفلسطينيّين يسيرون وراءهما إلى تخم بيتشمس.
13 وكان أهل بيتشمس يحصدون حصاد الحنطة في الوادي، فرفعوا أعينهم ورأوا التّابوت وفرحوا برؤيته.
14 فأتت العجلة إلى حقل يهوشع البيتشمسيّ ووقفت هناك. وهناك حجر كبير. فشقّقوا خشب العجلة وأصعدوا البقرتين محرقة للرّبّ.
15 فأنزل اللاّويّون تابوت الرّبّ والصّندوق الّذي معه الّذي فيه أمتعة الذّهب ووضعوهما على الحجر الكبير. وأصعد أهل بيتشمس محرقات وذبحوا ذبائح في ذلك اليوم للرّبّ.
16 فرأى أقطاب الفلسطينيّين الخمسة ورجعوا إلى عقرون في ذلك اليوم.
17 وهذه هي بواسير الذّهب الّتي ردّها الفلسطينيّون قربان إثم للرّبّ: واحد لأشدود، وواحد لغزّة، وواحد لأشقلون، وواحد لجتّ، وواحد لعقرون.
18 وفيران الذّهب بعدد جميع مدن الفلسطينيّين للخمسة الأقطاب من المدينة المحصّنة إلى قرية الصّحراء. وشاهد هو الحجر الكبير الّذي وضعوا عليه تابوت الرّبّ. هو إلى هذا اليوم في حقل يهوشع البيتشمسيّ.
19 وضرب أهل بيتشمس لأنّهم نظروا إلى تابوت الرّبّ. وضرب من الشّعب خمسين ألف رجل وسبعين رجلا. فناح الشّعب لأنّ الرّبّ ضرب الشّعب ضربة عظيمة.
20 وقال أهل بيتشمس: «من يقدر أن يقف أمام الرّبّ الإله القدّوس هذا؟ وإلى من يصعد عنّا؟»
21 وأرسلوا رسلا إلى سكّان قرية يعاريم قائلين: «قد ردّ الفلسطينيّون تابوت الرّبّ، فانزلوا وأصعدوه إليكم».
1 فجاء أهل قرية يعاريم وأصعدوا تابوت الرّبّ وأدخلوه إلى بيت أبيناداب في الأكمة، وقدّسوا ألعازار ابنه لأجل حراسة تابوت الرّبّ.
2 وكان من يوم جلوس التّابوت في قرية يعاريم أنّ المدّة طالت وكانت عشرين سنة. وناح كلّ بيت إسرائيل وراء الرّبّ.
3 وكلّم صموئيل كلّ بيت إسرائيل قائلا: «إن كنتم بكلّ قلوبكم راجعين إلى الرّبّ، فانزعوا الآلهة الغريبة والعشتاروث من وسطكم، وأعدّوا قلوبكم للرّبّ واعبدوه وحده، فينقذكم من يد الفلسطينيّين».
4 فنزع بنو إسرائيل البعليم والعشتاروث وعبدوا الرّبّ وحده.
5 فقال صموئيل: «اجمعوا كلّ إسرائيل إلى المصفاة فأصلّي لأجلكم إلى الرّبّ»
6 فاجتمعوا إلى المصفاة واستقوا ماء وسكبوه أمام الرّبّ، وصاموا في ذلك اليوم وقالوا هناك: «قد أخطأنا إلى الرّبّ». وقضى صموئيل لبني إسرائيل في المصفاة.
7 وسمع الفلسطينيّون أنّ بني إسرائيل قد اجتمعوا في المصفاة، فصعد أقطاب الفلسطينيّين إلى إسرائيل. فلمّا سمع بنو إسرائيل خافوا من الفلسطينيّين.
8 وقال بنو إسرائيل لصموئيل: «لا تكفّ عن الصّراخ من أجلنا إلى الرّبّ إلهنا فيخلّصنا من يد الفلسطينيّين».
9 فأخذ صموئيل حملا رضيعا وأصعده محرقة بتمامه للرّبّ، وصرخ صموئيل إلى الرّبّ من أجل إسرائيل، فاستجاب له الرّبّ.
10 وبينما كان صموئيل يصعد المحرقة، تقدّم الفلسطينيّون لمحاربة إسرائيل، فأرعد الرّبّ بصوت عظيم في ذلك اليوم على الفلسطينيّين وأزعجهم، فانكسروا أمام إسرائيل.
11 وخرج رجال إسرائيل من المصفاة وتبعوا الفلسطينيّين وضربوهم إلى ما تحت بيت كار.
12 فأخذ صموئيل حجرا ونصبه بين المصفاة والسّنّ، ودعا اسمه «حجر المعونة» وقال: «إلى هنا أعاننا الرّبّ».
13 فذلّ الفلسطينيّون ولم يعودوا بعد للدّخول في تخم إسرائيل. وكانت يد الرّبّ على الفلسطينيّين كلّ أيّام صموئيل.
14 والمدن الّتي أخذها الفلسطينيّون من إسرائيل رجعت إلى إسرائيل من عقرون إلى جتّ. واستخلص إسرائيل تخومها من يد الفلسطينيّين. وكان صلح بين إسرائيل والأموريّين.
15 وقضى صموئيل لإسرائيل كلّ أيّام حياته.
16 وكان يذهب من سنة إلى سنة ويدور في بيت إيل والجلجال والمصفاة، ويقضي لإسرائيل في جميع هذه المواضع.
17 وكان رجوعه إلى الرّامة لأنّ بيته هناك. وهناك قضى لإسرائيل، وبنى هناك مذبحا للرّبّ.
1 وكان لمّا شاخ صموئيل أنّه جعل بنيه قضاة لإسرائيل.
2 وكان اسم ابنه البكر يوئيل، واسم ثانيه أبيّا. كانا قاضيين في بئر سبع.
3 ولم يسلك ابناه في طريقه، بل مالا وراء المكسب، وأخذا رشوة وعوّجا القضاء.
4 فاجتمع كلّ شيوخ إسرائيل وجاءوا إلى صموئيل إلى الرّامة
5 وقالوا له: «هوذا أنت قد شخت، وابناك لم يسيرا في طريقك. فالآن اجعل لنا ملكا يقضي لنا كسائر الشّعوب».
6 فساء الأمر في عيني صموئيل إذ قالوا: «أعطنا ملكا يقضي لنا». وصلّى صموئيل إلى الرّبّ.
7 فقال الرّبّ لصموئيل: «اسمع لصوت الشّعب في كلّ ما يقولون لك، لأنّهم لم يرفضوك أنت بل إيّاي رفضوا حتّى لا أملك عليهم.
8 حسب كلّ أعمالهم الّتي عملوا من يوم أصعدتهم من مصر إلى هذا اليوم وتركوني وعبدوا آلهة أخرى، هكذا هم عاملون بك أيضا.
9 فالآن اسمع لصوتهم. ولكن أشهدنّ عليهم وأخبرهم بقضاء الملك الّذي يملك عليهم».
10 فكلّم صموئيل الشّعب الّذين طلبوا منه ملكا بجميع كلام الرّبّ،
11 وقال: «هذا يكون قضاء الملك الّذي يملك عليكم: يأخذ بنيكم ويجعلهم لنفسه، لمراكبه وفرسانه، فيركضون أمام مراكبه.
12 ويجعل لنفسه رؤساء ألوف ورؤساء خماسين، فيحرثون حراثته ويحصدون حصاده، ويعملون عدّة حربه وأدوات مراكبه.
13 ويأخذ بناتكم عطّارات وطبّاخات وخبّازات.
14 ويأخذ حقولكم وكرومكم وزيتونكم، أجودها ويعطيها لعبيده.
15 ويعشّر زروعكم وكرومكم، ويعطي لخصيانه وعبيده.
16 ويأخذ عبيدكم وجواريكم وشبّانكم الحسان وحميركم ويستعملهم لشغله.
17 ويعشّر غنمكم وأنتم تكونون له عبيدا.
18 فتصرخون في ذلك اليوم من وجه ملككم الّذي اخترتموه لأنفسكم، فلا يستجيب لكم الرّبّ في ذلك اليوم».
19 فأبى الشّعب أن يسمعوا لصوت صموئيل، وقالوا: «لا بل يكون علينا ملك،
20 فنكون نحن أيضا مثل سائر الشّعوب، ويقضي لنا ملكنا ويخرج أمامنا ويحارب حروبنا».
21 فسمع صموئيل كلّ كلام الشّعب وتكلّم به في أذني الرّبّ.
22 فقال الرّبّ لصموئيل: «اسمع لصوتهم وملّك عليهم ملكا». فقال صموئيل لرجال إسرائيل: «اذهبوا كلّ واحد إلى مدينته».
1 وكان رجل من بنيامين اسمه قيس بن أبيئيل بن صرور بن بكورة بن أفيح، ابن رجل بنيامينيّ جبّار بأس.
2 وكان له ابن اسمه شاول، شابّ وحسن، ولم يكن رجل في بني إسرائيل أحسن منه. من كتفه فما فوق كان أطول من كلّ الشّعب.
3 فضلّت أتن قيس أبي شاول. فقال قيس لشاول ابنه: «خذ معك واحدا من الغلمان وقم اذهب فتّش على الأتن».
4 فعبر في جبل أفرايم، ثمّ عبر في أرض شليشة فلم يجدها. ثمّ عبرا في أرض شعليم فلم توجد. ثمّ عبرا في أرض بنيامين فلم يجداها.
5 ولمّا دخلا أرض صوف قال شاول لغلامه الّذي معه: «تعال نرجع لئلاّ يترك أبي الأتن ويهتمّ بنا».
6 فقال له: «هوذا رجل الله في هذه المدينة، والرّجل مكرّم، كلّ ما يقوله يصير. لنذهب الآن إلى هناك لعلّه يخبرنا عن طريقنا الّتي نسلك فيها».
7 فقال شاول للغلام: «هوذا نذهب، فماذا نقدّم للرّجل؟ لأنّ الخبز قد نفد من أوعيتنا وليس من هديّة نقدّمها لرجل الله. ماذا معنا؟»
8 فعاد الغلام وأجاب شاول وقال: «هوذا يوجد بيدي ربع شاقل فضّة فأعطيه لرجل الله فيخبرنا عن طريقنا».
9 سابقا في إسرائيل هكذا كان يقول الرّجل عند ذهابه ليسأل الله: «هلمّ نذهب إلى الرّائي». لأنّ النّبيّ اليوم كان يدعى سابقا الرّائي.
10 فقال شاول لغلامه: «كلامك حسن. هلمّ نذهب». فذهبا إلى المدينة الّتي فيها رجل الله.
11 وفيما هما صاعدان في مطلع المدينة صادفا فتيات خارجات لاستقاء الماء. فقالا لهنّ: «أهنا الرّائي؟»
12 فأجبنهما وقلن: «نعم. هوذا هو أمامكما. أسرعا الآن، لأنّه جاء اليوم إلى المدينة لأنّه اليوم ذبيحة للشّعب على المرتفعة.
13 عند دخولكما المدينة للوقت تجدانه قبل صعوده إلى المرتفعة ليأكل، لأنّ الشّعب لا يأكل حتّى يأتي لأنّه يبارك الذّبيحة. بعد ذلك يأكل المدعوّون. فالآن اصعدا لأنّكما في مثل اليوم تجدانه».
14 فصعدا إلى المدينة. وفيما هما آتيان في وسط المدينة إذا بصموئيل خارج للقائهما ليصعد إلى المرتفعة.
15 والرّبّ كشف أذن صموئيل قبل مجيء شاول بيوم قائلا:
16 «غدا في مثل الآن أرسل إليك رجلا من أرض بنيامين، فامسحه رئيسا لشعبي إسرائيل، فيخلّص شعبي من يد الفلسطينيّين، لأنّي نظرت إلى شعبي لأنّ صراخهم قد جاء إليّ».
17 فلمّا رأى صموئيل شاول أجابه الرّبّ: «هوذا الرّجل الّذي كلّمتك عنه. هذا يضبط شعبي».
18 فتقدّم شاول إلى صموئيل في وسط الباب وقال: «أطلب إليك: أخبرني أين بيت الرّائي؟»
19 فأجاب صموئيل شاول وقال: «أنا الرّائي. اصعدا أمامي إلى المرتفعة فتأكلا معي اليوم، ثمّ أطلقك صباحا وأخبرك بكلّ ما في قلبك.
20 وأمّا الأتن الضّالّة لك منذ ثلاثة أيّام فلا تضع قلبك عليها لأنّها قد وجدت. ولمن كلّ شهيّ إسرائيل؟ أليس لك ولكلّ بيت أبيك؟»
21 فأجاب شاول وقال: «أما أنا بنيامينيّ من أصغر أسباط إسرائيل، وعشيرتي أصغر كلّ عشائر أسباط بنيامين؟ فلماذا تكلّمني بمثل هذا الكلام؟».
22 فأخذ صموئيل شاول وغلامه وأدخلهما إلى المنسك وأعطاهما مكانا في رأس المدعوّين، وهم نحو ثلاثين رجلا.
23 وقال صموئيل للطّبّاخ: «هات النّصيب الّذي أعطيتك إيّاه، الّذي قلت لك عنه ضعه عندك».
24 فرفع الطّبّاخ السّاق مع ما عليها وجعلها أمام شاول. فقال: «هوذا ما أبقي. ضعه أمامك وكل. لأنّه إلى هذا الميعاد محفوظ لك من حين قلت دعوت الشّعب». فأكل شاول مع صموئيل في ذلك اليوم.
25 ولمّا نزلوا من المرتفعة إلى المدينة تكلّم مع شاول على السّطح.
26 وبكّروا. وكان عند طلوع الفجر أنّ صموئيل دعا شاول عن السّطح قائلا: «قم فأصرفك». فقام شاول وخرجا كلاهما، هو وصموئيل إلى خارج.
27 وفيما هما نازلان بطرف المدينة قال صموئيل لشاول: «قل للغلام أن يعبر قدّامنا». فعبر. «وأمّا أنت فقف الآن فأسمعك كلام الله».
1 فأخذ صموئيل قنّينة الدّهن وصبّ على رأسه وقبّله وقال: «أليس لأنّ الرّبّ قد مسحك على ميراثه رئيسا؟
2 في ذهابك اليوم من عندي تصادف رجلين عند قبر راحيل، في تخم بنيامين في صلصح، فيقولان لك: قد وجدت الأتن، الّتي ذهبت تفتّش عليها، وهوذا أبوك قد ترك أمر الأتن واهتمّ بكما قائلا: ماذا أصنع لابني؟
3 وتعدو من هناك ذاهبا حتّى تأتي إلى بلّوطة تابور، فيصادفك هناك ثلاثة رجال صاعدون إلى الله إلى بيت إيل، واحد حامل ثلاثة جداء، وواحد حامل ثلاثة أرغفة خبز، وواحد حامل زقّ خمر.
4 فيسلّمون عليك ويعطونك رغيفي خبز، فتأخذ من يدهم.
5 بعد ذلك تأتي إلى جبعة الله حيث أنصاب الفلسطينيّين. ويكون عند مجيئك إلى هناك إلى المدينة أنّك تصادف زمرة من الأنبياء نازلين من المرتفعة وأمامهم رباب ودفّ وناي وعود وهم يتنبّأون.
6 فيحلّ عليك روح الرّبّ فتتنبّأ معهم وتتحوّل إلى رجل آخر.
7 وإذا أتت هذه الآيات عليك، فافعل ما وجدته يدك، لأنّ الله معك.
8 وتنزل قدّامي إلى الجلجال، وهوذا أنا أنزل إليك لأصعد محرقات وأذبح ذبائح سلامة. سبعة أيّام تلبث حتّى آتي إليك وأعلّمك ماذا تفعل».
9 وكان عندما أدار كتفه لكي يذهب من عند صموئيل أنّ الله أعطاه قلبا آخر، وأتت جميع هذه الآيات في ذلك اليوم.
10 ولمّا جاءوا إلى هناك إلى جبعة، إذا بزمرة من الأنبياء لقيته، فحلّ عليه روح الله فتنبّأ في وسطهم.
11 ولمّا رآه جميع الّذين عرفوه منذ أمس وما قبله أنّه يتنبّأ مع الأنبياء، قال الشّعب، الواحد لصاحبه: «ماذا صار لابن قيس؟ أشاول أيضا بين الأنبياء؟»
12 فأجاب رجل من هناك وقال: «ومن هو أبوهم؟». ولذلك ذهب مثلا: «أشاول أيضا بين الأنبياء؟».
13 ولمّا انتهى من التّنبّي جاء إلى المرتفعة.
14 فقال عمّ شاول له ولغلامه: «إلى أين ذهبتما؟» فقال: «لكي نفتّش على الأتن. ولمّا رأينا أنّها لم توجد جئنا إلى صموئيل».
15 فقال عمّ شاول: «أخبرني ماذا قال لكما صموئيل؟».
16 فقال شاول لعمّه: «أخبرنا بأنّ الأتن قد وجدت». ولكنّه لم يخبره بأمر المملكة الّذي تكلّم به صموئيل.
17 واستدعى صموئيل الشّعب إلى الرّبّ إلى المصفاة،
18 وقال لبني إسرائيل: «هكذا يقول الرّبّ إله إسرائيل: إنّي أصعدت إسرائيل من مصر وأنقذتكم من يد المصريّين ومن يد جميع الممالك الّتي ضايقتكم.
19 وأنتم قد رفضتم اليوم إلهكم الّذي هو مخلّصكم من جميع الّذين يسيئون إليكم ويضايقونكم، وقلتم له: بل تجعل علينا ملكا. فالآن امثلوا أمام الرّبّ حسب أسباطكم وألوفكم».
20 فقدّم صموئيل جميع أسباط إسرائيل، فأخذ سبط بنيامين.
21 ثمّ قدّم سبط بنيامين حسب عشائره، فأخذت عشيرة مطري، وأخذ شاول بن قيس. ففتّشوا عليه فلم يوجد.
22 فسألوا أيضا من الرّبّ: «هل يأتي الرّجل أيضا إلى هنا؟» فقال الرّبّ: «هوذا قد اختبأ بين الأمتعة».
23 فركضوا وأخذوه من هناك، فوقف بين الشّعب، فكان أطول من كلّ الشّعب من كتفه فما فوق.
24 فقال صموئيل لجميع الشّعب: «أرأيتم الّذي اختاره الرّبّ، أنّه ليس مثله في جميع الشّعب؟» فهتف كلّ الشّعب وقالوا: «ليحي الملك!».
25 فكلّم صموئيل الشّعب بقضاء المملكة، وكتبه في السّفر ووضعه أمام الرّبّ. ثمّ أطلق صموئيل جميع الشّعب كلّ واحد إلى بيته.
26 وشاول أيضا ذهب إلى بيته إلى جبعة، وذهب معه الجماعة الّتي مسّ الله قلبها.
27 وأمّا بنو بليّعال فقالوا: «كيف يخلّصنا هذا؟». فاحتقروه ولم يقدّموا له هديّة. فكان كأصمّ.
1 وصعد ناحاش العمّونيّ ونزل على يابيش جلعاد. فقال جميع أهل يابيش لناحاش: «اقطع لنا عهدا فنستعبد لك».
2 فقال لهم ناحاش العمّونيّ: «بهذا أقطع لكم. بتقوير كلّ عين يمنى لكم وجعل ذلك عارا على جميع إسرائيل».
3 فقال له شيوخ يابيش: «اتركنا سبعة أيّام فنرسل رسلا إلى جميع تخوم إسرائيل. فإن لم يوجد من يخلّصنا نخرج إليك».
4 فجاء الرّسل إلى جبعة شاول وتكلّموا بهذا الكلام في آذان الشّعب، فرفع كلّ الشّعب أصواتهم وبكوا.
5 وإذا بشاول آت وراء البقر من الحقل، فقال شاول: «ما بال الشّعب يبكون؟» فقصّوا عليه كلام أهل يابيش.
6 فحلّ روح الله على شاول عندما سمع هذا الكلام وحمي غضبه جدّا.
7 فأخذ فدّان بقر وقطّعه، وأرسل إلى كلّ تخوم إسرائيل بيد الرّسل قائلا: «من لا يخرج وراء شاول ووراء صموئيل، فهكذا يفعل ببقره». فوقع رعب الرّبّ على الشّعب، فخرجوا كرجل واحد.
8 وعدّهم في بازق، فكان بنو إسرائيل ثلاث مئة ألف، ورجال يهوذا ثلاثين ألفا.
9 وقالوا للرّسل الّذين جاءوا: «هكذا تقولون لأهل يابيش جلعاد: غدا عندما تحمى الشّمس يكون لكم خلاص». فأتى الرّسل وأخبروا أهل يابيش ففرحوا.
10 وقال أهل يابيش: «غدا نخرج إليكم فتفعلون بنا حسب كلّ ما يحسن في أعينكم».
11 وكان في الغد أنّ شاول جعل الشّعب ثلاث فرق، ودخلوا في وسط المحلّة عند سحر الصّبح وضربوا العمّونيّين حتّى حمي النّهار. والّذين بقوا تشتّتوا حتّى لم يبق منهم اثنان معا.
12 وقال الشّعب لصموئيل: «من هم الّذين يقولون: هل شاول يملك علينا؟ ايتوا بالرّجال فنقتلهم».
13 فقال شاول: «لا يقتل أحد في هذا اليوم، لأنّه في هذا اليوم صنع الرّبّ خلاصا في إسرائيل».
14 وقال صموئيل للشّعب: «هلمّوا نذهب إلى الجلجال ونجدّد هناك المملكة».
15 فذهب كلّ الشّعب إلى الجلجال وملّكوا هناك شاول أمام الرّبّ في الجلجال، وذبحوا هناك ذبائح سلامة أمام الرّبّ. وفرح هناك شاول وجميع رجال إسرائيل جدّا.
1 وقال صموئيل لكلّ إسرائيل: «هأنذا قد سمعت لصوتكم في كلّ ما قلتم لي وملّكت عليكم ملكا.
2 والآن هوذا الملك يمشي أمامكم. وأمّا أنا فقد شخت وشبت، وهوذا أبنائي معكم. وأنا قد سرت أمامكم منذ صباي إلى هذا اليوم.
3 هأنذا فاشهدوا عليّ قدّام الرّبّ وقدّام مسيحه: ثور من أخذت؟ وحمار من أخذت؟ ومن ظلمت؟ ومن سحقت؟ ومن يد من أخذت فدية لأغضي عينيّ عنه، فأردّ لكم؟»
4 فقالوا: «لم تظلمنا ولا سحقتنا ولا أخذت من يد أحد شيئا».
5 فقال لهم: «شاهد الرّبّ عليكم وشاهد مسيحه اليوم هذا، أنّكم لم تجدوا بيدي شيئا». فقالوا: «شاهد».
6 وقال صموئيل للشّعب: «الرّبّ الّذي أقام موسى وهارون، وأصعد آباءكم من أرض مصر.
7 فالآن امثلوا فأحاكمكم أمام الرّبّ بجميع حقوق الرّبّ الّتي صنعها معكم ومع آبائكم.
8 لمّا جاء يعقوب إلى مصر وصرخ آباؤكم إلى الرّبّ، أرسل الرّبّ موسى وهارون فأخرجا آباءكم من مصر وأسكناهم في هذا المكان.
9 فلمّا نسوا الرّبّ إلههم، باعهم ليد سيسرا رئيس جيش حاصور، وليد الفلسطينيّين، وليد ملك موآب فحاربوهم.
10 فصرخوا إلى الرّبّ وقالوا: أخطأنا لأنّنا تركنا الرّبّ وعبدنا البعليم والعشتاروث. فالآن أنقذنا من يد أعدائنا فنعبدك.
11 فأرسل الرّبّ يربّعل وبدان ويفتاح وصموئيل، وأنقذكم من يد أعدائكم الّذين حولكم فسكنتم آمنين.
12 ولمّا رأيتم ناحاش ملك بني عمّون آتيا عليكم، قلتم لي: لا بل يملك علينا ملك. والرّبّ إلهكم ملككم.
13 فالآن هوذا الملك الّذي اخترتموه، الّذي طلبتموه، وهوذا قد جعل الرّبّ عليكم ملكا.
14 إن اتّقيتم الرّبّ وعبدتموه وسمعتم صوته ولم تعصوا قول الرّبّ، وكنتم أنتم والملك أيضا الّذي يملك عليكم وراء الرّبّ إلهكم.
15 وإن لم تسمعوا صوت الرّبّ بل عصيتم قول الرّبّ، تكن يد الرّبّ عليكم كما على آبائكم.
16 فالآن امثلوا أيضا وانظروا هذا الأمر العظيم الّذي يفعله الرّبّ أمام أعينكم.
17 أما هو حصاد الحنطة اليوم؟ فإنّي أدعو الرّبّ فيعطي رعودا ومطرا فتعلمون وترون أنّه عظيم شرّكم الّذي عملتموه في عيني الرّبّ بطلبكم لأنفسكم ملكا».
18 فدعا صموئيل الرّبّ فأعطى رعودا ومطرا في ذلك اليوم. وخاف جميع الشّعب الرّبّ وصموئيل جدّا.
19 وقال جميع الشّعب لصموئيل: «صلّ عن عبيدك إلى الرّبّ إلهك حتّى لا نموت، لأنّنا قد أضفنا إلى جميع خطايانا شرّا بطلبنا لأنفسنا ملكا».
20 فقال صموئيل للشّعب: «لا تخافوا. إنّكم قد فعلتم كلّ هذا الشّرّ، ولكن لا تحيدوا عن الرّبّ، بل اعبدوا الرّبّ بكلّ قلوبكم،
21 ولا تحيدوا. لأنّ ذلك وراء الأباطيل الّتي لا تفيد ولا تنقذ، لأنّها باطلة.
22 لأنّه لا يترك الرّبّ شعبه من أجل اسمه العظيم. لأنّه قد شاء الرّبّ أن يجعلكم له شعبا.
23 وأمّا أنا فحاشا لي أن أخطئ إلى الرّبّ فأكفّ عن الصّلاة من أجلكم، بل أعلّمكم الطّريق الصّالح المستقيم.
24 إنّما اتّقوا الرّبّ واعبدوه بالأمانة من كلّ قلوبكم، بل انظروا فعله الّذي عظّمه معكم.
25 وإن فعلتم شرّا فإنّكم تهلكون أنتم وملككم جميعا».
1 كان شاول ابن سنة في ملكه، وملك سنتين على إسرائيل.
2 واختار شاول لنفسه ثلاثة آلاف من إسرائيل، فكان ألفان مع شاول في مخماس وفي جبل بيت إيل، وألف كان مع يوناثان في جبعة بنيامين. وأمّا بقيّة الشّعب فأرسلهم كلّ واحد إلى خيمته.
3 وضرب يوناثان نصب الفلسطينيّين الّذي في جبع، فسمع الفلسطينيّون. وضرب شاول بالبوق في جميع الأرض قائلا: «ليسمع العبرانيّون».
4 فسمع جميع إسرائيل قولا: «قد ضرب شاول نصب الفلسطينيّين، وأيضا قد أنتن إسرائيل لدى الفلسطينيّين». فاجتمع الشّعب وراء شاول إلى الجلجال.
5 وتجمّع الفلسطينيّون لمحاربة إسرائيل، ثلاثون ألف مركبة، وستّة آلاف فارس، وشعب كالرّمل الّذي على شاطئ البحر في الكثرة. وصعدوا ونزلوا في مخماس شرقيّ بيت آون.
6 ولمّا رأى رجال إسرائيل أنّهم في ضنك، لأنّ الشّعب تضايق، اختبأ الشّعب في المغاير والغياض والصّخور والصّروح والآبار.
7 وبعض العبرانيّين عبروا الأردنّ إلى أرض جاد وجلعاد. وكان شاول بعد في الجلجال وكلّ الشّعب ارتعد وراءه.
8 فمكث سبعة أيّام حسب ميعاد صموئيل، ولم يأت صموئيل إلى الجلجال، والشّعب تفرّق عنه.
9 فقال شاول: «قدّموا إليّ المحرقة وذبائح السّلامة». فأصعد المحرقة.
10 وكان لمّا انتهى من إصعاد المحرقة إذا صموئيل مقبل، فخرج شاول للقائه ليباركه.
11 فقال صموئيل: «ماذا فعلت؟» فقال شاول: «لأنّي رأيت أنّ الشّعب قد تفرّق عنّي، وأنت لم تأت في أيّام الميعاد، والفلسطينيّون متجمّعون في مخماس،
12 فقلت: الآن ينزل الفلسطينيّون إليّ إلى الجلجال ولم أتضرّع إلى وجه الرّبّ، فتجلّدت وأصعدت المحرقة».
13 فقال صموئيل لشاول: «قد انحمقت! لم تحفظ وصيّة الرّبّ إلهك الّتي أمرك بها، لأنّه الآن كان الرّبّ قد ثبّت مملكتك على إسرائيل إلى الأبد.
14 وأمّا الآن فمملكتك لا تقوم. قد انتخب الرّبّ لنفسه رجلا حسب قلبه، وأمره الرّبّ أن يترأّس على شعبه. لأنّك لم تحفظ ما أمرك به الرّبّ».
15 وقام صموئيل وصعد من الجلجال إلى جبعة بنيامين. وعدّ شاول الشّعب الموجود معه نحو ستّ مئة رجل.
16 وكان شاول ويوناثان ابنه والشّعب الموجود معهما مقيمين في جبع بنيامين، والفلسطينيّون نزلوا في مخماس.
17 فخرج المخرّبون من محلّة الفلسطينيّين في ثلاث فرق. الفرقة الواحدة توجّهت في طريق عفرة إلى أرض شوعال،
18 والفرقة الأخرى توجّهت في طريق بيت حورون، والفرقة الأخرى توجّهت في طريق التّخم المشرف على وادي صبوعيم نحو البرّيّة.
19 ولم يوجد صانع في كلّ أرض إسرائيل، لأنّ الفلسطينيّين قالوا: «لئلاّ يعمل العبرانيّون سيفا أو رمحا».
20 بل كان ينزل كلّ إسرائيل إلى الفلسطينيّين لكي يحدّد كلّ واحد سكّته ومنجله وفأسه ومعوله
21 عندما كلّت حدود السّكك والمناجل والمثلّثات الأسنان والفؤوس ولترويس المناسيس.
22 وكان في يوم الحرب أنّه لم يوجد سيف ولا رمح بيد جميع الشّعب الّذي مع شاول ومع يوناثان. على أنّه وجد مع شاول ويوناثان ابنه.
23 وخرج حفظة الفلسطينيّين إلى معبر مخماس.
1 وفي ذات يوم قال يوناثان بن شاول للغلام حامل سلاحه: «تعال نعبر إلى حفظة الفلسطينيّين الّذين في ذلك العبر». ولم يخبر أباه.
2 وكان شاول مقيما في طرف جبعة تحت الرّمّانة الّتي في مغرون، والشّعب الّذي معه نحو ستّ مئة رجل.
3 وأخيّا بن أخيطوب، أخي إيخابود بن فينحاس بن عالي، كاهن الرّبّ في شيلوه كان لابسا أفودا. ولم يعلم الشّعب أنّ يوناثان قد ذهب.
4 وبين المعابر الّتي التمس يوناثان أن يعبرها إلى حفظة الفلسطينيّين سنّ صخرة من هذه الجهة وسنّ صخرة من تلك الجهة، واسم الواحدة «بوصيص» واسم الأخرى «سنه».
5 والسّنّ الواحد عمود إلى الشّمال مقابل مخماس، والآخر إلى الجنوب مقابل جبع.
6 فقال يوناثان للغلام حامل سلاحه: «تعال نعبر إلى صفّ هؤلاء الغلف، لعلّ الله يعمل معنا، لأنّه ليس للرّبّ مانع عن أن يخلّص بالكثير أو بالقليل».
7 فقال له حامل سلاحه: «اعمل كلّ ما بقلبك. تقدّم. هأنذا معك حسب قلبك».
8 فقال يوناثان: «هوذا نحن نعبر إلى القوم ونظهر أنفسنا لهم.
9 فإن قالوا لنا هكذا: دوموا حتّى نصل إليكم. نقف في مكاننا ولا نصعد إليهم.
10 ولكن إن قالوا هكذا: اصعدوا إلينا. نصعد، لأنّ الرّبّ قد دفعهم ليدنا، وهذه هي العلامة لنا».
11 فأظهرا أنفسهما لصفّ الفلسطينيّين. فقال الفلسطينيّون: «هوذا العبرانيّون خارجون من الثّقوب الّتي اختبأوا فيها».
12 فأجاب رجال الصّفّ يوناثان وحامل سلاحه وقالوا: «اصعدا إلينا فنعلّمكما شيئا». فقال يوناثان لحامل سلاحه: «اصعد ورائي لأنّ الرّبّ قد دفعهم ليد إسرائيل».
13 فصعد يوناثان على يديه ورجليه وحامل سلاحه وراءه. فسقطوا أمام يوناثان، وكان حامل سلاحه يقتّل وراءه.
14 وكانت الضّربة الأولى الّتي ضربها يوناثان وحامل سلاحه نحو عشرين رجلا في نحو نصف تلم فدّان أرض.
15 وكان ارتعاد في المحلّة، في الحقل، وفي جميع الشّعب. الصّفّ والمخرّبون ارتعدوا هم أيضا، ورجفت الأرض فكان ارتعاد عظيم.
16 فنظر المراقبون لشاول في جبعة بنيامين، وإذا بالجمهور قد ذاب وذهبوا متبدّدين.
17 فقال شاول للشّعب الّذي معه: «عدّوا الآن وانظروا من ذهب من عندنا». فعدّوا، وهوذا يوناثان وحامل سلاحه ليسا موجودين.
18 فقال شاول لأخيّا: «قدّم تابوت الله». لأنّ تابوت الله كان في ذلك اليوم مع بني إسرائيل.
19 وفيما كان شاول يتكلّم بعد مع الكاهن، تزايد الضّجيج الّذي في محلّة الفلسطينيّين وكثر. فقال شاول للكاهن: «كفّ يدك».
20 وصاح شاول وجميع الشّعب الّذي معه وجاءوا إلى الحرب، وإذا بسيف كلّ واحد على صاحبه. اضطراب عظيم جدّا.
21 والعبرانيّون الّذين كانوا مع الفلسطينيّين منذ أمس وما قبله، الّذين صعدوا معهم إلى المحلّة من حواليهم، صاروا هم أيضا مع إسرائيل الّذين مع شاول ويوناثان.
22 وسمع جميع رجال إسرائيل الّذين اختبأوا في جبل أفرايم أنّ الفلسطينيّين هربوا، فشدّوا هم أيضا وراءهم في الحرب.
23 فخلّص الرّبّ إسرائيل في ذلك اليوم. وعبرت الحرب إلى بيت آون.
24 وضنك رجال إسرائيل في ذلك اليوم، لأنّ شاول حلّف الشّعب قائلا: «ملعون الرّجل الّذي يأكل خبزا إلى المساء حتّى أنتقم من أعدائي». فلم يذق جميع الشّعب خبزا.
25 وجاء كلّ الشّعب إلى الوعر وكان عسل على وجه الحقل.
26 ولمّا دخل الشّعب الوعر إذا بالعسل يقطر ولم يمدّ أحد يده إلى فيه، لأنّ الشّعب خاف من القسم.
27 وأمّا يوناثان فلم يسمع عندما استحلف أبوه الشّعب، فمدّ طرف النّشّابة الّتي بيده وغمسه في قطر العسل وردّ يده إلى فيه فاستنارت عيناه.
28 فأجاب واحد من الشّعب وقال: «قد حلّف أبوك الشّعب حلفا قائلا: ملعون الرّجل الّذي يأكل خبزا اليوم. فأعيا الشّعب».
29 فقال يوناثان: «قد كدّر أبي الأرض. انظروا كيف استنارت عيناي لأنّي ذقت قليلا من هذا العسل.
30 فكم بالحريّ لو أكل اليوم الشّعب من غنيمة أعدائهم الّتي وجدوا؟ أما كانت الآن ضربة أعظم على الفلسطينيّين؟»
31 فضربوا في ذلك اليوم الفلسطينيّين من مخماس إلى أيّلون. وأعيا الشّعب جدّا.
32 وثار الشّعب على الغنيمة، فأخذوا غنما وبقرا وعجولا، وذبحوا على الأرض وأكل الشّعب على الدّم.
33 فأخبروا شاول قائلين: «هوذا الشّعب يخطئ إلى الرّبّ بأكله على الدّم». فقال: «قد غدرتم. دحرجوا إليّ الآن حجرا كبيرا».
34 وقال شاول: «تفرّقوا بين الشّعب وقولوا لهم أن يقدّموا إليّ كلّ واحد ثوره وكلّ واحد شاته، واذبحوا ههنا وكلوا ولا تخطئوا إلى الرّبّ بأكلكم مع الدّم». فقدّم جميع الشّعب كلّ واحد ثوره بيده في تلك اللّيلة وذبحوا هناك.
35 وبنى شاول مذبحا للرّبّ. الّذي شرع ببنيانه مذبحا للرّبّ.
36 وقال شاول: «لننزل وراء الفلسطينيّين ليلا وننهبهم إلى ضوء الصّباح ولا نبق منهم أحدا». فقالوا: «افعل كلّ ما يحسن في عينيك». وقال الكاهن: «لنتقدّم هنا إلى الله».
37 فسأل شاول الله: «أأنحدر وراء الفلسطينيّين؟ أتدفعهم ليد إسرائيل؟» فلم يجبه في ذلك اليوم.
38 فقال شاول: «تقدّموا إلى هنا يا جميع وجوه الشّعب، واعلموا وانظروا بماذا كانت هذه الخطيّة اليوم.
39 لأنّه حيّ هو الرّبّ مخلّص إسرائيل، ولو كانت في يوناثان ابني فإنّه يموت موتا». ولم يكن من يجيبه من كلّ الشّعب.
40 فقال لجميع إسرائيل: «أنتم تكونون في جانب وأنا ويوناثان ابني في جانب». فقال الشّعب لشاول: «اصنع ما يحسن في عينيك».
41 وقال شاول للرّبّ إله إسرائيل: «هب صدقا». فأخذ يوناثان وشاول، أمّا الشّعب فخرجوا.
42 فقال شاول: «ألقوا بيني وبين يوناثان ابني. فأخذ يوناثان».
43 فقال شاول ليوناثان: «أخبرني ماذا فعلت». فأخبره يوناثان وقال: «ذقت ذوقا بطرف النّشّابة الّتي بيدي قليل عسل. فهأنذا أموت».
44 فقال شاول: «هكذا يفعل الله وهكذا يزيد إنّك موتا تموت يا يوناثان».
45 فقال الشّعب لشاول: «أيموت يوناثان الّذي صنع هذا الخلاص العظيم في إسرائيل؟ حاشا! حيّ هو الرّبّ، لا تسقط شعرة من رأسه إلى الأرض لأنّه مع الله عمل هذا اليوم». فافتدى الشّعب يوناثان فلم يمت.
46 فصعد شاول من وراء الفلسطينيّين، وذهب الفلسطينيّون إلى مكانهم.
47 وأخذ شاول الملك على إسرائيل، وحارب جميع أعدائه حواليه: موآب وبني عمّون وأدوم وملوك صوبة والفلسطينيّين. وحيثما توجّه غلب.
48 وفعل ببأس وضرب عماليق، وأنقذ إسرائيل من يد ناهبيه.
49 وكان بنو شاول: يوناثان ويشوي وملكيشوع، واسما ابنتيه: اسم البكر ميرب واسم الصّغيرة ميكال.
50 واسم امرأة شاول أخينوعم بنت أخيمعص، واسم رئيس جيشه أبينير بن نير عمّ شاول.
51 وقيس أبو شاول ونير أبو أبنير ابنا أبيئيل.
52 وكانت حرب شديدة على الفلسطينيّين كلّ أيّام شاول. وإذا رأى شاول رجلا جبّارا أو ذا بأس ضمّه إلى نفسه.
1 وقال صموئيل لشاول: «إيّاي أرسل الرّبّ لمسحك ملكا على شعبه إسرائيل. والآن فاسمع صوت كلام الرّبّ.
2 هكذا يقول ربّ الجنود: إنّي قد افتقدت ما عمل عماليق بإسرائيل حين وقف له في الطّريق عند صعوده من مصر.
3 فالآن اذهب واضرب عماليق، وحرّموا كلّ ما له ولا تعف عنهم بل اقتل رجلا وامرأة، طفلا ورضيعا، بقرا وغنما، جملا وحمارا».
4 فاستحضر شاول الشّعب وعدّه في طلايم، مئتي ألف راجل، وعشرة آلاف رجل من يهوذا.
5 ثمّ جاء شاول إلى مدينة عماليق وكمن في الوادي.
6 وقال شاول للقينيّين: «اذهبوا حيدوا انزلوا من وسط العمالقة لئلاّ أهلككم معهم، وأنتم قد فعلتم معروفا مع جميع بني إسرائيل عند صعودهم من مصر». فحاد القينيّ من وسط عماليق.
7 وضرب شاول عماليق من حويلة حتّى مجيئك إلى شور الّتي مقابل مصر.
8 وأمسك أجاج ملك عماليق حيّا، وحرّم جميع الشّعب بحدّ السّيف.
9 وعفا شاول والشّعب عن أجاج وعن خيار الغنم والبقر والثّنيان والخراف، وعن كلّ الجيّد، ولم يرضوا أن يحرّموها. وكلّ الأملاك المحتقرة والمهزولة حرّموها.
10 وكان كلام الرّبّ إلى صموئيل قائلا:
11 «ندمت على أنّي قد جعلت شاول ملكا، لأنّه رجع من ورائي ولم يقم كلامي». فاغتاظ صموئيل وصرخ إلى الرّبّ اللّيل كلّه.
12 فبكّر صموئيل للقاء شاول صباحا. فأخبر صموئيل وقيل له: «قد جاء شاول إلى الكرمل، وهوذا قد نصب لنفسه نصبا ودار وعبر ونزل إلى الجلجال».
13 ولمّا جاء صموئيل إلى شاول قال له شاول: «مبارك أنت للرّبّ. قد أقمت كلام الرّبّ».
14 فقال صموئيل: «وما هو صوت الغنم هذا في أذنيّ، وصوت البقر الّذي أنا سامع؟»
15 فقال شاول: «من العمالقة، قد أتوا بها، لأنّ الشّعب قد عفا عن خيار الغنم والبقر لأجل الذّبح للرّبّ إلهك. وأمّا الباقي فقد حرّمناه».
16 فقال صموئيل لشاول: «كفّ فأخبرك بما تكلّم به الرّبّ إليّ هذه اللّيلة». فقال له: «تكلّم».
17 فقال صموئيل: «أليس إذ كنت صغيرا في عينيك صرت رأس أسباط إسرائيل ومسحك الرّبّ ملكا على إسرائيل،
18 وأرسلك الرّبّ في طريق وقال: اذهب وحرّم الخطاة عماليق وحاربهم حتّى يفنوا؟
19 فلماذا لم تسمع لصوت الرّبّ، بل ثرت على الغنيمة وعملت الشّرّ في عيني الرّبّ؟».
20 فقال شاول لصموئيل: «إنّي قد سمعت لصوت الرّبّ وذهبت في الطّريق الّتي أرسلني فيها الرّبّ وأتيت بأجاج ملك عماليق وحرّمت عماليق.
21 فأخذ الشّعب من الغنيمة غنما وبقرا، أوائل الحرام لأجل الذّبح للرّبّ إلهك في الجلجال».
22 فقال صموئيل: «هل مسرّة الرّبّ بالمحرقات والذّبائح كما باستماع صوت الرّبّ؟ هوذا الاستماع أفضل من الذّبيحة، والإصغاء أفضل من شحم الكباش.
23 لأنّ التّمرّد كخطيّة العرافة، والعناد كالوثن والتّرافيم. لأنّك رفضت كلام الرّبّ رفضك من الملك».
24 فقال شاول لصموئيل: «أخطأت لأنّي تعدّيت قول الرّبّ وكلامك، لأنّي خفت من الشّعب وسمعت لصوتهم.
25 والآن فاغفر خطيّتي وارجع معي فأسجد للرّبّ».
26 فقال صموئيل لشاول: «لا أرجع معك لأنّك رفضت كلام الرّبّ، فرفضك الرّبّ من أن تكون ملكا على إسرائيل».
27 ودار صموئيل ليمضي، فأمسك بذيل جبّته فانمزق.
28 فقال له صموئيل: «يمزّق الرّبّ مملكة إسرائيل عنك اليوم ويعطيها لصاحبك الّذي هو خير منك.
29 وأيضا نصيح إسرائيل لا يكذب ولا يندم، لأنّه ليس إنسانا ليندم».
30 فقال: «قد أخطأت. والآن فأكرمني أمام شيوخ شعبي وأمام إسرائيل، وارجع معي فأسجد للرّبّ إلهك».
31 فرجع صموئيل وراء شاول، وسجد شاول للرّبّ.
32 وقال صموئيل: «قدّموا إليّ أجاج ملك عماليق». فذهب إليه أجاج فرحا. وقال أجاج: «حقّا قد زالت مرارة الموت».
33 فقال صموئيل: «كما أثكل سيفك النّساء، كذلك تثكل أمّك بين النّساء». فقطع صموئيل أجاج أمام الرّبّ في الجلجال.
34 وذهب صموئيل إلى الرّامة، وأمّا شاول فصعد إلى بيته في جبعة شاول.
35 ولم يعد صموئيل لرؤية شاول إلى يوم موته، لأنّ صموئيل ناح على شاول. والرّبّ ندم لأنّه ملّك شاول على إسرائيل.
1 فقال الرّبّ لصموئيل: «حتّى متى تنوح على شاول، وأنا قد رفضته عن أن يملك على إسرائيل؟ املأ قرنك دهنا وتعال أرسلك إلى يسّى البيتلحميّ، لأنّي قد رأيت لي في بنيه ملكا».
2 فقال صموئيل: «كيف أذهب؟ إن سمع شاول يقتلني». فقال الرّبّ: «خذ بيدك عجلة من البقر وقل: قد جئت لأذبح للرّبّ.
3 وادع يسّى إلى الذّبيحة، وأنا أعلّمك ماذا تصنع. وامسح لي الّذي أقول لك عنه».
4 ففعل صموئيل كما تكلّم الرّبّ وجاء إلى بيت لحم. فارتعد شيوخ المدينة عند استقباله وقالوا: «أسلام مجيئك؟»
5 فقال: «سلام. قد جئت لأذبح للرّبّ. تقدّسوا وتعالوا معي إلى الذّبيحة». وقدّس يسّى وبنيه ودعاهم إلى الذّبيحة.
6 وكان لمّا جاءوا أنّه رأى أليآب، فقال: «إنّ أمام الرّبّ مسيحه».
7 فقال الرّبّ لصموئيل: «لا تنظر إلى منظره وطول قامته لأنّي قد رفضته. لأنّه ليس كما ينظر الإنسان. لأنّ الإنسان ينظر إلى العينين، وأمّا الرّبّ فإنّه ينظر إلى القلب».
8 فدعا يسّى أبيناداب وعبّره أمام صموئيل، فقال: «وهذا أيضا لم يختره الرّبّ».
9 وعبّر يسّى شمّة، فقال: «وهذا أيضا لم يختره الرّبّ».
10 وعبّر يسّى بنيه السّبعة أمام صموئيل، فقال صموئيل ليسّى: «الرّبّ لم يختر هؤلاء».
11 وقال صموئيل ليسّى: «هل كملوا الغلمان؟» فقال: «بقي بعد الصّغير وهوذا يرعى الغنم». فقال صموئيل ليسّى: «أرسل وأت به، لأنّنا لا نجلس حتّى يأتي إلى ههنا».
12 فأرسل وأتى به. وكان أشقر مع حلاوة العينين وحسن المنظر. فقال الرّبّ: «قم امسحه، لأنّ هذا هو».
13 فأخذ صموئيل قرن الدّهن ومسحه في وسط إخوته. وحلّ روح الرّبّ على داود من ذلك اليوم فصاعدا. ثمّ قام صموئيل وذهب إلى الرّامة.
14 وذهب روح الرّبّ من عند شاول، وبغته روح رديء من قبل الرّبّ.
15 فقال عبيد شاول له: «هوذا روح رديء من قبل الله يبغتك.
16 فليأمر سيّدنا عبيده قدّامه أن يفتّشوا على رجل يحسن الضّرب بالعود. ويكون إذا كان عليك الرّوح الرّديء من قبل الله، أنّه يضرب بيده فتطيب».
17 فقال شاول لعبيده: «انظروا لي رجلا يحسن الضّرب وأتوا به إليّ».
18 فأجاب واحد من الغلمان وقال: «هوذا قد رأيت ابنا ليسّى البيتلحميّ يحسن الضّرب، وهو جبّار بأس ورجل حرب، وفصيح ورجل جميل، والرّبّ معه».
19 فأرسل شاول رسلا إلى يسّى يقول: «أرسل إليّ داود ابنك الّذي مع الغنم».
20 فأخذ يسّى حمارا حاملا خبزا وزقّ خمر وجدي معزى، وأرسلها بيد داود ابنه إلى شاول.
21 فجاء داود إلى شاول ووقف أمامه، فأحبّه جدّا وكان له حامل سلاح.
22 فأرسل شاول إلى يسّى يقول: «ليقف داود أمامي لأنّه وجد نعمة في عينيّ».
23 وكان عندما جاء الرّوح من قبل الله على شاول أنّ داود أخذ العود وضرب بيده، فكان يرتاح شاول ويطيب ويذهب عنه الرّوح الرّديء.
1 وجمع الفلسطينيّون جيوشهم للحرب، فاجتمعوا في سوكوه الّتي ليهوذا، ونزلوا بين سوكوه وعزيقة في أفس دمّيم.
2 واجتمع شاول ورجال إسرائيل ونزلوا في وادي البطم، واصطفّوا للحرب للقاء الفلسطينيّين.
3 وكان الفلسطينيّون وقوفا على جبل من هنا، وإسرائيل وقوفا على جبل من هناك، والوادي بينهم.
4 فخرج رجل مبارز من جيوش الفلسطينيّين اسمه جليات، من جتّ، طوله ستّ أذرع وشبر،
5 وعلى رأسه خوذة من نحاس، وكان لابسا درعا حرشفيّا، ووزن الدّرع خمسة آلاف شاقل نحاس،
6 وجرموقا نحاس على رجليه، ومزراق نحاس بين كتفيه،
7 وقناة رمحه كنول النّسّاجين، وسنان رمحه ستّ مئة شاقل حديد، وحامل التّرس كان يمشي قدّامه.
8 فوقف ونادى صفوف إسرائيل وقال لهم: «لماذا تخرجون لتصطفّوا للحرب؟ أما أنا الفلسطينيّ، وأنتم عبيد لشاول؟ اختاروا لأنفسكم رجلا ولينزل إليّ.
9 فإن قدر أن يحاربني ويقتلني نصير لكم عبيدا، وإن قدرت أنا عليه وقتلته تصيرون أنتم لنا عبيدا وتخدموننا».
10 وقال الفلسطينيّ: «أنا عيّرت صفوف إسرائيل هذا اليوم. أعطوني رجلا فنتحارب معا».
11 ولمّا سمع شاول وجميع إسرائيل كلام الفلسطينيّ هذا ارتاعوا وخافوا جدّا.
12 وداود هو ابن ذلك الرّجل الأفراتيّ من بيت لحم يهوذا الّذي اسمه يسّى وله ثمانية بنين. وكان الرّجل في أيّام شاول قد شاخ وكبر بين النّاس.
13 وذهب بنو يسّى الثّلاثة الكبار وتبعوا شاول إلى الحرب. وأسماء بنيه الثّلاثة الّذين ذهبوا إلى الحرب: أليآب البكر، وأبيناداب ثانيه، وشمّة ثالثهما.
14 وداود هو الصّغير. والثّلاثة الكبار ذهبوا وراء شاول.
15 وأمّا داود فكان يذهب ويرجع من عند شاول ليرعى غنم أبيه في بيت لحم.
16 وكان الفلسطينيّ يتقدّم ويقف صباحا ومساء أربعين يوما.
17 فقال يسّى لداود ابنه: «خذ لإخوتك إيفة من هذا الفريك، وهذه العشر الخبزات واركض إلى المحلّة إلى إخوتك.
18 وهذه العشر القطعات من الجبن قدّمها لرئيس الألف، وافتقد سلامة إخوتك وخذ منهم عربونا».
19 وكان شاول وهم وجميع رجال إسرائيل في وادي البطم يحاربون الفلسطينيّين.
20 فبكّر داود صباحا وترك الغنم مع حارس، وحمّل وذهب كما أمره يسّى، وأتى إلى المتراس، والجيش خارج إلى الاصطفاف وهتفوا للحرب.
21 واصطفّ إسرائيل والفلسطينيّون صفّا مقابل صفّ.
22 فترك داود الأمتعة الّتي معه بيد حافظ الأمتعة، وركض إلى الصّفّ وأتى وسأل عن سلامة إخوته.
23 وفيما هو يكلّمهم إذا برجل مبارز اسمه جليات الفلسطينيّ من جتّ، صاعد من صفوف الفلسطينيّين وتكلّم بمثل هذا الكلام، فسمع داود.
24 وجميع رجال إسرائيل لمّا رأوا الرّجل هربوا منه وخافوا جدّا.
25 فقال رجال إسرائيل: «أرأيتم هذا الرّجل الصّاعد؟ ليعيّر إسرائيل هو صاعد! فيكون أنّ الرّجل الّذي يقتله يغنيه الملك غنى جزيلا، ويعطيه بنته، ويجعل بيت أبيه حرّا في إسرائيل».
26 فكلّم داود الرّجال الواقفين معه قائلا: «ماذا يفعل للرّجل الّذي يقتل ذلك الفلسطينيّ، ويزيل العار عن إسرائيل؟ لأنّه من هو هذا الفلسطينيّ الأغلف حتّى يعيّر صفوف الله الحيّ؟»
27 فكلّمه الشّعب بمثل هذا الكلام قائلين: «كذا يفعل للرّجل الّذي يقتله».
28 وسمع أخوه الأكبر أليآب كلامه مع الرّجال، فحمي غضب أليآب على داود وقال: «لماذا نزلت؟ وعلى من تركت تلك الغنيمات القليلة في البرّيّة؟ أنا علمت كبرياءك وشرّ قلبك، لأنّك إنّما نزلت لكي ترى الحرب».
29 فقال داود: «ماذا عملت الآن؟ أما هو كلام؟».
30 وتحوّل من عنده نحو آخر، وتكلّم بمثل هذا الكلام، فردّ له الشّعب جوابا كالجواب الأوّل.
31 وسمع الكلام الّذي تكلّم به داود وأخبروا به أمام شاول، فاستحضره.
32 فقال داود لشاول: «لا يسقط قلب أحد بسببه. عبدك يذهب ويحارب هذا الفلسطينيّ».
33 فقال شاول لداود: «لا تستطيع أن تذهب إلى هذا الفلسطينيّ لتحاربه لأنّك غلام وهو رجل حرب منذ صباه».
34 فقال داود لشاول: «كان عبدك يرعى لأبيه غنما، فجاء أسد مع دبّ وأخذ شاة من القطيع،
35 فخرجت وراءه وقتلته وأنقذتها من فيه، ولمّا قام عليّ أمسكته من ذقنه وضربته فقتلته.
36 قتل عبدك الأسد والدّبّ جميعا. وهذا الفلسطينيّ الأغلف يكون كواحد منهما، لأنّه قد عيّر صفوف الله الحيّ».
37 وقال داود: «الرّبّ الّذي أنقذني من يد الأسد ومن يد الدّبّ هو ينقذني من يد هذا الفلسطينيّ». فقال شاول لداود: «اذهب وليكن الرّبّ معك».
38 وألبس شاول داود ثيابه، وجعل خوذة من نحاس على رأسه، وألبسه درعا.
39 فتقلّد داود بسيفه فوق ثيابه وعزم أن يمشي، لأنّه لم يكن قد جرّب. فقال داود لشاول: «لا أقدر أن أمشي بهذه، لأنّي لم أجرّبها». ونزعها داود عنه.
40 وأخذ عصاه بيده، وانتخب له خمسة حجارة ملس من الوادي وجعلها في كنف الرّعاة الّذي له، أي في الجراب، ومقلاعه بيده وتقدّم نحو الفلسطينيّ.
41 وذهب الفلسطينيّ ذاهبا واقترب إلى داود الرّجل وحامل التّرس أمامه.
42 ولمّا نظر الفلسطينيّ ورأى داود استحقره لأنّه كان غلاما وأشقر جميل المنظر.
43 فقال الفلسطينيّ لداود: «ألعلّي أنا كلب حتّى أنّك تأتي إليّ بعصيّ؟». ولعن الفلسطينيّ داود بآلهته.
44 وقال الفلسطينيّ لداود: «تعال إليّ فأعطي لحمك لطيور السّماء ووحوش البرّيّة».
45 فقال داود للفلسطينيّ: «أنت تأتي إليّ بسيف وبرمح وبترس، وأنا آتي إليك باسم ربّ الجنود إله صفوف إسرائيل الّذين عيّرتهم.
46 هذا اليوم يحبسك الرّبّ في يدي، فأقتلك وأقطع رأسك. وأعطي جثث جيش الفلسطينيّين هذا اليوم لطيور السّماء وحيوانات الأرض، فتعلم كلّ الأرض أنّه يوجد إله لإسرائيل.
47 وتعلم هذه الجماعة كلّها أنّه ليس بسيف ولا برمح يخلّص الرّبّ، لأنّ الحرب للرّبّ وهو يدفعكم ليدنا».
48 وكان لمّا قام الفلسطينيّ وذهب وتقدّم للقاء داود أنّ داود أسرع وركض نحو الصّفّ للقاء الفلسطينيّ.
49 ومدّ داود يده إلى الكنف وأخذ منه حجرا ورماه بالمقلاع، وضرب الفلسطينيّ في جبهته، فارتزّ الحجر في جبهته، وسقط على وجهه إلى الأرض.
50 فتمكّن داود من الفلسطينيّ بالمقلاع والحجر، وضرب الفلسطينيّ وقتله. ولم يكن سيف بيد داود.
51 فركض داود ووقف على الفلسطينيّ وأخذ سيفه واخترطه من غمده وقتله وقطع به رأسه. فلمّا رأى الفلسطينيّون أنّ جبّارهم قد مات هربوا.
52 فقام رجال إسرائيل ويهوذا وهتفوا ولحقوا الفلسطينيّين حتّى مجيئك إلى الوادي، وحتّى أبواب عقرون. فسقطت قتلى الفلسطينيّين في طريق شعرايم إلى جتّ وإلى عقرون.
53 ثمّ رجع بنو إسرائيل من الاحتماء وراء الفلسطينيّين ونهبوا محلّتهم.
54 وأخذ داود رأس الفلسطينيّ وأتى به إلى أورشليم، ووضع أدواته في خيمته.
55 ولمّا رأى شاول داود خارجا للقاء الفلسطينيّ قال لأبنير رئيس الجيش: «ابن من هذا الغلام يا أبنير؟» فقال أبنير: «وحياتك أيّها الملك لست أعلم».
56 فقال الملك: «اسأل ابن من هذا الغلام».
57 ولمّا رجع داود من قتل الفلسطينيّ أخذه أبنير وأحضره أمام شاول ورأس الفلسطينيّ بيده.
58 فقال له شاول: «ابن من أنت يا غلام؟» فقال داود: «ابن عبدك يسّى البيتلحميّ».
1 وكان لمّا فرغ من الكلام مع شاول أنّ نفس يوناثان تعلّقت بنفس داود، وأحبّه يوناثان كنفسه.
2 فأخذه شاول في ذلك اليوم ولم يدعه يرجع إلى بيت أبيه.
3 وقطع يوناثان وداود عهدا لأنّه أحبّه كنفسه.
4 وخلع يوناثان الجبّة الّتي عليه وأعطاها لداود مع ثيابه وسيفه وقوسه ومنطقته.
5 وكان داود يخرج إلى حيثما أرسله شاول. كان يفلح. فجعله شاول على رجال الحرب. وحسن في أعين جميع الشّعب وفي أعين عبيد شاول أيضا.
6 وكان عند مجيئهم حين رجع داود من قتل الفلسطينيّ، أنّ النّساء خرجت من جميع مدن إسرائيل بالغناء والرّقص للقاء شاول الملك بدفوف وبفرح وبمثلّثات.
7 فأجابت النّساء اللاّعبات وقلن: «ضرب شاول ألوفه وداود ربواته.
8 فاحتمى شاول جدّا وساء هذا الكلام في عينيه، وقال: «أعطين داود ربوات وأمّا أنا فأعطينني الألوف! وبعد فقط تبقى له المملكة».
9 فكان شاول يعاين داود من ذلك اليوم فصاعدا.
10 وكان في الغد أنّ الرّوح الرّديء من قبل الله اقتحم شاول وجنّ في وسط البيت. وكان داود يضرب بيده كما في يوم فيوم، وكان الرّمح بيد شاول.
11 فأشرع شاول الرّمح وقال: «أضرب داود حتّى إلى الحائط». فتحوّل داود من أمامه مرّتين.
12 وكان شاول يخاف داود لأنّ الرّبّ كان معه، وقد فارق شاول.
13 فأبعده شاول عنه وجعله له رئيس ألف، فكان يخرج ويدخل أمام الشّعب.
14 وكان داود مفلحا في جميع طرقه والرّبّ معه.
15 فلمّا رأى شاول أنّه مفلح جدّا فزع منه.
16 وكان جميع إسرائيل ويهوذا يحبّون داود لأنّه كان يخرج ويدخل أمامهم.
17 وقال شاول لداود: «هوذا ابنتي الكبيرة ميرب أعطيك إيّاها امرأة. إنّما كن لي ذا بأس وحارب حروب الرّبّ». فإنّ شاول قال: «لا تكن يدي عليه، بل لتكن عليه يد الفلسطينيّين».
18 فقال داود لشاول: «من أنا، وما هي حياتي وعشيرة أبي في إسرائيل حتّى أكون صهر الملك؟».
19 وكان في وقت إعطاء ميرب ابنة شاول لداود أنّها أعطيت لعدريئيل المحوليّ امرأة.
20 وميكال ابنة شاول أحبّت داود، فأخبروا شاول، فحسن الأمر في عينيه.
21 وقال شاول: «أعطيه إيّاها فتكون له شركا وتكون يد الفلسطينيّين عليه». وقال شاول لداود ثانية: «تصاهرني اليوم».
22 وأمر شاول عبيده: «تكلّموا مع داود سرّا قائلين: هوذا قد سرّ بك الملك، وجميع عبيده قد أحبّوك. فالآن صاهر الملك».
23 فتكلّم عبيد شاول في أذني داود بهذا الكلام. فقال داود: «هل هو مستخفّ في أعينكم مصاهرة الملك وأنا رجل مسكين وحقير؟»
24 فأخبر شاول عبيده قائلين: «بمثل هذا الكلام تكلّم داود».
25 فقال شاول: «هكذا تقولون لداود: ليست مسرّة الملك بالمهر، بل بمئة غلفة من الفلسطينيّين للانتقام من أعداء الملك». وكان شاول يتفكّر أن يوقع داود بيد الفلسطينيّين.
26 فأخبر عبيده داود بهذا الكلام، فحسن الكلام في عيني داود أن يصاهر الملك. ولم تكمل الأيّام
27 حتّى قام داود وذهب هو ورجاله وقتل من الفلسطينيّين مئتي رجل، وأتى داود بغلفهم فأكملوها للملك لمصاهرة الملك. فأعطاه شاول ميكال ابنته امرأة.
28 فرأى شاول وعلم أنّ الرّبّ مع داود. وميكال ابنة شاول كانت تحبّه.
29 وعاد شاول يخاف داود بعد، وصار شاول عدوّا لداود كلّ الأيّام.
30 وخرج أقطاب الفلسطينيّين. ومن حين خروجهم كان داود يفلح أكثر من جميع عبيد شاول، فتوقّر اسمه جدّا.
1 وكلّم شاول يوناثان ابنه وجميع عبيده أن يقتلوا داود.
2 وأمّا يوناثان بن شاول فسرّ بداود جدّا. فأخبر يوناثان داود قائلا: «شاول أبي ملتمس قتلك، والآن فاحتفظ على نفسك إلى الصّباح، وأقم في خفية واختبئ.
3 وأنا أخرج وأقف بجانب أبي في الحقل الّذي أنت فيه، وأكلّم أبي عنك، وأرى ماذا يصير وأخبرك».
4 وتكلّم يوناثان عن داود حسنا مع شاول أبيه وقال له: «لا يخطئ الملك إلى عبده داود، لأنّه لم يخطئ إليك، ولأنّ أعماله حسنة لك جدّا.
5 فإنّه وضع نفسه بيده وقتل الفلسطينيّ فصنع الرّبّ خلاصا عظيما لجميع إسرائيل. أنت رأيت وفرحت. فلماذا تخطئ إلى دم بريء بقتل داود بلا سبب؟»
6 فسمع شاول لصوت يوناثان، وحلف شاول: «حيّ هو الرّبّ لا يقتل».
7 فدعا يوناثان داود وأخبره يوناثان بجميع هذا الكلام. ثمّ جاء يوناثان بداود إلى شاول فكان أمامه كأمس وما قبله.
8 وعادت الحرب تحدث، فخرج داود وحارب الفلسطينيّين وضربهم ضربة عظيمة فهربوا من أمامه.
9 وكان الرّوح الرّديء من قبل الرّبّ على شاول وهو جالس في بيته ورمحه بيده، وكان داود يضرب باليد.
10 فالتمس شاول أن يطعن داود بالرّمح حتّى إلى الحائط، ففرّ من أمام شاول فضرب الرّمح إلى الحائط، فهرب داود ونجا تلك اللّيلة.
11 فأرسل شاول رسلا إلى بيت داود ليراقبوه ويقتلوه في الصّباح. فأخبرت داود ميكال امرأته قائلة: «إن كنت لا تنجو بنفسك هذه اللّيلة فإنّك تقتل غدا».
12 فأنزلت ميكال داود من الكوّة، فذهب هاربا ونجا.
13 فأخذت ميكال التّرافيم ووضعته في الفراش، ووضعت لبدة المعزى تحت رأسه وغطّته بثوب.
14 وأرسل شاول رسلا لأخذ داود، فقالت: «هو مريض».
15 ثمّ أرسل شاول الرّسل ليروا داود قائلا: «اصعدوا به إليّ على الفراش لكي أقتله».
16 فجاء الرّسل وإذا في الفراش التّرافيم ولبدة المعزى تحت رأسه.
17 فقال شاول لميكال: «لماذا خدعتني، فأطلقت عدوّي حتّى نجا؟» فقالت ميكال لشاول: «هو قال لي: أطلقيني، لماذا أقتلك؟».
18 فهرب داود ونجا وجاء إلى صموئيل في الرّامة وأخبره بكلّ ما عمل به شاول. وذهب هو وصموئيل وأقاما في نايوت.
19 فأخبر شاول وقيل له: «هوذا داود في نايوت في الرّامة».
20 فأرسل شاول رسلا لأخذ داود. ولمّا رأوا جماعة الأنبياء يتنبّأون، وصموئيل واقفا رئيسا عليهم، كان روح الله على رسل شاول فتنبّأوا هم أيضا.
21 وأخبروا شاول، فأرسل رسلا آخرين، فتنبّأوا هم أيضا. ثمّ عاد شاول فأرسل رسلا ثالثة، فتنبّأوا هم أيضا.
22 فذهب هو أيضا إلى الرّامة وجاء إلى البئر العظيمة الّتي عند سيخو وسأل وقال: «أين صموئيل وداود؟» فقيل: «ها هما في نايوت في الرّامة».
23 فذهب إلى هناك إلى نايوت في الرّامة، فكان عليه أيضا روح الله، فكان يذهب ويتنبّأ حتّى جاء إلى نايوت في الرّامة.
24 فخلع هو أيضا ثيابه وتنبّأ هو أيضا أمام صموئيل، وانطرح عريانا ذلك النّهار كلّه وكلّ اللّيل. لذلك يقولون: «أشاول أيضا بين الأنبياء؟».
1 فهرب داود من نايوت في الرّامة، وجاء وقال قدّام يوناثان: «ماذا عملت؟ وما هو إثمي؟ وما هي خطيّتي أمام أبيك حتّى يطلب نفسي؟»
2 فقال له: «حاشا. لا تموت! هوذا أبي لا يعمل أمرا كبيرا ولا أمرا صغيرا إلاّ ويخبرني به. ولماذا يخفي عنّي أبي هذا الأمر؟ ليس كذا».
3 فحلف أيضا داود وقال: «إنّ أباك قد علم أنّي قد وجدت نعمة في عينيك، فقال: لا يعلم يوناثان هذا لئلاّ يغتمّ. ولكن حيّ هو الرّبّ، وحيّة هي نفسك، إنّه كخطوة بيني وبين الموت».
4 فقال يوناثان لداود: «مهما تقل نفسك أفعله لك».
5 فقال داود ليوناثان: «هوذا الشّهر غدا حينما أجلس مع الملك للأكل. ولكن أرسلني فأختبئ في الحقل إلى مساء اليوم الثّالث.
6 وإذا افتقدني أبوك، فقل: قد طلب داود منّي طلبة أن يركض إلى بيت لحم مدينته، لأنّ هناك ذبيحة سنويّة لكلّ العشيرة.
7 فإن قال هكذا: حسنا. كان سلام لعبدك. ولكن إن اغتاظ غيظا، فاعلم أنّه قد أعدّ الشّرّ عنده.
8 فتعمل معروفا مع عبدك، لأنّك بعهد الرّبّ أدخلت عبدك معك. وإن كان فيّ إثم فاقتلني أنت، ولماذا تأتي بي إلى أبيك؟».
9 فقال يوناثان: «حاشا لك! لأنّه لو علمت أنّ الشّرّ قد أعدّ عند أبي ليأتي عليك، أفما كنت أخبرك به؟».
10 فقال داود ليوناثان: «من يخبرني إن جاوبك أبوك شيئا قاسيا؟».
11 فقال يوناثان لداود: «تعال نخرج إلى الحقل». فخرجا كلاهما إلى الحقل.
12 وقال يوناثان لداود: «يا ربّ إله إسرائيل، متى اختبرت أبي مثل الآن غدا أو بعد غد، فإن كان خير لداود ولم أرسل حينئذ فأخبره،
13 فهكذا يفعل الرّبّ ليوناثان وهكذا يزيد. وإن استحسن أبي الشّرّ نحوك، فإنّي أخبرك وأطلقك فتذهب بسلام. وليكن الرّبّ معك كما كان مع أبي.
14 ولا وأنا حيّ بعد تصنع معي إحسان الرّبّ حتّى لا أموت،
15 بل لا تقطع معروفك عن بيتي إلى الأبد، ولا حين يقطع الرّبّ أعداء داود جميعا عن وجه الأرض».
16 فعاهد يوناثان بيت داود وقال: «ليطلب الرّبّ من يد أعداء داود».
17 ثمّ عاد يوناثان واستحلف داود بمحبّته له لأنّه أحبّه محبّة نفسه.
18 وقال له يوناثان: «غدا الشّهر، فتفتقد لأنّ موضعك يكون خاليا.
19 وفي اليوم الثّالث تنزل سريعا وتأتي إلى الموضع الّذي اختبأت فيه يوم العمل، وتجلس بجانب حجر الافتراق.
20 وأنا أرمي ثلاثة سهام إلى جانبه كأنّي أرمي غرضا.
21 وحينئذ أرسل الغلام قائلا: اذهب التقط السّهام. فإن قلت للغلام: هوذا السّهام دونك فجائيا، خذها. فتعال، لأنّ لك سلاما. لا يوجد شيء، حيّ هو الرّبّ.
22 ولكن إن قلت هكذا للغلام: هوذا السّهام دونك فصاعدا. فاذهب، لأنّ الرّبّ قد أطلقك.
23 وأمّا الكلام الّذي تكلّمنا به أنا وأنت، فهوذا الرّبّ بيني وبينك إلى الأبد».
24 فاختبأ داود في الحقل. وكان الشّهر، فجلس الملك على الطّعام ليأكل.
25 فجلس الملك في موضعه حسب كلّ مرّة على مجلس عند الحائط. وقام يوناثان وجلس أبنير إلى جانب شاول، وخلا موضع داود.
26 ولم يقل شاول شيئا في ذلك اليوم، لأنّه قال: «لعلّه عارض. غير طاهر هو. إنّه ليس طاهرا».
27 وكان في الغد الثّاني من الشّهر أنّ موضع داود خلا، فقال شاول ليوناثان ابنه: «لماذا لم يأت ابن يسّى إلى الطّعام لا أمس ولا اليوم؟»
28 فأجاب يوناثان شاول: «إنّ داود طلب منّي أن يذهب إلى بيت لحم،
29 وقال: أطلقني لأنّ عندنا ذبيحة عشيرة في المدينة، وقد أوصاني أخي بذلك. والآن إن وجدت نعمة في عينيك فدعني أفلت وأرى إخوتي. لذلك لم يأت إلى مائدة الملك».
30 فحمي غضب شاول على يوناثان وقال له: «يا ابن المتعوّجة المتمرّدة، أما علمت أنّك قد اخترت ابن يسّى لخزيك وخزي عورة أمّك؟
31 لأنّه ما دام ابن يسّى حيّا على الأرض لا تثبت أنت ولا مملكتك. والآن أرسل وأت به إليّ لأنّه ابن الموت هو».
32 فأجاب يوناثان شاول أباه وقال له: «لماذا يقتل؟ ماذا عمل؟».
33 فصابى شاول الرّمح نحوه ليطعنه، فعلم يوناثان أنّ أباه قد عزم على قتل داود.
34 فقام يوناثان عن المائدة بحموّ غضب ولم يأكل خبزا في اليوم الثّاني من الشّهر، لأنّه اغتمّ على داود، لأنّ أباه قد أخزاه.
35 وكان في الصّباح أنّ يوناثان خرج إلى الحقل إلى ميعاد داود، وغلام صغير معه.
36 وقال لغلامه: «اركض التقط السّهام الّتي أنا راميها». وبينما الغلام راكض رمى السّهم حتّى جاوزه.
37 ولمّا جاء الغلام إلى موضع السّهم الّذي رماه يوناثان، نادى يوناثان وراء الغلام وقال: «أليس السّهم دونك فصاعدا؟».
38 ونادى يوناثان وراء الغلام قائلا: «اعجل. أسرع. لا تقف». فالتقط غلام يوناثان السّهم وجاء إلى سيّده.
39 والغلام لم يكن يعلم شيئا، وأمّا يوناثان وداود فكانا يعلمان الأمر.
40 فأعطى يوناثان سلاحه للغلام الّذي له وقال له: «اذهب. ادخل به إلى المدينة».
41 الغلام ذهب وداود قام من جانب الجنوب وسقط على وجهه إلى الأرض وسجد ثلاث مرّات. وقبّل كلّ منهما صاحبه، وبكى كلّ منهما مع صاحبه حتّى زاد داود.
42 فقال يوناثان لداود: «اذهب بسلام لأنّنا كلينا قد حلفنا باسم الرّبّ قائلين: الرّبّ يكون بيني وبينك وبين نسلي ونسلك إلى الأبد». فقام وذهب، وأمّا يوناثان فجاء إلى المدينة.
1 فجاء داود إلى نوب إلى أخيمالك الكاهن، فاضطرب أخيمالك عند لقاء داود وقال له: «لماذا أنت وحدك وليس معك أحد؟».
2 فقال داود لأخيمالك الكاهن: «إنّ الملك أمرني بشيء وقال لي: لا يعلم أحد شيئا من الأمر الّذي أرسلتك فيه وأمرتك به، وأمّا الغلمان فقد عيّنت لهم الموضع الفلانيّ والفلانيّ.
3 والآن فماذا يوجد تحت يدك؟ أعط خمس خبزات في يدي أو الموجود».
4 فأجاب الكاهن داود وقال: «لا يوجد خبز محلّل تحت يدي، ولكن يوجد خبز مقدّس إذا كان الغلمان قد حفظوا أنفسهم لا سيّما من النّساء».
5 فأجاب داود الكاهن وقال له: «إنّ النّساء قد منعت عنّا منذ أمس وما قبله عند خروجي، وأمتعة الغلمان مقدّسة. وهو على نوع محلّل، واليوم أيضا يتقدّس بالآنية».
6 فأعطاه الكاهن المقدّس، لأنّه لم يكن هناك خبز إلاّ خبز الوجوه المرفوع من أمام الرّبّ لكي يوضع خبز سخن في يوم أخذه.
7 وكان هناك رجل من عبيد شاول في ذلك اليوم محصورا أمام الرّبّ، اسمه دواغ الأدوميّ رئيس رعاة شاول.
8 وقال داود لأخيمالك: «أفما يوجد هنا تحت يدك رمح أو سيف، لأنّي لم آخذ بيدي سيفي ولا سلاحي لأنّ أمر الملك كان معجّلا؟».
9 فقال الكاهن: «إنّ سيف جليات الفلسطينيّ الّذي قتلته في وادي البطم، ها هو ملفوف في ثوب خلف الأفود، فإن شئت أن تأخذه فخذه، لأنّه ليس آخر سواه هنا». فقال داود: «لا يوجد مثله، أعطني إيّاه».
10 وقام داود وهرب في ذلك اليوم من أمام شاول وجاء إلى أخيش ملك جتّ.
11 فقال عبيد أخيش له: «أليس هذا داود ملك الأرض؟ أليس لهذا كنّ يغنّين في الرّقص قائلات: ضرب شاول ألوفه وداود ربواته؟».
12 فوضع داود هذا الكلام في قلبه وخاف جدّا من أخيش ملك جتّ.
13 فغيّر عقله في أعينهم، وتظاهر بالجنون بين أيديهم، وأخذ يخربش على مصاريع الباب ويسيل ريقه على لحيته.
14 فقال أخيش لعبيده: «هوذا ترون الرّجل مجنونا، فلماذا تأتون به إليّ؟
15 ألعلّي محتاج إلى مجانين حتّى أتيتم بهذا ليتجنّن عليّ؟ أهذا يدخل بيتي؟».
1 فذهب داود من هناك ونجا إلى مغارة عدلاّم. فلمّا سمع إخوته وجميع بيت أبيه نزلوا إليه إلى هناك.
2 واجتمع إليه كلّ رجل متضايق، وكلّ من كان عليه دين، وكلّ رجل مرّ النّفس، فكان عليهم رئيسا. وكان معه نحو أربع مئة رجل.
3 وذهب داود من هناك إلى مصفاة موآب، وقال لملك موآب: «ليخرج أبي وأمّي إليكم حتّى أعلم ماذا يصنع لي الله».
4 فودعهما عند ملك موآب، فأقاما عنده كلّ أيّام إقامة داود في الحصن.
5 فقال جاد النّبيّ لداود: «لا تقم في الحصن. اذهب وادخل أرض يهوذا». فذهب داود وجاء إلى وعر حارث.
6 وسمع شاول أنّه قد اشتهر داود والرّجال الّذين معه. وكان شاول مقيما في جبعة تحت الأثلة في الرّامة ورمحه بيده، وجميع عبيده وقوفا لديه.
7 فقال شاول لعبيده الواقفين لديه: «اسمعوا يا بنيامينيّون: هل يعطيكم جميعكم ابن يسّى حقولا وكروما؟ وهل يجعلكم جميعكم رؤساء ألوف ورؤساء مئات،
8 حتّى فتنتم كلّكم عليّ، وليس من يخبرني بعهد ابني مع ابن يسّى، وليس منكم من يحزن عليّ أو يخبرني بأنّ ابني قد أقام عبدي عليّ كمينا كهذا اليوم؟»
9 فأجاب دواغ الأدوميّ الّذي كان موكّلا على عبيد شاول وقال: «قد رأيت ابن يسّى آتيا إلى نوب إلى أخيمالك بن أخيطوب.
10 فسأل له من الرّبّ وأعطاه زادا. وسيف جليات الفلسطينيّ أعطاه إيّاه».
11 فأرسل الملك واستدعى أخيمالك بن أخيطوب الكاهن وجميع بيت أبيه الكهنة الّذين في نوب، فجاءوا كلّهم إلى الملك.
12 فقال شاول: «اسمع يا ابن أخيطوب». فقال: «هأنذا يا سيّدي».
13 فقال له شاول: «لماذا فتنتم عليّ أنت وابن يسّى بإعطائك إيّاه خبزا وسيفا، وسألت له من الله ليقوم عليّ كامنا كهذا اليوم؟».
14 فأجاب أخيمالك الملك وقال: «ومن من جميع عبيدك مثل داود، أمين وصهر الملك وصاحب سرّك ومكرّم في بيتك؟
15 فهل اليوم ابتدأت أسأل له من الله؟ حاشا لي! لا ينسب الملك شيئا لعبده ولا لجميع بيت أبي، لأنّ عبدك لم يعلم شيئا من كلّ هذا صغيرا أو كبيرا».
16 فقال الملك: «موتا تموت يا أخيمالك أنت وكلّ بيت أبيك».
17 وقال الملك للسّعاة الواقفين لديه: «دوروا واقتلوا كهنة الرّبّ، لأنّ يدهم أيضا مع داود، ولأنّهم علموا أنّه هارب ولم يخبروني». فلم يرض عبيد الملك أن يمدّوا أيديهم ليقعوا بكهنة الرّبّ.
18 فقال الملك لدواغ: «در أنت وقع بالكهنة». فدار دواغ الأدوميّ ووقع هو بالكهنة، وقتل في ذلك اليوم خمسة وثمانين رجلا لابسي أفود كتّان.
19 وضرب نوب مدينة الكهنة بحدّ السّيف. الرّجال والنّساء والأطفال والرّضعان والثّيران والحمير والغنم بحدّ السّيف.
20 فنجا ولد واحد لأخيمالك بن أخيطوب اسمه أبياثار وهرب إلى داود.
21 وأخبر أبياثار داود بأنّ شاول قد قتل كهنة الرّبّ.
22 فقال داود لأبياثار: «علمت في ذلك اليوم الّذي فيه كان دواغ الأدوميّ هناك، أنّه يخبر شاول. أنا سبّبت لجميع أنفس بيت أبيك.
23 أقم معي. لا تخف، لأنّ الّذي يطلب نفسي يطلب نفسك، ولكنّك عندي محفوظ».
1 فأخبروا داود قائلين: «هوذا الفلسطينيّون يحاربون قعيلة وينهبون البيادر».
2 فسأل داود من الرّبّ قائلا: «أأذهب وأضرب هؤلاء الفلسطينيّين؟» فقال الرّبّ لداود: «اذهب واضرب الفلسطينيّين وخلّص قعيلة».
3 فقال رجال داود له: «ها نحن ههنا في يهوذا خائفون، فكم بالحريّ إذا ذهبنا إلى قعيلة ضدّ صفوف الفلسطينيّين؟»
4 فعاد أيضا داود وسأل من الرّبّ، فأجابه الرّبّ وقال: «قم انزل إلى قعيلة، فإنّي أدفع الفلسطينيّين ليدك».
5 فذهب داود ورجاله إلى قعيلة، وحارب الفلسطينيّين وساق مواشيهم، وضربهم ضربة عظيمة، وخلّص داود سكّان قعيلة.
6 وكان لمّا هرب أبياثار بن أخيمالك إلى داود إلى قعيلة نزل وبيده أفود.
7 فأخبر شاول بأنّ داود قد جاء إلى قعيلة، فقال شاول: «قد نبذه الله إلى يدي، لأنّه قد أغلق عليه بالدّخول إلى مدينة لها أبواب وعوارض».
8 ودعا شاول جميع الشّعب للحرب للنّزول إلى قعيلة لمحاصرة داود ورجاله.
9 فلمّا عرف داود أنّ شاول منشئ عليه الشّرّ، قال لأبياثار الكاهن قدّم الأفود.
10 ثمّ قال داود: «يا ربّ إله إسرائيل، إنّ عبدك قد سمع بأنّ شاول يحاول أن يأتي إلى قعيلة لكي يخرب المدينة بسببي.
11 فهل يسلّمني أهل قعيلة ليده؟ هل ينزل شاول كما سمع عبدك؟ يا ربّ إله إسرائيل، أخبر عبدك». فقال الرّبّ: «ينزل».
12 فقال داود: «هل يسلّمني أهل قعيلة مع رجالي ليد شاول؟» فقال الرّبّ: «يسلّمون».
13 فقام داود ورجاله، نحو ستّ مئة رجل، وخرجوا من قعيلة وذهبوا حيثما ذهبوا. فأخبر شاول بأنّ داود قد أفلت من قعيلة، فعدل عن الخروج.
14 وأقام داود في البرّيّة في الحصون ومكث في الجبل في برّيّة زيف. وكان شاول يطلبه كلّ الأيّام، ولكن لم يدفعه الله ليده.
15 فرأى داود أنّ شاول قد خرج يطلب نفسه. وكان داود في برّيّة زيف في الغاب.
16 فقام يوناثان بن شاول وذهب إلى داود إلى الغاب وشدّد يده بالله،
17 وقال له: «لا تخف لأنّ يد شاول أبي لا تجدك، وأنت تملك على إسرائيل، وأنا أكون لك ثانيا. وشاول أبي أيضا يعلم ذلك».
18 فقطعا كلاهما عهدا أمام الرّبّ. وأقام داود في الغاب، وأمّا يوناثان فمضى إلى بيته.
19 فصعد الزّيفيّون إلى شاول إلى جبعة قائلين: «أليس داود مختبئا عندنا في حصون في الغاب، في تلّ حخيلة الّتي إلى يمين القفر؟
20 فالآن حسب كلّ شهوة نفسك أيّها الملك في النّزول انزل، وعلينا أن نسلّمه ليد الملك».
21 فقال شاول: «مباركون أنتم من الرّبّ لأنّكم قد أشفقتم عليّ.
22 فاذهبوا أكّدوا أيضا، واعلموا وانظروا مكانه حيث تكون رجله ومن رآه هناك، لأنّه قيل لي إنّه مكرا يمكر.
23 فانظروا واعلموا جميع المختبآت الّتي يختبئ فيها، ثمّ ارجعوا إليّ على تأكيد، فأسير معكم. ويكون إذا وجد في الأرض، أنّي أفتّش عليه بجميع ألوف يهوذا».
24 فقاموا وذهبوا إلى زيف قدّام شاول. وكان داود ورجاله في برّيّة معون، في السّهل عن يمين القفر.
25 وذهب شاول ورجاله للتّفتيش. فأخبروا داود، فنزل إلى الصّخر وأقام في برّيّة معون. فلمّا سمع شاول تبع داود إلى برّيّة معون.
26 فذهب شاول عن جانب الجبل من هنا، وداود ورجاله عن جانب الجبل من هناك. وكان داود يفرّ في الذّهاب من أمام شاول، وكان شاول ورجاله يحاوطون داود ورجاله لكي يأخذوهم.
27 فجاء رسول إلى شاول يقول: «أسرع واذهب لأنّ الفلسطينيّين قد اقتحموا الأرض».
28 فرجع شاول عن اتّباع داود، وذهب للقاء الفلسطينيّين. لذلك دعي ذلك الموضع «صخرة الزّلقات».
29 وصعد داود من هناك وأقام في حصون عين جدي.
1 ولمّا رجع شاول من وراء الفلسطينيّين أخبروه قائلين: «هوذا داود في برّيّة عين جدي».
2 فأخذ شاول ثلاثة آلاف رجل منتخبين من جميع إسرائيل وذهب يطلب داود ورجاله على صخور الوعول.
3 وجاء إلى صير الغنم الّتي في الطّريق. وكان هناك كهف فدخل شاول لكي يغطّي رجليه، وداود ورجاله كانوا جلوسا في مغابن الكهف.
4 فقال رجال داود له: «هوذا اليوم الّذي قال لك عنه الرّبّ: هأنذا أدفع عدوّك ليدك فتفعل به ما يحسن في عينيك». فقام داود وقطع طرف جبّة شاول سرّا.
5 وكان بعد ذلك أنّ قلب داود ضربه على قطعه طرف جبّة شاول،
6 فقال لرجاله: «حاشا لي من قبل الرّبّ أن أعمل هذا الأمر بسيّدي، بمسيح الرّبّ، فأمدّ يدي إليه، لأنّه مسيح الرّبّ هو».
7 فوبّخ داود رجاله بالكلام، ولم يدعهم يقومون على شاول. وأمّا شاول فقام من الكهف وذهب في طريقه.
8 ثمّ قام داود بعد ذلك وخرج من الكهف ونادى وراء شاول قائلا: «يا سيّدي الملك». ولمّا التفت شاول إلى ورائه، خرّ داود على وجهه إلى الأرض وسجد.
9 وقال داود لشاول: «لماذا تسمع كلام النّاس القائلين: هوذا داود يطلب أذيّتك؟
10 هوذا قد رأت عيناك اليوم هذا كيف دفعك الرّبّ اليوم ليدي في الكهف، وقيل لي أن أقتلك، ولكنّني أشفقت عليك وقلت: لا أمدّ يدي إلى سيّدي، لأنّه مسيح الرّبّ هو.
11 فانظر يا أبي، انظر أيضا طرف جبّتك بيدي. فمن قطعي طرف جبّتك وعدم قتلي إيّاك اعلم وانظر أنّه ليس في يدي شرّ ولا جرم، ولم أخطئ إليك، وأنت تصيد نفسي لتأخذها.
12 يقضي الرّبّ بيني وبينك وينتقم لي الرّبّ منك، ولكن يدي لا تكون عليك.
13 كما يقول مثل القدماء: من الأشرار يخرج شرّ. ولكن يدي لا تكون عليك.
14 وراء من خرج ملك إسرائيل؟ وراء من أنت مطارد؟ وراء كلب ميت! وراء برغوث واحد!
15 فيكون الرّبّ الدّيّان ويقضي بيني وبينك، ويرى ويحاكم محاكمتي، وينقذني من يدك».
16 فلمّا فرغ داود من التّكلّم بهذا الكلام إلى شاول، قال شاول: «أهذا صوتك يا ابني داود؟» ورفع شاول صوته وبكى.
17 ثمّ قال لداود: «أنت أبرّ منّي، لأنّك جازيتني خيرا وأنا جازيتك شرّا.
18 وقد أظهرت اليوم أنّك عملت بي خيرا، لأنّ الرّبّ قد دفعني بيدك ولم تقتلني.
19 فإذا وجد رجل عدوّه، فهل يطلقه في طريق خير؟ فالرّبّ يجازيك خيرا عمّا فعلته لي اليوم هذا.
20 والآن فإنّي علمت أنّك تكون ملكا وتثبت بيدك مملكة إسرائيل.
21 فاحلف لي الآن بالرّبّ إنّك لا تقطع نسلي من بعدي، ولا تبيد اسمي من بيت أبي».
22 فحلف داود لشاول. ثمّ ذهب شاول إلى بيته، وأمّا داود ورجاله فصعدوا إلى الحصن.
1 ومات صموئيل، فاجتمع جميع إسرائيل وندبوه ودفنوه في بيته في الرّامة. وقام داود ونزل إلى برّيّة فاران.
2 وكان رجل في معون، وأملاكه في الكرمل، وكان الرّجل عظيما جدّا وله ثلاثة آلاف من الغنم وألف من المعز، وكان يجزّ غنمه في الكرمل.
3 واسم الرّجل نابال واسم امرأته أبيجايل. وكانت المرأة جيّدة الفهم وجميلة الصّورة، وأمّا الرّجل فكان قاسيا ورديء الأعمال، وهو كالبيّ.
4 فسمع داود في البرّيّة أنّ نابال يجزّ غنمه.
5 فأرسل داود عشرة غلمان، وقال داود للغلمان: «اصعدوا إلى الكرمل وادخلوا إلى نابال واسألوا باسمي عن سلامته،
6 وقولوا هكذا: حييت وأنت سالم، وبيتك سالم، وكلّ مالك سالم.
7 والآن قد سمعت أنّ عندك جزّازين. حين كان رعاتك معنا، لم نؤذهم ولم يفقد لهم شيء كلّ الأيّام الّتي كانوا فيها في الكرمل.
8 اسأل غلمانك فيخبروك. فليجد الغلمان نعمة في عينيك لأنّنا قد جئنا في يوم طيّب، فأعط ما وجدته يدك لعبيدك ولابنك داود».
9 فجاء الغلمان وكلّموا نابال حسب كلّ هذا الكلام باسم داود وكفّوا.
10 فأجاب نابال عبيد داود وقال: «من هو داود؟ ومن هو ابن يسّى؟ قد كثر اليوم العبيد الّذين يقحصون كلّ واحد من أمام سيّده.
11 أآخذ خبزي ومائي وذبيحي الّذي ذبحت لجازّيّ وأعطيه لقوم لا أعلم من أين هم؟».
12 فتحوّل غلمان داود إلى طريقهم ورجعوا وجاءوا وأخبروه حسب كلّ هذا الكلام.
13 فقال داود لرجاله: «ليتقلّد كلّ واحد منكم سيفه». فتقلّد كلّ واحد سيفه، وتقلّد داود أيضا سيفه. وصعد وراء داود نحو أربع مئة رجل، ومكث مئتان مع الأمتعة.
14 فأخبر أبيجايل امرأة نابال غلام من الغلمان قائلا: «هوذا داود أرسل رسلا من البرّيّة ليباركوا سيّدنا فثار عليهم.
15 والرّجال محسنون إلينا جدّا، فلم نؤذ ولا فقد منّا شيء كلّ أيّام تردّدنا معهم ونحن في الحقل.
16 كانوا سورا لنا ليلا ونهارا كلّ الأيّام الّتي كنّا فيها معهم نرعى الغنم.
17 والآن اعلمي وانظري ماذا تعملين، لأنّ الشّرّ قد أعدّ على سيّدنا وعلى بيته، وهو ابن لئيم لا يمكن الكلام معه».
18 فبادرت أبيجايل وأخذت مئتي رغيف خبز، وزقّي خمر، وخمسة خرفان مهيّأة، وخمس كيلات من الفريك، ومئتي عنقود من الزّبيب، ومئتي قرص من التّين، ووضعتها على الحمير.
19 وقالت لغلمانها: «اعبروا قدّامي. هأنذا جائية وراءكم». ولم تخبر رجلها نابال.
20 وفيما هي راكبة على الحمار ونازلة في سترة الجبل، إذا بداود ورجاله منحدرون لاستقبالها، فصادفتهم.
21 وقال داود: «إنّما باطلا حفظت كلّ ما لهذا في البرّيّة، فلم يفقد من كلّ ما له شيء، فكافأني شرّا بدل خير.
22 هكذا يصنع الله لأعداء داود وهكذا يزيد، إن أبقيت من كلّ ما له إلى ضوء الصّباح بائلا بحائط».
23 ولمّا رأت أبيجايل داود أسرعت ونزلت عن الحمار، وسقطت أمام داود على وجهها وسجدت إلى الأرض،
24 وسقطت على رجليه وقالت: «عليّ أنا يا سيّدي هذا الذّنب، ودع أمتك تتكلّم في أذنيك واسمع كلام أمتك.
25 لا يضعنّ سيّدي قلبه على الرّجل اللّئيم هذا، على نابال، لأنّ كاسمه هكذا هو. نابال اسمه والحماقة عنده. وأنا أمتك لم أر غلمان سيّدي الّذين أرسلتهم.
26 والآن يا سيّدي، حيّ هو الرّبّ، وحيّة هي نفسك، إنّ الرّبّ قد منعك عن إتيان الدّماء وانتقام يدك لنفسك. والآن فليكن كنابال أعداؤك والّذين يطلبون الشّرّ لسيّدي.
27 والآن هذه البركة الّتي أتت بها جاريتك إلى سيّدي فلتعط للغلمان السّائرين وراء سيّدي.
28 واصفح عن ذنب أمتك لأنّ الرّبّ يصنع لسيّدي بيتا أمينا، لأنّ سيّدي يحارب حروب الرّبّ، ولم يوجد فيك شرّ كلّ أيّامك.
29 وقد قام رجل ليطاردك ويطلب نفسك، ولكن نفس سيّدي لتكن محزومة في حزمة الحياة مع الرّبّ إلهك. وأمّا نفس أعدائك فليرم بها كما من وسط كفّة المقلاع.
30 ويكون عندما يصنع الرّبّ لسيّدي حسب كلّ ما تكلّم به من الخير من أجلك، ويقيمك رئيسا على إسرائيل،
31 أنّه لا تكون لك هذه مصدمة ومعثرة قلب لسيّدي، أنّك قد سفكت دما عفوا، أو أنّ سيّدي قد انتقم لنفسه. وإذا أحسن الرّبّ إلى سيّدي فاذكر أمتك».
32 فقال داود لأبيجايل: «مبارك الرّبّ إله إسرائيل الّذي أرسلك هذا اليوم لاستقبالي،
33 ومبارك عقلك، ومباركة أنت، لأنّك منعتني اليوم من إتيان الدّماء وانتقام يدي لنفسي.
34 ولكن حيّ هو الرّبّ إله إسرائيل الّذي منعني عن أذيّتك، إنّك لو لم تبادري وتأتي لاستقبالي، لما أبقي لنابال إلى ضوء الصّباح بائل بحائط».
35 فأخذ داود من يدها ما أتت به إليه وقال لها: «اصعدي بسلام إلى بيتك. انظري. قد سمعت لصوتك ورفعت وجهك».
36 فجاءت أبيجايل إلى نابال وإذا وليمة عنده في بيته كوليمة ملك. وكان نابال قد طاب قلبه وكان سكران جدّا، فلم تخبره بشيء صغير أو كبير إلى ضوء الصّباح.
37 وفي الصّباح عند خروج الخمر من نابال أخبرته امرأته بهذا الكلام، فمات قلبه داخله وصار كحجر.
38 وبعد نحو عشرة أيّام ضرب الرّبّ نابال فمات.
39 فلمّا سمع داود أنّ نابال قد مات قال: «مبارك الرّبّ الّذي انتقم نقمة تعييري من يد نابال، وأمسك عبده عن الشّرّ، وردّ الرّبّ شرّ نابال على رأسه». وأرسل داود وتكلّم مع أبيجايل ليتّخذها له امرأة.
40 فجاء عبيد داود إلى أبيجايل إلى الكرمل وكلّموها قائلين: «إنّ داود قد أرسلنا إليك لكي يتّخذك له امرأة».
41 فقامت وسجدت على وجهها إلى الأرض وقالت: «هوذا أمتك جارية لغسل أرجل عبيد سيّدي».
42 ثمّ بادرت وقامت أبيجايل وركبت الحمار مع خمس فتيات لها ذاهبات وراءها، وسارت وراء رسل داود وصارت له امرأة.
43 ثمّ أخذ داود أخينوعم من يزرعيل فكانتا له كلتاهما امرأتين.
44 فأعطى شاول ميكال ابنته امرأة داود لفلطي بن لايش الّذي من جلّيم.
1 ثمّ جاء الزّيفيّون إلى شاول إلى جبعة قائلين: «أليس داود مختفيا في تلّ حخيلة الّذي مقابل القفر؟»
2 فقام شاول ونزل إلى برّيّة زيف ومعه ثلاثة آلاف رجل منتخبي إسرائيل لكي يفتّش على داود في برّيّة زيف.
3 ونزل شاول في تلّ حخيلة الّذي مقابل القفر على الطّريق. وكان داود مقيما في البرّيّة. فلمّا رأى أنّ شاول قد جاء وراءه إلى البرّيّة
4 أرسل داود جواسيس وعلم باليقين أنّ شاول قد جاء.
5 فقام داود وجاء إلى المكان الّذي نزل فيه شاول، ونظر داود المكان الّذي اضطجع فيه شاول وأبنير بن نير رئيس جيشه. وكان شاول مضطجعا عند المتراس والشّعب نزول حواليه.
6 فأجاب داود وكلّم أخيمالك الحثّيّ وأبيشاي ابن صرويّة أخا يوآب قائلا: «من ينزل معي إلى شاول إلى المحلّة؟» فقال أبيشاي: «أنا أنزل معك».
7 فجاء داود وأبيشاي إلى الشّعب ليلا وإذا بشاول مضطجع نائم عند المتراس، ورمحه مركوز في الأرض عند رأسه، وأبنير والشّعب مضطجعون حواليه.
8 فقال أبيشاي لداود: «قد حبس الله اليوم عدوّك في يدك. فدعني الآن أضربه بالرّمح إلى الأرض دفعة واحدة ولا أثنّي عليه».
9 فقال داود لأبيشاي: «لا تهلكه، فمن الّذي يمدّ يده إلى مسيح الرّبّ ويتبرّأ؟»
10 وقال داود: «حيّ هو الرّبّ، إنّ الرّبّ سوف يضربه، أو يأتي يومه فيموت، أو ينزل إلى الحرب ويهلك.
11 حاشا لي من قبل الرّبّ أن أمدّ يدي إلى مسيح الرّبّ! والآن فخذ الرّمح الّذي عند رأسه وكوز الماء وهلمّ».
12 فأخذ داود الرّمح وكوز الماء من عند رأس شاول وذهبا، ولم ير ولا علم ولا انتبه أحد لأنّهم جميعا كانوا نياما، لأنّ سبات الرّبّ وقع عليهم.
13 وعبر داود إلى العبر ووقف على رأس الجبل عن بعد، والمسافة بينهم كبيرة.
14 ونادى داود الشّعب وأبنير بن نير قائلا: «أما تجيب يا أبنير؟» فأجاب أبنير وقال: «من أنت الّذي ينادي الملك؟»
15 فقال داود لأبنير: «أما أنت رجل؟ ومن مثلك في إسرائيل؟ فلماذا لم تحرس سيّدك الملك؟ لأنّه قد جاء واحد من الشّعب لكي يهلك الملك سيّدك.
16 ليس حسنا هذا الأمر الّذي عملت. حيّ هو الرّبّ، إنّكم أبناء الموت أنتم، لأنّكم لم تحافظوا على سيّدكم، على مسيح الرّبّ. فانظر الآن أين هو رمح الملك وكوز الماء الّذي كان عند رأسه».
17 وعرف شاول صوت داود فقال: «أهذا هو صوتك يا ابني داود؟» فقال داود: «إنّه صوتي يا سيّدي الملك».
18 ثمّ قال: «لماذا سيّدي يسعى وراء عبده؟ لأنّي ماذا عملت وأيّ شرّ بيدي؟
19 والآن فليسمع سيّدي الملك كلام عبده: فإن كان الرّبّ قد أهاجك ضدّي فليشتمّ تقدمة. وإن كان بنو النّاس فليكونوا ملعونين أمام الرّبّ، لأنّهم قد طردوني اليوم من الانضمام إلى نصيب الرّبّ قائلين: اذهب اعبد آلهة أخرى.
20 والآن لا يسقط دمي إلى الأرض أمام وجه الرّبّ، لأنّ ملك إسرائيل قد خرج ليفتّش على برغوث واحد! كما يتبع الحجل في الجبال!».
21 فقال شاول: «قد أخطأت. ارجع يا ابني داود لأنّي لا أسيء إليك بعد من أجل أنّ نفسي كانت كريمة في عينيك اليوم. هوذا قد حمقت وضللت كثيرا جدّا».
22 فأجاب داود وقال: «هوذا رمح الملك، فليعبر واحد من الغلمان ويأخذه.
23 والرّبّ يردّ على كلّ واحد برّه وأمانته، لأنّه قد دفعك الرّبّ اليوم ليدي ولم أشأ أن أمدّ يدي إلى مسيح الرّبّ.
24 وهوذا كما كانت نفسك عظيمة اليوم في عينيّ، كذلك لتعظم نفسي في عيني الرّبّ فينقذني من كلّ ضيق».
25 فقال شاول لداود: «مبارك أنت يا ابني داود، فإنّك تفعل وتقدر». ثمّ ذهب داود في طريقه ورجع شاول إلى مكانه.
1 وقال داود في قلبه: «إنّي سأهلك يوما بيد شاول، فلا شيء خير لي من أن أفلت إلى أرض الفلسطينيّين، فييأس شاول منّي فلا يفتّش عليّ بعد في جميع تخوم إسرائيل، فأنجو من يده».
2 فقام داود وعبر هو والسّتّ مئة الرّجل الّذين معه، إلى أخيش بن معوك ملك جتّ.
3 وأقام داود عند أخيش في جتّ هو ورجاله، كلّ واحد وبيته، داود وامرأتاه أخينوعم اليزرعيليّة وأبيجايل امرأة نابال الكرمليّة.
4 فأخبر شاول أنّ داود قد هرب إلى جتّ فلم يعد أيضا يفتّش عليه.
5 فقال داود لأخيش: «إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك، فليعطوني مكانا في إحدى قرى الحقل فأسكن هناك. ولماذا يسكن عبدك في مدينة المملكة معك؟»
6 فأعطاه أخيش في ذلك اليوم صقلغ. لذلك صارت صقلغ لملوك يهوذا إلى هذا اليوم.
7 وكان عدد الأيّام الّتي سكن فيها داود في بلاد الفلسطينيّين سنة وأربعة أشهر.
8 وصعد داود ورجاله وغزوا الجشوريّين والجرزّيّين والعمالقة، لأنّ هؤلاء من قديم سكّان الأرض من عند شور إلى أرض مصر.
9 وضرب داود الأرض، ولم يستبق رجلا ولا امرأة، وأخذ غنما وبقرا وحميرا وجمالا وثيابا ورجع وجاء إلى أخيش.
10 فقال أخيش: «إذا لم تغزوا اليوم». فقال داود: «بلى. على جنوبيّ يهوذا، وجنوبيّ اليرحمئيليّين، وجنوبيّ القينيّين».
11 فلم يستبق داود رجلا ولا امرأة حتّى يأتي إلى جتّ، إذ قال: «لئلاّ يخبروا عنّا قائلين: هكذا فعل داود». وهكذا عادته كلّ أيّام إقامته في بلاد الفلسطينيّين.
12 فصدّق أخيش داود قائلا: «قد صار مكروها لدى شعبه إسرائيل، فيكون لي عبدا إلى الأبد».
1 وكان في تلك الأيّام أنّ الفلسطينيّين جمعوا جيوشهم لكي يحاربوا إسرائيل. فقال أخيش لداود: «اعلم يقينا أنّك ستخرج معي في الجيش أنت ورجالك».
2 فقال داود لأخيش: «لذلك أنت ستعلم ما يفعل عبدك». فقال أخيش لداود: «لذلك أجعلك حارسا لرأسي كلّ الأيّام».
3 ومات صموئيل وندبه كلّ إسرائيل ودفنوه في الرّامة في مدينته. وكان شاول قد نفى أصحاب الجانّ والتّوابع من الأرض.
4 فاجتمع الفلسطينيّون وجاءوا ونزلوا في شونم، وجمع شاول جميع إسرائيل ونزل في جلبوع.
5 ولمّا رأى شاول جيش الفلسطينيّين خاف واضطرب قلبه جدّا.
6 فسأل شاول من الرّبّ، فلم يجبه الرّبّ لا بالأحلام ولا بالأوريم ولا بالأنبياء.
7 فقال شاول لعبيده: «فتّشوا لي على امرأة صاحبة جانّ، فأذهب إليها وأسألها». فقال له عبيده: «هوذا امرأةٌ صاحبة جانّ في عين دور».
8 فتنكّر شاول ولبس ثيابا أخرى، وذهب هو ورجلان معه وجاءوا إلى المرأة ليلا. وقال: «اعرفي لي بالجانّ وأصعدي لي من أقول لك».
9 فقالت له المرأة: «هوذا أنت تعلم ما فعل شاول، كيف قطع أصحاب الجانّ والتّوابع من الأرض. فلماذا تضع شركا لنفسي لتميتها؟»
10 فحلف لها شاول بالرّبّ قائلا: «حيٌّ هو الرّبّ، إنّه لا يلحقك إثمٌ في هذا الأمر».
11 فقالت المرأة: «من أصعد لك؟» فقال: «أصعدي لي صموئيل».
12 فلمّا رأت المرأة صموئيل صرخت بصوت عظيم، وكلّمت المرأة شاول قائلة: «لماذا خدعتني وأنت شاول؟»
13 فقال لها الملك: «لا تخافي. فماذا رأيت؟» فقالت المرأة لشاول: «رأيت آلهة يصعدون من الأرض».
14 فقال لها: «ما هي صورته؟» فقالت: «رجلٌ شيخٌ صاعدٌ وهو مغطّى بجبّة». فعلم شاول أنّه صموئيل، فخرّ على وجهه إلى الأرض وسجد.
15 فقال صموئيل لشاول: «لماذا أقلقتني بإصعادك إيّاي؟» فقال شاول: «قد ضاق بي الأمر جدّا. الفلسطينيّون يحاربونني، والرّبّ فارقني ولم يعد يجيبني لا بالأنبياء ولا بالأحلام. فدعوتك لكي تعلمني ماذا أصنع».
16 فقال صموئيل: «ولماذا تسألني والرّبّ قد فارقك وصار عدوّك؟
17 وقد فعل الرّبّ لنفسه كما تكلّم عن يدي، وقد شقّ الرّبّ المملكة من يدك وأعطاها لقريبك داود.
18 لأنّك لم تسمع لصوت الرّبّ ولم تفعل حموّ غضبه في عماليق، لذلك قد فعل الرّبّ بك هذا الأمر اليوم.
19 ويدفع الرّبّ إسرائيل أيضا معك ليد الفلسطينيّين. وغدا أنت وبنوك تكونون معي، ويدفع الرّبّ جيش إسرائيل أيضا ليد الفلسطينيّين».
20 فأسرع شاول وسقط على طوله إلى الأرض وخاف جدّا من كلام صموئيل، وأيضا لم تكن فيه قوّةٌ، لأنّه لم يأكل طعاما النّهار كلّه واللّيل.
21 ثمّ جاءت المرأة إلى شاول ورأت أنّه مرتاعٌ جدّا، فقالت له: «هوذا قد سمعت جاريتك لصوتك فوضعت نفسي في كفّي وسمعت لكلامك الّذي كلّمتني به.
22 والآن اسمع أنت أيضا لصوت جاريتك فأضع قدّامك كسرة خبز وكل، فتكون فيك قوّةٌ إذ تسير في الطّريق».
23 فأبى وقال: «لا آكل». فألحّ عليه عبداه والمرأة أيضا، فسمع لصوتهم وقام عن الأرض وجلس على السّرير.
24 وكان للمرأة عجلٌ مسمّنٌ في البيت، فأسرعت وذبحته وأخذت دقيقا وعجنته وخبزت فطيرا،
25 ثمّ قدّمته أمام شاول وأمام عبديه فأكلوا. وقاموا وذهبوا في تلك اللّيلة.
1 وجمع الفلسطينيّون جميع جيوشهم إلى أفيق. وكان الإسرائيليّون نازلين على العين الّتي في يزرعيل.
2 وعبر أقطاب الفلسطينيّين مئات وألوفا، وعبر داود ورجاله في السّاقة مع أخيش.
3 فقال رؤساء الفلسطينيّين: «ما هؤلاء العبرانيّون؟» فقال أخيش لرؤساء الفلسطينيّين: «أليس هذا داود عبد شاول ملك إسرائيل الّذي كان معي هذه الأيّام أو هذه السّنين، ولم أجد فيه شيئا من يوم نزوله إلى هذا اليوم؟».
4 وسخط عليه رؤساء الفلسطينيّين، وقال له رؤساء الفلسطينيّين: «أرجع الرّجل فيرجع إلى موضعه الّذي عيّنت له، ولا ينزل معنا إلى الحرب، ولا يكون لنا عدوّا في الحرب. فبماذا يرضي هذا سيّده؟ أليس برؤوس أولئك الرّجال؟
5 أليس هذا هو داود الّذي غنّين له بالرّقص قائلات: ضرب شاول ألوفه وداود ربواته؟».
6 فدعا أخيش داود وقال له: «حيّ هو الرّبّ، إنّك أنت مستقيم، وخروجك ودخولك معي في الجيش صالح في عينيّ لأنّي لم أجد فيك شرّا من يوم جئت إليّ إلى اليوم. وأمّا في أعين الأقطاب فلست بصالح.
7 فالآن ارجع واذهب بسلام، ولا تفعل سوءا في أعين أقطاب الفلسطينيّين».
8 فقال داود لأخيش: «فماذا عملت؟ وماذا وجدت في عبدك من يوم صرت أمامك إلى اليوم حتّى لا آتي وأحارب أعداء سيّدي الملك؟»
9 فأجاب أخيش وقال لداود: «علمت أنّك صالح في عينيّ كملاك الله. إلاّ إنّ رؤساء الفلسطينيّين قالوا: لا يصعد معنا إلى الحرب.
10 والآن فبكّر صباحا مع عبيد سيّدك الّذين جاءوا معك. وإذا بكّرتم صباحا وأضاء لكم فاذهبوا».
11 فبكّر داود هو ورجاله لكي يذهبوا صباحا ويرجعوا إلى أرض الفلسطينيّين. وأمّا الفلسطينيّون فصعدوا إلى يزرعيل.
1 ولمّا جاء داود ورجاله إلى صقلغ في اليوم الثّالث، كان العمالقة قد غزوا الجنوب وصقلغ، وضربوا صقلغ وأحرقوها بالنّار،
2 وسبوا النّساء اللّواتي فيها. لم يقتلوا أحدا لا صغيرا ولا كبيرا، بل ساقوهم ومضوا في طريقهم.
3 فدخل داود ورجاله المدينة وإذا هي محرقة بالنّار، ونساؤهم وبنوهم وبناتهم قد سبوا.
4 فرفع داود والشّعب الّذين معه أصواتهم وبكوا حتّى لم تبق لهم قوّة للبكاء.
5 وسبيت امرأتا داود: أخينوعم اليزرعيليّة وأبيجايل امرأة نابال الكرمليّ.
6 فتضايق داود جدّا لأنّ الشّعب قالوا برجمه، لأنّ أنفس جميع الشّعب كانت مرّة كلّ واحد على بنيه وبناته. وأمّا داود فتشدّد بالرّبّ إلهه.
7 ثمّ قال داود لأبياثار الكاهن ابن أخيمالك: «قدّم إليّ الأفود». فقدّم أبياثار الأفود إلى داود.
8 فسأل داود من الرّبّ قائلا: «إذا لحقت هؤلاء الغزاة فهل أدركهم؟» فقال له: «الحقهم فإنّك تدرك وتنقذ».
9 فذهب داود هو والسّتّ مئة الرّجل الّذين معه وجاءوا إلى وادي البسور، والمتخلّفون وقفوا.
10 وأمّا داود فلحق هو وأربع مئة رجل، ووقف مئتا رجل لأنّهم أعيوا عن أن يعبروا وادي البسور.
11 فصادفوا رجلا مصريّا في الحقل فأخذوه إلى داود، وأعطوه خبزا فأكل وسقوه ماء،
12 وأعطوه قرصا من التّين وعنقودين من الزّبيب، فأكل ورجعت روحه إليه، لأنّه لم يأكل خبزا ولا شرب ماء في ثلاثة أيّام وثلاث ليال.
13 فقال له داود: «لمن أنت؟ ومن أين أنت؟» فقال: «أنا غلام مصريّ عبد لرجل عماليقيّ، وقد تركني سيّدي لأنّي مرضت منذ ثلاثة أيّام.
14 فإنّنا قد غزونا على جنوبيّ الكريتيّين، وعلى ما ليهوذا وعلى جنوبيّ كالب وأحرقنا صقلغ بالنّار».
15 فقال له داود: «هل تنزل بي إلى هؤلاء الغزاة؟» فقال: «احلف لي بالله أنّك لا تقتلني ولا تسلّمني ليد سيّدي، فأنزل بك إلى هؤلاء الغزاة».
16 فنزل به وإذا بهم منتشرون على وجه كلّ الأرض، يأكلون ويشربون ويرقصون بسبب جميع الغنيمة العظيمة الّتي أخذوا من أرض الفلسطينيّين ومن أرض يهوذا.
17 فضربهم داود من العتمة إلى مساء غدهم، ولم ينج منهم رجل إلاّ أربع مئة غلام الّذين ركبوا جمالا وهربوا.
18 واستخلص داود كلّ ما أخذه عماليق، وأنقذ داود امرأتيه.
19 ولم يفقد لهم شيء لا صغير ولا كبير، ولا بنون ولا بنات ولا غنيمة، ولا شيء من جميع ما أخذوا لهم، بل ردّ داود الجميع.
20 وأخذ داود الغنم والبقر. ساقوها أمام تلك الماشية وقالوا: «هذه غنيمة داود».
21 وجاء داود إلى مئتي الرّجل الّذين أعيوا عن الذّهاب وراء داود، فأرجعوهم في وادي البسور، فخرجوا للقاء داود ولقاء الشّعب الّذين معه. فتقدّم داود إلى القوم وسأل عن سلامتهم.
22 فأجاب كلّ رجل شرّير ولئيم من الرّجال الّذين ساروا مع داود وقالوا: «لأجل أنّهم لم يذهبوا معنا لا نعطيهم من الغنيمة الّتي استخلصناها، بل لكلّ رجل امرأته وبنيه، فليقتادوهم وينطلقوا».
23 فقال داود: «لا تفعلوا هكذا يا إخوتي، لأنّ الرّبّ قد أعطانا وحفظنا ودفع ليدنا الغزاة الّذين جاءوا علينا.
24 ومن يسمع لكم في هذا الأمر؟ لأنّه كنصيب النّازل إلى الحرب نصيب الّذي يقيم عند الأمتعة، فإنّهم يقتسمون بالسّويّة».
25 وكان من ذلك اليوم فصاعدا أنّه جعلها فريضة وقضاء لإسرائيل إلى هذا اليوم.
26 ولمّا جاء داود إلى صقلغ أرسل من الغنيمة إلى شيوخ يهوذا، إلى أصحابه قائلا: «هذه لكم بركة من غنيمة أعداء الرّبّ».
27 إلى الّذين في بيت إيل والّذين في راموت الجنوب والّذين في يتّير،
28 وإلى الّذين في عروعير والّذين في سفموث والّذين في أشتموع،
29 وإلى الّذين في راخال والّذين في مدن اليرحمئيليّين والّذين في مدن القينيّين،
30 وإلى الّذين في حرمة والّذين في كور عاشان والّذين في عتاك،
31 وإلى الّذين في حبرون، وإلى جميع الأماكن الّتي تردّد فيها داود ورجاله.
1 وحارب الفلسطينيّون إسرائيل، فهرب رجال إسرائيل من أمام الفلسطينيّين وسقطوا قتلى في جبل جلبوع.
2 فشدّ الفلسطينيّون وراء شاول وبنيه، وضرب الفلسطينيّون يوناثان وأبيناداب وملكيشوع أبناء شاول.
3 واشتدّت الحرب على شاول فأصابه الرّماة رجال القسيّ، فانجرح جدّا من الرّماة.
4 فقال شاول لحامل سلاحه: «استلّ سيفك واطعنّي به لئلاّ يأتي هؤلاء الغلف ويطعنوني ويقبّحوني». فلم يشأ حامل سلاحه لأنّه خاف جدّا. فأخذ شاول السّيف وسقط عليه.
5 ولمّا رأى حامل سلاحه أنّه قد مات شاول، سقط هو أيضا على سيفه ومات معه.
6 فمات شاول وبنوه الثّلاثة وحامل سلاحه وجميع رجاله في ذلك اليوم معا.
7 ولمّا رأى رجال إسرائيل الّذين في عبر الوادي والّذين في عبر الأردنّ أنّ رجال إسرائيل قد هربوا، وأنّ شاول وبنيه قد ماتوا، تركوا المدن وهربوا. فأتى الفلسطينيّون وسكنوا بها.
8 وفي الغد لمّا جاء الفلسطينيّون ليعرّوا القتلى، وجدوا شاول وبنيه الثّلاثة ساقطين في جبل جلبوع.
9 فقطعوا رأسه ونزعوا سلاحه، وأرسلوا إلى أرض الفلسطينيّين في كلّ جهة لأجل التّبشير في بيت أصنامهم وفي الشّعب.
10 ووضعوا سلاحه في بيت عشتاروث، وسمّروا جسده على سور بيت شان.
11 ولمّا سمع سكّان يابيش جلعاد بما فعل الفلسطينيّون بشاول،
12 قام كلّ ذي بأس وساروا اللّيل كلّه، وأخذوا جسد شاول وأجساد بنيه عن سور بيت شان، وجاءوا بها إلى يابيش وأحرقوها هناك.
13 وأخذوا عظامهم ودفنوها تحت الأثلة في يابيش، وصاموا سبعة أيّام.